التعلم السريع

مبادئ التعلم السريع و مراحله

يركز التعلم السريع على النتائج التي يتم تحقيقها وليس الوسائل التي يتم استخدامها، فإذا أردت أن تمارس التعلم السريع لا تربط نفسك بأي من الوسائل والتقنيات، فقط أبق عينك مفتوحة على النتائج التي يجب أن تصل إليها، وبذلك تستطيع من خلال عملية التعلم أن تنوع وتزيد من الوسائل والتقنيات التي تستخدمها للوصول إلى الهدف.
فالتعلم السريع يهتم بجعل التعلم تجربة تشمل كامل الجسد والفكر من خلال تغذية الذكاء البشري بأشكاله المتعددة، العقلاني والعاطفي والجسدي والاجتماعي والفطري والإبداعي والروحي والأخلاقي وغيرها وذلك على كافة المستويات، لاستعادة فاعلية العملية التعليمية .
فهنا يجب أن نعرف أن تعلما من هذا النوع يعتمد على التعلم من البيئة المحيطة من خلال التفاعل معها ومحاكاة الفطرة البشرية، فهو إذن تعلم طبيعي. فالتعلم السريع يدرب على استعادة القدرة العالية على التعلم من خلال جميع حواسنا، فالإدراك الواعي ليس إلا رأس جبل الجليد، أما قدراتنا الحقيقية هي في ما وراء ذلك الإدراك.
إن الهدف الأساسي من التعلم السريع هو مساعدة المتعلمين على إدراك إمكاناتهم وتوسيع مفاهيمهم، وإعادة متعة التعلم إليهم، والإحساس بالقدرة على إنجاز المهام والنجاح فيها. فمن خلال التعلم السريع يمكن أن يحصل المتعلم على كثير من الفوائد حيث أنه:

  • يوقد مخيلته الإبداعية.
  • يجعله فعالا في التعلم.
  • يسرع ويعزز التعلم لديه.
  • يوفر الجهد والمال أثناء عملية التعلم.

1- كيف ظهر التعلم السريع؟

يمكن القول أن الثورة الحقيقية للتعلم السريع بزغت في النصف الثاني من القرن العشرين، بعد التجارب التي حصلت خلال الخمسين سنة التي سبقتها، ومن أهم تلك التجارب ظهور كتاب (التعلم الخارق) عام 1970م لعالم النفس البلغاري جورجي لوزانوف، وقيام مجموعة من العاملين في مجال التعليم بتأسيس ما سمي بجمعية التعليم والتعلم المتسارع (SALT)، والتي بدأت بعقد مؤتمرات سنوية في الولايات المتحدة الأمريكية جذبت إليها كثيرا من المهتمين، وقد بلغ عمر هذه الجمعية أكثر من ثلاثين سنة، وتم تغيير اسمها إلى التحالف الدولي للتعلم (IAL)، وهناك أيضا جمعية أخرى مشابهة لها في بريطانيا هي جمعية التعلم المؤثر الفعال (SEAL)، بالإضافة إلى الجمعية الألمانية للتعلم التجريبي (DSGL)، وهناك أيضا بعض الحركات التي أدى ظهورها إلى تطوير التعلم وظهور نماذج تعليمية و نظريات تربوية و تدريبية جديدة.
إن التعلّم السريع هو أحدث ما توصل إليه البحث الحديث في عالم التعليم اليوم حيث أنه:

• يعتمد على أحدث ما توصل إليه العلم في مجال دراسة الدماغ في علاقته مع ميكانيزمات التعلم.
• يمتلك القدرة على توظيف أحدث الوسائل التكنولوجية والبسيطة كذلك.
• منفتح ومرن.
• يضمن مشاركة المتعلمين الفعالة في العملية التعليمية.
• ينسجم مع جميع الأساليب التعليمية.
• يضمن الحيوية و الطابع الإنساني لعملية التعلم.
• يسعى لجعل التعلم ممتعا.
• يلتزم بإحراز النتائج الإيجابية.

لا يؤسس التعلم السريع أساليب جامدة، بل يترك المجال واسعا للمرونة وفقا للمؤسسة التي يتم فيها التعلم، والمادة التي يتم تعليمها، والمتعلمين أنفسهم. لذلك فإن كثيرا من المدرسين حول العالم تزداد قناعتهم بفوائد التعلم السريع لما له من مزايا عديده نذكر منها:

• تصميم البرامج التعليمية بشكل أسرع.
• تحسين التعلم القابل للقياس.
• تأهيل متعلمين أكثر إبداعا وإنتاجا.
• توفير الوقت والموارد على المؤسسات التعليمية.

2- المبادئ التي يقوم عليها التعلم السريع:

يقوم التعلم السريع على عدة مبادئ منها:

أ- البيئة الإيجابية:

وجود البيئة المريحة والمحفزة في وقت واحد يساعد الطالب على أن يتعلم بشكل أفضل وأسرع، لأن إحساسه بالكمال والأمان والاهتمام والمتعة في آن واحد هو شيء أساسي في تحسين عملية التعلم.

ب- المشاركة الفعالة من قبل المتعلم:

من أهم المبادئ التي يجب على المتعلم أن يعيها هي كون التعلم ليس رياضة نشاهدها بل هي رياضة نمارسها، فمن خلال ممارسة عملية التعلم وتحمل المسؤولية بالاعتماد على النفس في ذلك، تتم عملية التعلم بشكل أسرع وأفضل، لأن المتعلمين يتعلمون بشكل أكثر فعالية عندما يشتركون فعليا في العملية التعلمية. فسابقا، كانت المعرفة شيئا يكتسبه المتعلم بشكل سلبي، ومع التطور العلمي وبروز نظريات جديدة ساعدت على فهم أشمل وأوسع للعمليات التي يقوم بها الدماغ، تم الوصول إلى أن المعرفة هي ما يخلقه المتعلم بشكل فعال، لذلك فإن التعلم السريع يركز على المشاركة النشطة للمتعلمين وليس على المحاضرات والعروض السلبية فقط.

ج- التعاون بين المتعلمين:

البيئة التعاونية توفر تعلما أفضل للأفراد، لأن التعلم الاجتماعي يعتبر من أفضل أنواع التعلم فمن خلاله تتم عمليات كثيرة، مثل تعلم الأقران والتعلم التبادلي، والتعلم التعاوني. ففي السابق، كان التعلم التقليدي يعتمد على التنافس بين المتعلمين، بينما التعلم السريع يعتمد على التعاون فيما بينهم.

د- تنويع أساليب التعلم:

من المعروف أن المتعلمين يتعلمون بشكل أفضل عندما يستخدمون كافة حواسهم، ولايتم ذلك إلا من خلال توفر الخيارات الواسعة من أساليب و أدوات، لأن كل متعلم لديه طريقته المفضلة التي من خلالها يستمتع بعملية التعلم، فالبرنامج التعليمي يجب أن يكون مائدة مفتوحة و متنوعة وليس طبقا موحدا يقدم لجميع المتعلمين على حد سواء.

هـ- التعلم في بيئة حقيقة:

يتعلم المتعلمون في البيئات التي تقدم لهم تجربة حقيقية و ملموسة، أكثر من تلك التي تقدم لهم المفاهيم والمهارات بشكل تجريدي، لأن ذلك يصعب عليهم عملية الفهم والتطبيق والاحتفاظ بالتعلمات. فبيئات التعلم المثالية توفر التغذية الراجعة والتفاعل و إمكانية ممارسة التعلم و تطويره في جميع المراحل.
وبذلك يمكن تلخيص المبادئ الأساسية للتعلم السريع في النقاط التالية:

  • يعتمد على العقل والجسد كليهما.
  • التعلم هو عملية خلق للمعرفة وليس استهلاكا لها.
  • التعاون يساعد في التعلم.
  • يحدث التعلم على مستويات عدة في الوقت ذاته.
  • يأتي التعلم من ممارسة المادة عمليا.
  • شحن المشاعر الايجابية تجاه التعلم.
  • يقوم الدماغ بتخزين المعلومات آنيا وأوتوماتيكيا.

لذلك فالتعلم السريع يعتمد فلسفة متكاملة تربط الحياة بعملية التعلم، لأنه يعيد الطابع الإنساني لهذه الأخيرة، باعتبار أن المتعلم يستطيع من خلال هذا النوع من التعلم ممارسة تعلماته بشكل مطابق للحياة اليومية العادية. فالإنسان الذي يتعامل مع التعلم السريع كنمط حياة يتحول من وعاء يجب ملؤه، إلى نار تنتظر من يوقدها، فيتحول التعلم من عملية تلقين وصقل الى متعة وتغذية للعقل و الروح.
فكثير من البرامج التعليمية تهمل جانب المتعة أثناء التعلم، رغم أن المتعة تعتبر هي العامل الأساسي الذي يمكن من خلاله تحديد نوعية وجودة نتائج العملية التعليمية، فإكساب المتعلمين الشعور بالمتعة أثناء عملية التعلم إذن أضحت من أساسيات التعلم السريع.

3- مراحل التعلم السريع:

يمر التعلم السريع بأربع مراحل جميعها مهمة لحدوث عملية التعلم وهي كتالي:

المرحلة الأولى: مرحلة التحضير

إن هدف مرحلة التحضير هو إثارة اهتمام المتعلمين، وإعطاءهم مشاعر إيجابية، ووضعهم في الحالة المثلى للتعلم. و يتم تحقيق ذلك من خلال ما يلي:

• أفكار و مشاعر إيجابية.
• توضيح الفوائد التي سيجنيها المتعلم.
• أهداف واضحة وذات معنى.
• إثارة الفضول.
• خلق بيئة إيجابية.
• بناء شعور اجتماعي إيجابي.
• مساعدة المتعلمين للتخلص من مخاوفهم.
• إزالة العقبات الممكنة.
• طرح أسئلة ومشاكل للبحث عن أجوبة وحلول.
• تشجيع المتعلمين على الانخراط في العملية التعليمية من البداية.

المرحلة الثانية: مرحلة العرض

إن الهدف من المرحلة الثانية هو مساعدة المتعلمين على مواجهة المعلومات الجديدة بطريقة ممتعة ومناسبة وتحفز حواسهم جميعها وتخاطب جميع أنماط التعلم. يمكن القيام بهذا من خلال الآتي:
• مشاركة المعرفة والمعلومات السابقة.
• مراقبة ظواهر في العالم الحقيقي.
• التعلم بكامل العقل والجسد.
• عروض من النوع التفاعلي.
• أدوات تحفيزية مساعدة للعرض.
• التنوع وإعطاء الفرصة لكل أنماط التعليم.
• العمل الجماعي التعاوني.
• تمارين حل المسائل.
• تجارب تعليمية من العالم الحقيقي أو السياق الواقعي.
• تمارين استكشاف فردية أو جماعية.

المرحلة الثالثة: مرحلة التمرين

إن الهدف من مرحلة التمرين هذه هو مساعدة المتعلمين على وضع المعلومات الجديدة أو المهارات الجديدة بصورة متكاملة في عقولهم ودمجها مع معرفتهم وخبراتهم السابقة و يمكن القيام بذلك من خلال:

• نشاطات تتيح المجال لمعالجة المعطيات.
• تجريب/تغذية راجعة/تحليل/إعادة التجريب.
• نشاطات تشمل محاكاة العالم الحقيقي.
• ألعاب تعليمية.
• الحركة أثناء التعلم.
• تمارين حل المسائل.
• تحليل وتفكير فردي (بصوت مرتفع).
• حوار ثنائي أو جماعي.
• تعليم ومراجعة جماعية تعاونية.
• نشاطات بناء المهارات.

المرحلة الرابعة: مرحلة الأداء

الهدف الأساسي من المرحلة الرابعة هو مساعدة المتعلمين على تطبيق المهارات أو المعرفة التي اكتسبوها في الواقع وتوسيع إدراكهم لها وتمكنهم منها، بحيث يترسخ التعلم ويصبح التحسين عملية مستمرة، و يمكن القيام بذلك من خلال ما يلي:

• تطبيق واقعي مباشر.
• تصميم وتطبيق خطط تنفيذية.
• نشاطات تعزيز ومتابعة.
• مواد تعزيزية لاحقة للجلسة التعليمية.
• تعلم مستمر.
• تقييم أداء وتغذية راجعة.
• نشاطات تشمل العمل مع الأقران.
• تغييرات في المؤسسة التعليمية والبيئة المحيطة تدعم ناتج التعلم.

 

 


المراجع:

– التعلم السريع Accelerated Learning، د خليل الحدري، جامعة ام القرى http://uqu.edu.sa/page/ar/60346

– http://www.alcenter.com/whatisal.html

– http://www.learningdoorway.com/accelerated-learning-cycle.html

 

البحث في Google:





عن د. عبدالرحمن عويض الجعيد

دكتوراه في المناهج وتكنولوجيا تعليم العلوم – جامعة أم القرى – المملكة العربية السعودية. مهتم بتقنيات التعليم والتدريب الحديثة واستراتيجيات التعلم.

3 تعليقات

  1. مقال رائع. اتمني ان يطلع عليه كل معلم ومتعلم وجميع اعضاء العملية التربوية والميدان التربوي والاسرة

  2. د. تيسير السعيدين

    ويبقى التعلم المتسارع أو التعلم السرع نوعا من أنواع التعلم التي تتناسب مع طبيعة العصر الذي نحياه من حسث طبيعة المعرفة والأدوات المناسبة له ، وهو يقوم على الاستثمار الأمثل لطاقات الإنسان في عصر اتسم بالسرعة واقتصاد المعرفة !

  3. هل لموقع التعليم الجديد مساقات يمكن دراستها والإطلاع عليها عن بعد
    أفيدونا شاكرين لكم على برسالة رد عل البريد الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *