تأثير تدخل الوالدين في العملية التعليمية على التحصيل العلمي للأبناء

تبدأ العملية التعليمية في المنزل من اللحظة الأولى التي يولد بها الطفل، فالأسرة هي أول مؤسسة تربوية تحتضن الطفل، حيث يكتسب السلوكيات من الأشخاص المحيطين به. وتعتبر الأهم بين المؤسسات الاجتماعية، والتربوية التي قد تسهم في نجاح الطفل، أو فشله في التعلم المبكر (شافكن: 1993). كما أن للأسرة دورا فعالا في مساعدة الطفل  ليكون فرداً متميزاً في مجتمعه. وبالتالي، فإن التعليم ليس مسؤولية المدرسة فقط، بل إنه التزام مشترك بين الطلاب، والأسر، والمعلمين، والمدرسة. لذلك، يجب أن يشارك الآباء في العملية التعليمية لضمان جودة التحصيل الأكاديمي لأطفالهم )صالح عبدالعزيز، وعبدالعزيز عبدالمجيد:1971).

يمكن للأسرة أن تشترك بالعملية التعليمية مع أطفالها في مجالات متعددة، ومن هذه المجالات: التعلم الموجه للعائلة، والشراكة بين الأسر والمدرسة. حيث يركز المجال الأول على تحفيز العائلة للأبناء، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة داخل المنزل. كما تتضمن أيضاً بعض الأنشطة التعليمية التي يقوم بها الوالدين مع أبنائهم. أما المجال الآخر فيتضمن التواصل المستمر بين العائلة والمدرسة لتحسين المستوى التعليمي لأبنائهم (فوكس، واولسن: 2014).

فقد تحدث الكثير من علماء النفس، ورجال التربية عن دور الأسرة الكبير، وأهميته في بناء شخصية الطفل، وإكسابه السلوكيات، والقيم الاجتماعية الأساسية. فوفقاً لمؤسسة Education Endowment، فإن مشاركة الأسرة في العملية التعليمية مع أبنائهم تؤثر إيجاباً على المستوى التحصيلي للطفل.

كما توجد العديد من الدراسات في الوطن العربي التي تتناول أثر العوامل المحيطة بالطلاب على تحصيلهم الدراسي. ومن ضمن هذه الدراسات دراسة قام بها جانو ونصرة في جامعة تشرين (1976) بعنوان أثر العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية في مستوى تحصيل الطلبة الدراسي. و من أهم نتائج هذه الدراسة هي أن المستوى التعليمي للأسرة يؤثر بشكل إيجابي على المستوى التحصيلي لأبنائهم. أما إذا كان الأب والأم غير متعلمين، أو حصلوا على تعليم مُتدنٍ، فإن هذا يؤثر سلبياً على مستوى أبنائهم الدراسي.

كما أجرى هندي دراسة عن أثر العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية في تسرب الطلاب في المرحلة الإلزامية عام  1978. ومن أهم نتائج هذه الدراسة هو أن الآباء ذوي التعليم المتدني، أو غير المتعلمين، لا يقدرون قيمة المدرسة، وأهمية التعليم، مما يجعلهم أحد الأسباب الأساسية التي تدفع بأبنائهم إلى ترك المدرسة باكراً .

أما بالنسبة للدراسات الأجنبية، فقد تم إثبات العلاقة القوية بين مشاركة الوالدين في التعليم والتحصيل الأكاديمي بشكل إيجابي من خلال دراسات مختلفة. وتظهر نتائج بعض الدراسات الأثر الإيجابي لمشاركة الأسرة على التحصيل الدراسي للطالب. علاوة على ذلك، تعمل هذه المشاركة على تحسين تقدير الطلاب لذاتهم، وتعزز أدائهم الأكاديمي، وكذلك تقلل نسبة التغيب عن المدرسة (ولسون: 1975).

وتعقيباً على الدراسات السابقة، أشارت معظمها إلى أن لتدخل الأسرة في تعليم أبنائهم أثراً كبيراً في التحصيل الدراسي، وأن العلاقة بين أفراد الأسرة مهمة، حيث أن علاقة التعاون، والتفاهم بين أفرادها تؤثر إيجابياً على الأفراد. فالعوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية تؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على أداء الأبناء في المدرسة، وتحصيلهم الدراسي.

تعتبر الدراسات والبحوث التي تطرقت إلى أثر تدخل الأسرة في العملية التعليمية على التحصيل الدراسي للطلاب في المملكة العربية السعودية قليلة. والتدخل الأسري في المنظومة التعليمية ليس إجبارياً على المدرسة، والمعلم. مما أدى إلى تجاهل أهمية الموضوع، وعدم التطرق إليه بسبب قلة الوعي. ويعتبر رفع مستوى التحصيل الدراسي عن طريق التنوع في طرق التدريس هو الهاجس الوحيد للمعلم بسبب قلة الوعي بدور الأسرة في التأثير على المستوى التحصيلي في المواد الدراسية.

التوصيات:

يعتبر التدخل الأسري في العملية التعليمية من بين أهم العوامل التي تؤثر على النجاح المدرسي للأبناء. فمن خلال هذه التوصيات، نوضح ما يجب على المدرسة، والوالدين القيام به لحث الطلاب على التفوق والنجاح المدرسي:

1-على المدرسة إشراك الأسرة في أي قرارات تخص أبناءهم، ودعوتهم إلى مشاركة أبنائهم في الرحلات المدرسية، والمناسبات، والحفلات التي تقام في المدرسة.

2-على المدرسة توفير جميع الوسائط الثقافية من كتب، ومجلات، وغيرها للوالدين لتساعدهم على تنمية مواهب أبنائهم، وتساعدهم على التقدم العلمي.

3-على الوالدين التواصل باستمرار مع المدرسة، والمرشد الطلابي، والمعلمين، وحضور مجالس أولياء التلاميذ، والرد على أي استفسار من الإدارة. فالعملية التعليمية تتجلى بالدعم المستمر من الوالدين وتواصلهم مع المعلم، والمدرسة من خلال اللقاءات، ووسائل الاتصال المختلفة (نور الدين: 2013)

4- على الوالدين مساعدة المدرسة في معالجة أي مشاكل نفسية، أو سلوكية، أو تدني المستوى التعليمي بموضوعية تامة وعدم توجيه اللوم على المدرسة، والمعلم.

5- على الوالدين مساعدة أبنائهم بتوفير المكان، والوقت المناسب للاستماع إلى مشاكلهم التي تتعلق بنجاحهم المدرسي، ومحاولة حلها، وعدم إلقاء اللوم على أحد.

6- على الوالدين اشعار أبنائهما بأهمية المدرسة، والنجاح المدرسي، وأثره في بناء المجتمعات.

المراجع

جانو ، عصام – نصرة ، جورج: “أثر العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية في مستوى تحصيل الطلبة الدراسي”، جامعة تشرين، سوريا، 1976.
صالح عبدالعزيز و عبدالعزيز عبدالمجيد: “التربية وطرق التدريس ” ، مصر: دار المعارف، 1971.
شافكن، ن. : “الأسر والمدارس في مجتمع قائم على التعددية”، مطبعة جامعة ولاية نيويورك ،1993.
على أسعد وطفة: “علم الاجتماع التربوي وقضايا الحياة التربوية المعاصرة”، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، الكويت، 1998.
فوكس، واولسن: “رأس المال التعليمي: تحديد مشاركة الأبوين”، 2014.
نور الدين: “زمام الأسرة والمدرسة، رؤية نظرية تتبعية، دفاتر مخبر المسألة التربوية”، كلية العلوم والإنسانية والاجتماعية، جامعة بسكرة، 2013.
هندي ، صالح ذياب: “أثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تسرب الطلاب في المرحلة الإلزامية في الأردن”، رسالة ماجستير، الأردن، 1978.

Education Endowment Foundation (2018). Early Years Toolkit: Parental Engagement.

Wilson, K, (1975). The Educational Attainment Process. American journal of  sociology.

البحث في Google:





عن مورد الغفيلي

ماجستير لغة انجليزية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *