مقدمة
تعتبر أنظمة GNSS (Global Navigation Satellite Systems) من التقنيات الحيوية في مجال الملاحة والتي تعتمد على شبكات من الأقمار الصناعية التي تبث إشارات راديوية لتحديد المواقع والوقت بدقة عالية، وذلك لأي نقطة على سطح الأرض أو في الفضاء القريب. تخدم أنظمة الأقمار الصناعية للملاحة العالمية GNSS في الاستجابة الكلية والآنية للطوارئ ومستوى الإغاثة الفورية بعد تحديد موقعه، وكذا في خدمة البحوث العلمية والزراعية، وتنفيذ القوانين. أيضٌا توفر معلومات قيمة لشبكة الطرق القومية وخطوط الطيران والسكك الحديدية والمحطات الفضائية البحرية.
قد أدت هذه الأنظمة إلى تحسين فعالية العمليات اللوجستية، وزيادة دقة الخرائط الرقمية، وتعزيز الأمان في مجالات متعددة. كما ساهمت في تطوير تطبيقات جديدة مثل الملاحة الذاتية للسيارات والطائرات، مما يعكس تأثيرها الواسع على حياتنا اليومية. في هذا البحث، سنستعرض تاريخ تطور أنظمة GNSS، مكوناتها الأساسية، آلية عملها، والتحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى التطبيقات المتعددة التي تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الكفاءة في مختلف المجالات.
إنجاز العربي المعاصر وتأثيرها على الطيران والفضاء
يعد الطيار والمهندس محمد الشعلان واحدًا من أبرز الشخصيات العربية في مجال تصميم المركبات الجوية والصواريخ على مستوى العالم؛ بما يمتلكه من خبرة واسعة في هندسة علوم الطيران وتكنولوجيا الفضاء، وقد أظهر تفوقًا ملحوظًا من خلال العديد من الأبحاث والمشاريع التي ساهم بها كباحث في معهد موسكو العسكري للطيران؛ بعد أن تم دعوته مؤخرًا من قبل شركة الطائرات المتحدة – UAC الروسية، وذلك للاشتراك في إحدى أهم مسابقات روسيا الاتحادية في مستقبل صناعة وتصميم الطيران «Будущее авиации-2024»، تنافس عليها أكثر من 3500 عالم وخبير ومهندس وطيار مهندس داخل الدولة الروسية في 10 مجالات؛ وقد تم اختيار من ضمن “100”، والمصري والعربي الوحيد، لأفضل المشاريع البحثية من قبل لجنة خبراء التقييم الذين قاموا بدراسة كل مشروع بعناية. هذا وقد حصل على جائزة مؤتمر الطيران والملاحة الفضائية الدولي لدورته السابعة عشر، روسيا، سنة 2018م، وذلك عن بحثه في “كويست للطيران الأسرع من الصوت”. وجائزة مؤتمر جاجارين للعلوم الدولي لدورته 44، روسيا، سنة 2018م، وذلك عن بحثه في “تكنولوجيا تحجيم الانفجار الصوتي لطائرات الأسرع من الصوت”.
أنظمة GNSS وأهميتها في الطيران
يبرز الشعلان التباين في الأقمار الصناعية في عمرها وتصميمها، حيث أن GNSS ترسل موجتين حاملة مثبتين في النطاق Lبتردد L1 (1575.42 ميجاهيرتز) وL2 (1227.60 ميجاهرتز)، والغرض منهما نقل معلومات من الأقمار إلى الأجهزة الأرضية المستقبلة. هذه الأجهزة تتكون من هوائي لاستقبال الإشارات ووحدة معالجة لترجمتها وتحليلها. للحصول على موقع دقيق، يجب استقبال المعلومات من ثلاثة أقمار صناعية على الأقل. حيث تدور هذه الأقمار حول الأرض مرة واحدة كل 11 ساعة و58 دقيقة و2 ثانية، وترسل إشارات مشفرة التي تفكرها أجهزة الاستقبال لتحديد الموقع بدقة، مع الأخذ بعين الاعتبار فرق التوقيت بين الاستقبال والبث. وأخيرٌا وليس آخرٌأ، يتم عرض الموقع على شكل إحداثيات جغرافية لخطوط الطول والعرض.
تتزايد أهمية أنظمة GNSS في مجالات متعددة، بما في ذلك الملاحة الجوية، الملاحة البحرية، التطبيقات العسكرية، والتطبيقات المدنية، والتي تشمل على الأنظمة التالية:
1- GPS (Global Positioning System)
وهو نظام أمريكي لتحديد المواقع العالمي (GPS) هو نظام ملاحة يعتمد على الأقمار الصناعية لتحديد المواقع بدقة. يعمل GPS من خلال إرسال إشارات من مجموعة من الأقمار الصناعية إلى أجهزة استقبال على سطح الأرض. هذه الأجهزة تستخدم المعلومات المستلمة لحساب موقعها بدقة من خلال قياس الوقت الذي استغرقته الإشارات للوصول إليها.
كيف يعمل GPS؟
- يدور حوالي 30 قمرًا صناعيًا في مدارات حول الأرض.
- ترسل الأقمار إشارات تحتوي على معلومات عن الوقت وموقع القمر.
- يستقبل جهاز GPS الإشارات من عدة أقمار.
- باستخدام سرعة الضوء ووقت وصول الإشارات، يمكن للجهاز تحديد موقعه بدقة.
استخدامات GPS
- الملاحة في السيارات والطائرات والسفن.
- تتبع المواقع في الهواتف الذكية.
- تطبيقات في الزراعة، بناء الخرائط، والجيولوجيا.
2- GLONASS (Globalnaya Navigatsionnaya Sputnikovaya Sistema)
وهو نظام GLONASS (Global Navigation Satellite System) هو نظام روسي لتحديد المواقع العالمية، مشابه لنظام GPS الأمريكي. تم تطويره من قبل الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات ويعمل على توفير خدمات تحديد المواقع للمستخدمين حول العالم.
كيف يعمل GLONASS؟
- يتكون النظام من مجموعة من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، عادًة حوالي 24 قمرًا.
- ترسل الأقمار إشارات تحتوي على معلومات عن موقعها والوقت.
- يتم استقبال هذه الإشارات بواسطة أجهزة الاستقبال الأرضية.
- من خلال تحليل الإشارات، يمكن تحديد الموقع بدقة.
استخدامات GLONASS
- الملاحة في السيارات والطائرات.
- التطبيقات العسكرية.
- التتبع والمراقبة في مختلف المجالات.
3- Galileo
نظام غاليليو (Galileo) هو نظام تحديد المواقع العالمي الذي أنشأته الاتحاد الأوروبي. يهدف النظام إلى توفير خدمات تحديد المواقع بدقة عالية، ويعتبر بديلًا مستقلًا عن نظام GPS الأمريكي وGLONASS الروسي.
كيف يعمل Galileo ؟
- يتكون النظام من مجموعة من الأقمار الصناعية (حوالي 30 قمرًا).
- ترسل الأقمار إشارات تحتوي على معلومات الموقع والوقت.
- تستقبل أجهزة الاستقبال الأرضية هذه الإشارات.
- باستخدام الوقت الذي استغرقته الإشارات للوصول، يتم تحديد الموقع بدقة.
استخدامات نظام Galileo
- الملاحة في السيارات والطائرات والسفن.
- التطبيقات الزراعية.
- خدمات الطوارئ.
4- BeiDou
نظام BeiDou هو نظام تحديد المواقع العالمي الذي أنشأته الصين. بدأ تطويره في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ويهدف إلى توفير خدمات الملاحة والتوقيت بدقة عالية.
كيف يعمل BeiDou؟
- يتكون النظام من مجموعة من الأقمار الصناعية (حوالي 30 قمرًا).
- ترسل الأقمار إشارات تحتوي على معلومات عن الموقع والوقت.
- تستقبل أجهزة الاستقبال هذه الإشارات لتحليلها.
- يستخدم الجهاز المعلومات المستلمة لتحديد موقعه بدقة.
استخدامات نظام BeiDou
- الملاحة في السيارات والطائرات والسفن.
- التطبيقات العسكرية.
- التتبع والمراقبة في مختلف المجالات.
5- QZSS (Quasi-Zenith Satellite System)
نظام QZSS (Quasi-Zenith Satellite System) هو نظام تحديد المواقع الذي تم تطويره في اليابان. يهدف هذا النظام إلى تحسين دقة خدمات تحديد المواقع في المناطق الحضرية والمناطق ذات التضاريس الوعرة.
كيف يعمل QZSS؟
- يتكون النظام من عدد محدود من الأقمار الصناعية (حوالي 4 أقمار).
- ترسل الأقمار إشارات تحتوي على معلومات عن الموقع والوقت.
- يستقبل المستخدمون الإشارات ويحللونها لتحديد مواقعهم.
- يعزز النظام من أداء GPS من خلال توفير إشارة إضافية.
استخدامات نظام QZSS
- الملاحة في السيارات والطائرات.
- التطبيقات الزراعية.
- خدمات الطوارئ.
6- IRNSS (Indian Regional Navigation Satellite System)
وهو نظام IRNSS (Indian Regional Navigation Satellite System) هو نظام تحديد المواقع الإقليمي الذي طورته الهند، ويهدف إلى توفير خدمات الملاحة الدقيقة للمستخدمين في الهند والمناطق المحيطة بها.
كيف يعمل IRNSS؟
- يتكون النظام من 7 أقمار صناعية، 3 منها في المدار الجغرافي الثابت و4 في المدارات المتزامنة.
- ترسل الأقمار إشارات تحتوي على معلومات عن الموقع والوقت.
- تستقبل أجهزة الاستقبال هذه الإشارات وتستخدمها لتحديد الموقع.
- يتم تحديد الموقع بدقة باستخدام المعلومات المستلمة.
استخدامات نظام IRNSS
- الملاحة في السيارات والطائرات.
- تطبيقات في الزراعة.
- خدمات الطوارئ.
تداخل الخبرات
يمثل الشعلان مثالًا حيًا على كيفية تداخل مجالات تصميم الطائرات مع أنظمة الملاحة. فبفضل خبرته في تصميم المركبات الجوية، كان قادرًا على فهم كيفية استخدام أنظمة GNSS لتحسين أداء الطائرات. على سبيل المثال، تم استدعاؤه من قبل ناسا لدراسة سبل الإعاشة لرواد الفضاء، مما يبرز أهمية بحوثه في مجالات متعددة.
التحديات المستقبلية
على الرغم من الفوائد العديدة التي تقدمها أنظمة GNSS، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة، مثل التلاعب بالإشارات والقرصنة. يتطلب الأمر تحسين الأنظمة لتقليل هذه المخاطر وضمان دقة تحديد المواقع. كما أن الحاجة إلى تطوير تكنولوجيا جديدة لضمان استمرارية الأداء الجيد لأنظمة الملاحة تبقى قائمة.
خاتمة
يقول محمد الشعلان في ضوء دراسته حول هندسة الأقمار الصناعية: “…وجب التنويه بأنه يتم التحكم بدقة عالية في الأقمار الصناعية من خلال محطات أرضية موزعة حول العالم. هذه المحطات تستقبل بيانات حالة الأقمار وتطبق عليها تصحيحات وأوامر للتحكم تحديدٌا، يتم التحكم بإحكام في مدار الأقمار الصناعية “GNSS SatNav”، حيث أن أي أخطاء في المدار ستؤدي إلى أخطاء في تحديد المواقع النهائية”. مسترسلًا حديثه: “إضافًة إلى ذلك، تحتوي الأقمار على ساعات ذرية دقيقة جدٌا لإرسال إشارات الوقت. ولكن نظرًا لانحراف هذه الساعات قليلٌا، يتم استخدام إشارات المحطات الأرضية لتصحيح ذلك الانحراف”. ويستطرد قائلًا: “إن التطبيقات التي تعتمد على GNSS، مثل أنظمة الملاحة والطائرات بدون طيار، قد تتعرض لخطر كبير إذا تم التلاعب بالمعلومات؛ لذلك تعتبر القرصنة والتلاعب بالإشارات من التحديات الكبيرة التي تواجه GNSS، مما يستدعي تحسين الأنظمة لتقليل هذه المخاطر في المستقبل القريب”. أخيرًا، فإن رحلة محمد الشعلان من خريج في هندسة الطيران إلى واحد من أبرز المهندسين في العالم تعكس التفاني والابتكار في مجالي الطيران وأنظمة الملاحة. تظل إنجازاته مصدر إلهام للعديد من المهندسين والباحثين، مما يعكس الدور الحيوي الذي تلعبه هذه المجالات في مستقبل الطيران والفضاء. في حين تستمر أنظمة GNSS في تطوير نفسها، يبقى الشعلان نموذجًا للتميز والإبداع في عالم الطيران وتكنولوجيا الفضاء.