خطة التدريس

استراتيجيات إدارة المعرفة داخل المنظمات المتعلمة

– إدارة المعرفة 

لقد أصبحت ” القدرة على التعلم ” إحدى القدرات المحورية لمؤسسات العصر الحديث، فكلما تعاظمت قدرة المؤسسة على التعلم وبناء المعرفة زادت إمكانية بقائها واستمرارها ومواصلتها لمسيرتها.

– مادة البناء الأساسية في المؤسسة الحديثة:

بينما كان المورد الفيزيائي : الأجهزة، المعدات، المواد، الوسائل ،البنى التحية …إلخ هو المادة الأساسية التي تستمد منها أي مؤسسة قوتها، فإننا في هذا العصر نشهد خروج رافعي الأثقال، ودخول العقول واقتراب بناء المعرفة واكتسابها من احتلال المركز الأول بين الوظائف بالنسبة للمؤسسات.

لقد أصبحت مادة البناء الأساسية في  بنيان المؤسسات هي المعرفة، حيث أصبحت اليوم تكلفة تكنولوجيا المعلومات في السيارة العادية أكبر بكثير من تكلفة الصلب المصنوعة منه.

فأصبح من المُلح أن يكون ضمن إدارات الشركات إدارة خاصة  بإدارة المعرفة، تتم من خلالها إدارة معرفة المؤسسة الحالية واكتساب المعرفة الجديدة التي تمكنها من استشراف المستقبل والبقاء على قائمة الشركات القائمة.

– مفهوم المعرفة:

إن أفضل طريقة لفهم المعرفة هي التمييز بين مفهوم كل من البيانات والمعلومات والمعارف. فالبيانات تمثل حقيقة بدون سياق، فإذا تم تنظيم البيانات وتحليلها وترجمتها إلى معان أصبحت معلومات، وتصبح المعلومات معارف إذا تم وضعها في سياق منطقي مفاهيمي يمكن تذكره والتحقق منه من خلال الخبرة حيث عند مرحلة المعرفة تمتزج المعلومة مع الخبرة مما يعطي قدرة على الحكم واتخاذ القرار.

وهناك مستوى رابع من المعرفة يمكن أن نطلق عليه التعقل أو الحكمة، التي تشير إلى عمق المدلول المعرفي الذي يحكم السلوك الإنساني ويؤطره حيال اتخاذ القرارات التي تساهم في حل مشاكله، وتجعله أكثر قدرة على القيام بما كلف به من عمارة الأرض وأن يكون حقا خليفة الله في هذه الأرض.

 

– خلق المعرفة التنظيمية:

تحرص كل المنظمات على البقاء. وخلال مسيرتها تتعلم من تجاربها وبيئتها ويتولد عن هذا ما يسمى بالتعلم التكيفي الذي يضمن لها البقاء أطول فترة ممكنة، لكن المنظمات المعتمدة على التعلم لا يكفيها البقاء وحسب بل كما يقول بيتر سينج “المنظمة المعتمدة على التعلم توسع باستمرار قدرتها على صنع مستقبلها” فإذا كان التعلم التكيفي مُهما لبقاء أي منظمة فإنها تحتاج إلى ما هو أعظم من ذلك، وهو ما يسمى بالتعلم التوليدي (خلق المعرفة التنظيمية) تعلم يعظم قدرة أعضائها على الإبداع ويحجز لهم مكانا بين منتجي المعرفة ويحافظ على دورهم القيادي للمنظمات التي تعمل في نفس مجالها وتتحول من مستهلكة للمعرفة لمنتجة لها، ومن ملتزمة بالمعايير لصانعة ومصدرة لها.

ويمكن فهم خلق المعرفة التنظيمية على أنها ” تضخيم المعرفة المنشأة بواسطة الأفراد تنظيميا وبلورتها كجزء من الشبكة المعرفية للمنظمة. وتحدث هذه العملية داخل مجتمع تفاعل آخذ في الاتساع ويتخطى المستويات والحدود داخل المنظمات وفيما بينها”

– تحويل المعرفة:

حتى نفهم مصطلح تحويل المعرفة يجب أن ندرك الفرق بين ما يسمى بالمعرفة الضمنية والمعرفة الظاهرة، حيث إن المعرفة الإنسانية يتم خلقها وتوسيعها من خلال التفاعل الاجتماعي بين هذين النوعين من المعرفة.
ويوضح المخطط التالي بعضا من الفروق بين المعرفتين:

– نقطة التحول المعرفي:

نقطة التحول من نموذج إلى آخر هي عندما نبدأ في النقد المستمر والواعي للافتراضات التي بني عليها نموذجنا الحالي. إن أي تعلم لا يمر بالافتراضات فإنما هو تغيير للطلاء الخارجي، ومجرد استبدال مسمى بآخر وسيكون الواقع الجديد مولودا خديجا لا هو القديم الذي نعرفه ولا الجديد الذي ننشده، والمصيبة أننا قد نوهم أنفسنا أننا قد أبدعنا في حين أننا سنكون كثيرا من الوقت والجهد أضعنا.
ليس بالضرورة أن نكتشف أن افتراضاتنا القديمة كانت خاطئة، ربما كانت صحيحة في حينها، لكن المؤسسات كالكائن البشري ما يناسبه في مرحلة التكوين الجنيني لا يناسبه في أيام ولادته الأولى، وما يناسبه في حال الزحف لا يناسبه في حين يمشي وهكذا، ولا يمكن أن نستغني عن افتراضاتنا القديمة فإنما يتولد الواقع الجديد عندما يتلاطم القديم مع الجديد في تلاقح غير مرئي يحدث في اللاواعي المؤسسي، فينضج وعيا جديدا يثمر معرفة مؤسسية أكثر نضجا، فلا توجد نقطة زمنية يتوقف عندها نموذج ليبدأ آخر وإنما هي تيارات معرفية خفية تتسلل إلى عقل المؤسسة لتنشئ واقعا مغايرا تتكشف ملامحه مع الوقت ليبدو الواقع وكأننا كنا كذلك لكن لم نكن نشعر، وعندما تلتحم المعرفة الجديدة بالقديمة على نحو ما يحدث تحول في الاثنين.
أنماط التحول المعرفي (ت شارك المعرفة )
يتم خلق المعرفة التنظيمية من خلال التفاعل الاجتماعي بين موظفي المؤسسة، ثم يتم تحويل تلك المعرفة من خلال أربع عمليات تحويلية حلزونية مستمرة. ولكل مرحلة طبيعتها وسياقها واستراتيجيتها التي تناسبها والمخطط التالي يوضح هذا التحويل والتشارك المعرفي:


(توفيق ،عبد الرحمن ،2007،ص145)

وفي الأجزاء القادمة من المقال سيتم شرح كل مرحلة من تلك المراحل مبينا التالي:
-مفهوم كل مرحلة.
-الهدف من كل مرحلة.
-استراتيجيات خلق المعرفة الخاصة بكل مرحلة.
-تطبيقات عملية عالمية لكل مرحلة.

المراجع:

توفيق، عبد الرحمن (2007). الإدارة بالمعرفة، مركز الخبرات المهنية للإدارة “بميك”، القاهرة.
الصبيحات، إبراهيم بدر (2017). إدارة المعرفة منحنى تطبيقي، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
اقطي، جوهرة (2017). القيادة الاستراتيجية للمعرفة، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

Manaf, H. A., & Marzuki, N. A. (2009). The Success of Malaysian Local Authorities: The of Personality and Sharing Tacit Knowledge, International Conference on Administrative in Public Sector Performance, Kingdom of Saudi Arabia, Institute of Public Administration.

البحث في Google:





عن د.أيمن أصلان

المدير التنفيذي لمركز صناعة القيادات. مستشار وخبير تربوي متخصص في مجال الإشراف التربوي.

5 تعليقات

  1. محمد جاد

    ما شاء الله يا دكتور أيمن ، مقال رائع

  2. هنا توفيق سعبان

    بارك الله فيك دكتور ايمن مقال رائع ومحفز

  3. عبدالرحمن عكاشة

    مقال …يحتاج تركيز ….كمسائل الرياضيات… شكرا لتحقيق الصدمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *