تربية المستقبل

تربية المستقبل : المفهوم والأهمية ومناهج البحث

هذا المقال هو المقال الأول من دراسة حول توظيف مفهوم تربية المستقبل عند إدجار موران في منهج التربية الإسلامية للكاتب د/ عبد المقصود سالم جعفر.

المقدمة

تنبع أهمية هذه المقالة من إلقائها الضوء على استشراف مستقبل التربية، فلقد أمسى استشراف المستقبل -الرؤية المستقبلية- يحتل موقعًا أساسيًا في عملية التغيير في المجتمع البشري، والإنسان هو الفاعل الرئيس في عملية التغير، كما أنه المُستهدف بالتغيير، فالغاية المستقبلية للإنسان هي المحرك الفاعل لنشاطه وهي الدافع لتطويره، عملاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا اْلَذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اْلله وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اْللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيُرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر: 18]. وتهدف هذه المقالة إلى تبيان ماهية تربية المستقبل وسماتها، ومناهج البحث التربوي المستخدمة فيها، والتحديات التي تواجهها، والمتمثلة في المتغيرات الحادة -التي تلقي عبئا جمًا على التربويين في ضرورة إعادة النظر في مسؤولياتهم وطرقهم في تهيئة الأجيال- التي ينطوي عليها المستقبل، وما تفرضه هذه التغيرات من تحديات تُحدث وستُحْدِثُ هزات عنيفة في منهج التربية.

future-of-educ-1

يأخذ التفكير في المستقبل -في يومنا الحاضر- حيزاً كبيرا، ويحمل من الخوف والتردد أكثر مما يحمل من البشائر والآمال، وإذا كانت أبعاد الزمان الثلاثة تعتبر كائنا موضوعيا واحدا، يتواصل فيه الماضي بالحاضر، وينتقل الحاضر عبر ديناميكيته المتواصلة نحو المستقبل، فإن القرن الماضي مازال يرمي بظلال مشكلاته أمام القرن الجديد مُشكلاً بذلك عائقاً في وجه البشرية يرتفع يوماً بعد يوم، من خلال ما تخلفه المشكلات المحيطة بالإنسان، لذا فإن الاهتمام بمستقبل البشرية يلقى رواجاً كبيرا لدى العلماء والباحثين والسياسيين. ولا شك أن مثل هذا الاهتمام بالمستقبل لا يمكن معالجته إلا من خلال رؤية واضحة لما يريد الإنسان من مستقبله، ومدى تأثيره في هذا المستقبل، وأدوات هذا التغير والتوقعات المؤملة من ذلك، كما أن العالم لن يكون قادراً على تحقيق تطوره، لو لم يدرك ويهتم بعلوم المستقبل.

1- تربية المستقبل

وتعد عملية استشراف المستقبل عملية ملازمة للإنسان منذ بداية الخليقة، ولكن الفرق بين عمليات استشراف المستقبل في الوقت الحالي وبين المراحل الأولى في حياة البشرية، أن عملية الاستشراف في الوقت الحالي تقوم على وقائع ملموسة وبطريقة علمية، وليس كما مضى حيث كانت تقوم على الخيال، ومن ثم التنبؤ. فالاستشراف هو نوع من الفعل الإيجابي -لا ينتظر وقوع الحدث- الذي قد لا تظهر نتائجه في الحال، كما أنه يساهم في التطوير والإضافة من خلال استحضار بدائل متعددة للتعامل مع هو آت، فاستشراف المستقبل هو نوع من الفعل، وانتظار حدوث المستقبل فقط هو نوع من -الفعل السلبي- رد الفعل، وشتان بين الفعل ورد الفعل، بين من ينتظر ما يأتي به المستقبل، ومن يسارع نحو المستقبل مستخدماً أدوات المستقبل وآلياته. فعلم المستقبل اليوم يسعى إلى اكتشاف أفضل الظروف والإمكانات والطرق والوسائل التي تُمكن المجتمع -أي مجتمع- من المجتمعات من الوصول إلى أهدافه التي يبتغيها في المستقبل.

فجزء كبير من المستقبل يتحدد بما يُفعل ويُخطط له اليوم، وذلك لأن المستقبليات لم تعد تصدر عن نبوءات، وإنما عبر تخطيط لتحويل المستقبل المرغوب فيه إلى مستقبل ممكن التحقيق. فاستشراف المستقبل ضرورة لبناء الفرد والمجتمع معاً، وتطورهما في شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية، فالمجتمع غير القادر على رسم خطوات المستقبل سيغوص في هموم حاضره، وسينحصر في ثقافة الماضي، ومن ثم يكون للتأخر رهينة، وهذا ما تبدو عليه الكثير من المجتمعات. وقد دفعت الرغبة في الاهتمام بالمستقبل العلماء للتفكير فيه، وكان أول من توصل إلى اصطلاح دراسة المستقبل هو العالم الألماني أوسيب فلنختاهيم في سنة 1930 تحت مسمى Futurology.

 1- مفهوم تربية المستقبل

استشراف المستقبل حقيقة راسخة في الجِبِّلة الإنسانية، وقد لازم الإنسان منذ نشأته الأولى، فقد ذكر القرآن الكريم مدى رغبة آدم عليه السلام في -أن يعيش المستقبل- الخلود، رغم التحذير الذي تلقاه بعدم الأكل من الشجرة، والعلم بالمستقبل -الرؤية المستقبلية- يحتل موقعا أساسيا في عملية التغيير في المجتمع البشري. وأن الإنسان هو الفاعل الرئيس في عملية التغير هذه، بل هو أساس التغيير، والإنسان يمارس دوره التغيري من خلال عنصرين هما الفكرة والإرادة، والفكر يمثل الغايات التي يسعى إليها الإنسان إلى تحقيقها، وهي غايات مستقبلية، فهي غير قائمة من الناحية الواقعية، ولكنها موجودة في ذهن الإنسان، وهذا الوجود الذهني، أي المستقبل يشكل الدافع والمحفز لحركة الإنسان، أي لحركة التاريخ.

فغاية التربية هي العمل على إيصال الإنسان إلى كماله البشري، فإذا كوَّن الإنسان صورة مستقبلية لنفسه أو لمجتمعه، أو للبشرية كافة، وتوفرت له الإرادة لتحقيق هذه الغاية، كانت هذه الغاية المستقبلية هي المحرك لنشاطه وهي الدافع لتطويره. إذن، فالإنسان مطالب بأن يمتلك صورة مستقبلية توضح له معالم هذا المستقبل، لكي يتسنى له النظر إلى المستقبل -أو الغد بالتعبير القرآني- من خلالها، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا اْلَذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اْلله وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اْللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيُرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر: 18]. وتطالب هذه الآية المؤمنين بتقوى الله، والنظر إلى الغد بالنظر العلمي القائم على المعطيات الملموسة، وهنا يصبح الغد حاضراً في اليوم، بل إن العمل من أجل الغد هو مقياس لتقوى الله في اليوم، وقيمة اليوم هو فيما يقدمه للغد.

وعلوم المستقبل أو المستقبليات -بصفة عامة- هي التي تعمل على استشراف المستقبل من خلال اجتهاد علمي منظم، وتهدف إلى صياغة مجموعة من التنبؤات المشروطة، والتي تنطلق من بعض الافتراضات الخاصة حول الماضي والحاضر، لاستكشاف أمر دخول عناصر مستقبلية على المجتمع أو على الظاهرة المعنية. وأما استشراف مستقبل التربية، فيعرفها صائغ بقوله: “أنها مجموعة المبادئ والأسس والممارسات والعمليات التي يتم بموجبها مواءمة الأنظمة التربوية والتعليمية لتستجيب بكفاءة وفعالية لمتطلبات العولمة وتحدياتها السياسية والاقتصادية والتقنية والحضارية.” ونتفق مع صائغ في رؤيته؛ إلا أننا نخالفه في الغاية التي من أجلها يُستشرف المستقبل، فهي عنده، تقف عند الاستجابة لمتطلبات العولمة، وعندنا أنها هي استجابة للتحديات التربوية المحتمل حدوثها، ومنها تحديات العولمة. فالاستشراف التربوي رؤية نقدية مستقبلية واعية للمتغيرات العالمية والمحلية في جميع مجالات الحياة، ومن خلاله يمكن التعرف على طبيعة التحديات المحتملة وتأثيراتها المباشرة على التربية، وتحديد الإمكانات والخيارات المتاحة لمواجهة التحديات والتغلب على المعوقات، والتمكن من تطوير العمل التربوي بما يتناسب مع مطالب التنمية واستدامتها في المستقبل.

future-of-educ-2

2- أهمية تربية المستقبل

من أبرز خصائص الوقت الراهن ظاهرة العولمة بجميع أبعادها، والتي من أبرز صفاتها تراكم الرصيد المعرفي للبشرية نتيجة للتغير الذي حدث في كيف وكم المعرفة في العقود المتأخرة من القرن الماضي، فمن الناحية الكمية، فقد تضاعفت المعرفة البشرية في حوالي خمسة عشر عاما في بدايات القرن الماضي، ثم انخفضت هذه المدة إلى خمس سنوات. وكان تطور تكنولوجيا المعلومات وثورة المعلومات من أبرز جوانب العولمة تأثيرا، وهو ما دفع العلماء والمفكرين إلى الاهتمام بالمستقبل ومحاولة دراسته. وتبرز أهمية دراسات استشراف مستقبل التربية في كونها الباب الرئيس لتطوير وتنمية المجتمع -أي مجتمع- الذي يصبو للتقدم، فالاقتصاد والسياسة والاجتماع والتنمية وغيرها من جوانب الحياة لا تقوم إلا على عنصر أساسي واحد هو الإنسان الذي لا يمكن إعداده إلا من خلال التربية، فبمقدار الاهتمام بتربية الإنسان يكون الاهتمام بالمستقبل.

والتربية سواء بصفتها متغيراً تابعاً للتحول المجتمعي، أو محركاً أولياً لهذا التحول، هي بحكم دورها وطبيعتها أكثر جوانب المجتمع عرضة للتغيير، وبناءً على ذلك فالمتغيرات الحادة التي ينطوي عليها المستقبل، وما يفرضه من تحديات َستُحْدِثُ بالضرورة هزات عنيفة في منظومة التربية: فلسفتها وسياستها ودورها ومؤسساتها ومناهجها وأساليبها، وهذه التغيرات الحادة تلقي العبء على التربية والتربويين في ضرورة إعادة النظر في مسؤولياتهم وطرقهم في تهيئة الأجيال، واستشراف آفاق المستقبل للإعداد لها، وإيجاد صيغة مقبولة متوازنة للنظام التربوي باعتبار أن التخطيط التربوي السليم يقتضي تطويرا متوازنا ومتفاعلا لجميع عناصر العملية التعليمية. فلا مستقبل بدون تربية، ولا تربية بدون النظر في كل من حاجات المتعلمين ومتطلبات المجتمع المستقبلية، والأمم التي تعي هذه الحقيقة وتعترف بها تعمل من أجل الإعداد لهذا المستقبل، وتصبح التربية هاجسها الأول وهدفها الرئيس، ومؤلها الذي تؤول إليه كلما ألم بها أمر أو واجهتها مشكلة، وتصبح حريصة على نوعية التعليم الذي يتلقاه أبناؤها، وتبحث لهم عن التقدم الحاضر في ميدان العلم، وتسعى من أجل رفع مستوى التعليم الذي يلحقون به، لأن الإنسان هو أداة التغيير في الحاضر وفي المستقبل.

وللوصول لهذا البناء المستقبلي، فلابد أن لا يُحصر منهج التربية الإسلامية في قوالب جامدة تعوق حركته، ولا ينبني على أحكام مبرمة لا نقض لها، وإنما يُبنى على قواعد كلية يمكن تطبيقها على ما يجِّد من حوادث، كما أنه لا يتبنى الرفض المطلق لكل ما هو جديد. وعلى ذلك، فالتربويون المسلمون يجب عليهم أن يستفيدوا من تجارب التطبيق -التي قدمها الآخر- مع ما يتفق من قواعد الإسلام الكلية بروح مستقبلية حية. وإذا كان لابد من التجديد والتغيير فإنه لا يصح أن يناقض الأصالة والاستمرارية، فليس من أجل التواصل والتفاعل مع الآخر أن تطمس الهوية، وأن تنمحي الشخصية الشاملة، وإنما تبدو أهمية التربية الإسلامية المستقبلية في إظهارها للتجارب التربوية الأخرى في صور جديدة هي بالنسبة إلى الإسلام عالمه الواسع. فالإسلام من أول أمره، طوى أبعاد الزمان بتصديقه لما سبق، وإكماله له، كما طوى البعد المكاني بين الأجناس والألوان لما جمعها في مسجد المدينة، ولم يفرق بينهما على أساس تأكيده وحدة الأسرة البشرية، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اْتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً﴾ [النساء: 1]. بل إن المُسلم يتعبد الله سبحانه وتعالى باستقراء الغيب، وعليه أن لا يكف عن تكثيف احتمالات الرشد والنماء في مستقبل الأيام، وذلك عن طريق تثمين الواقع وتقويم قصوره، ثم بتطوير نظام تربوي يكفل نقل الخبرة إلى الأجيال الناشئة، فتتهيأ الأجيال بذلك لحسن الأداء في الزمان الذي سوف تعيشه هذه الأجيال.

ولترجمة بناء الرؤية المستقبلية في ميدان التربية، لابد من صياغة سياسات تفصيلية في ضوء هذه الرؤية، وأهم هذه السياسات صياغة رؤية عامة من خلال حشد الالتزام المجتمعي لجميع مؤسسات المجتمع سواء الرسمي منها أو المدني في تحديد فلسفة، وغرض، ووظيفة التعليم في المستقبل. ذلك أن بناء البشر القادرين على الاضطلاع ببناء الرؤى المستقبلية -الذين هم حجر الزاوية في الاهتمام بالمستقبل- يتطلب اشتراك جميع مؤسسات المجتمع سواء الرسمي منها أو الشعبي، إضافة للمشاركة الجماعية. كذلك، فإن تحقيق هذه الرؤى المستقبلية من خلال التربية الإسلامية يتطلب عدم الاقتصار على التنمية المعرفية للإنسان فقط، ولا بُنية عقله الفكري، ولا إكسابه المهارات التكنولوجية، وإنما يتعدى ذلك إلى صياغة تربوية إسلامية شاملة للإنسان وفق مقتضيات العصر ومستجداته المستقبلية، وبناءاً على التصور الإسلامي.

ومما سبق يتبين أهمية دراسة مستقبل التربية لأنها السبيل الوحيد لإعداد الإنسان القادر على الحفاظ على هويته، والمعتز بانتمائه، والقائم بصيانة المكتسبات الحضارية التي حُققت على مر العصور، كذلك، ومن خلال الاهتمام بمستقبل التربية الإسلامية يمكن زيادة معدلات التنمية من خلال الاستثمار الأمثل للثروة البشرية، كما أن وجود هذا الإنسان -الذي تربى على هذا التصور المستقبلي- سيساعد على إشاعة ثقافة التعاون بين بني البشر، كما أنه سوف يكون قادرا على نبذ ثقافة الفرقة والنزاع، كما أن الاهتمام بدراسة مستقبل التربية سوف يساهم بفاعلية في تطوير الإبداع العلمي، والتطور التقني، وازدهار الحضارة.

     إن أهمية استشراف مستقبل التربية ينبع من الاهتمام بالإنسان نفسه، حيث أن الحياة على كوكب الأرض لا تقوم إلا به، ومن ثم لزم الاهتمام بتربيته، وتربية الإنسان أكثر الجوانب عرضة للتغيير، وتغييرات عالم اليوم سريعة متلاحقة، ومن ثم يجب على القائمين على أمر التربية النظر في النظام التعليمي برمته -فلسفة التربية وسياستها ومؤسساتها وقيادتها التربوية- نظرة مكافئة لتحديات المستقبل. ومنهج التربية الإسلامية مُطالب قبل غيره بسبر أغوار القادم بالعمل على تطوير استراتيجيات تربوية واستنباط آليات للتعامل مع هذا القادم، كما أن عليه التعامل مع الآخر ليس برفضه لتجارب الآخر بحجة المحافظة على الثوابت، ولكن بالتفاعل البناء. والسبيل إلى ذلك هو، أن يقوم المنهج الموحد للتربية الإسلامية في التعليم العام بإدماج مفهوم وقيمة الوعي بالمستقبل في مقرراته الدراسية وأنشطته التربوية التعليمية. إن منهج التربية الإسلامية هو الأقدر على حمل مفهوم تربية المستقبل إلى المتعلمين، باعتبار أنه قادر على تقديم البدائل التربوية المكافئة لتحديات المستقبل، فدوره يتعدى حدود الرصد لتلك التحديات، فهو مُشخص -متوقع- للقادم، سواء كان من داخل المجتمع المسلم، أو من خارجه، بالإضافة إلى أنه مُعالج له، ولكي يحقق منهج التربية الإسلامية أهداف المستقبل في تنمية الوعي بالمستقبل لدى المتعلمين، ونشر ثقافة المستقبل بين أفراد المجتمع المسلم، لابد له أن يأخذ في الاعتبار عنصري حاجات المتعلم ومتطلبات المجتمع المسلم، فإغفال الأول يؤدي إلى تشوه في بناء الشخصية، وإغفال الثاني يُيقي المجتمع في دائرة التخلف.

تربية المستقبل

3- مناهج البحث الاستشرافي

تتقيد مناهج البحث الاستشرافي -الدراسات المستقبلية- بعدة محاور مثل دور المشيئة الإلهية والإرادة البشرية، ونمط الدورة التاريخية واتجاهها من حيث التراجع أو التقدم، كما أنها تحوي عنصر المفاجأة، وبالتالي لابد أن تشمل المقالة المستقبلية في أي منهج لها كل التطورات المحتمل حدوثها بغير مقدمات، وعلى الدراسات المستقبلية أن تفرق بين متغيرات تجري تلقائياً وفق معدل محسوب ومتغيرات غير طبيعية، ويجب على الباحثين في شؤون المستقبل أن يضعوا في حسبانهم كلا النوعين من العوامل. “والواقع أن علماء التربية في استخدامهم للمستقبليات قد أكدوا على أن استخدام أساليب المقالة المستقبلية في تخطيط النظم التعليمية يساعد على تحقيق مفاهيم الكفاية والفاعلية للموارد البشرية والمالية، ويسهم في ترشيد القرارات فيما يتصل بالزمن والتمويل. ” وتنقسم التقنيات الأساسية للمناهج المستخدمة في المستقبليات إلى:

أ. أساليب بحوث العمليات (تحليل النظم، البرمجة)

ب. أساليب التنبؤ التكنولوجي (السيناريوهات، ودلفي)

ج. أساليب التخطيط (المحاكاة، وشبكة برت)

 

وفيما يلي نعرض لاثنين من أساليب التنبؤ التكنولوجي لهذه التقنيات:

أولاً: السيناريوهات

وهي طريقة تعتمد على جمع المعلومات اللازمة عن الواقع الحالي، ثم افتراض امتداد تكرار هذه المعلومات بوتيرة واحدة، ثم وضع احتمالات للمستقبل، وكل احتمال يكون له ردود أفعال وانعكاسات وله طريقة معالجة. ويمكن ترجمة السيناريو على هيئة شجرة متفرعة، ولكل فرع فترة زمنية محدودة، فالفروع الكبيرة تمثل المستقبل القريب، والفروع الأصغر تمثل المستقبل الأوسط، ثم الفروع الصغيرة تمثل مستقبلا أبعد، وهكذا.

والخطوات الرئيسة لبناء السيناريو تتلخص في الآتي:

أولاً: تحديد الأغراض ومجال الوقت، وذلك لأن الهدف من وضع السيناريو هو الأساس في تحديده.

ثانياً: اختيار العناصر، فعادة السيناريو تحكمه خمسة عناصر: العناصر الاجتماعية، والتكنولوجية، والسياسية، والاقتصادية، والأيكولوجية، كما أن مدى السيناريو والمدة الزمنية ضروريان في بناء التخطيط.

ثالثاً: ثم تأتي مرحلة إتاحة الاختيارات، فيوضع لكل احتمال عدة اختيارات كردود أفعال لهذا الاحتمال.

رابعاً: طرق تصميم السيناريو، وهي إما كمية، وفيها يُركز على الجوانب الكمية والتعبير عنها بالأرقام، وإما الكيفية، ويعبر عنها بالأحكام القيمية.

خامساً: إنتاج السيناريو، فلكل موضوع دراسة عدة سيناريوهات، ولكل سيناريو حوادث محددة بزمن معين.

ثانياً: طريقة دلفي

إذا كان المستقبل هو كل شيء متوقع حدوثه، فإن القيمة الجوهرية لطريقة دلفي أنها مصممة للحصول على أكثر التوقعات دقة، وأبعدها تأثيراً بالنظرة الذاتية، أو الضغوط السياسية، أو الالتزامات العقائدية، فأسلوب دلفي هو منهج حدسي يستهدف تنظيم وصقل وزيادة الإجماع حول موضوع معين في المستقبل بين مجموعة من الخبراء ذوي اتصال وثيق بموضوع التنبؤ.

ويستخدم أسلوب دلفي في الحالات التالية:

  • عندما تستعصي المشكلة محل المقالة على وسائل التحليل التقليدية.
  • عندما يكون هناك احتياج لفريق من المتخصصين الذي يصعب عليهم الالتقاء وجهاً لوجه.
  • عندما يكون الأشخاص المطلوب مشاركتهم يمثلون خلفيات وتخصصات مختلفة.

ويتميز أسلوب دلفي بالخصائص التالية: يؤدي لاستخلاص المعلومات بدون قيود جغرافية، وسهولة إدارته. أما باب انتقاده، فيأتي من أنه لا يوجد له إطار نظري مقارن توجه على أساسه التساؤلات.

     أما طريقة تنفيذه، فمن خلال الشروط التالية:

أولاً: المجهولية، أي عدم معرفة الخبراء المشتركين في التنبؤ ببعضهم البعض، وبالتالي يمكنهم الإدلاء بآرائهم في حرية وموضوعية.

ثانياً: الجمع بين أسلوب المؤتمر والانتخاب، ولكن دون أن يتقابل الخبراء مع بعضهم البعض.

ثالثاً: التحليل الإحصائي الكمي لنتيجة الاختبار.

رابعاً: التغذية الراجعة المركزية.

وتتلخص خطوات تنفيذ أسلوب دلفي فيما يلي:

أولاً: يقوم المشرف على تنفيذ هذا الأسلوب بتحديد الخبراء الذين يصلحون للاشتراك في المقالة، ويُعلمهم بالإجراءات بدون معرفتهم لبعض.

ثانياً: بعد تفريغ نتائج الاستبيان الأول، وبيان أقصى درجات الاستجابة، يُعاد إرسالها إلى الخبراء لبيان أسباب تعديل الآراء.

ثالثاً: تكرر الخطوة السابقة لثلاث أو خمس جولات، ثم تصمم نتيجة الاستبيان بحيث يكون هناك إجماع على التنبؤ ما بين 70% و 90% من الآراء.

     وهنا يلزمنا التأكيد على أهمية أن يستخدم مطورو منهج التربية الإسلامية لمنهجية مكافئة حال تطوير منهج تربية إسلامية في المستقبل، ولعل استخدام المنهجية المكافئة هو السبب الرئيس وراء نجاح الدول المتقدمة، فالتجربة اليابانية حققت نجاحًا ملحوظًا لاستخدامها منهجية مكافئة، ويقول الراشد: “ إن الحقائق العلمية قد تجاوزت مرحلة الاختبار، إلى استثمار الحقيقة العلمية صناعياً في إنتاج واسع تحتاجه عملية الاستهلاك البشري العام، ثم إسالة هذه الحقائق العلمية اجتماعياً، ليفهمها الناس كلهم، ويتجانسوا مع معطياتها، وليتدربوا عليها، فتكون ضمن أجزاء حياتهم العملية اليومية في عمليتين متزامنتين، بينهما معادلة يكون التأثير فيها متبادلاً سائراً في الاتجاهين المتعاكسين معاً.” ومن ثم، فإن على مطوري منهج التربية الإسلامية أن يُضيفوا مناهج البحث الاستشرافي إلى مناهج البحث المستخدمة حالياً، وهذا من شأنه المساهمة في تحقيق الأهداف السلوكية والمهارية، بجانب الأهداف المعرفية. وبهذا تساهم المنهجية المستخدمة في تحقق الأهداف المعرفية والسلوكية والمهارية، وهذا من شأنه أن ينمي الوعي بالمستقبل عند المتعلم، ويتربى على بناء رؤيته للمستقبل، ويساهم في تنمية طموحه، ومن إعلاء قيمة العمل لديه، وتجذير الأمل في نفسه، ويترتب على ذلك أن الوعي الجماعي للمجتمع سوف ينمو، مما يُساهم في تأصيل علوم المستقبل في ثقافة الشارع المسلم.

4- خصائص المنهج الاستشرافي

يعتبر منهج الاستشراف منهجا مركبا يهتم بتحليل المستقبل، فيقوم بإجراء مجموع من التنبؤات المشروطة أو السيناريوهات التي تفترض الواقع تارة، والمأمول فيه تارة أخرى، وحتى تتحقق الرؤية الاستشرافية في أي دراسة لابد من اتباع منهج يتسم بالخصائص التالية:

أ. الشمولية

لابد أن تتسم منهجية استشراف المستقبل بالشمول، فهي تعني بحث الآفاق المختلفة لمستقبل الظاهرة محل البحث، والعمل على معالجة الجزئيات ضمن الإطار الشامل من خلال التفاعل مع جميع الأبعاد، وكذلك تعمل هذه الشمولية على الغوص في عمق كل جوانب المقالة جميعها، “فإن المنهج المختار يجب أن يسمح بالتعمق بالقدر الكافي في كل جوانب الحياة الإنسانية، اقتصادية كانت أو اجتماعية أو سياسية أو مادية، محققاً توازناً بين هذه الجوانب لئلا يطغى أي منها على الآخر، وهو بذلك يتجاوز المناهج التي ركزت على الجوانب المادية، وما يتصل بها من أبعاد اقتصادية”.

     ومثالاً على أهمية الشمولية، فإن تنشئة اليوم يشارك فيها الوالدان ووسائل الإعلام المختلفة والنادي والشارع والأقارب وغيرهم مما لا يصلح معهم أن ينعزل أحدهم عن الآخر، وأصبح كل منهم يقدم ما لديه دون النظر إلى إن كان ذلك يتكامل أو يتعارض مع ما يقدمه الآخر، وأصبح كل واحد يشكو من الآخر، مما أنتج ما يسمى بالتعليم المجزأ. فلذلك  تتطلب تربية المستقبل من العمل بصفة مجتمعية من جميع الأطراف ذات العلاقة بالعملية التربوية، وأن لا ينفرد طرف من أطراف المجتمع بتحمل المسئولية بصورة منفصلة، ومن ثم يتحقق عنصر التكامل بجانب عنصر الشمول، فيتخلص ميدان البحث في مجال تربية المستقبل من أحادية النظرة ابتداء. وبناء على هذا، فإن منهجية البحث في مستقبل التربية لابد أن تتعرض لجميع جوانب الظاهرة -أي ظاهرة- سواء المباشر منها أو الغير مباشر.

تربية المستقبل

ب. تجنب التحيز

في العلوم الإنسانية، هناك نوعان من التحيز، الأول: هو التحيز المعيب، والذي يأتي من سوء قصد الباحث -أو الباحثين- من خلال تحديد النتائج سلفاً، والثاني: هو تحيز يصعب تجنبه، وهو انحياز الباحث أو الباحثين لفكر بعينه، أو رؤية بذاتها. “وفي هذا فإن منهجية الاستشراف المختارة يجب أن تتجنب التحيز المسبق الذي قد يكون لدى فريق البحث نحو صورة بعينها لما يعتبر مستقبلاً أفضل، وذلك لسببين: الأول، أن قبول هذا الاعتقاد المسبق ينفي العملية الاستشرافية ذاتها، فهو انطباع حسي لا يستند إلى أي أساس علمي، كما أن عملية الاستشراف ذاتها لم تتم، ولم تعرض البدائل المتاحة والمقارنة بينها. والأمر الثاني، أن الوظيفة البحثية تختلف عن الوظيفة المشاركة المباشرة في الفعل الإنساني، وبالتالي، فإنها يجب ألا تفرض مسبقاً اختياراً أو تفضيلاً معيناً على الآخرين، بل عليها أن تبصر القائمين بالفعل، بما تعنيه الخيارات الممكنة من غنم، وما تنطوي عليه من غرم. ويؤكد سامح جاد على أهمية الحياد في دراسة المستقبل بقوله: “ومن أجل الحيادية في قراءة المستقبل علينا تجنّب الأفكار المسبقة، أو الاندفاع لرؤية بعض الأمور التي تناسب أفكارنا، وتجاهل أو نبذ الأخرى التي تزعجنا”.

ج. الجمع بين الأسلوبين الكمي والغير كمي

تختلف مناهج البحث في العلوم الإنسانية عن مناهج البحث في العلوم الطبيعية والرياضيات، فالعلوم الطبيعية تدرس الكائنات الحية، ومناهج البحث فيها تعتمد على الملاحظة والتجريب، وعلى الاستقراء العلمي في الوصول إلى قوانين كلية تفسر الظاهرة محل المقالة. وهذا غير منهج الاستنباط المستخدم في علوم الرياضيات الذي يستخدم الأساليب الكمية، والذي ينطلق من أنساق فرضية استنباطية. أما البحث في ميدان التربية عموما، فهو باب من أبواب الدراسات الإنسانية التي تختلف عن الدراسات الطبيعية أو الرياضية، “فالدراسات الإنسانية هي تلك التي تدرك العالم على أنه ينطوي على معان، وتتلون معرفتها بتلك المعاني”، ولذلك فمناهج البحث في الدراسات الإنسانية يجب أن تعتمد على الفهم الجيد لكل موقف أو سلوك أو تصرف أو تعبير إنساني في إطار سياقه الخاص، وبقية السياقات المساندة له أو المتشابكة معه، والذي يستحيل فهمه بدون فهمها كخلفية له، ودون أن نعرف ما لها من مقاصد وأهداف وغايات، وهو الذي يعوض عدم إمكانية تطبيق مناهج العلوم الطبيعية أو الرياضيات في مجال الدراسات الإنسانية.

     وفي مجال الدراسات المستقبلية عمدت بعض الدراسات إلى إنشاء ما أصبح معروفاً باسم “النماذج القياسية”، والتي اسُتبعدت بعد ذلك بحلول “النماذج العالمية” -نظراً لأن الأنساق التي بنيت عليها النماذج القياسية عن حركة المستقبل لا تجد حالات ترجع إليها لاختبار اتساقها- التي أضافت قدرات أوسع في بناء مشاهد مستقبلية بديلة تتجاوز الحيز الضيق الذي تحدده النماذج القياسية التي تتقيد بديناميات الماضي وعلاقاته، غير أن النماذج العالمية بقيت عاجزة عن استيعاب الجوانب غير الكمية. ومما سبق، فإن مناهج البحث في الدراسات المستقبلية عليها الأخذ بكل من الأساليب الكمية وغير الكمية.

تربية المستقبل

د. الترابط بين الأنساق

إن منهج استشراف المستقبل يجب ألا يسعى لبناء نسق وحيد شامل في كل دراسة -أي دراسة-  فهذا يُصعب من معالجة كل الجوانب، وكذلك على الباحث أن لا يستخدم ويعمم نفس أدوات التحليل -التي تناسب جانبا من الظاهرة دون جانب آخر- على كل جوانب المقالة، بل عليه أن يستخدم أنساقاً فرعية يتكيف كل منها مع جوانب الظاهرة التي يُعالجها، ثم إيجاد نسق ترابطي يصل ما بين هذه الأنساق الفرعية، ويسمح لها بقدر من التفاعل فيما بينها. ويستلزم الترابط بين الأنساق الجمع بين العديد من الأدوات التحليلية المختلفة والمناسبة لجميع جوانب الظاهرة محل المقالة، ووجود نسق ضابط للإيقاع بين الأنساق الفرعية.

وهنا تبدو إشكالية في كيفية رسم نسق واحد آني -يجمع بين الأنساق الفرعية- لمجمل مستقبل التربية، وذلك لصعوبة التوافق بين الأنساق الفرعية، ومتطلبات تعديلها، ومثال لذلك، إذا أخذنا تطوير منهج التربية الإسلامي جغرافياً -أي دراسة تطوير منهج التربية الإسلامية في أقطار الإسلام- نجد أن أمة الإسلام موزعة على بقاع جغرافية شتى، فمنها التي تجمعها ثقافات متقاربة مثل مجتمع الخليج العربي مثلاً، ومنها ما يمثل أقلية مثل مسلمي أوروبا، ومنها ما يمثل مجتمعات ذات أغلبية مسلمة، ولكنها غير ناطقة بالعربية مثل مسلمي إندونيسيا وماليزيا. فالخروج من هذه الإشكالية يكمن في تقسيم المقالة – دراسة تطوير منهج التربية الإسلامية في أقطار الإسلام مثلاً- إلى دراسات جزئية، تختص كل دراسة منها ببقعة جغرافية محددة يكون التقارب فيما بينها أكثر من الاختلاف، ويكون لها نسق خاص بها. ومثال آخر على ذلك، فإنه في حال القيام بدراسة صياغة أهداف منهج التربية الإسلامية موحدة لكل بلاد الإسلام، فبديهي أن تقوم أهداف المنهج على حاجات المتعلمين ومتطلبات المجتمع، وحاجات المتعلمين ومتطلبات المجتمع تتباين من قطر لآخر، ومن إقليم لغيره، ومن مجتمع ذو أغلبية مسلمة لآخر ذو أقلية مسلمة، ومن ثم فإن الحل للخروج من هذه الإشكالية يكون في تقسيم الظاهرة محل المقالة إلى دراسات جزئية تكون كل دراسة من هذه الدراسات الجزئية دراسة منفصلة عن باقي الدراسات، وأن يكون لكل دراسة فرعية نسق خاص بها.

ذ. استخدام أسلوب المحاكاة

يتميز أسلوب المحاكاة في استخدامه واستيعابه لعدد من الأساليب الكمية وغير الكمية، فكتابة المشاهد والتفاعل بين النسق الكمي من ناحية، والتحليل والخبرة للغير كمي من ناحية أخرى، تُمكن من إيجاد منهجية تستوعب الأساليب الحدسية والاستكشافية، مما يُساعد في الوصول إلى سيناريوهات متابينة للممكن والمحتمل للظاهرة محل المقالة. بل إن أسلوب المحاكاة يُبرز التفاعلات مع الآفاق العالمية المتوقعة أيضاً، ومن ثم يمكن التعرف على سيناريوهات مستقبلية مختلفة دون إغفال للعوامل العالمية والإقليمية ذات الصلة، ويلي ذلك المقارنة بين التكلفة والعائد لكل سيناريو، وعند ذلك تنمو القناعات في اختيار وتفضيل سيناريو دون آخر، ومن ثم تُهَيّئ وتُحَفّز القوى الفاعلة للعمل وفق هذا السيناريو المُختار. والتربية بصفة عامة هي عملية تغيير اجتماعي عميق طويل المدى، كما أن للإطار الزمني دور رئيس في تطوير السيناريوهات التربوية المستقبلية، لذا ينبغي أن يتسع ذاك الإطار لأفق زمني يتجاوز كثيراً المدى المتعارف عليه في التخطيط التربوي، والسبب في ذلك أن تطوير المنهج التربوي -في ظروفه العادية- يأخذ بضع سنوات حتى يؤتي ثماره، والتخطيط التربوي المستقبلي يستلزم مدى زمنيا أطول.

     ومما سبق، يتبين أن خصائص المنهجية المستخدمة في استشراف المستقبل تختلف عن غيرها، فمثلاً: من سمات منهجية البحث في تربية المستقبل أنها تجمع بين الأسلوبين الكمي و غير الكمي؛ بينما لم تخرج خصائص مناهج البحث المستخدمة في ميدان التربية الإسلامية عن الوصف، والتحليل، والتأريخ، والاستقراء، والنقد، والمقارنة، فهي خصائص مغايرة لخصائص المنهجية المستخدمة في استشراف تربية المستقبل. وهذا ما تؤكده دراسة عبد الرحمن النقيب. وبمقابلة خصائص المنهجية المستخدمة في دراسات التربية الإسلامية -الوصف، والتحليل، والتأريخ، والاستقراء، والنقد، والمقارنة- مع خصائص منهجية البحث في تربية المستقبل، يتبين مدى حاجة الدراسات المستقبلية في ميدان تطوير منهج التربية الإسلامية إلى الأخذ بمنهجية مكافئة ذات خصائص مناسبة، مثل: الجمع بين الأسلوب الكمي والغير كمي، ومن ثم تجتمع مزايا منهج البحث التحليلي الوصفي والتحليلي الكمي.

 

 


المصادر والمراجع

1) الباتع، حسن محمد عبد العاطي. كلية التربية قسم تكنولوجيا التعليم. جامعة الإسكندرية.  ttp://www.informatics.gov.sa/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=201

2) الراشد، محمد أحمد. منهجية التربية الدعوية. فان كوفر: دار المحراب للنشر والتوزيع. ط3. 1424هـ.

3) النقيب، عبد الرحمن عبد الرحمن. من آفاق البحث العلمي في التربية الإسلامية: بحوث في التربية الإسلامية.

4) جاد، سامح. إدارة المستقبل. htm58-5767http://islamtoday.net/nawafeth/artshow-

5) حارب، سعيد عبد الله. مستقبل التعليم وتعليم المستقبل. أبو ظبي: المجتمع الثقافي. د. ط، 1422هـ/2001م.

6) حسيب، خير الدين. وآخرون. مستقبل الأمة العربية: التحديات والطموح. بيروت: التقرير النهائي لمشروع استشراف مستقبل الوطن العربي، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية. ط1. 1988م. ص77-78.

7) زكريا، فؤاد. التفكير العلمي. الكويت: سلسلة عالم المعرفة. عدد مارس 1973م. ص195.

8) صائغ، عبد الرحمن بن أحمد محمد. تربية العولمة وعولمة التربية: رؤية استراتيجية تربوية في زمن العولمة. (ورقة عمل مقدمة إلى ندوة العولمة وأولويات التربية التي تنظمها كلية التربية–جامعة الملك سعود). (د. ن) (1425هـ/ 2004م).

9) كامل، عبد العزيز. الإسلام والمستقبل المتجدد. الكويت: اللجنة التحضيرية العليا لمؤتمر القمة الإسلامي الخامس-اللجنة الإعلامية. د. ط، 1407هـ/1987م. ص7.

10) محمد، علي عبد المعطي، والسرياقوسي، محمد. أساليب البحث العلمي. الكويت: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع. د. ط، 1408هـ/1988م.

11) نبيه، محمد صالح أحمد. المستقبليات والتعليم. القاهرة: دار الكتاب المصري، بيروت: دار الكتاب اللبناني. ط1. ص9. كامل، عبد العزيز.

12) نبيه، محمد صالح أحمد. تطوير الإدارة العامة للتدريب بوزارة التربية والتعليم دراسة مستقبلية. (رسالة دكتوراه). د. ط، د. ن. 1995م.

13)  http://quran.maktoob.com/vb/quran29718

البحث في Google:





عن د. عبد المقصود سالم جعفر

تربوي متخصص في تطوير المناهج وتصميم المقررات التعليمية. حاصل على درجة الدكتوراة، قسم الحضارة الإسلامية، المعهد الإسلامي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية-الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا. خبرة تربوية تربو على الثلاثين عاما في حقل التربية والتعليم. صدر له كتابين: الإيجابيون ثلاثة: المنصور والفاتح وأنا، ومنظمة التعلم: تجريد تجسير تجسيد .نشر عدة مقالات في ميدان تطوير المناهج وتصنيف المعرفة

6 تعليقات

  1. د. محمود أبو فنه

    قرأت المقال قراءة متأنيّة – وبمتعة – ، ويسرّني أن
    أحيّي الكاتب : د. عبد المقصود سالم جعفر
    على ما ورد في المقال من أفكار نافعة يجدر
    بالمشرفين والمسؤولين عن التربية الاطّلاع عليها
    والاستفادة نها في وضع الرؤى المستقبليّة لنظم
    التعليم في بلادهم!

  2. عبد الحفيظ بن الشيخ

    مقال مهم به معلومات مفيدة وافكار نيرة وخاصة في عملية استشراف مستقبل التربية وحتى نستفيدمن هذه الدراسة المستقبليةفي وطننا العربي لابدمن هيكلتها …اي وضعها تحت اطار تنظيمي يشرف عليه خبراء في علم التربيةوالنقس والاجتماع . ولاظن ان هناك تنظيم يهتم باستشراف مستقبل التربية في بلادنا العربية وحتى ان وجدت فهي مكبلة بتشريعات جعلت اعمالها حبر على ورق…والشكر الجزيل للدكتور

  3. عبد الحفيظ بن الشيخ

    اقصد في التعليق الاول..استشراف تربية المستقبل وليس مستقبل التربية .. وشكرا

  4. د . اخلاص محمد

    استشراف المستقبل وخصوصا مستقبل التربية احد اهم الموضوعات التى يجب تناولها
    بالدراسة حتى يحسن الاستعداد لما هو ات ونلغى من اجندتنا نظرية المفاجاة
    ولى سؤال
    هل للاستشراف انواع ؟ هل هناك استشراف بعيد واستشراف قريب .بمعنى
    ما الفاصل الزمنى المطلوب لتصنيف المفالة او الدراسة كدراسة استشرافية ؟

  5. حمدان عبد الله الصوفي

    د. حمدان الصوفي · غزة
    شكري الجزيل للكاتب حيث عالج فكرة جديرة بالاهتمام، لا سيما في مجال الفكر التربوي الإسلامي، الذي يقوم بطبعه على المستقبلية في عقائده الجوهرية، مثل البعث والجزاء الأخروي الذي يدمج الحاضر والمستقبل في مفهوم الخلود الأبدي في الجنة، ويطالب المسلم بالعمل الناجز الذي يكفل له سعادة الدارين. وأرجو من الأخ الباحث أن يردف مقالته بمقالة أخرى توضح بشكل أكثر إجرائية كيفية بلورة النموذج المستقبلي المقترح، ليكون في متناول المهتمين بالبحث في مجال الفكر التربوي الاسلامي. وجزى الله الباحث كل خير على هذه الإضاءة المهمة.

  6. انا معلمة ويهمني كثيرا قراءة مواضيع فكرية دسمة وعميقة كهذا الموضوع نشكركم ونرجو المزيد منها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *