الألعاب الإلكترونية

الألعاب الإلكترونية وتأثيرها على أبنائنا

يواجه بعض المعلمين صعوبات في التعامل مع سلوكيات بعض طلابهم سواء كانت هذه السلوكيات عدائية أو عبثية أو فوضوية أو عبارة عن مشاحنات مع أقرانهم. فهل توقفنا عند هذه السلوكيات وتساءلنا لماذا تزايدت عندهم خلال الأعوام القريبة؟

هذا التساؤل يبحث عن إجابات منطقية وهنا تبرز عدة أسباب مختلفة للإجابة على هذا التساؤل لعل أكثرها إلحاحا ً ما يعتلي سلم أحاديثهم ويطغى على اهتماماتهم ألا وهي الألعاب الإلكترونية في هواتفهم المحمولة أو أجهزة الألعاب المنزلية.

فهل تلكم الألعاب الإلكترونية والتي يمكن اعتبارها رياضة فكرية حركية تساعد على نمو الذكاء؟ هي ما يعرض على شاشات أجهزتهم؟

هل يا ترى هي متوافقة وآمنة أم محفوفة بالمخاطر؟ وما أنواع المخالفات في تلك الألعاب؟ وكيف يمكن أن نحمي أبناءنا منها؟

هذه التساؤلات وغيرها  قادتني إلى القيام بدراسة استطلاعية بسيطة على عينة من طلابي كان الهدف منها تحديد أشهر الألعاب التي يقضون عليها جل أوقاتهم، فكانت الألعاب القتالية والحربية الأعلى من بينها وبنسبة وصلت 65.8% بينما كانت الألعاب الرياضية تستحوذ على نسبة 21% وجاءت الألعاب التعلمية بنسبة منخفضة 2.6%، كما تبين لي أن أشهر الألعاب شعبية ومتابعة هي لعبة فورت نايت بنسبة وصلت 55%  وكان معدل اللعب بهذه اللعبة مقدار ساعتين أي بنسبة 42.5 % مما يدل على وجود وعي لديهم بالالتزام بالوقت المسموح، كما أن 22.5 % منهم يمارسونها لخمس ساعات أو أكثر.

بدأت بالبحث والاطلاع حول هذه الألعاب فوجدت أن لعبة فورت نايت “FORTNITE ” هي إصدار أخير لشركة “epic games”، وهي من أكثر الألعاب تحكماً في لاعبيها وجعلهم “مسيرين” نحو مواجهة أعداء في هذا الواقع الافتراضي، ورسم الخطط التي تجعلهم “على قيد الحياة في اللعبة” وهي مستوحاة من روايات وأفلام “Hunger Games”، إذ يقوم اللاعب باستخدام فأس ومطرقة لتقطيع الأشجار وتكسير الصخور، بهدف بناء الجسور أو الدفاعات اللازمة لحماية نفسه، ولمساعدته في البقاء على قيد الحياة.

وهنا أنقل لكم بعضاً من مخاطر هذه الألعاب من نواح متعددة أكدت عليها دراسات كان من ضمنها دراسة د.عبد الله الهدلق ( 2016) – في مؤتمر اللعب الأول في الشرق الأوسط بتنظيم من جامعة الملك سعود بعنوان: “الأطفال بين الألعاب الإلكترونية والتقليدية رؤية تربوية مستقبلية”- إلى خطورة إحدى الألعاب والمسماة “حرب الآلهة” على عقيدة اللاعب! كما أشارت دراسة العجمي ( 2016) الى بعض المخالفات العقدية في بعض الألعاب الإلكترونية كتضمين بعض الألعاب قوى وآلهة مختلفة تظهر كأنها نازلة من السماء ولها أجسام كبيرة، وقامات عالية، و بعضها يتضمن صلبان على غلاف اللعبة وداخل المنازل وفي الشوارع وعلى صدور اللاعبين بل قد يترتب على جمع الصلبان زيادة في قوة اللاعب وطول بقائه.

أما من الناحية الصحية فقد أثبتت دراسات عدة منها دراسة Kim 2013)) حيث ذكرت بعض المشكلات التي قد تتسب فيها التكنولوجيا الحديثة للأطفال على النحو التالي: عين الطفل حيث قد تسبب الأجهزة احمرارا، وجفافا، وانخفاضا في الرؤية، وانخفاض الذكاء الاجتماعي لقلة تواصله مع الآخرين، وانتشار السمنة بسبب قلة النشاط البدني، وكذلك انخفاض التطور اللغوي للأطفال خصوصاً من هم في عمر سنتين فأقل. كما تشير دراسة د. إلهام ( 2002 ) إلى” أن حركة العينين تكون سريعة جدا أثناء ممارسة الألعاب الإلكترونية مما يزيد من فرص إجهادها، إضافة إلى أن مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية والمنبعثة من شاشات الأجهزة، تؤدي إلى حدوث الاحمرار بالعين والجفاف والحكة وكذلك الزغللة، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانا بالقلق والاكتئاب. وتوضح الدراسة أن كثرة استخدام وممارسة الألعاب الإلكترونية في السنوات الأولى من عمر الطفل، تؤدي إلى بعض الاضطرابات في مقدرة الطفل على التركيز في أعمال أخرى أكثر أهمية مثل الدراسة والتحصيل، بل إن بعض الألعاب القتالية تشجع على الانحرافات السلوكية الخطيرة التي قد يكتسبها الطفل من المشاهدة، مثل انتشار العنف والعدوانية، حيث أثبتت الأبحاث أن الطفل الأقل ذكاء يفضل اختيار الألعاب العنيفة عن غيرها”.

على هذا خلصت إلى بعض الحلول أضعها بين يديكم مستنداً على ما توصي به الدراسات العلمية فقد قدمت قويدر (2012) نصائح مهمة للآباء والأمهات حتى يقللوا من الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية وهي أن يكون الوقت المحدد للعب لا يتجاوز ساعتين على الأكثر، وضرورة تبادل الآراء مع الأبناء حول مضمون اللعبة، وأكدت كذلك على أهمية أن يتبادل الأهل المعلومات حول الألعاب التي يمارسها أبنائهم حتى يساعد بعضهم بعضاً. وجاءت دراسة الهدلق (2016) بتوصيات أهمها أنه ينبغي على أولياء الأمور أن يختاروا الألعاب الإلكترونية المناسبة لأعمار أولادهم وأن تكون هذه الألعاب خاليةُ من أي محتوى يخل بدينهم وصحتهم الجسمية والعاطفية والنفسية، وعليهم تنظيم الوقت المخصص للترفيه بين ممارسة الألعاب الإلكترونية وممارسة الرياضة الحقيقية مثل السباحة ولعب الكرة، ويجب على الآباء أن يصادقوا أبنائهم ويشاركوهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية.

لذا يجب علينا كمربين نشر الوعي والثقافة حول هذه الألعاب، دون تهاون، أو تقليل من خطرها. ويبقى الدور الرئيسي على الأسرة من خلال توعية أبناءهم بخطورة هذه الألعاب واختيار البدائل المناسبة التي تحقق لهم النمو المتكامل من النواحي النفسية والعقلية والجسدية والتربوية.

 


المراجع

الهدلق، عبدالله (د.ت).ايجابيات وسلبيات الألعاب الالكترونية ودوافع ممارستها من وجهة نظر طلاب التعليم العام بمدينة الرياض. استرجعت في تاريخ 22اكتوبر،2018 ،من www.alukah.net

قويدر، مريم. (2013). أثر الألعاب الإلكترونية على السلوكيات لدى الأطفال: دراسة وصفية تحليلية على عينة من الأطفال المتمدرسين بالجزائر العاصمة.

  • عثمان .أماني خميس ( 2018). أثر الألعاب الألكترونية على سلوكيات أطفال المرحلة الابتدائية العليا : رسالة ماحستير منشورة .
  • الوبيران .ماجد محمد (2016). خطر الألعاب الإلكترونية وتأثيرها على الأطفال . مقال  .الالوكة . استرحعت بتاريخ 23 اكتوبر ,2018 . http://www.alukah.net/social/0/100301 /
  • حسني، إلهام (2002). ألعاب الكومبيوتر الاهتزازية مصدر رئيسي لمرض ارتعاش الأذرع. جريدة الشرق. الأوسط. العدد 8559. الاحـد 23 صفـر 1423هـ – 5 مايو 2002.
  •  العجمي، عبداالله ( 2017).تأثير الألعاب الإلكترونية في التكوين العقدي لدى الناشئة’,. مجلة الشريعة الدراسات الاسلامية (الكويت).الكويت .
  • http://pubcouncil.kuniv.edu.kw/jsis/homear.aspx?id=8&Root=yes&authid=2053
  •  ميس حقاد . لعبة “فورت نايت” بين إدمان الأطفال وتخوف الأهالي .موقع حياة شبكة إجتماعية . استرجعت في تاريخ 22اكتوبر،2018من http://www.hayatweb.com/article/194456 .
  • Kim, Y.  (2013).Young Children in the Digital Age. The University of Nevada.

البحث في Google:





عن هلال العتيبي

معلم علوم ، حاصل على دبلوم عالي في القياس والتقويم، ماجستير في المناهج وطرق التدريس، محب للبحث العلمي - المملكة العربية السعودية

2 تعليقات

  1. سعد نايف القسامي

    مقال مهم ورائع ، في زمن كثرت فيه الأجهزة الذكية في أيدي أبنائنا الطلاب
    نحتاج إلى برامج تعليمية ذكية تستثمر في محتوى الألعاب لتقليل من سلبياتها على الطلاب على أقل تقدير ، نتمنى أن لا يتأخر رواد التعليم عن الاهتمام بهذا الجانب ،،
    شكراً لكاتب المقال على تسليط الضوء على هذا الموضوع المهم.
    وله عاطر التحية والتقدير ،،،

  2. شكرا جزيلا موضوع قيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *