التعليم في فنلندا

الفصول الدراسية في المستقبل من وجهة نظر التعليم الفنلندي

على الرغم من التغيرات الكبيرة التي طرأت على أسلوب الحياة بسبب التقدم التكنولوجي، فإنه إذا نظرت إلى فصل دراسي اليوم و قارنته مع إحدى الفصول الدراسية في أوائل القرن العشرين فلن تلاحظ الكثير من الاختلافات المهمة.
من المؤكد أنك ستجد أثاثا مدرسيا أكثر انسيابية، وقد توجد لوحة بيضاء تفاعلية أو عدة أجهزة كمبيوتر في الغرفة، ولكن التنظيم الأساسي لا يزال كما هو حيث يجلس الطلاب في أماكنهم معظم اليوم بينما يقف المعلم في مقدمة الصف للشرح. ولحسن الحظ، يحاول العديد من المهندسين تصميم فصول دراسية للقرن الحادي والعشرين بطريقة إبداعية خارجة عن المألوف. وتهدف تلك الفصول الدراسية إلى خلق بيئة تعزز النمو الشامل للطلاب في مهارات التواصل والتعاون والإبداع والقيادة (مهارات القرن الحادي والعشرين).
إن كنت تتساءل: “كيف تبدو تلك الفصول الدراسية؟”. فإليك نظرة خاطفة عما يستلزمه تصميم الفصل الدراسي في القرن الحادي والعشرين كما وجدته من خلال تجربتي في المدارس الفنلندية.

1- تخطيط مرن:

يتيح للمعلم تطبيق منهجية التعلم المشخصن Personalized Learning مع طلابه. فقد أصبحت المناهج مليئة بالخيارات التي تمكن الطلاب من تحديد الطريقة التي يتعلمون بها بشكل أفضل، ولذلك فهم في حاجة إلى بيئة تدعم ذلك. كما توفر المساحة الذكية للمعلمين أيضًا القدرة على الاستجابة لاحتياجات الطلاب المختلفة.
وتتضمن هذه الفصول الدراسية فضاءات مختلفة، فنجد هناك منطقة الدراسة والتعلم بالنظام الجماعي والثنائي وكذلك الفردي. بحيث تتيح للطالب اختيار طريقة التعلم المناسبة له. ومنطقة ورش العمل لكي يقوم الطلاب فيها بتنفيذ مشاريعهم سواء باستخدام الورقة والقلم أو أجهزة (كالطابعة ثلاثية الأبعاد). الفضاء الأخير يطلق عليها فضاء الراحة والاستجمام العقلي، بحيث يتاح للطالب فيها القراءة الحرة أو البحث في مصادر المعلومات المختلفة (باستخدام الأجهزة اللوحية) أو حتى مزاولة بعض الألعاب كالشطرنج و الأبالون Abalone. فإدارة الفصول الدراسية في القرن الحادي والعشرين تتم من خلال الأخذ بعين الاعتبار اهتمامات الطلاب وميولاتهم. كما تسمح تلك المساحات المفتوحة والمرنة للطلاب الاجتماع والتعاون والإبداع.

2- الأثاث المدرسي الذكي:

يوفر للطلاب خيارات الجلوس المختلفة وذلك لإتاحة الاستفادة القصوى من مساحة الفصل الدراسي في كل سنتيمتر من أرجائه. ويعد الأثاث المحمول والملون وسهل الحركة أمرًا ضروريًا في تصميم الفصول الدراسية للقرن الحادي والعشرين. ومن الأمثلة على ذلك، مقاعد بخزانات، وطاولات مثلثة الشكل ناعمة الحواف، وطاولات الوقوف، والطاولات الأرضية.
​​يقضي الطلاب في المتوسط حوالي ست ساعات من يومهم في ذلك الفصل الدراسي، لذلك يجب أن يتسع أثاث غرفة الفصل لحاجاتهم التعليمية والنفسية والصحية حتى تمنح الطلاب خيارات تسمح لهم بالجلوس والوقوف والحركة بحرية

3- تكامل التكنولوجيا:

ليس من المستغرب أن يكون التكامل التكنولوجي جانباً رئيسياً في التصميم العصري للفصول الدراسية. وتستخدم هذه الفصول الدراسية التكنولوجيا كأداة لتحفيز الفضول وإلهام رغبة الطلاب في التعلم، فالتكنولوجيا سواء كانت أجهزة كمبيوتر محمولة أو أجهزة لوحية، تضع المعلومات في متناول يد الطلاب وتحفزهم على إجراء الأبحاث وتحقيق الاكتشافات.
بالإضافة إلى ذلك، يدعم تكامل التكنولوجيا الفصول الدراسية الشاملة، حيث أنه يسمح للطلاب بالانتقال إلى مستوى التعلم بالاكتشاف والاستقصاء. كاستخدام الروبوتات في تعلم لغات البرمجة، ونظارات الواقع الافتراضي لاكتشاف الصخور في كوكب الزهرة.

4- بيئة مضاءة جيدا:

تعتبر الإضاءة جزءًا مهمًا من تصميم الفصول الدراسية في القرن الحادي والعشرين. فمن المفترض أن يتم استبدال المصابيح الكهربائية الساطعة بمصابيح طبيعية، وذلك من خلال استخدام نوافذ كبيرة بتصاميم ذكية. وهذا من شأنه أن يجعل الطلاب يشعرون براحة أكثر. فقد أظهرت الدراسات بأن معدلات تعلم الطلاب قد تحسنت بين 7% – 26% في الفصول الدراسية التي تتعرض للإضاءة الطبيعية الكافية. وعند وجود نوافذ كبيرة داخل الفصل الدراسي (خصوصا إذا كان الفصل مطلا على منظر طبيعي أو حتى طريق يتردد فيه الناس باستمرار)، يجعل الطلاب يشعرون بأنهم مازالوا في بيئتهم ومجتمعهم، وأن المدرسة ليست معزولة تماما عما هو حولهم.
للبدء في تجديد فصولكم الدراسية، يمكنكم الاستفادة من موقع Classroom Architect الرائع لعمل تصاميم مبدئية، كما يمكنكم إلقاء نظرة على موقع Pinterest للحصول على الكثير من النصائح المفيدة حول تصميم الفصول الدراسية الجاذبة، وذلك باستخدام الكلمات المفتاحية Creative ideas for classroom.

البحث في Google:





عن رائف بن حسن بودريس

أخصائي موهبة وابتكار في وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية، وماجستير في المناهج وطرق تدريس العلوم في جامعة الأمير عبدالرحمن بن فيصل. حاصل على جائزة الأداء المتميز فئة المعلم على مستوى تعليم المنطقة الشرقية. مبتعث إلى فنلندا في برنامج خبرات ومدرب عالمي في تصميم المناهج الإثرائية العلمية بمنهجية STEM/STEAM من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة ميتشيغان. مؤلف كتاب كيف تصبح فائق التفكير وكتاب برنامج STEM ومساحة الابتكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *