دليل المدرس للتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي

نُشر هذا المقال أولا في موقع المؤتمر العالمي للابتكار في التعليم-مؤسسة قطر للكاتب نفسه، و تمت إعادة نشره في إطار اتفاق التعاون و تبادل النشر بين وايز WISE و موقع تعليم جديد.

شبكات التواصل الاجتماعي دخلت حياتنا دون أن نُحس بها، لتصبح -فيما بعد-جزءا من حياتنا، بل أصبحت لدى البعض منا حياة أخرى. إنها الحياة الافتراضية عبر شبكات وتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، في عالم رقمي لم يعد ”العالم الافتراضي‟ وصفا مناسبا له فقد أصبح عالما قائما بذاته، يفرض نفسه علينا أكثر فأكثر يوما بعد يوم. فما هي إذن هذه الشبكات؟ وماذا تعني بالضبط؟ وكيف يمكننا كمدرسين التعامل معها وكيف نستخدمها فيما يفيد المجال التربوي؟  

ما هي شبكات التواصل الاجتماعي؟

يُعرفها عثمان محمد الشمراني من قسم المناهج و طرق التدريس كلية التربية جامعة الملك خالد  بالمملكة العربية السعودية، على أنها عبارة تطلق على مجموعة من المواقع على شبكة الإنترنت العالمية، شبكات تتيح التواصل بين الأفراد في بيئة افتراضية (مجتمع افتراضي)، أفراد تجمعهم -غالبا- أشياء مشتركة: اهتمامات مشتركة، الانتماء لنفس البلد أو المدرسة أو فئة معينة.

كما يمكن تعريفها أيضا على أنها خدمة إلكترونية ظهرت مع الجيل الثاني للويب تسمح للمستخدمين بإنشاء وتنظيم ملفات شخصية، كما توفر لهم فرصة التواصل مع الآخرين.

بينما تُعرفها الموسوعة الحرة ويكيبيديا بكونها خدمات تؤسسها وتبرمجها شركات كبرى لجمع المستخدمين والأصدقاء بهدف مشاركة الأنشطة والاهتمامات، و تكوين صداقات.

ومن هذه الخدمات نجد المحادثة الفورية والرسائل الخاصة والبريد الإلكتروني والفيديو والتدوين ومشاركة الملفات وغير ذلك. ومن أشهر هذه الشبكات نذكر فيسبوك وتويتر وجوجل بلس و ماي سبيس ولنكد إن و انستقرام وتمبلر…

و تُقسم هذه الشبكات -غالبا- إلى نوعين: شبكات شخصية  مثل فيسبوك وشبكات مهنية مثل ولنكد إن.

وبدوره فالحقل التعليمي (مُدرسون وطلاب ومدارس وإدارة…) عرف دخول هذه التقنيات إليه على نطاق واسع، وهو ما يدفعنا إلى طرح أسئلة تبدو ضرورية وهي:

كيف نطور أنفسنا كمدرسين عبر شبكات التواصل دون أن نفقد هويتنا التعليمية؟ كيف نواصل الطريق دون تعثر ودون كبوات وعراقيل؟ كيف يجب أن يتعامل المدرس مع شبكات التواصل الاجتماعي؟

هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه.

كيف يجب أن يتعامل المدرس مع شبكات التواصل الاجتماعي؟

يعتبر الابتعاد عن الكم المفتاح الرئيسي للتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي. حيث يجب الحرص على تعلم تقنية واحدة جديدة في كل مرة، وتخصيص الوقت الكافي لذلك. لهذا لا ينبغي ألا نشغل بالنا بتعلم كل شيء، ولنأخذ الوقت الكافي للتفكير والبحث  عما يناسبنا ونحتاج إليه من أدوات رقمية. وذلك بالبحث عن المدونات الرائدة و المبدعة لنأخذ منها ما يلزمنا من أفكار، عبر طرح السؤال: كيف يتعلم الناس في ظل التكنولوجيا الحديثة؟ وكيفما  كان الموضوع أو التقنية التي نرغب في تعلمها لتطوير الأداء التعليمي، ينبغي مباشرة العمل والابتعاد عن التردد.

نعلم أيضا أن قضاء الوقت على الشبكات الاجتماعية يكون أحيانا ثقيلا ومملا لبعض المدرسين سواء كانوا جُددا أم لا. وهنا توجد تفصيلة صغيرة ينبغي علينا جميعا معرفتها، وهي أنه لا شيء ولا أحد يفرض علينا أن نكون متابعين لجميع الهاشتاقات والصفحات والحسابات والمجموعات، لنكون أكفاء ومبدعين، لكن هذا لا يعني أن نكُف عن تطوير شبكة التعلم الشخصي PLN (في تويتر مثلا). فهي وسيلة مفيدة للتواصل والتعلم  من زملائنا الذين يشاركوننا نفس الاهتمامات والشغف، وفرصة للحفاظ على الإبداع في فصولنا الدراسية.

قبل الإبحار عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لنبدأ بطرح السؤال: ماذا نريد أن نتعلم من تويتر أو فيسبوك أو غيرهما من الشبكات؟ ما هو الهدف من ذلك؟ علينا بعد ذلك أن نكتب كل ما يتبادر إلى ذهننا من أفكار، لنختار من بينها ما نراه مناسبا ومفيدا. ثم نمضي قُدما ونفتح حسابا -لمن لا يتوفر عليه بعد- وحتى لا تجرفنا الأمواج و نحن نبحر على هذه الشبكات، علينا تحديد الوقت الذي سنمضيه يوميا عبرها، كمثال 15 دقيقة صباحا و 30 دقيقة مساء حتى نبقى مركزين على التعلم، ونحد من تغريداتنا أو منشوراتنا. ينبغي لنا أيضا أن نتابع المُدرسين أو الأشخاص الذين سيقدمون لنا المساعدة، والقيمة المضافة التي نحتاجها، لا أن نتابع شخصا فقط لأنه مشهور، وذلك حتى نبقى مركزين على المهمة التي حددناها مسبقا.

كذلك، لا ينبغي لنا أن نرهق أنفسنا بتعلم كل شيء أو بالعجلة في التعلم، فقد تنقلب الأمور رأسا على عقب لتؤثر على حرصنا على التعلم. فجميع الأمور تبدأ صغيرة. لنتمهل إذن و ولنحاول عدم الضغط على أنفسنا أكثر من اللازم وعدم القلق إن فاتتنا بعض التفاصيل، لأننا نستطيع العودة إليها لاحقا. فلكل وتيرته الخاصة في التعلم.

توجد أيضا جزئية قد تؤرق بال المدرسين (بعضهم أو كلهم) وهي معايير إضافة مستخدمي شبكات التواصل إلى قائمة الأصدقاء. في هذه النقطة بالضبط، يجب أن نعلم أن الطلاب ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا على بينة بكل جانب من حياة مُعلميهم، وكذلك أولياء أمورهم قد لا يعنيهم كل ما يتم نشره على صفحتكم. وهكذا فالحفاظ على وضعية مهنية في الفضاء الرقمي أمر مطلوب، بينما تبقى أفضل وأسهل طريقة للتوفيق بين  الجانب الشخصي و الجانب المهني هو إنشاء حسابين منفصلين: واحد شخصي والآخر مهني. كما يبقى أمرا مُستحسنا عدم قبول أي كان في قائمة الأصدقاء، فخصوصية المعلومات الشخصية والمهنية والبيانات والصور… تُصبح على المحك. لهذا، فيجب الحرص على اختيار الأصدقاء بعناية وتجاهل طلب أي شخص ليست لنا به أي صلة وخصوصا إن كان يحمل اسما مستعارا.

لكن هذا لا يعني اختيار القطيعة وعدم التواصل مع أولياء أمور الطلاب فأهمية هذا التواصل بالغة ولا تحتاج إلى شرح كثير، فشبكات التواصل الاجتماعي ورغم خصوصية وتفرد كل واحدة منها، تبقى وسيلة مثاليةللتواصل مع أولياء أمور الطلاب. و سواء كان هذا التواصل تزامنيا أم لا فهو لا شك سيكون سريعا.

قد يحدث أيضا ونتساءل كيف يمكن توظيف الفيسبوك في التعليم بطريقة آمنة؟  ونفس السؤال يمكن طرحه بالنسبة لتويتر أو يوتيوب أو غيرهم من الشبكات الاجتماعية. للجواب لا يسعنا إلا القول: لنحتفظ دائما بمعلوماتنا لأنفسنا، فمن السلامة إخفاء المعلومات الشخصية قدر الإمكان. فمثلا، لا نشارك رقم الهاتف أو اسم المدرسة أو مكان العمل أو عنوان الإقامة؛ فأصدقاؤنا الحقيقيون يعرفون بالفعل هذه التفاصيل. غير ذلك، يجب التأكد من ضبط الملف الشخصي على “خاص private” حتى نتمكن من المحافظة على خصوصية البيانات الشخصية.

وفي علاقة دائما بالخصوصية، يجب الانتباه إلى أن الصور والنصوص التي تُنشر على الإنترنت قد تصبح عامة ومتاحة للجميع بشكل لا يمكن تصوره. زد على ذلك أنها من الممكن أن تظل على الإنترنت إلى الأبد. لهذا فتوخي الحذر أثناء النشر أمر مطلوب، لنبتعد عن أي منشورات قد تسبب الضرر أو المتابعة القانونية في يوم من الأيام.

وفي الختام، يمكننا أن نتفق على أن شبكات التواصل الإلكتروني هذه تبدو وكأنها تثير مزيجا من الذعر والإقبال، من الرهبة والحماس. بل إنها تجعلنا في حيرة أمام الملايين من التغريدات والصفحات والصور… فما الحل إذن؟ الأفكار أعلاه قد تكون كافية، لكن الاجتهاد والبحث المستمر وتطوير الذات هي الأخرى عوامل أساسية لإيجاد الطريق الصحيح.

 


المراجع

https://www.new-educ.com/facebook-education

https://www.new-educ.com/twitter-in-education

http://www.teachthought.com/social-media/balanced-approach-social-media-…

http://www.safespace.qa/ar/teens/cyber-life/social-networks

http://www.usnews.com/education/blogs/high-school-notes/2015/09/14/3-tip…

البحث في Google:





عن رشيد التلواتي

مدرس ومدون و مهتم بتكنولوجيا التعليم. عضو مؤسس و محرر بموقع " تعليم جديد ". حاصل على الإجازة في الدراسات الأمازيغية، الأدب الأمازيغي. حاصل على شهادة متخصص مايكروسوفت أوفيس (MOS: Word, Powerpoint).

تعليق واحد

  1. ديلمي بلقاسم

    شكرا للقائمين على الموقع أنتم تساهمون في تنوير الأمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *