التعلم الرقمي بقيادة الأقران

نموذج مشروع تربوي: التعلم الرقمي بقيادة الأقران

 في إطار تشجيع المبادرات الواعدة، و الأفكار الابداعية والحلول المبتكرة التي تهدف إلى إصلاح التعليم في بلادنا العربية و الرقي به إلى مصاف الدول المتقدمة، يسرنا في مدونة تعليم جديد أن ننشر لقراءنا ملخصا عن نموذج مشروع تربوي: ” التعلم الرقمي بقيادة الأقران ” للأستاذة ريم عبد الرحيم قاري من المملكة العربية السعودية، وهو المشروع الذي قامت بتجربته فعليا مع طالباتها.

مقدمة

يعد التعلم بالأقران إحدى استراتيجيات التدريس المعروفة والتي أثبتت فاعليتها في العديد من الممارسات داخل الصف الدراسي. فأثر الطلاب على بعضهم البعض أمر بالغ الأهمية خاصة إذا تم توجيههم بالشكل المطلوب لتحقيق الأهداف المنشودة، كما أن هذه الاستراتيجية تُعطي المعلم مساحة أكبر للتوجيه ومعالجة جوانب الضعف خاصة في الفصول ذات الأعداد الكبيرة.
ونظرا لإيماني بالنتائج الإيجابية للتدريس بالأقران فقد سعيت إلى تطويرها ودمجها بالتقنيات الحديثة.

1- فكرة التجربة، التعلم الرقمي بقيادة الأقران

التجربة قائمة على ما يسمى ب CYBER PEER LED TEAM LEARNING (CPLTL) وهي تطور في الأساس لما يسمى ب PEER LED TEAM LEARNING (PLTL).
PEER LED TEAM LEARNING هي عبارة عن نماذج تدريس اعتمدتها بعض الجامعات الأجنبية على هيئة وِرش عمل أو لقاءات تطوعية تتم بقيادة طلبة اجتازوا المادة الدراسية بدرجات مرتفعة A أو A+ موجهة لطلبة أقل في المستوى الدراسي.
خلال هذه الجلسات التفاعلية (ورش العمل) يعمل 6 إلى 8 طلاب كفريق واحد لحل المشكلات التي تواجههم في هذا المحتوى الدراسي وذلك بمساعدة وقيادة القائد القرين.
بعد التطور السريع في التقنية وظهور برمجيات عقد المؤتمرات عن بعد أصبح من المستحسن عقد مثل هذه الورش التفاعلية في بيئة متزامنة على الإنترنت كبديل للورش وجها لوجه ومن هنا ظهر ما يسمى ب CYBER PEER LED TEAM LEARNING و أصبحت هذه الورش تستخدم برمجيات التزامن عبر شبكة الإنترنت لعقد لقاءات بين القادة الأقران والطلاب و قد أثبتت هذه النماذج من التدريس فعاليتها لدى الطلاب، من حيث رفع المستوى العلمي والقدرة على حل المشكلات والتواصل بفعالية والعمل بتعاون وكفاءة خاصة في تخصصات STEM (العلوم، الرياضيات، الهندسة والتكنولوجيا).
و يتوافق هذا النموذج من التدريس -من وجهة نظري- مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في التحول الرقمي للتعليم، كما أنه أيضا وسيلة جيدة لتطبيق مهارات التدريس في القرن الواحد والعشرين.
ومن هنا، جاءت فكرة المشروع بتطبيق هذا النوع من نماذج التدريس على طالباتي وذلك بالاستفادة من مختلف أنواع القادة الأقران الأعلى مستوى دراسيا وبتفعيل مهارات القرن 21 وذلك بهدف رفع مستواهم العلمي وباستخدام التقنية وبرمجيات الإنترنت تحقيقا للتعلم الرقمي 2020 ضمن رؤية المملكة 2030.

2- مراحل المشروع

امتد المشروع على ثلاث مراحل:

– المرحلة الأولى

تنفيذ ورشة عمل لطالبات الصف الثاني في وحدة قواعد البيانات بمقرر حاسب 2 بقيادة طالبات من الصف الثالث من نفس المدرسة اجتازوا مقرر حاسب 2 بدرجات مرتفعة وكانت الورشة وجها لوجه PEER LED TEAM LEARNING.

– المرحلة الثانية

تنفيذ ورشة عمل لطالبات الصف الثاني في وحدة أمن البيانات والمعلومات بمقرر حاسب 2 بقيادة طالبات من نفس المرحلة بمدرسة الموهوبات كان لهم السبق في الانتهاء من الوحدة الدراسية وتم تقييمهم فيها وحصلوا على درجات مرتفعة وكانت الورشة باستخدام منصة إلكترونية عن بعد بواسطة الإنترنت CYBER PEER LED TEAM LEARNING.

– المرحلة الثالثة

تنفيذ ورشة عمل لطالبات الصف الثاني في وحدة عمارة الحاسب بمقرر حاسب 2 بقيادة طالبات السنة التحضيرية بكلية الحاسب الآلي ونظم المعلومات بجامعة أم القرى متخصصات في مادة دراسية بعنوان Computer Architecture ، وهي مادة دراسية لها علاقة وثيقة بالوحدة الدراسية، وكانت الورشة باستخدام منصة إلكترونية عن بعد بواسطة الإنترنت CYBER PEER LED TEAM LEARNING.

3- موطن الجِدة والأصالة في المشروع

وهي:

أ- التدريس عن طريق قادة (أقران) من خارج الصف الدراسي بأشكال متعددة

• أقران أكبر سنا و أعلى مستوى دراسي في المدرسة اجتازوا المقرر الدراسي بنجاح وتفوق.
• أقران من خارج المدرسة اجتازوا المحتوى الدراسي بتفوق.
• أقران من الجامعة (التعليم العالي) متخصصين أكثر في المحتوى الدراسي.

مهام القادة الأقران في التجربة ليست عملية شرح للمحتوى الدراسي عوضا عن المعلم/ة إنما هي:

– تثبيت المفاهيم الأساسية للمحتوى الدراسي عن طريق إثراء المحتوى الدراسي بمصادر معرفة متنوعة.
– دعم الطالبات في حل المشكلات في حل أسئلة الكتاب.
– دعم الطالبات في حل أوراق العمل وتنفيذ الأنشطة المقترحة من قبل المعلمة.
– دعم الطالبات في الحصول على الإجابات وتقويم وتصحيح المفاهيم الخاطئة.

هذا التنوع في القادة الأقران هو موطن الجدة والأصالة في المشروع، وهو خطوة للاتصال بمختلف الخبراء لخدمة العملية التعليمية ولإثراء ودعم الطالبات ورفع مستواهن الدراسي سواء من داخل الصف الدراسي أو من خارجه أو من داخل المدرسة أو خارجها، بل و يمكن الاستعانة بأقران وخبراء من خارج المنظومة التعليمية بما يخدم تدريس الطالبات وفق التحول الرقمي ضمن رؤية المملكة 2030، والتي تعتبر أن المعلم والكتاب المدرسي ليسا المصدرين الوحيدين للمعرفة، و تحث الطالب و تشجعه على الاتصال بالخبراء وتنويع مصادر المعرفة.

ب- استخدام برمجيات مزامنة الإنترنت عن بعد في تدريس الأقران

مما أضاف على نموذج التدريس بقيادة الأقران العديد من المميزات هي:

– اتساع دائرة مصادر المعرفة دون الاعتماد على المعلمة والكتاب فقط.
– تنويع الاتصال بالخبراء أو القادة الأقران لإثراء العملية التعليمية.
– رفع مستوى الطالبة التحصيلي من خلال رفع مستوى التفكير الإبداعي والتطلع الفكري لديها.
– انفتاح الطالبة على مجتمعها الخارجي.
– تحقيق خطوة أساسية في كيفية استخدام التقنية وتهيئة الطالبة للتحول الرقمي في التعليم.
– إكساب الطالبة مهارات البحث وحل المشكلات.
– الاستغناء عن مقر لتنفيذ مثل هذه الورش التفاعلية واستبدالها بمقر للمؤتمرات عن طريق الإنترنت.
– تدريب الطالبات على آداب استخدام الإنترنت والتفاعل في الفصول الافتراضية.
– تدريب الطالبات على تنفيذ أنشطة التعلم التعاوني عبر الإنترنت.

وقد تم استخدام برمجيات متنوعة في نماذج التدريس الخاصة بالتجربة لاستخدامات متعددة، و منها:

– موقع اتصال عن بعد يتيح فرصة التواصل بين الأقران وطرح الأسئلة والحصول على الإجابات.
– موقع اتصال عن بعد (مثل Zoom و Gotomeeting) يتيح عرض مصادر معرفة متنوعة بين الأقران.
– تطبيق يتيح عرض أوراق العمل والأنشطة بين الأقران عن بعد عن طريق الرسائل الصوتية والنصية وتبادل المحتويات الاثرائية للمادة العلمية (مثل Lino و padlet و seesaw).
– تطبيق يتيح التعزيز والتقويم عن بعد.

 

التعلم الرقمي بقيادة الأقران

التعلم الرقمي بقيادة الأقران

تجربة التعلم الرقمي بقيادة الأقران لبنة أساسية للتحول الرقمي، الذي يمثل التوجه الحديث للتعليم بالمملكة العربية السعودية بناء على توجيهات وزير التعليم، وهي معتمدة على التعلم بالأقران والذي يعتبر واحدا من أكثر أنواع التعلم فاعلية.

تجربتي هاته تعتمد على توفير مصادر معرفية متنوعة تثري المحتوى الدراسي، وهي قائمة على مهارات القرن الواحد والعشرين في التدريس المتمثلة في تحمل المسؤولية والقدرة على التكيف وحل المشكلات و العمل الجماعي.

و عليه أطمح إلى تحسين وتطوير التجربة لتحقيق أكبر قدر من الفاعلية والأهداف المرجوة وذلك من خلال:

– فتح مجال الاتصال بالمزيد من الأقران بهدف تبادل الخبرات بين الطالبات.
– الاتصال عن بعد بأقران في مجالات متعددة يخدم ويثري المادة العلمية (أكاديميين ومبرمجين وغيرها).
– استخدام تطبيقات ومواقع متنوعة لتعزيز عملية الاتصال بين الأقران تحت إشراف المعلمة.
– استخدام منصة تعليمية تتيح الاتصال بين الأقران من المنزل، للمساهمة في دعم المذاكرة وحل الواجبات والاستعداد للاختبارات تحت إشراف المعلمة.
– تشجيع الطالبات على استخدام التواصل الرقمي مع الأقران لحل المشكلات والحصول على الإجابات من مصادر معرفية متنوعة.
– تشجيع الطالبات على استخدام التواصل الرقمي مع الأقران لتنفيذ المشاريع والأنشطة المنهجية واللامنهجية والتي تخدم المادة الدراسية خاصة والنمو التقني عامة.

4- توصياتي لتنفيذ التجربة واعتمادها واستخدامها بشكل موسع

– اعتماد منصة تعليمية تحت إشراف وزارة التعليم، تتيح للطلبة والطالبات التواصل الرقمي فيما بينهم بما يخدم المواد الدراسية.
– اعتماد تطبيق تعليمي تحت إشراف وزارة التعليم يتيح للطلبة والطالبات التواصل الرقمي بنظرائهم لتبادل الخبرات وإثراء المادة الدراسية.
– اعتماد نماذج تدريس عن بعد في بوابة المستقبل، تتيح الاتصال بالأقران و تسمح للمعلم بالقيام بدور الموجه والميسر والمشرف على العملية التعليمية.
– توفير الموارد المادية بالمدارس لدعم نماذج التدريس عن بعد بقيادة الأقران.

على سبيل الختم

نحن في حياتنا العامة أصبحنا رقميين، ومشروع التحول الرقمي يسرع ويواكب التقدم في التقنية، وبدعم القيادة ستسهل العديد من الأمور المتعلقة بالتعلم الرقمي. وقيادة المملكة تتطلع إلى تعليم نوعي وتغيير جذري مواكب للتحديات التي تواجهها المملكة في مجال تنمية القوة البشرية وفي تأهيل الأجيال القادمة، وهي أيضاً تتطلع من خلال رؤية المملكة 2030 للمنافسة على المستوى الدولي ومواكبة كافة التطورات التي تحصل في عالم الأعمال وعالم التقنية.
و منه، نحن نتطلع إلى التحول إلى بيئة رقمية تفاعلية تعزز الاستراتيجيات التربوية وتدعم فرصة التعليم الذاتي والتعليم بقيادة الأقران للاستفادة من الخبرات المتوفرة ولتعزيز دور المعلم كموجه وميسر للعملية التعليمية.
وتجربتي هاته التي بين أيديكم محاولة لدعم التعلم الرقمي وتحقيق مهارات القرن الواحد والعشرين والمساعدة على تأهيل الأجيال القادمة تقنيا، بتنمية مهارات التكيف وتحمل المسؤولية. بهدف إعداد الطالب ليكون جاهزا للتكيف مع العالم الخارجي ومع بيئة العمل في المستقبل، بتعزيز مهارات الاتصال مع الآخرين والعمل الجماعي والقدرة على الاعتماد على الذات في حل المشكلات و في الحصول على المعرفة.

البحث في Google:





عن ريم عبد الرحيم قاري

معلمة الحاسب الآلي، حاصلة على بكالوريوس علوم حاسبات من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، حاصلة على دبلوم تربوي من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، حاصلة على المركز الأول بالمرحلة الثانوية بجائزة أهالي جدة للمعلم المتميز النسخة السادسة , حاصلة على العديد من الدورات في تطوير الذات و تقنيات التعليم، معلمة حاسب آلي بالثانوية 31 بجدة- المملكة العربية السعودية

4 تعليقات

  1. د. أيمن أصلان

    رائعة أ. ريم وبالتوفيق

  2. شكرا لك أستاذة ريم جهود موفقة ان شاء الله

  3. الاستاذ طارق

    السلام عليكم الأستاذة ريم وشكرا لك علي الجديد والمفيد ونتمني لك مزيد من التوفيق والسداد.

  4. ماشاء الله لقد حضرت الدورة المباشرة واعجبتني الفكرة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *