المتعلم الصانع

من هو المتعلم الصانع ؟ أدواره ، و صفاته ؟

  تعليم يتمركز حول المتعلم، سيؤدي حتما إلى جعل المتعلم القضية المركزية في مجال تطوير التعليم، فإذا كان المعلم هو حجر الأساس في المنظومة التعليمية، فإن المتعلم هو الأساس نفسه، وهو البناء بالكامل، لذا فمن الضروري علينا في مجال تكنولوجيا التعليم أن نبحث دائما حول تطوير أداء المعلمين والمتعلمين، ونجد سُبلا من شأنها أن تأخذ المتعلم إلى حيث التقدم كي يرتوي من نبع المعرفة. فلم تعد القضية هي البحث عن الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها إيصال المعلومات للمتعلم، فهذا ما يعنى به التعلم التقليدي، ولكن في ظل عالم متطور وفيض تكنولوجي ومعرفي، أصبحت القضية الأهم هي تنمية مهارة البحث الذاتي لدى المتعلم، وإيجاد الدافع والحافز الذي يمكنه من التعلم الذاتي، لذا بحثت نظرية الابتكارات الكاسحة في تغيير دور المعلم من كونه موجها ومرشدا إلى كونه محفزا في عملية التعلم.

   من خلال هذه المقالة نضع بين أيديكم، أدواراً جديدة لمتعلم المستقبل، ومهاماً أكثر تطوراً للطالب المنتج، ومعرفة أكثر حداثة لجعل دور المتعلم مرناً لأبعد الحدود، ففي عصر السماوات المفتوحة يجب أن يتغير ويتطور دور المتعلم بشكل يومي، فما يتسم به من المرونة يجعله على الجانب الآخر المتعلم الصانع كما هو الحال في عنوان المقالة.

   إذا كان المتعلم المنتج هو الذي يستطيع أن يدرك العلاقات المنطقية بين الأشياء ويخرج لنا بروابط جديدة، فإن المتعلم الصانع هو ذاك الذي يستطيع أن يبتكر ويبدع ويطور العلاقات والترابطات إلى ما هو أحدث، ويستطيع أن يتفرع في العلوم المختلفة إلى حيث الإبحار المعرفي وخلق العلاقات والروابط بقدراته، لدرجة قد تمكنه من إبداع جديد وابتكار علم كامل ومعرفة حقيقية مبتكرة، وتنبؤات مستقبلية تؤدي إلى تكيفه مع الواقع المستقبلي فيما بعد.

فكيف يكون الحال إذا حولنا طلاباً إلى صناع للمعرفة والعلم، بدعمنا لقدراتهم منذ الصغر حتى نخرج مع تقدم المراحل التعليمية متعلمين صناعا ومنتجين، ولا يقتصر دورهم على مجرد التلقين والترديد لمحتويات المقررات أو لمنتجات الآخرين؟

فتحت عنوان المتعلم الصانع للمعرفة، والقادر على الإنتاج المبدع، أكتب مقالتي هذه، كي تسهم ولو بقدر قليل من تطوير دور المتعلم، ودعمه في كافة المراحل الدراسية كي نبني صانعاً جيداً، ومحترفاً ومبدعاً ينتج لنا، ولا يردد ما سبق إنتاجه، أو يستهلك الموجود فقط.

 ماذا يعني المتعلم الصانع ؟

هو متعلم ما بعد العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، لا يردد تصورات الآخرين، يدرك العلاقات بطرق إبداعية، ويبنى تصوراته بنفسه حتى لا يكون أسيراً لعقول من سبقوه، فينتج ويبدع بنفسه، انطلاقا من تعلمه الشخصي والذاتي وقدراته التي تؤهله لأن يكون صانعاً للمعرفة ومنتجاً للمعلومة، ولديه القدرة على إنتاج علوم جديدة، وتقنيات حديثة، ومعرفة متطورة، مواكباً للتقدم، متفاعلاً دولياً، مدركاً للثقافات، متنبئاً بالمستقبل، مفكراً خارج الصندوق، ينظر للأمور من زوايا إبداعية.

 صفات المتعلم الصانع

وتتمثل صفاته في الآتي:

متعلم دولي: لا يقتصر على البيئة المحلية في عملية تعلمه، دائم البحث في كافة المصادر المختلفة باللغات والثقافات الأخرى، باحث عن مواكبة الأمم المتقدمة.

– متعلم عميق: لديه شعور دائم بالبحث بشكل متعمق في الأمور، لا يكتفي بالتفسيرات السطحية، ينظر إلى موضوعات التعلم بنظرة أكثر دقة، باحثاً عن وجود علاقات وإدراكات جديدة.

– متعلم متحد: كلما بحث وتعلم، كلما تولد لديه شعور برغبة إضافية نحو التعلم أكثر فأكثر، متعطش دائما لمعرفة المزيد والتعمق في الموضوعات، فحب التعلم يصبح بمثابة الدافع الأكبر لأجل الاستزادة.

متعلم تحفيزي: يخلق بيئة تحفيزية لنفسه ومن حوله، مما يزيد الرغبة لديه ولدى الآخرين تجاه عملية التعلم.

متعلم منتج: غير مستهلك ولا مردد لتصورات وأفكار ومنتجات الآخرين.

متعلم مبدع: مدرك للعلاقات غير مكترث وغير كسول ولا يكتفي بما توصل إليه.

متعلم باحث: لا يصنف نفسه دائما كدارس فقط، بل يجعل نفسه دائما مؤهلاً لعملية البحث والحصول على مصادر أكثر مما ينبغي لدعم عملية تعلمه النظامية.

متعلم مشارك: غير منطو أو مختزل أو مدخر للمعلومة، ويسعى دائما لنشرها كونه يرغب في خلق بيئة متطورة في مجال تخصصه، ويسعى دائما لإظهار منتجاته وصناعته للآخرين، حتى تكون بمثابة الحافز له.

 تطور دور المتعلم في المصنع المدرسي

بالفعل يجب علينا أن ننظر إلى المدرسة والمؤسسة التعليمية على أنها مصنع، ينتج لنا عقولا ومفكرين ومبدعين، لذا من الضروري أن يحتوي هذا المصنع على معلمين محترفين و آلات جيدة، فدائماً ما ننادي بشعار “المُعَلم يجب أن يكون معلما في صنعته”، وهذا ما يمكننا من جعل المدرسة مصنعاً، لذا لابد من استيعاب المعلمين لتغيير دور المتعلم وجعله أكثر نشاطاً وتحرراً، وفاعلية وتأثيراً، فلم يعد يجدي معه مجرد كونه متلقيا أو منفذاً لتوجيهات فقط، ولكن علينا أن ندرك أن هؤلاء بشر لهم عقول يفكرون بها، ولهم نظرة ووجهة نظر وبصيرة يدركون بها، فنصيحتي: ادعموا قدرات أبنائكم المتعلمين، حتى يكونوا صناعاً لمستقبل باهر، ومفكرين ومبدعين.

البحث في Google:





عن تامر الملاح

باحث و مطور في مجال تكنولوجيا التعليم و التربية، ومهتم بمشكلات التعليم، كلية التربية، جمهورية مصر العربية

9 تعليقات

  1. الجواد الطائر

    موقع تربوي متميز سعدت بالدخول اليه علني أكون مساهما فعالا مستقبلا .

  2. مقال شيق استاذ تامر فعلا لابد للمدرسة ان تواكب التطور المذهل في المعرفة ولا سوف تكون مؤسسة اجتماعية فاشلة

  3. محمد عبد الرحمن نصر

    قرأت جميع مقالاتكم واستفدت منها كثيرا وشكرا لكم على مجهوداتكم
    محمد نصر
    معلم تربية خاصة بمجلس أبوظبي للتعليم

  4. مشكورين على كل ما تقدموه من مقالات هي في الصميم و تهدف دائما الى تطوير المتعلم و المعلم على حد سواء.يجب ان تعليم تنمية قدرات الطفل على التفكير الناقد و الابداعي الابتكاري، و ليس التفكير السطحي الذي يعتمد على التلقين فقط.
    جزاكم الله خيرا.

  5. تعليم الطفل التفكير العميق يتطلب وجود معلم كفء و يعرف الاستراتيجيات المعرفية التي تسمح بتطوير مهارات التفكير العليا و ليس الدنيا لهذا على المعلمين في مختلف الاقطار العربية الاطلاع عليها من اجل ماعدة ابنائنا على التطور و الابداع
    . شكرا لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *