الاستعداد للامتحان

7 نصائح لتقوية الذاكرة و الاستعداد للامتحانات

من المتفق عليه أن قوة الذاكرة و فعاليتها مرتبطين أساسا بوتيرة استخدامها، و مدى تعرضها للتمرين المستمر، فالذاكرة -وخلافا لتمثلاتنا- ليست مساحة محدودة للتخزين، كلما زادت البيانات التي تحتفظ بها ، كلما قلت المساحة الفارغة القابلة للاستخدام، بل هي في الحقيقة تعمل بمنطق الشبكات، فكلما زادت البيانات المخزنة، كلما اتسعت طاقتها الاستيعابية و زادت معها قدرتنا على التذكر أكثر فأكثر، و هذه الخاصية ليست مرتبطة بمرحلة عمرية معينة، بل صالحة لكل الأعمار من الطفولة إلى المراحل المتقدمة من العمر.

 إذا كان الحال كذلك، فإن دفع ذاكرتنا إلى قدراتها القصوى، و خصوصا خلال مرحلة الاستعداد للامتحانات، مسألة استراتيجية و حاسمة، و تتطلب التمرين المستمر وفق منهجية خاصة، تتماشى مع الآليات التي تشتغل وفقها الذاكرة البشرية، في أفق توسيع قدرتنا على التذكر، و بالتالي توسيع آفاقنا العلمية، و تحقيق طموحاتنا الشخصية، و التي تتوقف في جانب كبير منها على مدى قدرتنا على التذكر.

 في هذا المقال، سنتطرق لمنهجية عملية لتقوية قدرتنا على التذكر، و من تم الاستعداد الجيد للامتحانات:

1- تحفيز الذاكرة

يحدث أحيانا أن تجد نفسك تتذكر بدقة معلومات محددة دون أن تكون قد بذلت جهدا يذكر لتحقيق ذلك. لكن هل تعلم أن السبب في ذلك؟ الجواب يكمن غالبا في كون تلك المعلومات تشكل في جوهرها جوابا على سؤال لطالما شغل بالك، و تمنيت لو حصلت على إجابة شافية، تروي ظمأ المعرفة لديك. بصيغة أخرى، فإن الرغبة و الاستعداد السيكولوجي لتلقي المعلومة، يشكل عاملا مهما في ترسيخها في الذاكرة بأقل مجهود. لكن إذا كان هذا الأمر يسري على المعلومات التي نكون محفزين مسبقا لتلقيها،  فماذا عن المعلومات التي نتلقاها في المدارس، و التي لا تحمل بالضرورة إجابات عن تساؤلات تشغل بالنا؟ كيف يمكن إذن استغلال ثنائية الرغبة-التذكر لاستيعاب معلومات لسنا بالضرورة محفزين لاستقبالها؟

الجواب يكمن ببساطة في خلق التحفيز و الرغبة في التعلم لحث الذاكرة على الاشتغال عن طريق محاصرة المعرفة المدرسية بمجموعة من الأسئلة التي تخرجها من دائرة المجرد إلى دائرة الملموس، و ذلك من قبيل:

1- ما هو السياق التاريخي الذي تبلورت في كنفه هذه الأفكار و المعارف؟

2- ما هو السؤال أو الإشكالية التي تسعى هذه المعرفة للإجابة عنها؟

3- كيف أثرت هذه الأفكار و المعارف في الواقع المعيش؟

و على سبيل المثال فإن استيعاب درس حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، يستدعي استحضار السياق التاريخي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و ارتباطه بنتائج الحربين العالميتين الأولى و الثانية، كما يجب البحث عن الإشكالية التي سعى هذا الإعلان للإجابة عليها، و المتمثلة أساسا في رغبة المنتظم الدولي في عدم السماح بتكرار انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال الحربين العالميتين، الأمر الذي كانت له امتدادات واضحة في الواقع المعيش، حيث أصبحت أغلب الدساتير تنص صراحة على ضرورة حماية حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، و إن كانت هذه الحماية تختلف من بلد لآخر.

 عبر هذه الخطاطة الذهنية إذن، ستترسخ المعلومة أقوى مما إذا تم التعامل معها بشكل مجرد بعيدا عن السياق و العلاقات السببية و المآلات.

2- بناء المعرفة

تعمل الذاكرة البشرية بمنطق التشبيك، حيث تقوم بإنشاء روابط بين المعلومات الجديدة التي ترد عليها لأول مرة، و المعلومات القديمة التي تم تخزينها في وقت سابق.

 في كتاب َApprendre à Réviser تعلم المراجعة ، و انطلاقا من مبدأ التشبيك، ينصحنا الكاتبان André Giordon & Jerome Saltet باتباع الإرشادات التالية لتحسين عملية فهم و استيعاب المعلومات الجديدة:

1- الانطلاق من تعلماتنا السابقة لبناء تعلمات جديدة، و هنا تنبغي الإشارة إلى أهمية مرحلة التمهيد التي تذكر المتعلم بتعلماته السابقة ذات الصلة بالدرس الجديد.

2- خلق روابط بين دروس نفس المادة و روابط أفقية بين المواد المختلفة التي تتناول نفس الموضوع لكن من زوايا و تخصصات متباينة.

3- طرح أسئلة تساعد على بناء الموضوع المدروس، و تسهيل عملية تذكره، و التي يمكن إجمالها فيما يلي:  من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ لماذا؟

3- هيكلة المعلومة

من المعروف سلفا أن المعلومات المنظمة بشكل جيد، تكون أكثر سهولة في الاستيعاب و التذكر من تلك التي تكون مبعثرة، و مفتقدة لخيط ناظم يجمع بينها. لذلك، فإن الاستعانة بأدوات الخرائط الذهنية سيكون مفيدا جدا في عملية المراجعة و الاستعداد للامتحانات، ذلك أنها تسمح من جهة بتنظيم و هيكلة المعلومات انطلاقا من فكرة رئيسية مركزية، تنتظم حولها، كما تسمح من جهة ثانية للطالب بالكشف عن العلاقات و الروابط التي تجمع بين هذه المعلومات، مما يسهل عملية الاستيعاب و الفهم و التذكر.

4- تعرف على دماغك

يختلف الأمر من شخص لآخر فيما يخص الميكانيزمات التي يتبعها الدماغ لتذكر المعلومات، فالبعض يتذكر بشكل أفضل من خلال ربط المعلومات بالصور، أو حتى بمواقعها في الكتب أو الكراسات، فيما يتذكر البعض الآخر من خلال إعادة الاستماع للدرس أو تكرار المعلومات بصوت مرتفع أو منخفض، أما البعض الآخر، فيتذكر من خلال ربط المعلومة بالحركة، فتجده حين يراجع دروسه يتحرك في الغرفة جيئة و ذهابا، أو تراه يحرك يديه في الفضاء راسما خطوطا و تموجات يعبر بها عن المعلومات التي يراجعها بطريقته الخاصة.

إن تحديد الطريقة التي يفضلها الدماغ لتذكر المعلومات لا يعني بالضرورة الاقتصار عليها وحدها و إهمال غيرها من الطرق، بل يجب المزج ما أمكن بين مختلف السجلات، البصرية منها و السمعية و الحركية، و تعضيدها برسوم بيانية، و خرائط ذهنية، و صور و غيرها من وسائل البيان، للوصول إلى أقصى درجات الاستيعاب و الفهم و التذكر.

5- تمرين الذاكرة

لترسيخ المعلومات في الدماغ، لابد من مراجعتها ثلاث مرات على الأقل:

الأولى: بعد الدرس مباشرة، و يفضل في هذا الإطار تحويل هذا الأخير إلى خرائط ذهنية ليسهل استيعابه.

الثانية: أسبوع واحد على الأقل قبل الفرض أو المراقبة المستمرة، و شهر واحد على الأقل قبل الامتحان.

الثالثة: عشية الامتحان، من خلال إعادة قراءة الملخص أو الخريطة الذهنية المنجزة مسبقا.

6- تعبئة المعلومات

ننطلق هاهنا من مقولة للعالم انشتاين، مفادها أن القدرة على التخيل أهم من المعرفة نفسها. كيف ذلك؟ إن المراجعة بشكل جيد تحتاج منك أن تتخيل نفسك في وضعية تستدعي استحضار ما قمت بمراجعته: تخيل نفسك مثلا جالسا في الفصل الدراسي و أمامك ورقة الإمتحان، أو أمام لجنة الاختبار الشفوي… فالطالب الذي يحفظ الدرس ليعرضه على أبيه أو أمه أو حتى زميله، سيجد صعوبة في استرجاعه يوم الامتحان، أو في وقت لاحق، ذلك أن الدماغ يتوهم حينها أن المعلومة التي قام باستدماجها، قد استنفدت الغرض منها، و لا حاجة للاحتفاظ بها بعد ذلك.

7- المراجعة قبل النوم مباشرة

احرص دائما على أن تكون المعلومات التي تود تذكرها هي آخر شيء تقرأه قبل النوم، و ستجد نفسك حتما تستعيدها بشكل تلقائي بعيد استيقاظك أو حتى في وقت لاحق. يمكنك أيضا تخصيص 5 إلى 10 دقائق للقيلولة بعد كل حصة مراجعة، فهذا الأمر سيفيدك بلا شك في عملية التذكر، لأنك بذلك تمنح دماغك الوقت الكافي لبناء المعلومات و خلق الروابط بينها و بين المعلومات السابقة.

و فيما يلي خريطة ذهنية لطرق المراجعة بشكل جيد للامتحان:

الاستعداد للامتحان

في الختام، ينبغي التذكير أن امتلاك ذاكرة قوية لا يتحقق بين ليلة و ضحاها، بل بالصبر و المثابرة، و المطالعة المستمرة، فإذا كان بعض الناس قد منحوا ذاكرة قوية بالفطرة، فإننا قادرون على تحقيق نتائج تضاهي ما يصلون إليه، فقط عن طريق الإرادة و الممارسة.

 

 

 


المصدر:

apprendre-reviser-memoriser.fr/comment-reviser-efficacement

 

البحث في Google:





عن د. الحسين اوباري

مستشار في التوجيه التربوي، دكتوراه الدولة في القانون العام وعلم السياسة، مدون و مهتم بالعلوم القانونية وعلم السياسة وبالتقنيات الحديثة في التوجيه والاستشارة والتعليم، عضو الجمعية المغربية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي (AMCOPE)، عضو الجمعية الأمريكية للاستشارة (ACA)، عضو مؤسس و محرر بموقع "تعليم جديد"، أستاذ معتمد من مايكروسوفت (MCE) و حاصل على شهادة متخصص مايكروسوفت أوفيس (MOS)، و عدة شهادات في تكنولوجيا الإعلام والاتصال.

4 تعليقات

  1. صلاح الدين سعدالله

    مقال مفيد… يمكن أن نضيف إلى الطرق المقترحة طريقة تعليمية قوامها تراسل الحواس

  2. مقال رائع وجد مفيد شكرآ

  3. موضع رائع جداااا . جزاكم الله خيرا

  4. بلمامون الزبير

    السلام عليكم
    يطيب لي أن أنقل عنكم إلى أعضاء منتدانا

    كل التشكرات لكم و لموقعكم الرائد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *