المدرسة كخدمة

المدرسة كخدمة أو الحوسبة السحابية في خدمة التعليم

تتعدد و تتنوع تقنيات و تطبيقات التعلم الإلكتروني مع التسارع في ثورة تقنية المعلومات و الاتصالات ICTs، وتُعد تطبيقات الحوسبة السحابية أحد أبرز التطبيقات التي يسعى التربويون إلى توظيفها و الاستفادة من خدماتها لتحسين عمليات التعليم و التعلم تزامنا مع ظهور هذه الخدمة و انتشارها في نهاية العقد الماضي. وفي عصر انتشر فيه استخدام الإنترنت و تطبيقات الويب المختلفة في عمليات التعلم، يبرز مصطلح ” المدرسة كخدمة School as a Service (SaaS)” كأحد أبرز الاتجاهات الحديثة في تقنيات التعليم.

مفهوم المدرسة كخدمة

يشير مصطلح المدرسة كخدمة إلى استخدام تطبيقات الحوسبة السحابية بشكل كامل لبناء و تسويق وإدارة المقررات عبر الإنترنت، دون حاجة المؤسسات التعليمية و الطلاب والمعلمين إلى تحميل هذه البرامج على الخوادم أو الأجهزة الخاصة، وإنما يتم ذلك من خلال توظيف تطبيقات الحوسبة السحابية بهدف ممارسة عمليات التعليم والتعلم بشكل إلكتروني مباشر.
وقدم هذا النموذج للمؤسسات التعليمية فرصا لتوفير النفقات والتكاليف عبر استئجار الخوادم بدلا من شرائها وبالتالي خفض النفقات على الطلاب. وقد أدت زيادة أعداد الملتحقين بهذا النوع الإلكتروني من التعليم وكذلك دعم التوجه العالمي للمقررات الإلكترونية إلى تشجيع التعلم المستمر.

و يعد هذا النموذج من أكثر النماذج نجاحا في الممارسة التعليمية عبر البيئة الإلكترونية، ويلقى هذا المصطلح رواجا أكثر في مؤسسات التعليم العالي، كونه تعليما رقميا افتراضيا يلائم خصائص المتعلمين في هذه المرحلة، كما يوفر درجات أكاديمية بتكلفة أقل من نظيراتها في التعليم الجامعي التقليدي، مما يوفر فرصا للراغبين في إكمال تعليمهم العالي أو المهني.

ويعود تاريخ ظهور هذا المصطلح إلى العام 2011 عندما أشار السيد توم فيندرارك إلى أننا نعيش في عصر بيئات التعلم الرقمي، وبالتالي فإنه يجب النظر إلى الطلاب كمتعلمين رقميين، كما يجب الاستفادة من مستوى “البرامج كخدمة” وهي أحد مستويات الحوسبة السحابية لدعم نموذج المدرسة كخدمة، و هذا بدوره يعني إتاحة وصول أكبر إلى مقررات ومعلمين بجودة وكفاءة نوعية أفضل، وبمرونة تامة عبر عددٍ من مزودي الخدمة.

ويتميز نموذج المدرسة كخدمة بتوفير عدد من التقنيات والمناهج للمؤسسات التعليمية التي لم يكن باستطاعتها توفيرها في الماضي، حيث تُقدَّم هذه الخدمات كحزمة متكاملة بدءاً من التسويق للبرامج والمقررات وعمليات التحليل، إلى توفير طرق تدريس متعددة وبيئات رقمية متنوعة لإيصال المحتوى، مع نظام إداري فعال على سحابة إلكترونية بشكل كامل، وهذا بدوره يكفل للمؤسسات التعليمية تحقيقاً أفضل للأهداف التعليمية بتكلفةٍ أقل، كما يتطلب هذا النموذج من المعلمين و الطلاب الإلمام بأساليب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق المرونة الكاملة في التعليم المتمركز حول المتعلم.

خصائص نموذج المدرسة كخدمة

ويشير السيد توم فيندرارك إلى أهم خصائص نموذج المدرسة كخدمة، وتتمثل في كون المدرسة تُبنى بشكل أساسي على التقنيات الرقمية، فالطالب يُعرف بعنوان IP الخاص به بدلا من الكرسي في مقاعد الدراسة الاعتيادية. كما تراعي هذه المدرسة الفروق الفردية وتوفر مقرراتها بشكل إلكتروني كامل يتمركز حول المتعلم ويتم تخصيص هذا المحتوى وفقا لحاجات المتعلم وإمكاناته، كما يتم جدولة العمليات التعليمية في هذه المدرسة بشكل ديناميكي ومرن يراعي حاجات المتعلم وظروفه، دون الالتزام بدورة محددة سلفا أو توزيع لمراحل المقرر الدراسي بشكل ثابت على مدار الصف الدراسي.

ويوفر هذا النموذج بيئة تعلّم مدعمة بأدوات ووسائل تكنولوجية حديثة من الألعاب التعليمية ونماذج المحاكاة التي تعزز بيئة التعلم، وتتوفر بشكل مجاني أو بأسعار رمزية لدعم المقرر الدراسي، حيث تتوافر هذه الأدوات بشكل مستمر على السحابة من أجل إتاحة الوصول إليها في أي وقت ومن أي مكان. كما لا يُلزَم المتعلم بالحضور في هذا النموذج، حيث يتم التعلم بشكل إلكتروني عبر تطبيقات الحوسبة السحابية، مع بعض الاستثناءات لبعض المؤسسات التعليمية التي قد ُتلزم المتعلم بالحضور مرة أسبوعيا. كما أنه يتيح للمتعلم طرقا متعددة للولوج للخدمة السحابية من خلال التقنيات والأجهزة المتنوعة المكتبية منها والنقالة.

ويشير السيد زيف جوتكن (مؤسس شركة لامالا التي تعنى بتطوير المحتوى الرقمي) إلى أن النظرة السلبية لمستوى الجودة للمقررات الرسمية التي تقدم بشكل إلكتروني كامل ستتغير حتما في السنوات القادمة، في ظل تبني عدد من الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية لمفهوم المدرسة كخدمة والتي يمكن من خلالها تصميم و تنفيذ و تسويق و تقويم الدرجات العلمية التي تقدم بالكامل في بيئات إلكترونية.
وقد برز مؤخرا عدد من المنظمات التي تعنى بتقديم خدمات و تطبيقات الحوسبة السحابية للمؤسسات التعليمية بهدف دعم نموذج المدرسة كخدمة، و من أبرزها :

  • شركة توتر 2tor و تخدم عدداً من العملاء في المجال التعليمي من أبرزهم جامعة بيركلي و كلية القانون بجامعة واشنطن و جامعة جنوب كاليفورنيا.
  • شركة Academic Partnership و تهتم بتقديم خدماتها لمؤسسات التعليم العالي العامة، حيث تخدم حاليا ما يزيد عن 25 جامعة حكومية في الولايات المتحدة الأمريكية.
  • شركة Altuis Education وتهدف إلى دعم طلاب الكليات في إكمال مشوارهم الدراسي و الحصول على الدرجات العلمية، دون الانتقال إلى مؤسسات تعليمية أكبر و بتكلفة أقل.
  • منظمة Deltak Edu التي تخدم عددا من المؤسسات التعليمية الربحية و غير الربحية منذ 15 عاما.

 


المراجع

http://venturebeat.com/2012/08/07/4-school-as-a-service-startups-that-are-changing-higher-education

https://www.cloudave.com/11594/school-as-a-service-learning-anywhere-everywhere

https://www.cloudave.com/11594/school-as-a-service-learning-anywhere-everywhere

http://gettingsmart.com/2015/07/10-dimensions-of-school-as-a-services

البحث في Google:





عن إيمان صالح الضلعان

محاضرة في جامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية، حاصلة على ماجستير في مناهج وتقنيات التعليم وشغوفة بتقنيات التعلم الإلكتروني والنقال.

3 تعليقات

  1. ا. د. مجدي يونس

    اقترح أن يكون مصطلح ” المدرسة المحوسبة” أو ” حوسبة المدارس” هو المصطلح المستخدم بدلا من مصطلح ” المدرسة كخدمة ” لأن التعليم الرقمي يعني أن المدرسة بأكملها يجب أن تتحول إلى بيئة حاضنة للتقنية فيما يسمى بحوسبة المدرسة، وحوسبة المدرسة تتطلب تحقيق ما يلي:
    تحويل المدرسة إلى بيئة تقنية تجيد التعامل مع تقنيات الحاسب الآلي ومعطياته.
    تحفيز المعلمين على تطوير قدراتهم في مجال التعامل مع التقنية ومصادر المعلومات.
    تطوير مستوى الاتصال الإلكتروني والتواصل بين المدرسة ومؤسسات المجتمع.
    حوسبة المناهج والكتب الدراسية واعتماد التعليم الإلكتروني.
    توفير الربط الشبكي بين أجزاء وفصول المدرسة ومرافقها المختلفة.

    وهذا التحول إلى المدرسة المحوسبة يتطلب المعلم المؤهل والمدرب على استخدامات التقنية، بما يعني تحول المعلمين من مجرد ناقلين للمعرفة إلى مستخدمين للتقنية وباحثين منتجين للمعرفة، كما يتيح مشروع حوسبة المدرسة فرص الوصول إلى مصادر المعرفة (الموسوعات ، الدوريات العلمية ، المصادر والمراجع ) لكل من المعلم والطالب ويجعل من التعلم عملية تشاركية تفاعلية تعتمد على الوسائط الحاسوبية التفاعلية ، حيث ستفهم كلمة مدرسة على أنها مصدر تعلم لا مكان تعلم.

    • ايمان الضلعان

      الاستاذ الدكتور الكريم مجدي يونس, أشكر لكم تفضلكم بالاطلاع على الموضوع والتعقيب عليه برأيكم البناء.
      و أود التوضيح بخصوص التسمية بمصطلح ( المدرسة كخدمة)
      أن هذا المصطلح مشتق من مستويات خدمات الحوسبة السحابية الشهيرة :
      1/ البنية التحتية كخدمة.
      2/ المنصات كخدمة.
      3/ البرامج كخدمة .

      والمدرسة كخدمة هي حاضنات للتقنية كما تفضلتم , لكنها تقوم بشكل كامل على تقنية الحوسبة السحابية
      بحيث تتم كافة العمليات عبر السحابة الإلكترونية, بدءا من تسجيل الطلاب والحاقهم بالمقررات وعمليات الادارة المدرسية,دون حاجة المدرسة لدفع التكاليف الخاصة لشراء خوادمها الخاصة , كما تتيح المرونة التامة في العمليات الدراسية للطالب والمعلم. وهي أبرز المزايا التي تقدمها تقنية الحوسبة السحابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *