تقويم أداء المعلم : الأهمية – المفهوم – الكيفية

نظراً لما يتميز به دور المعلم من أهمية في تربية الناشئة وضرورة توفر أساسيات علمية تدعم أدائه التدريسي والتربوي للقيام بهذه المهمة بنجاح، فقد احتل تقويم عمل المعلم مكانته بين قائمة مواضيع البحوث والدراسات التربوية “فالمعلم يمثل الدعامة الأساسية التي يُؤسس عليها النمو المتكامل لدى الناشئة في أي مجتمع من المجتمعات، وذلك لأن مهمة المعلم لا تقتصر فقط على تلقين المادة العلمية باستخدام عدد من الأساليب والأنشطة التعليمية، وإنما تتعدى ذلك ليكون قادراً على متابعة تعلم التلاميذ ونموهم” (ملحم 419 : 2005 ).

ويضيف (البهواشي 321 : 2004) بُعداً آخر لأهمية دور المعلم بقوله: “دور المعلم داخل الصف لا يقتصر على التوجيه وتقديم المعرفة، بل يتوقع أن يقوم المعلم بدور المستشار التعليمي والأخلاقي، بحيث يساعد الطلاب على توجيه أنفسهم في ظل الدوامة الهائلة من المعلومات المتصارعة. وبأداء وظيفة منسق الأعمال التعليمية بين الأطراف المختلفة، ويتوقع أن يكون المعلم مصدراً للتغيير في مجتمعه”.

ويدرك كل من يتابع الشأن التعليمي أن مهام المعلم اليوم غيرها بالأمس، وأن مهامه غداً غيرها اليوم، إذ تتشكل تلك المهام فى إطار الانفجار المعرفي الذي يُعايشه المعلم والمتعلم، ومن هذا المنطلق يصبح تقويم أداء المعلم أمراً في غاية الأهمية وذلك لأنه ومن خلال التقويم يمكن الكشف عن مدى إلمام المعلم بمهامه و مستوى إتقانه لها.

وإذا كانت طبيعة العصر الحالي قد فرضت أدواراً إضافية على المعلم تجاه المتعلم، فهي في نفس الوقت فرضت أهمية التقويم المستمر لأدائه لمعرفة مدى نجاحه في القيام بهذه الأدوار“،  فعملية تقويم أداء المعلم تساعد المؤسسات التعليمية على تحقيق مجموعة من الأهداف من بينها قياس مدى تقدم المعلم أو تخلفه فى عمله بمعايير أو أوزان ملموسة، و كذلك في الحكم على تحقيق التوازن الضروري بين متطلبات العمل ومؤهلاته العلمية وخصائصه” (حلمي وآخرون 1993).

1- مفهوم تقويم أداء المعلم

يُعرف ( الآغا 985 : 2004 ) تقويم أداء المعلم بأنه:

“العملية التي يتم فيها إصدار حكم حول أداء المعلم من الناحية المهنية. ويقوم بإجراء هذه العملية كل من المدراء والمعلمين والموجهين للتأكد من النمو المهني المستمر لديه”.

أما (سكر وآخرون 126 :2005) فيعرفونه بأنه “الحكم على مستوى امتلاك المعلمين لبعض كفايات الأداء بهدف رفع ذلك المستوى من خلال تجاوز أسباب وعوامل ضعف أدائهم وتعزيز أسباب وعوامل قوتهم”.

أما تقويم الأداء التدريسي تحديداً فيعرفه (سكر وآخرون 126: 2005) بأنه “الحكم على مستوى امتلاك المعلم للمعارف والمهارات والاتجاهات الضرورية لأداء مهامه داخل حجرة الدراسة لتحقيق أهداف درس محدد، ويستدل على توفرها بالإنجازات (الأداءات)”.

والتعريف الأخير يتفق مع ما أشار إليه (السعيد 2002) قائلاً: “عندما نريد أن نقوم أي جانب من جوانب المنظومة التعليمية ونحكم على مدى كفاءة كل مكون منها، لا ينبغي أن يتم هذا في ضوء تصورات فلسفية أو أُطر نظرية، ولكن ينبغي أن يتم تقويم كل عنصر فى ضوء الأداء الفعلي ومدى تمكنه من جوانب معينة ينبغى أن يقوم بها أو يكتسبها.”

وفي هذا أيضاً إشارة واضحة لضرورة الاستناد إلى أسس تمثل إطارا مرجعيا لإصدار الأحكام عند تقويم أداء المعلم.

وهذه الأُسس يرى (الأغا 988 -985 : 2004) أن من أبرزها الآتي:

  • تقويم المعلم يشمل تعدد الأدوات.
  • تقويم المعلم يشمل تعدد الأفراد الذين يقومون بعملية التقويم.
  • تقويم المعلم يتطلب مجموعة من المعايير للحكم على أدائه.
  • يتضمن تقويم المعلم اتخاذ قرار بصدد الأداء المهني للمعلم.

أما (فرج الفقي 412 : 1994) فيرى أنه ولكي يقوم تقويم المعلم بدور مهم في التوجيه والإرشاد والإعداد لبرامج النمو المهني والدورات التدريبية لا بد من الالتزام بالمبادئ الآتية:

  • التقويم عملية تعاونية بين عدة أطراف: المعلم – المشرف – المدير.
  • يجب أن يكون التقويم مُستمراً.
  • لا يجب مقارنة مدرس بآخر.
  • يجب إعلام المدرس بنتائج التقييم حتى يعرف نقاط الضعف إن وجدت وكيفية علاجها.
  • يجب أن يعرف المعلم ما هو مطلوب منه في تأدية عمله.

2- مـجـالات تقويـم المعلــم

يأتي تعدد مجالات تقويم المعلم نتيجة لتعدد المهارات الأساسية التي يجب أن تتوفر لديه وهذه المهارات هي: (حلمي وآخرون 23 -24 : 1991).

أ- المهارات المعرفية

وهي حصيلة ما كونه المعلم من معلومات وأفكار من خلال سنوات تأهيله كمعلم أو من خلال سنوات عمله بالتدريس، وهذه الحصيلة تتصل بخصائص المدرسة التي يعمل فيها وأهدافها، ووسائل الاتصال وقنواته، ونظام المعلومات والحقائق المتعلقة بكيفية تسيير العمل وتطويره وتقويمه.

ب- المهارات الإنسانية

وهي تلك المهارات التي تتصل بفهم كيفية التعامل مع أنماط العلاقات الإنسانية المختلفة، فالمدرسة تمثل نسيجا اجتماعيا بما تضمه من الزملاء، و التلاميذ وعائلاتهم التي تنتمي بدورها إلى شرائح متعددة من المجتمع، بالإضافة إلى علاقات التلاميذ مع بعضهم البعض، وكل هذا يمثل الوسط المدرسي.

ج- المهارات الفنية

وهي تلك الخبرة التي يمتلكها المعلم وتبدو فيما يقوم به من أداء تدريسي داخل الفصل مثل مهارات التخطيط السليم للدرس، الاستخدام الأمثل للوسائل التعليمية، التنظيم الجيد للأنشطة المدرسية وغيرها.

ويرى (حجي 16 : 2004) أن مجالات تقويم المعلم هي:

إعداده وتنميته المهنية وكفاياته، وأداؤه التعليمي وإسهامه في العمل الإداري المدرسي، واتصاله بأولياء الأمور، وعلاقاته داخل المدرسة وخارجها والتزامه بعمله ودوره القيادي والريادي”.

أما مجالات المهارة المعرفية والمهارة الفنية التي يمكن أن يُقوم فيها المعلم فهي الآتي: ( رمضان 994 : 2004)

  • المعرفة المتعلقة بالمادة العلمية وأساليب تدريسها.
  • المعرفة بعملية التعلم وخصائص المتعلمين.
  • المعرفة بإجراءات تصميم وتخطيط وتنفيذ وتقويم الدرس.
  • المعرفة المتعلقة بالنمو المهني لدى المعلم.
  • المعرفة المتعلقة بعلاقة المدرسة بالمجتمع.

وهذه المهارات يمكن أن تقوم نظريا، وهذا ما اتفقت الدراسات على أنه تقويم لامتلاك المهارة، وقد تقوم أدائيا وهذا تقويم للممارسة.

3- أهداف تقويم أداء المعلم

يرى (البهواشي 341 -342 : 2004) أن أغراض تقويم المعلم يمكن إجمالها في الآتي:

  • استخدام التقويم من أجل تطوير علاقات عامة وتحقيق ممارسات جيدة: ويستهدف التقويم في هذه الحالة تحديد جوانب القوة والضعف.
  • استخدام التقويم لتحسين المساق: وهدف التقويم هنا مستقبلي، إذ يستهدف تحقيق التحسن بصرف النظر عن الخبرة الذاتية للمعلم.
  • استخدام التقويم لتعليم الفرد كيف يتحمل مسؤولية عمله: ومهمة التقويم هنا الوقوف على مدى الوفاء باحتياجات المعلمين والمتعلمين.
  • استخدام التقويم لتقديم المعلومات عن سياسة الإنماء المهني والتخطيط لها: ويستهدف التقويم هنا تقديم بيانات تفيد متخذي القرار.
  • استخدام التقويم كوسيلة لتشخيص الاحتياجات: الهدف هنا هو استخدام التقويم لتحديد احتياجات المعلمين من الإنماء المهني مستقبلاً.

أما (رمضان 990 : 2004) فيرى أن أهداف تقويم المعلم يمكن إجمالها -حسب الجهة المستفيدة من نتائج التقويم- في ثلاثة أقسام هي:

  • أهداف تتعلق بالمعلمين.
  • أهداف تتعلق بالمتعلمين.
  • أهداف تتعلق بالنمو المهني للمعلمين.

أما (سليمان 6 : 2006) فيوضح أن تقويم أداء المعلم التدريسي تحديداً يجب أن يهدف إلى الآتي:

  • تحسين المهارات والكفاءات العلمية والتربوية الخاصة بفن التدريس.
  • تعزيز الحصول على الخبرات التدريسية.
  • تطوير الأنشطة الصفية واللاصفية.
  • تحسين قدرة المعلم على التحكم والاستثمار الأمثل للوقت المحدد.

4- من يقوم المعلم؟

عملية تقويم أداء المعلم يقوم بها أحد أو بعض أو كل الأطراف الآتية: (محمد 432 – 426 : 2005)

أ- المشرف التربوي

وهدف المشرف من تقويم أداء المعلم العمل على كشف نقاط الضعف ومحاولة معالجتها وفق متغيرات يحدد المشرف اعتباراتها. ويُعتمد على نتائج تقويم المشرف للمعلم فى إعداد برامج الدورات التدريبية. ويستخدم المشرفون في دول مختلفة نماذج أُعدت لهذا الغرض قد تختلف باختلاف المرحلة أو المادة الدراسية.

ب- مدير المدرسة

يقوم بعملية تقويم وملاحظة مباشرة ومستمرة لنشاط المعلم داخل الفصل وخارجه ويفيد تقويم مدير المدرسة للمعلم فى إعطاء حكم حول النواحي الآتية:

– مدى عمل المعلم من أجل تحقيق أهداف المدرسة.

– مدى معرفة المعلم بواجباته وكل ما يتعلق بالعملية التربوية.

– مدى مواصلته القراءة والبحث والدراسة.

– حسن استعداده للتدريس.

– مدى تعاونه مع الآخرين والإدارة المدرسية.

ج- الإدارة التربوية

تقوم هذه الجهة بتقويم المعلم باستخدام عدد من المعايير التي تتضمنها عدد من بطاقات التقويم التي يُطلب من المدير القيام بتعبئتها.

د- المعلمون الآخرون

يمكن الحصول على الكثير من المعلومات التقويمية عن المعلمين كأفراد وعنهم كمجموعة، عندما يقدرون بعضهم البعض بحيث يشترك المعلم نفسه في تقدير عمله مع الآخرين عن طريق استمارات أو استفتاءات تُوجه للمعلمين. ولابد عند اتباع هذه الأساليب في التقويم احترام مشاعر المعلم والتعاون معه والاحتفاظ بأسراره.

هـ- تقويم المتعلمين لمعلميهم

هناك دراسات وبحوث أُجريت حول المعلم لتحديد الصفات التي يتميز بها المعلم الناجح من وجهة نظر المتعلمين، واتفقت هذه الدراسات على عدد من الصفات، ومنها صفة التمكن من المادة العلمية.





5- طرق تقويـم أداء المعلم

يوضح (رمضان 996 -995 : 2004) أن الأساليب التي يمكن أن يُقوم بواسطتها المعلم هي:

أ- التقويم خلال العمل

وهي ملاحظة المعلم أثناء عمله لجمع المعلومات المتعلقة بنوعية التدريس ومهاراته.

ب- تدريبات الأداء

ويكون ذلك في صورة واجبات أو تعيينات، أو تصميم بعض المواد، وذلك للكشف عن قدرة المعلم على الفهم والأداء.

ج- حقائب العمل

تُعرف بأنها تجميع لمجموعة من الأعمال التي أنتجها المعلم والتي تُسلط الأضواء على المهارات الخاصة به في مجال التدريس.

د- المقابلات

تعتبر من الأدوات الناجحة في جمع المعلومات والتي تعكس تفكير المعلم وقدراته واهتماماته ولكنها في نفس الوقت قد تعكس نوعا من التحيز الشخصي للمعلم ومن الصعب وضع الدرجات لها بصورة صحيحة ودقيقة.

هـ- مراجعة الزملاء

وتتضمن مراجعة المُعلمين بعضهم البعض خلال التدريس وتشمل فحص الخُطط والوحدات الدراسية والاختبارات وتوزيع العلامات التي يقوم بوضعها المعلمون.

و- التقويم الذاتي

ويستخدم للتحقق من نقاط الضعف لدى المعلمين في مهارات التدريس وهو يفيد كمصدر مهم من مصادر المعلومات التي تساعد في تطوير التدريس ولكنه غير مناسب لاتخاذ قرارات متعلقة بالمساءلة والمحاسبة.

ز- اختبارات الكفاءة

وتستخدم هذه الاختبارات لإثبات كفاءة المعلم فى التدريس وإعطاء الأدلة والبراهين على قدرته على التدريس ومن سلبياتها عدم دقة درجة صدقها.

أما (ملحم 426 – 425 : 2005) فيضيف أن المعلم يمكن أن يُقوّم أيضاً من خلال:

ح- الأثر الذي يحدثه في تلاميذه

وهنا تُحدد قدرة المعلمين ومقارنة مجهوداتهم على أساس اختبارات التحصيل، ويرى العديد من التربويين أن هذه الطريقة لا يمكن الاعتماد عليها خاصة وأن مجموعات التلاميذ ليست متشابهة في القدرات العقلية والظروف البيئية والاقتصادية ونمو العوامل الوجدانية.

ط- تحليل عمل المعلم ومناسيب التقدير

وضع خبراء التربية بطاقات لتقويم عمل المعلم تحتوي على: عناصر شخصية مثل الصفات الجسمية، التوافق الاجتماعي والاستقرار الانفعالي والعلاقات المهنية والقدرة على الحكم وغيرها…

6- محاور تقويم أداء المعلم

هناك عدة محاور يمكن اتخاذها كمعايير يتم الاستناد إليها كمحك مرجعي لتقويم أداء المعلم وهذه المحاور يمكن أن تكون أحد الآتي:

(عبد الجواد 331: 2003)

أ- محور الأهداف

وهنا يُتخذ أحد أنواع الأهداف التعليمية الآتية: الأهداف العامة أو الأهداف الخاصة بالمرحلة التعليمية، أهداف المنهج الدراسي، أهداف الصف الدراسي، أهداف الموقف التعليمي كمحور لتقويم أداء المعلم، والمعيار هنا هو مدى بلوغ هذه الأهداف.

ومن التحفظات حول هذه الطريقة التشكيك فى إمكانية التحديد الدقيق للأهداف المتعلقة بالمنهج الدراسي من جهة والمتعلقة بالموقف التدريسي من جهة أخرى.

ب- محور معدلات الأداء

يمكن تعريفها على أنها الوصف الكمي المكتوب لمدى الجودة التي يجب أن يؤدي بها المعلم الأعمال المحددة التي تتضمنها وظيفته، والتي تتوقعها الإدارة منه وذلك على نحو مُرض وفي ظل ظروف العمل.

وهناك أربعة معدلات للأداء هي:

(السيد 331: 2003)

– المعدلات الكمية

وتشير إلى عدد الوحدات التي يجب على الفرد إنجازها خلال فترة زمنية معينة على نحو مناسب.

– المعدلات النوعية

وتشير إلى مدى الجودة في أداء العمل ويستند هذا النوع على عدد من المؤشرات من أهمها: مستوى الدقة، الأثر الذي يترتب عن القيام بالعمل، سلوكيات الفرد المرغوب بها.

– المعدلات الزمنية

و تشير إلى العمليات المراد إنجازها خلال فترة زمنية معينة.

– معدلات طريقة أداء العمل

و تشير إلى الإجراءات الموضوعية للقيام بالعمل بالكفاءة المطلوبة.

ج- محور صفات المعلم

وهو محور يركز على عدد من الصفات المفترض توفرها فى المعلم، والدراسات في هذا المجال تركز على عدد من الصفات هي (التعاون – الالتزام بالمبادئ -الانتماء – الصدق – القدرة على تحقيق الأهداف – الدقة في العمل – الحرص على مصلحة المؤسسة التعليمية التي ينتمي إليها).

ومن الأمور الهامة عند التعرض للصفات الشخصية للمعلم وتحديدها أن تتصف بالآتي: (السيد 330 -331 : 2003)

    • أن تكون متميزة بالعمومية وشائعة بين المعلمين.
    • من شأنها المساهمة فى تطوير العملية التعليمية.
    • أن تكون مهمة للكفاءة وللأنشطة التي يكلف بها المعلم.
    • أن تكون متميزة عن بعضها، إلى الحد الذي يحول دون التشابك بين عناصرها.
    • أن تتضمن الصفات التي تعبر عن إبداع المعلمين وعن قدراتهم على التطوير والتطلع نحو المستقبل.





7- مشكلات تقويم الأداء التدريسي للمعلم

يُعد تقويم أداء المعلم أحد أصعب المشكلات التي واجهها البحث التربوي عبر تاريخه الطويل، فقد بدأ البحث في هذا المجال منذ حوالي قرن، ورغم هذا تجمعت معلومات قليلة مفيدة حول هذا الموضوع ومن أهم المشكلات فى مجال تقويم المعلم الآتي: نقلا عن (وهبي 760 : 2002)

  • تعدد التعريفات للمفهوم الواحد: في مجال تقويم المعلم يُلاحظ وجود تعريفات متعددة ومختلفة لمصطلحات أساسية مثل:  مدرس، تدريس، تعليم… ومن المعروف علمياً أن التعريف الدقيق والواضح للمفاهيم العلمية يُعتبر شرطاً مُسبقاً وضرورياً للفهم والتخطيط والتنفيذ الدقيق والتفسير لنواتج البحث التربوي الجيد.
  • كثرة المصطلحات المرتبطة بمهام المعلم داخل الفصل وخارجه: مثل سلوك، خصائص، كفاءة، عمل، أداء، أفعال… وكل منها يتطلب تعريفاً واضحاً ومحدداً يساعد الباحثين في هذا المجال.
  • عدم وجود إجماع بين التربويين فيما يتعلق بمكونات أو متغيرات التدريس التي يمكن أن تكون عرضة للفحص الدقيق أو قابليتها للتقويم من خلال أداء المعلم.

ويضيف (السيد 271 : 2003 ) قائلا ” يزيد من صعوبة الحُكم على أداء المعلم أنه يعمل وسط متغيرات عديدة يتناوب عليها كل من التلميذ، وتقلبات المناهج الدراسية، وإدارة المدرسة وما تشكله من مواقف تعليمية عديدة يواجهها المعلم”.

وإذا كانت المشكلات المشار إليها أعلاه مشكلات بحثية، فالمشكلات الواقعية التي تواجه هذا المجال يوضحها (فرج الفقي 412 : 1994) في الآتي:

  • عدم وجود نماذج موحدة للتقييم متفق عليها في النظم التعليمية المختلفة.
  • عدم وجود اتفاق حول مفهوم التدريس الجيد.
  • افتقار بعض مديري المدارس والمشرفين الفنيين للكفاءة والقدرة على تحليل التدريس الجيد، وبالتالي قد تتأثر أحكامهم بالذاتية.
  • عدم وجود اتفاق حول القيمة أو الوزن أو الرتبة التي يجب أن تُمنح للعوامل المختلفة المؤثرة في عملية التدريس.

وعلى الرغم من أهمية دور المشرف التربوي فى ترقية أداء أهم عناصر العملية التعليمية، ألا وهو المعلم، إلا أن عمل المشرف التربوي تنتابه بعض العيوب التي تجعل منه أحد مشاكل تقويم أداء المعلم، ومن أهم هذه العيوب: (السيد 328 -327 : 2003)

  • خطأ التساهل: أي درجة التساهل التي ينظر من خلالها المشرف للأداء المعين.
  • خطأ الهالة: يعني ميل المقيم إلى التأثر ببعض جوانب الفرد (المعلم) موضوع التقييم أو بخصاله أو بما يرتسم حوله من هالة أو سمعة أو دعاية.
  • خطأ التشابه: بمعنى أن ينظر المقيم إلى من يقوم بتقييمهم من خلال إعطائه اعتبارات خاصة بخصال ذاته الشخصية التي يراها في نفسه.
  • خطأ التوجيه التضخيمي: تضخيم الصفة التي يراها المقوم في من يقومه، فيبالغ في تضخيم الميزات أو يبالغ في تضخيم العيوب على حساب الواقع.
  • خطأ الحلول الوسط: فهناك من الرؤساء أو الموجهين أو ممن يهتمون بالمعلم يؤثرون السلامة وذلك بالركون إلى الحكمة القائلة خير الأمور أوسطها.

كما أن استقراء الواقع أيضاً يؤكد أنه يترتب على الأخطاء التي تشوب عمل المشرف التربوي الكثير من السلبيات والتي من أبرزها الآتي:

  • يصبح تقويم المعلم هدفا في حد ذاته بدلا من أن يكون وسيلة لتحسين أداء المعلم، أي الاقتصار على التشخيص دون العلاج، وبذلك يفقد أهميته في تصحيح مسار العملية التعليمية.
  • قد يلحق بالمعلم الضرر المعنوي والمادي، لأن بعض الأطراف الأخرى تعتمد على هذا التقويم -بالرغم من عدم موضوعيته- على أنه وسيلة لاتخاذ قرارات تتعلق بالمعلم.
  • تصبح برامج الدورات التدريبية وسيلة من وسائل النمو المهني غير الفاعلة “فالدورات التدريبية التي يعتمد عليها اعتماداً كليا فى تطوير أداء المعلم، هي دورات تدريبية اسمية يكتفي فيها بإصدار شهادات لا تفيد المشتركين إجرائيا في شيء، لأنها تفتقر للتخطيط السليم للبرامج المطلوبة ” (حمدان 6:1985).

خاتمة

إن تقويم أداء المعلم عملية قد تتجدد معاييرها ومحكاتها المرجعية التي يجب أن تستند عليها حتى تكون عملية وموضوعية تفيد المعلم نفسه، وتفيد الأطراف التربوية الأخرى ذات الصلة بتدريبه وتأهيله، على أنه ينبغي للمعلم أن يمد جسور المعرفة نحو ما يُستجد من تطبيقات تقنية حتى يستطيع أن يؤدي أداء تدريسيا فعالا ومُبدعا تظهر نتائجه فى مخرجات تعليمية نافعة لنفسه ولمجتمعه، متكيفا مع عصره مساهما فى حل مشاكله، مبدعا ومبتكرا.

 

 


المراجع:

1- الفقي ، عبد المؤمن فرج – الإدارة المدرسية – الطبعة الأولى – بنغازي – منشورات جامعة قار يونس – 1994 .

2- حلمي وآخرون ، فؤاد احمد – تحليل مهام معلم الفصل ووضع نموذج موضوعي لتقويمه – القاهرة – المركز القومي للبحوث التربوية – شعبة التخطيط التربوي – 1991.

3- حمدان ، محمد زياد – ادوات ملاحظة التدريس مفاهيمها استعمالاتها فى تحسين التربية المدرسية – جدة السعودية – 1983.

4- سليمان ، محمود داؤؤد – طرائق وأساليب التدريس المعاصرة – إربد الأردن عالم الكتب الحديث – 2006 .

5- ملحم ، سامى محمد – القياس والتقويم فى التربية وعلم النفس – الطبعة الثالثة – عمان الأردن – دار المسيرة للنشر والتوزيع – 2005

الـدوريات

1- البهواشي، السيد عبد العزيز – تصور مقترح لتطوير النمو المهني فى ضوء التغيرات المستقبلية فى وظائف وأدوار المعلم وتجارب بعض الدول – المؤتمر السادس عشر الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس( تكوين المعلم)- دار الضيافة جامعة عين شمس 21-22 يوليو 2004 .

2- الأغا ، عبد المعطي رمضان – الإتجاهات المعاصرة في تقويم أداء المعلم المؤتمر السادس عشر (تكوين المعلم)- الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس- المجلد الأول – دار الضيافة جامعة عين شمس-الفترة من 21- 22 يوليو 2004

3- السعيد ، سعيد محمد – الكلمة الافتتاحية فى المؤتمر العلمي الرابع عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس (مناهج التعليم فى ضوء مفهوم الأداء) – كلية التربية جامعة عين شمس – 25 – 26 يوليو 2002.

4- حجي، أحمد إسماعيل – تكوين المعلم متى ؟ولماذا ؟ وكيف يتم عندنا في ضوء ما يفعله الآخرون – المؤتمر العلمى السادس عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ( تكوين المعلم) – دار الضيافة جامعة عين شمس 21 – 22 يوليو 2004

5- سكر واخرون ، نائلة نجيب الخزندار وناجي رجب سكر – تقويم اداء الطلبة المعلمين فى كليات التربية بجامعة الاقصى في ضوءكفايات لازمة لمعلم المستقبل – مجلة التربية العلمية تصدرها الجمعية المصرية للتربية العلمية- المجلد الثامن – العدد الرابع – كلية التربية جامعة عين شمس – ديسمبر2005

6- عبد الجواد ، مختار – المؤشرات التربوية وتقويم أداء معلم التعليم في مصر في عصر المعلومات – المؤتمر السنوى الحادي عشر لجمعية التربية المقارنة ( نظم تقويم الأداء المدرسي في الوطن العربى في عصر المعلومات) – القاهرة – دار الفكر العربى – 25 – 26 يناير 2003

7- وهبي ، السيد إسماعيل – إتجاهات معاصرة فى تقويم اداء المعلم – المؤتمر العلمي الرابع عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس (مناهج التعليم في ضوء مفهوم الأداء)- جامعة عين شمس القاهرة – 24— 25 يوليو 2002 .

البحث في Google:





عن د. اخلاص محمد عبد الحي

مدرسة كيمياء -دكتوراه فى المناهج وطرق التدريس - أستاذ مساعد (متعاون ) جامعة السودان باحث في مجال المناهج وطرق التدريس - مدرب معتمد بوزارة التربية - السودان

9 تعليقات

  1. صلاح الدين

    مقال واضح الطرح دقيق المفاهيم… يتقصّى أشكال التقييم في النظم التعليميّة التقليديّة التي تعوّل على تقييم النواتج وعلى التقيم الخارجيّ. وقد بات لزاما أن نفكّر في أشكال جديدة للتقييم مثل الملفّ المهنيّ (Portfolio) الذي يقيّم الآداءبوصفه سيرورة متنامية لا لحظة منقطعة في مسيرة مهنيّة موصول بعضها ببعض. والتقييم الذاتي في إطار من الممارسة المتبصّرة (Pratique reflexive) حيث يغدو التحليل والنقد والتقويم أنشطة دائمة يمارسها المدرّس بوعي وبصيرة فينتقل بذلك من موقع المنفّذ للتعليميات المطبّق للتوصيات، إلى موقع المقيّم والباحث.

  2. موزه عبدالله حمدان البريكي

    موضوع جدا رائع..منكم نتعلم ونستفيد وننشر الثقافة لمن حولنا..

  3. يونس سالمي

    مواضيع جد متميزة وهادفة مشكورين عليها ونشجعكم وندعوا لكم بالخير والسداد

  4. طريقة تدريس منهج الكفايات وطريقة التحضير

  5. عبد الحفيظ بن الشيخ...استاذ ومدير مؤسسةتعليمية

    شكراعلى هذا المقال الشامل والمفيد..صجيح ان تقويم اداءالمعلم عملية متجددةوعليه ينبغي على المعلم ان يكون مطلعاعلى كل ما هوجديد في مجال التدريس من طرائق وتطبيقات تكنولوجية ولا يتحقق هذا.الا بتفعيل عنصر هام.وهو التكوين المستمر سواء كان ذاتيا او مؤطرا من طرف مشرفين اوخبراء مختصين حتى يقدم اداء فعالا ومبدعا وعلى اثره تكون نتائج التقويم مثمرةللمعلم والمتعلم معا وهذا مانصبوا اليه جميعا

  6. بارك الله فيكم على هذا الموضوع، النقويم التربوي موضوع الساعة سواء للمعلم أو للمتعلم،منظومتنا محتاجة إلى إعادة النظر في هذه العملية البيداغوجية. اتمنى التوفيق لكل معلم و متعلم و للعملية التعليمية التعلمية. جزاكم الله كل خير

  7. صالح الجزائري

    جزاك الله خيرا …. موضوع طيب ومفيد
    تقويم المعلم يحتاج معارف وخبرات أكاديمية وبمنهجية علمية موضوعية وأغلب المشرفين عندنا يفتقرون إليها .
    ويحتاج الأمر إلى قراءة ما كتبه أئمة المسلمين المتقدمين في أصول طلب العلم وآدابه وبهذا يكون التقويم على محك صحيح وأصل متين .

  8. د. أيمن أصلان

    بارك الله فيك مقال من مقالات النفس الطويل التي تقدم موضوعا متكاملا وتشرح الفكرة بكل أبعادها …أشكرك

  9. مصدر السيد 2003 اين هو في المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *