معلم القرن 21

تحديات معلم القرن 21

يعتقد البعض أن الحديث عن تطوير المعلم وإعادة تأهيله هو نوع من الترف العلمي أو الفكري، و أن هناك قضايا أهم من ذلك يجب أن تناقش، لكن الملاحظ اليوم أن المعلم التقليدي لم يعد له مكان في العملية التعليمية وسط السياقات التربوية الحديثة في مجال التربية و التعليم و استراتيجيات التدريس الجديدة. فقد غيرت النظريات الحديثة في التربية النظرة لدور كل من المعلم و الطالب، و غيرت أيضا نمط التفاعل التقليدي الذي كان سائدا لفترات طويلة من الزمن، فأصبحت للمعلم مهام أخرى غير التلقين و الإلقاء وأصبح للطالب أدوار أخرى كثيرة غير الحفظ و الاستماع والتكرار السلبي للمعلومة. وأصبح المعلم اليوم مطالبا بتنمية مهاراته التدريسية بجودة وكفاءة أكثر من ذي قبل، وأن يدرك أن من مهامه الجديدة أن يكون موجها وميسرا ومساعدا للطلاب لكي يتعلموا بأنفسهم، وأن عليه أن يكون مدبرا بارعا للحصة الدراسية بما يحقق أهدافها المعرفية و أهداف العملية التربوية ككل. ولهذا أرى أنه من المفيد الإشارة إلى أهم المهارات التي يحتاج إليها المعلم لجعل العملية التربوية أكثر فائدة و متعة.

1 – مهارات ضرورية لدى معلم القرن 21 :

teacher-and-boy

هناك مهارات عديدة يمكن ذكرها على الشكل التالي :
-مهارات استخدام استراتيجيات التدريس الحديثة وتوظيفها بما يتناسب والمحتوى المعرفي للمادة.
-مهارات التفكير التي يمكن تنميتها وتوظيفها عند الطلاب بما يمكنهم من إنتاج المعرفة وليس تلقي المعرفة فقط، ومنها مهارات التفكير الأساسية ومهارات التفكير الناقد و حل المشكلات ومهارات التفكير الابداعي.
-مهارات استخدام تقنيات التعليم الحديثة و توظيف التكنولوجيا في تحقيق أهداف الدرس، مثل استخدام العروض التقديمية الثابتة والمتحركة ( صناعة الأفلام ) والمقاطع المرئية والمسموعة من اليوتيوب وغيره.
-مهارات اختيار معايير التقويم المناسبة،كما ينبغي الحرص على توظيف التكنولوجيا الجديدة في مجال التقويم، كاستخدام الرسوم البيانية وجداول التعزيز وغيرها .
-مهارة إدارة الصف وتهيئة البيئة الصفية (المقاعد و الطاولات و وسائل الإيضاح و وضع المسلاط projector ) بما يخدم سير الدرس.
لكن ماهي المصادر التي يمكن أن تساعد المعلم في تطوير أدائه و تجعل الطلاب أكثر حافزية ؟

2 – أفكار و أدوات لتطوير أداء معلم القرن 21 :

teacher

بلا شك أن بشاشة المعلم و اللين والمرونة وتقبل كافة الطلاب من أولويات أخلاقيات مهنة التدريس، ولكن هناك أيضا مصادر متعددة يمكن الاستفادة منها بشكل كبير نذكر منها :
-زملاؤه المتميزون أو المعلمون المتميزون في مدرسته : حيث يمكنه تبادل الزيارات ( حضور الحصص ) والاستفادة من خبراتهم.
-قراءة الكتب العلمية التي تحفزه وتلهمه : مثل الكتب المتعلقة بمهارات التفكير و الإدارة الصفية وتلك المتعلقة بتوظيف أبحاث الدماغ في التعلم وكتب استراتيجيات التدريس الحديثة.
-استثمار مواقع التواصل الاجتماعي : من خلال التعرف على المهتمين في نفس المجال وتكوين جماعات متفاعلة ومن ثم الاستفادة من تجاربهم كالمجموعات الموجودة على الفيسبوك أو تويتر أو الوتس أب أو جوجل بلس وغيرها كما يمكن الاستفادة من المواقع العلمية المهتمة بتطوير المدارس ومنتديات المعلمين.
-التدريب الإلكتروني : وهو أقل كلفة وجهدا ووقتا خصوصا مع وجود مواقع متخصصة ومجانية تقدم دورات مختلفة في شتى المجالات. مثل رواق و مهارة و موقع مهارتي
-التدريب الرسمي : من خلال موقعه الوظيفي أو من خلال الدورات مدفوعة الأجر.
-الاطلاع على أحدث التطورات في مجال التربية والتدريس : من خلال متابعة المؤتمرات والندوات عبر الشبكة العنكبوتية إذا لم يتمكن من الحضور شخصيا.
-التعلم الذاتي : فبعد التعرف على نظرية جديدة أو استراتيجية جديدة يبادر المدرس لتطبيقها مع طلابه ويسجل ويرصد السلبيات والإيجابيات و إمكانية التعديل والتغيير لتلائم مادته وطلابه. ويقوم المعلم نفسه بعد كل تجربة بتقييم نفسه و مكتسباته أو الأفكار والتجارب الجديدة التي راكمها .

3 – على سبيل الختم :

نستنتج إذن أن المعلم الناجح كالطباخ الماهر الذي يعرف ماذا يريد من مكونات وكيف يقوم بخلطها بنسب محددة ليحصل على درس جيد بأقل التكاليف وأكثر الفوائد والمنافع، وأن يكون دائما مبدعا في ابتكار الجديد والشيق من الدروس. لكن رغم ذلك، تبقى عملية إعداد المعلم عملية أصعب مما نتوقع، خصوصا أننا مطالبون بتكوين معلمين يسايرون النهضة التكنولوجية الكبيرة التي يشهدها العالم في مجال التدريس و نقل المعرفة والثقافة. وقبل أن أختم الحديث، وددت الإشارة إلى إن المعلم – المطالب بالتغيير والتطوير – قد لا يملك الوقت الكافي للقيام بكل شيء، نظرا لأنه محكوم بواجبات كثيرة كالحصص والمهام الإدارية بالمدرسة ومحكوم بالمهام العائلية والمستلزمات الأسرية خارج الدوام الرسمي، مما يجعل مسألة توفير الوقت نقطة غاية في الأهمية، لذا يفضل أن يكون المدرس أكثر الناس دراية بمهارات إدارة الوقت، ولديه القدرة على استغلال وقته وتوزيعه بما لا يتعارض وكثرة المسؤوليات، مع ضرورة تبني التدريب الإلكتروني (عن بعد) عبر إنشاء موقع رسمي لتقديم دورات وكورسات ومحاضرات عن بعد، تختصر للمعلم الجهد والوقت والمال، محاضرات يمكن أن تكون مقدمة من طرف أساتذة متخصصين محليين كما يمكن الاستفادة أيضا من الخبرات العالمية، توظف فيها معايير التقويم الإلكتروني لتقديم أفضل الخدمات التدريبية بكل جودة و إتقان.

البحث في Google:





عن د. زهره الخضاب

معلمة في وزارة التعليم السعودية وحاصلة على العديد من الدورات التدريبية في مجال التدريس ومهارات التفكير وحاصلة على الدكتوراه في علم الاجتماع

12 تعليقات

  1. د عاطف محمد عبد الباري مبروك

    الموضوع يستحق الاشادة والاهتمام والمؤازرة من المعنيين والمهتمين
    والمادة المقدمة تحتاج لبعض التفصيل عمليا وليس مجرد كلام انشائي لأن الفئة المستهدفة اما انها تعرف ذلك وتطبق واما انها تطبق الطرق التقليدية ولا تفهم كيف تطبق ما تم ذكره

    والرسوم البيانية وان كانت كاريكاتيرية الا انه ينبغي مراعاتها للقيم المتعلقة بموضوع المادة العلمية مثل الحجاب والزي المناسب للمعلم المتعلم لأسمي وأفضل الكتب وهو القرآن الكريم
    ولا انسي ان اؤويد الفكرة وادعمها وادعو لمقدمها بالتوفيق

    • د.زهره الخضاب

      في البدء أشكر وجودكم الكريم وفتحكم المجال للنقاش والحوار حول موضوع المقال ووددت أن أوضح وجهة نظري في بعض النقاط.
      أوافقك الرأي أن الكلام قد يحتاج إلى بعض التفاصيل لكن الهدف من المقال فكرة أساسية أعتقد أنها اتضحت وربما في مقالات لاحقة نعرضها للتفصيل.
      لكنني وددت الإشارة إلى الثنائية في التقسيم الذي ذكرته دكتورنا الفاضل لأنني أرى من وجهة نظري أن التقسيم قد يشمل فئات عديدة:
      – معلم جديد ليس لديه فكرة عن هذه المهارات وأهميتها وكيفية اكتسابها.
      – معلم قديم لم تسمح له الظروف بالتعرف عليها واكتسابها. قد يفتح له المقال آفاق لوجود رغبة لديه في التطوير.
      – معلم قديم يتسم بالجمود لديه فكرة أن التدريس كما تعلم أيام الدراسة الجامعية ويهمش بشكل أو بآخر فكرة التطوير والتدريب.
      – معلم لم يسمع عن بعض ما ذكرناه من مهارات فتكون بمثابة التذكير.
      – أما بالنسبة للقيم التي يجب مراعاتها في التوضيحات أو الصور الكاريكاتيرية فأنا أرى أن هذه الصور في المقال لتوجيه الذهن للفكرة الأساسية للمقال فقط ولم أخصص مقالي بذكر المعلمات مثلا فيكون الحجاب وماشابه ضروري كما تفضلت.

    • نشكر د عاطف محمد عبد الباري مبروك على مشاركته و ملاحظاته، و ندعوه من هذا المنبر إلى التوسع في هذا الموضوع عبر مقال ننشره على الموقع، ليستفيد الآخرون من علمه.

  2. شكرا دكتورة زهرةعلى الموضوع المفيد

  3. Idriss khechbi

    أشكرك أستاذة مقال قيم وجميل جداً ما أحوج المعلم المغربي لهذه المعلومات لكن لو تطرق المقال للصعوبات التي يواجهها الاستاذ المغربي الشغب العنف المدرسي الخ وشكرا جزيلا

  4. فتحي.تا

    موضوع المقال رائع و أعتبر نفسي من المؤدين لذلك مع مراعاة فئات عديدة كما جاء في الرّد الذي قدمته الدكتورة لفضيلة د. عاطف محمد عبد الباري مبروك و هي جدّ مشكورة و وفقك الله.

  5. عماد حكمةً

    شكرًا لكم

  6. شكرا جزيلا على الموضوع

  7. سلام، أتمنى إفادتي حول :
    – مهام و أولويات مرسة العالم الجديد
    – التحديات التي تواجهها مدرسة القرن ال 21
    – ما القيم الوطنية و العالمية التي يجب على مدرسة القرن ال 21 حملها
    – كيف يمكن لمدرسة القرن ال 21 أن تربي جيلا مشبعا بالقيم الوطني و العالمية في الوقت نفسه ؟
    – هل الإصلاح التربوي ضرورة إجتماعية أم سياسية ؟

  8. خالد جوادي تونس

    الفرق بين المدرّس ذي الكفايات المهنية والمدرس الحرفي الذي يستنسخ التجارب ويعيد محاكاتها كالفرق بين من يبحث عن مفتاح أسود داخلة غرفة مظلمة باستعمال أضواء كاشفة تنير له البحث والتأمل وغير الذي يبحث عن نفس المفتاح في غرفة مظلمة وبدون أي إنارة فيظل في العتمة يتخبط وفي التيه حائرا وتلك هي حال المدرّس في الوطن العربي التي بمقتضاها خسرنا رهانا تربويا وحضاريا في زمن باتت تقاس فيه منزلة الشعوب بمدى قدرتها على صناعة الذكاء والسيطرة على نسق تجدده.

  9. هانية فطاني

    شكرًا على المقال الرائع استاذة هدى بارك الله فيك وانا كزميلة مهنة لك في ذات المجال أودّ عمل مزيدا من التدريب للمعلمات على كيفية استخدام التقنيات المؤدية الى تعليم وتعلم فعال بنماذج حية واقعية تقرب لهم الفكر وتستحث لديهم الابداع في استخدام التقنية وأود ان اشاركك استاذة مدونتي الحديثة أتناول فيها تقنيات تم تجريبها في فصلي الدراسي ويشرفني تشريفك مدونتي
    Tech21inteaching.blogspot.com

  10. هانية فطاني

    عذرا دكتورة زهرة لخطئي بالاسم تقبلي تحياتي،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *