المهارات ، جوانبها وكيفية قياسها في البحوث

مقدمة:

في البحوث العلمية التربوية، دائماً ما تجد تنمية للمهارات على اختلاف أنواعها ومجالاتها، وذلك لأننا في عالم وعصر يتسم بكونه عصر المهارات الإبداعية والأكثر ذكاءاً، كون من يمتلك المهارة والقدرة هو من يستحق القدرة على المنافسة في الأيام القادمة، فمجال المهارات يعتبر بصفة عامة من أهم المجالات التي تحدث فيها تطورات بشكل دائم، نظراً لاعتماد التقنيات الحديثة جميعها على خلق مهارات جديدة وحديثة.

ولكن في البيئة العربية ومن خلال كثرة البحوث في مهارات أصبحت تقليدية وتبحث في أمور أُنهكت بحثاً، كان لزاما علينا أن نحاول خلق مهارات جديدة وتوجهات أكثر حداثة تفتح أمامنا أبوابا واسعة وأفكارا إبداعية لإجراء المزيد من البحوث عليها، وهذا ما أناقشه دائما في أعمالي الأدبية والعلمية، فنحن لا نريد أن نظل أسرى لتصورات الغرب، ويجب علينا أن نبحث بداخلنا عن تصورات تناسب وتواكب بيئتنا التي نعيش فيها، وتتوافق مع ظروف وطبيعة وسماتنا.

فالجانب المهاري في أي عمل هو الجانب الأكثر أهمية، وذلك لارتباط العمل بالقدرة على تأديته بشكل مهاري وإبداعي، فإن غابت المهارة غاب الإبداع ورحلت الجودة عن العمل الذي نسعى لتقديمه، فسواء كانت مهارات أدائية أو إنتاجية فهي تحتاج إلى تطوير وإبداع باستمرار، و هذا ما يسعى إليه الغرب ويصل إليه مع الوقت.

    فلكي تخلق أعمالاً أكثر تميزاً يجب عليك أن تُنشئ فريق عمل لديه مهارات أكثر إبداعية وابتكارية وتكاملا، وذلك للحصول على نتائج أفضل، فالعمل والأداء إذا تم تنفيذه بذكاء سنحصل على منتجات بجودة عالية وبدقة عالية مع توفير الوقت والجهد. علينا إذن أن نكون مهاريين أكثر، وأن يغلب علينا الجانب التطبيقي والعملي، وأن نخلق مجالات أوسع لمهارات تصلح لأن تستخدم في القرن الـ 21، والذي يعرف بالقرن الأكثر ذكاء، أو القرن الرقمي، لما يتسم به من تطورات هائلة في مجال الرقميات والتكنولوجيا والتطور التقني بشكل عام.

جوانب المهارة

لا يُدرك الكثيرون أن للمهارة بشكل عام عدة جوانب هامة، يسهم مجموع تلك الجوانب في تحديد درجة وقدرة ودقة تلك المهارة لدى الفرد، فمخطئ من يظن أن المهارة تعتمد على الأداء فقط، فقبل الأداء والجانب العملي للمهارة توجد أمور أخرى يجب الاهتمام بها، ولا تقل أهمية عن الجانب الأدائي، ويمكن عرض تلك الجوانب على النحو التالي:

مخطط يوضح جوانب المهارة (تامر الملاح،2017)

الجانب المعرفي للمهارة: ويختص هذا الجانب بالمعلومات والمعرفة اللازمة للفرد لأجل القيام بالمهارة، فمن الطبيعي أن لا يستطيع الفرد القيام بتصميم المواقع الإلكترونية كمهارة إلا في حالة إذا كان لديه المعرفة الكاملة والكافية عن علم التصميم، وبالتحديد تصميم المواقع الإلكترونية، لذا من الضروري العمل على هذا الجانب وتنميته لدى الأفراد والعينات في البحوث قبل أن يتم التنفيذ العملي والأدائي للمهارة، فهذا الجانب التحصيلي للمهارة هو بمثابة الخريطة التي تنظم العمل الأدائي وهو الجانب التالي، ويتم قياس هذا الجانب في البحوث العلمية من خلال “الاختبارات التحصيلية”.

الجانب الأدائي أو العملي: ويأتي في المرتبة الثانية، فبعد أن يتعلم الفرد المقدار المناسب من المعارف حول المهارة، يجب عليه أن يقوم بالتطبيق والتنفيذ العملي لتلك المهارة في ضوء ما درس في الجانب النظري أو المعرفي لها، فيسعى الفرد في هذا الجانب أن يقوم بتطبيق ما تعلمه وما توصل إليه حيث نرى المنتجات ونتيجة الأداءات المهارية، ويتم قياس هذا الجانب في البحوث العلمية من خلال “بطاقات الملاحظة وبطاقات التقييم”.

الجانب الاتصالي للمهارة: و يغفل الكثيرون هذا الجانب من جوانب المهارات، وهو يعني قدرة الفرد أثناء التنفيذ العملي للمهارة على الاتصال بها، والاتجاه نحوها، فهل يقوم بها عن رغبة، أم يقوم بها مجبراً ، فتحديد هذا الاتجاه سيحدد مدى قدرة الفرد على الإبداع في الجانب الأدائي، والاحتفاظ بالجانب المعرفي، فقدرتك على الاتصال بما تقوم بفعله وأدائه ستحدد جودة هذا الأداء أو المنتج، ويتم قياس هذا الجانب في البحوث العلمية من خلال “مقاييس الاتجاه” أو إعداد “بطاقات إتصال خاصة”.

أنواع المهارات وقياسها في البحوث العلمية

تتعدد تصنيفات المهارات العملية وفقاً لطبيعة المجال الذي تستخدم فيه، ولكن يوجد نوعان من المهارات التي يتم العمل عليها بشكل عام أو في البحوث العلمية بشكل خاص، ويجب أن يكون الباحثون والدارسون والمدربون على علم بتلك الأنواع وكيفية قياسها بشكل دقيق، ويمكن استعراض تلك الأنواع على النحو التالي:

مهارة الأداء: وتعتبر تلك المهارة لحظية أي لابد أن تقوم بتأدية تلك المهارة في الحال الذي يقوم فيه الملاحظ بتقييمك، فتقوم مهارة الأداء على قدرة الفرد على توظيف ما لديه من خبرات في لحظة التقييم، فعلى سبيل المثال: مهارة الشرح لدى طلاب التربية العملية تعتبر مهارة أداء، فيقوم الشخص المقيِّم بملاحظة الطالب المعلم في نفس الوقت الذي يشرح فيه ويقوم بتقييمه، كذلك مهارات تشغيل الأجهزة ومراعاة شروط السلامة والأمان الخاصة بها، ويتم قياس تلك المهارات في البحوث العلمية باستخدام “بطاقات الملاحظة“.  

مهارة الإنتاج: وهي المهارة العصفية، أي التي تقوم على العصف الذهني لفترات من أجل إنتاج منتج يحترم معايير الجودة اللازمة، وتحتاج هذه المهارات إلى وقت أطول من النوع السابق، لأن حصيلة هذه المهارة تكون منتجا كاملا ونهائيا، ويكون دور المقيّم في هذا النوع من المهارات هو القيام بملاحظة تطابق المعايير الموضحة في قائمة المعايير ومدى توافرها في المنتج، فعلى سبيل المثال: مهارة إنتاج قاعدة بيانات، أو عرض تقديمي تحتاج إلى وقت لتنفيذها، ويتم قياس هذا النوع من المهارات في البحوث العلمية باستخدام “بطاقات تقييم وقوائم معايير”.

البحث في Google:





عن تامر الملاح

باحث و مطور في مجال تكنولوجيا التعليم و التربية، ومهتم بمشكلات التعليم، كلية التربية، جمهورية مصر العربية

2 تعليقات

  1. ابكر عبدالبنات آدم

    لعل هذه المبادرة المعرفية من أروعالمبادرات في فن التعليم والتعلم

  2. موضوع جيد جزاكم الله خير علي هذا العمل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *