قياس أثر التدريب

ما الفائدة المرجوة من تحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين وما سبل تحقيق ذلك؟

مقدمة

في ظل الثورة المعرفية والتكنولوجية، أصبحت للتدريب أهمية كبرى في تطوير وتنمية المهارات المختلفة للموارد البشرية، وتزداد أهمية التدريب عند الحديث عن المؤسسات التعليمية، وخصوصاً تدريب المعلمين لما له من تأثير كبير في رفع مستوى المعلمين وتطوير قدراتهم، وتحقيق أهداف المؤسسات التعليمية.

وأولى خطوات التدريب الفعال هو بناء البرامج التدريبية وفق الاحتياجات الفعلية. ولبناء تلك البرامج نحتاج إلى تحديد الاحتياجات التدريبية.

وقد اهتمت الكثير من الدراسات بعملية التدريب وتحديد الاحتياجات التدريبية قبل الشروع بالتدريب، ومنها: دراسة الفرا (2013) التي أوصت بضرورة صياغة الأهداف التدريبية من خلال مسح حقيقي لحاجات المعلمين التدريبية، ودراسة جاد الله (2011) التي أشارت إلى وجود حاجة ماسة لتدريب المعلمين في عدة مجالات، على رأسها التخطيط ثم إدارة الصف وتنظيمه ويتبعها العديد من المجالات، وأوصت جاد الله بضرورة إشراك العاملين في تحديد احتياجاتهم التدريبية وأن يكون التدريب نابعاً من تلك الحاجات.

وفي هذا المقال سنجيب عن الأسئلة التالية:

لماذا يتم تحديد الاحتياجات التدريبية؟

كيف يتم تحديد الاحتياجات التدريبية؟

ما المشكلات التي تواجهنا أثناء تحديد الاحتياجات التدريبية؟

مفهوم التدريب

عرفت (عابد 2016، ص 39 ) التدريب على أنه:” عملية مخططة ومستمرة تستخدم أساليب ووسائل محددة تؤدي إلى تلبية الاحتياجات التدريبية الحالية والمستقبلية لدى المعلمين، بحيث تمكنهم من النمو في مهنتهم من خلال زيادة معارفهم وتنمية اتجاهاتهم وتحسين مهاراتهم بما يسهم في تحسين أدائهم المهني.”

مفهوم تحديد الاحتياجات التدريبية

يُعرف الاحتياج لغة بأنه: الافتقار والنقص، والحاجة تعني القصور عن المبلغ المطلوب.

عرفت أبو دية ( 2018) الاحتياجات التدريبية للمعلمين بأنها : “جميع الأنشطة والفعاليات التي يرى المعلم أنه بحاجة إليها للوصول إلى التكوين المهني المتكامل، مما يمكنه من امتلاك مهارات تساعده على تطوير كفاياته وتحسين أدائه في مهنته.”

أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية

مما لا شك فيه أن عملية تحديد الاحتياجات التدريبية عملية مستمرة وهامة تضمن تحقيق الجدوى المنشودة للبرامج التدريبية، فكلما كان التعرف عليها أكثر دقة كلما كانت تلبي احتياجات المعلمين بشكل أكثر كفاءة، لذلك يرى (بركات، 2010) أن لها أهمية كبرى قبل تخطيط برامج المعلمين للأسباب الآتية:

  1. إن تحديد الاحتياجات التدريبية هو الأساس لكل عناصر العملية التدريبية، ومن أهمها عملية تحديد الأهداف التدريبية، وتصميم محتوى البرنامج التدريبي ونشاطاته، وتقييم البرنامج التدريبي، فتحديد الاحتياجات التدريبية يعد مؤشراً يوجه التدريب توجيهاً صحيحاً في تلك العمليات الفرعية.
  2. 2. يساعد تحديد الاحتياجات التدريبية في التركيز على حسن الأداء والوصول إلى الهدف الأساسي من التدريب.
  3. يكشف عن العراقيل التي يمكن أن تحول دون الوصول إلى تحقيق الأهداف التدريبية المتوخاة.
  4. يوضح تحديد الاحتياجات التدريبية الأفراد المطلوب تدريبهم، ونوع التدريب المطلوب، والنتائج المتوقعة منهم.
  5. يحدد الأولويات والسياق الذي يجري فيه التدريب من حيث مكان وزمان ومدة التدريب اللازم وطريقة تنفيذه.
  6. في غياب تحديد الاحتياجات التدريبية أو تحديدها بشكل غير دقيق إضاعة للجهد والوقت والمال.

أنواع الاحتياجات التدريبية

إن الاحتياجات التدريبية في أي منظمة يمكن أن تتخذ الأنواع التالية:

  1. احتياجات عادية تتعلق بتدريب الموظفين الجدد، وتدريب الموظفين الحاليين لأغراض الترقية أو النقل لوظائف أخرى… الخ
  2. احتياجات لمواجهة نواحي ضعف أو نقص فنية أو إنسانية، واقعية أو محتملة، في مهارات العاملين أو معلوماتهم أو اتجاهاتهم، أي أنها احتياجات لمواجهة مشكلات آنية أو محتملة.
  3. احتياجات غير تقليدية، إذ قد لا تجد المنظمة نفسها أمام أي مشكلة تقليدية، عادية كانت أو غير عادية، إلا أنها قد تجد نفسها لا تتسم بالفعالية المطلوبة.

وتأتي هذه الاحتياجات غير التقليدية لمواجهة عدم القدرة على التحديث، أو عدم القدرة على المبادأة والإبداع، أو عدم مواكبة متطلبات البيئة.

مَن الذي يُحدد الاحتياجات التدريبية؟  

قد يتم تحديد الاحتياجات التدريبية على مرحلتين:

  • التحديد المبدئي للاحتياجات التدريبية: وهنا يلمس المدير أو الرئيس المباشر حاجة أو مشكلة تدريبية تستلزم البحث والتحليل وربما لا يتمكن – بالأساليب والأدوات المرجوة أو في حدود الوقت المتاح له- من التحديد الدقيق لهذه الحاجة التدريبية، كما قد يقوم الفرد ذاته بالمبادرة والإفصاح عن حاجته التدريبية.
  • التحديد المفصل للاحتياجات التدريبية: وهنا يستلم المشكلة التدريبية اختصاصي ومسؤول التدريب في المؤسسة أو مسؤول خارجي، فيقوم بدراسة الموقف وتجميع البيانات اللازمة وتحليلها والوصول إلى تحديد دقيق للاحتياج التدريبي الموجود.

ومن ثم تعتبر عملية تحديد الاحتياجات التدريبية نتيجة جهود مشتركة وتعاون عدد من الأفراد كما أوضحها (برهوم، 2017).

  1. المتدرب: لأنه الشخص الوحيد الأقدر على تحديد احتياجاته بنفسه لمعرفته بجزئيات العمل وتفاصيله، وشعوره بجوانب القصور لديه أكثر من غيره، لتحديد المعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة لتطوير أدائه.
  2. الرئيس المباشر: الذي يشرف على المتدرب المراد تحديد احتياجاته التدريبية، لأنه يعرف طبيعة عمل الموظفين وما يلزمهم لأداء العمل.
  3. اختصاصي التدريب: وهو الشخص المتفرغ لشؤون التدريب الفنية والذي تقع على عاتقه مسؤوليات تحديد الاحتياجات التدريبية، وهو على اتصال دائم بالعاملين ويحصل على معلومات منهم.
  4. الخبير المتخصص والمستشار: وهو الشخص الذي ينتمي إلى هيئة تدريبية أو استشارية مستقلة متخصصة في التدريب وتحديد احتياجاته.
  5. الإدارة العليا (المحلية أو المركزية): وذلك بحكم إشرافها العام على المتدرب ووجود التقارير الدورية لديها عنه طول فترة عمله في موقعه التابع لها.
  6. مراكز التدريب المتخصصة: وهي التي تعتبر بمثابة بيوت الخبرة المتخصصة، والتي تمتلك من الخبرات الطويلة والتقنيات والطرق المسحية ما يؤهلها للعب دور بارز ومؤثر في شؤون التدريب.

أساليب تحديد الاحتياجات التدريبية:

  1. المقابلة الشخصية: أنجح الوسائل وأكثرها فعالية لجمع البيانات والمعلومات، وتعني انتقاء شخص مؤهل لإجراء اتصال شفوي يهدف إلى جمع المعلومات اللفظية من المتدرب حول جوانب عمله في ضوء كفايات أو متطلبات ومعوقات العمل من وجهة نظر المتدرب.
  2. الملاحظة: تساعد على عملية تحديد الاحتياجات التدريبية وتمكن الباحث من الحصول على معلومات دقيقة عن الحالة.
  3. الاستبانة: يضعها خبير التدريب كوسيلة من الوسائل الجمعية لجمع المعلومات من العاملين، بهدف التعرف على الاحتياجات التدريبية من أكبر عدد ممكن بنفس الوقت فهي تتضمن مجموعة من الأسئلة المكتوبة بصورة واضحة حول جوانب الأداء وظروفه ومتطلباته وكفاياته، وقد تكون الأسئلة مفتوحة أو أسئلة تتطلب إجاباتها الاختيار من بين عدة بدائل بحيث تغطي الأسئلة كافة جوانب العمل.
  4. تحليل المشكلات: من أهم وسائل نجاح البرنامج التدريبي القائم على تحليل مشكلات العمل، ومعرفة الأسباب الرئيسية الكامنة حول المشكلة، فتزيد هذه الوسيلة من الاتفاق بين الرؤساء والمرؤوسين بعد التعرف على آرائهم لدراسة المشكلة.
  5. دراسة السجلات والتقارير: تظهر مشاكل الأداء بوضوح تام وتقدم معلومات واضحة حول نقاط الضعف.
  6. تقييم الأداء: عملية مستمرة في المنظمة أو أي مستوى تنظيمي تساعد بالكشف عن الاحتياجات التدريبية التي يكون الموظف بحاجة لها.
  7. الاستشاريون: استشارة الجهات المختصة بالكشف عن الاحتياجات التدريبية التي يحتاجها الأفراد، مثل: المعاهد والكليات والمراكز التدريبية (الخطيب والخطيب، 2006)

مستويات تحديد الاحتياجات التدريبية

2- تحليل المنظمة Organization Analysis

ويقصد به دراسة الأوضاع التنظيمية، والأنماط الإدارية لتحديد مشكلات الأداء الحالية في المنظمة وكذلك تحديد متطلبات الأداء المرتبطة بخطط التطوير.

2- تحليل الوظيفة Job Analysis

في هذا المستوى يتم إجراء دراسة متكاملة لمجموعة من الوظائف التي تواجه مشكلات الأداء على مستوى المنظمة والواجبات الوظيفية من المعارف والمهارات، وتحديد المستوى المطلوب من الأداء، وكيف تم الأداء، وفي سبيل ذلك يتم جمع المعلومات اللازمة عن نوع وطبيعة العمليات ومدى سهولتها أو تعقيدها، وأنواع العمليات والوظائف ومحتوياتها، والمهارات والقدرات المطلوبة لشغلها، وذلك عن طريق دراسة قوائم توصيف الوظائف بالمنظمة، والتي تشمل مهام كل وظيفة من الوظائف، وعن طريق هذه الدراسة فإنه من الممكن الخروج ببعض المؤشرات التدريبية.

3- تحليل الفرد Individual Analysis

الهدف من هذا التحليل هو:

أولاً: تحديد الأفراد الذين يحتاجون إلى التدريب.

ثانياً: معرفة المهارات والمعارف والقدرات والاتجاهات التي ينبغي اكتسابها أو تطويرها وعلى ضوء ذلك توجيه الأفراد الذين يحتاجون إلى التدريب فعلاً إلى البرامج المعدة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم الفعلية.

وينصب الاهتمام هنا على مستوى أداء الفرد الفعلي، ومدى إمكانية الارتقاء بهذا الأداء من خلال التدريب. (التلباني وآخرون،2012).

الخطوات العملية لتحديد الاحتياجات التدريبية

  1. تحديد الأهداف: من الأهمية بمكان تحديد الغايات والأهداف المرجوة، مع وصف النتائج المطلوب تحقيقها بالأرقام.
  2. تحديد المهارات المطلوبة: للوصول إلى الأهداف التي تم تحديدها لا بد أن يكون هناك مستوى معين من المهارات يجب أن يتحقق لدى العاملين في المؤسسة في مختلف المستويات، لذلك يجب عمل توصيف دقيق للمهارات والمستوى المطلوب تحقيقه في كل مهارة بالنسبة لكل موظف.
  3. تحديد المستوى الحالي للمهارات: يجب تحديد واقع المهارات المتوفرة لدى العاملين على شكل قيم رقمية أو نسبية.
  4. تحديد فجوات المهارات والأداء الحالي: من خلال التحليل الناتج من الخطوة الثانية والثالثة أعلاه يسهل وضع جدول تقييمي لفجوات المهارات، مما يعطينا مؤشراً جيداً لحجم ونوع وزمن التدريب المطلوب.
  5. تحديد أفضليات التدريب: بمعنى تحديد نوع التدريب المطلوب، ومن العاملون المستهدفون بالتدريب؟ وكيف يمكن أن يتدربوا؟
  6. تصميم التدريب: بالاعتماد على الخطوات السابقة يمكن اختيار برامج تدريبية لتغطية الفجوة بين المهارات الواقعية والمطلوبة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدورات التدريبية ليست دائماً الحل الأمثل لاكتساب القدرات والمهارات فهناك أساليب أخرى مثل: الدراسة الأكاديمية، التدريب على رأس العمل، القراءة التخصصية، ورش العمل، جلسات تبادل الخبرات، وغيرها.
  7. قياس فعالية التدريب: حتى تكتمل دائرة التدريب ونتحقق من جدوى التدريب يجب قياس فعالية التدريب، وتحرص المؤسسات المتمكنة على إعطاء قيمة مالية لذلك ويسمى العائد على الاستثمار في التدريب، بينما تقوم مؤسسات أخرى بقياس فعالية التدريب ببيان تقييم مستوى المهارات قبل التدريب وبعده، وكلما كانت الفجوة بينهما كبيرة كان التدريب فعالاً.

ومهما كانت المقاييس دقيقة والمنهجية سليمة في تحديد الاحتياجات التدريبية تبقى جدواها محدودة لخطة واحدة، ونحتاج بعدها لإجراء تحليل وتحديد جديد للاحتياجات التدريبية يتلاءم مع التطورات في مجال العمل.

مشكلات تحديد الاحتياجات التدريبية  

تحيط بعملية تحديد الاحتياجات التدريبية عادة عدة مشكلات، أهمها:

  1. عدم مبادرة كثير من الأقسام أو اللجان إلى تحديد احتياجاتها التدريبية، إما لعدم إدراكها أهميتها، أو لتعجيل تنفيذ البرامج دون تحديد الاحتياجات التدريبية، أو لإسناد عملية التدريب لغير المتخصصين.
  2. لا يتم تحديد الاحتياجات التدريبية بشكل علمي ودقيق.
  3. قصور البيانات التي استند عليها تحديد الاحتياجات والتدريب.
  4. تكرار نفس البرنامج في كثير من خطط التدريب رغم تنوع وتغير الاحتياجات (تغير ظروف العمل، تغير التوجهات)
  5. عدم تلبية البرامج للاحتياجات التدريبية – في حالة تحديدها – بسبب عدم وضع أهداف البرنامج في شكل أهداف معرفية ومهارية وسلوكية.
  6. عدم القدرة على التمييز بين المشكلة التدريبية وغيرها من المشكلات التي تحل بطرق أخرى غير التدريب.
  7. عدم اهتمام الأفراد بالبرامج، وعدم اقتناعهم بأهدافها لأنهم لم يساهموا في تحديد احتياجاتهم لها ولم تناقش معهم.
  8. اتجاه التدريب إلى تلبية الاحتياجات المعرفية على حساب الاحتياجات المهارية والسلوكية.

المراجع

– أبو دية، دينا. (2018). الاحتياجات التدريبية لمعلمي الصف الأول الابتدائي في مدارس وكالة الغوث في محافظات غزة. (رسالة ماجستير غير منشورة). الجامعة الإسلامية. غزة

– التلباني، نهاية وبدير، رامز والسراج، رجب. ( 2012). واقع عملية تحديد الاحتياجات التدريبية للعاملين في المنظمات غير الحكومية بقطاع غزة. مجلة جامعة النجاح للأبحاث -العلوم الإنسانية ،26 (7).

– الخطيب، أحمد والخطيب، رداح. (2006). التدريب الفعال. عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع. الأردن.

– برهوم، أحمد. ( 2017). الاحتياجات التدريبية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الفلسطينية، الجامعة الإسلامية، دراسة حالة. مجلة العلوم النفسية والتربوية، الجامعة الإسلامية، غزة 25 (4): 347-369.

– بركات، زياد. (2010). الاحتياجات التدريبية اللازمة لمعلم الصف في المرحلة الأساسية الدنيا من وجهة نظر معلمي المدارس الأساسية بمحافظة طولكرم بفلسطين. ورقة بحثية مقدمة إلى المؤتمر العلمي الثالث لجامعة جرش الأهلية بعنوان ” تربية المعلم العربي وتأهيله: رؤى معاصرة”.

– عابد، ولاء. (2016). دور برنامج التطوير المهني المستمر للمعلم القائم على المدرسة(SBTD)   في تحسين أداء معلمي المرحلة الأساسية بمدارس وكالة الغوث الدولية.(رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة الأزهر، غزة.

البحث في Google:





عن مريم عطية أبو ماضي

طالبة دراسات عليا، ماجستير أصول التربية والإدارة التربوية - كلية التربية، الجامعة الإسلامية بغزة، فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *