الاتجاه الحديث في الإدارة المعاصرة ” نحو الإدارة الإلكترونية “

مقدمة:

في ظل ما تشهده منظمات الأعمال في عصرنا الحالي من النهضة المتنامية في مجال تقنية الاتصالات والمعلومات، والتحول إلى العالم الرقمي، التي أحدثت تغيرات في أساليب العمل، لتتبلور الحاجة الضرورية والفورية للاستجابة لهذه التغييرات بإجراء تغييرات جذرية في أساليب العمل، وتوظيف وتعزيز هذه التقنيات الحديثة في أعمالها الإدارية، وصولا إلى تطبيق الإدارة الإلكترونية بالشكل الذي يتلاءم ويتماشى مع هذا التطور. لذا أصبح من الضروري توجيه وتسليط الضوء نحو مفهوم الإدارة الإلكترونية والاهتمام بهذا التوجه لما له من دور في التأسيس لحتمية إدارية جديدة قائمة على التقنية المتقدمة والمتطورة.( ملحم، 2020). لم تعد الوسائل التقليدية في ممارسة أعمالنا في منظمتنا الطريقة الوحيدة لتحقيق أهداف المنظمة، بل أصبح يتطلب منا لتحقيق هذه الأهداف بكفاءة وفاعليه ضرورة إحداث تغييرات جذرية شاملة بمختلف أعمالها ومستوياتها الإدارية، وضرورة مواكبة التطورات الحديثة، من خلال دعم البنية التحتية بأحدث أجهزة الحاسب الآلي والبرامج المتقدمة، و تأهيل العنصر البشري لكي يتمكن من التعامل مع هذه التقنيات بكفاءة عالية، وهو الأمر الذي دفع المنظمات إلى اعادة النظر في ممارستها الإدارية المختلفة، وتوجيه تفكيرها نحو الاستغناء عن الإدارة التقليدية وتبني نهج الإدارة الإلكترونية لما لها دور في تسهيل عملياتها الإدارية والتخلص من الإجراءات التقليدية (صيادة، عفيف، 2017).

ومن هنا دعت المنظمات إلى التطور الإداري نحو الإدارة الإلكترونية، لتصبح الإدارة الإلكترونية تطبيقا ومنهجا عمليا في كافة مجالاتها وأنشطتها وليست دربا من دروب الرفاهية، نظرا لما تحققه من ميزة تنافسية وقدرة على مواجهة كافة التغيرات، واعتبرت اتجاها من الاتجاهات الحديثة في الإدارة المعاصرة، التي وجهت العالم نحو استثمار كل التقنيات الحديثة لنظم المعلومات والاتصالات لتطوير أعمال المنظمات، سواء أكانت منظمات أعمال أم منظمات حكومية وتحويلها إلى منظمات الكترونية، معتمدة على شبكة الإنترنت لإنجاز كافة معاملتها وعملياتها الإدارية المختلفة من تخطيط وتنظيم وتوجيه و رقابة، وكذلك إنجاز كل الوظائف من تسويق وإنتاج وتمويل واستثمار وأعمال مكتبية، وغير ذلك من أعمال بعقلية عالمية وبسرعة فائقة. (الطيطي، عريقات،  2015).

سنتناول في مقالنا هذا مفهوم الإدارة الإلكترونية، والخصائص والميزات المتحققة من تطبيق هذا الاتجاه الحديث، وسنتعرف على أهم الاسباب والدوافع التي تدفع المنظمات إلى الاستغناء عن النهج التقليدي في ممارساتها وأنشطتها المختلفة واتباع النهج الحديث الإدارة الإلكترونية، وماهي  المتطلبات الأساسية لنجاح عملية التحول…

– مفهوم الإدارة الإلكترونية 

يعتبر مفهوم الإدارة الإلكترونية من المفاهيم والمصطلحات الحديثة التي أضافتها الثورة الهائلة في مجال المعلومات والاتصالات، والتي أحدثت تحولا مهما وكبيرا في أداء المؤسسات، وساهمت في تحسين إنتاجها و تقديم خدمتها.

تعددت مفاهيم الإدارة الإلكترونية من قبل المفكرين والباحثين، وهذه المفاهيم اختلفت من ناحية الشكل، ولكن تحمل نفس المضمون والمعنى، وقد عرفت بأنها التحول الكامل من الأعمال الورقية، سواء كانت أعمال إدارية أو خدماتية وتجارية إلى أعمال إلكترونية، مع ما يتطلب ذلك من تحول في الأدوات والآليات التقليدية إلى الإلكترونية، وتعديل في الإجراءات والممارسات، وتغيير في الهياكل التنظيمية، بهدف التوفير الأمثل في الوقت والجهد ورفع كفاءة المؤسسة. (الخطيب، 2018 )

كما عرفت بأنها عملية مكننة جميع مهام ونشاطات المؤسسة الإدارية، بالاعتماد على كافة تقنيات المعلومات الضرورية، وصولا إلى تحقيق أهداف الأداة الجديدة في تقليل استخدام الورق و تبسيط الإجراءات والقضاء على الروتين، هوي تعني الاستغناء عن المعاملات الورقية وإحلال المكتب الإلكتروني عن طريق الاستخدام الواسع لتكنولوجيا المعلومات، وتحويل الأعمال والخدمات الإدارية التقليدية والإجراءات الطويلة والمعقدة باستخدام الورق إلى أعمال إلكترونية تنفذ بدقة متناهية وسرعة عالية. (مرزوق وآخرون،2018 )

– أسباب التحول إلى اتجاه  الإدارة الإلكتروني 

تنوعت الأسباب والدوافع التي تدفع المنظمات إلى التحول من نهج الإدارة التقليدية واتخاذ الإدارة الإلكترونية نهجا إداريا في أعمالها، ومنها التقدم التكنولوجي والعولمة والمنافسة الشديدة بين مختلف منظمات الأعمال، وضرورة الاستجابة لظروف البيئة المحيطة والتكيف معها، والتعامل بسرعة مع كافة المستجدات الطارئة والخطرة، والإجراءات والعمليات الإدارية المعقدة وتأثيرها في زيادة تكلفة الأعمال، والحاجة إلى ضرورة توحيد البيانات على مستوى المؤسسة الواحدة وتوفيرها في الوقت المناسب، والعمل على توظيف واستخدام التطور التكنولوجي والاعتماد على المعلومات في اتخاذ القرارات وتحقيق الاتصال المستمر بين العاملين على اتساق العمل. ( ملحم،2020)

– خصائص الإدارة الإلكترونية 

من أهم الخصائص التي تمتاز بها الإدارة الإلكترونية تحديث وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتحقيق الشفافية الكلية داخل الإدارة الإلكترونية، لوجود ضوابط إلكترونية تضمن المساءلة المنتظمة لجميع الخدمات المقدمة، وانخفاض التكلفة لتطبيق الإدارة الإلكترونية التي تتطلب دعما ماليا ولكن بعد اعتمادها وتطبيقها في بيئة العمل ستوفر ميزانية كبيرة، إضافة إلى انها تلبي حاجة العملاء و المستفيدين وجميع الأطراف داخل المنظمة بكل بسهولة ويسر، كما تحقق زيادة في الكفاءة، كونها آلية حديثة من آليات التحول الإداري و نقطة تغير حاسمة في المهام والنشاطات الإدارية .(أبو خيران، 2022)

– متطلبات التحول باتجاه الإدارة الإلكترونية  

إن تطبيق مشروع الإدارة الإلكترونية عملية معقدة لإنشاء نظام متكامل من المكونات التقنية والمعلوماتية والمالية والتشريعية والبيئية والبشرية وغيرها، حيث يترتب عليه تحول شامل في الإجراءات والهياكل والتشريعات التي تقوم عليها الإدارة التقليدية، ولا بد من توفير هذه المتطلبات لتطبيق الإدارة الإلكترونية وإخراجها إلى حيز التنفيذ ومن أهم متطلبات الإدارة الإلكترونية:

المتطلبات الإدارية:

لا بد من توفر بعض المتطلبات الإدارية لتطبيق مشروع الإدارة الإلكترونية، ومنها وجود الدعم من قبل القيادة العليا، باعتبارها أهم عوامل المساعدة على تحقيق نجاح تطبيق الإدارة الإلكترونية، وكذلك ضرورة وضع الاستراتيجيات والخطط المتعلقة بتطبيق وتنفيذ مشروع الإدارة الإلكترونية، والاستعانة بالجهات الاستشارية ذات الخبرة في المجال لدراسة المواصفات العامة لها، وكذلك إجراء بعض التغييرات في الجوانب الهيكلية والتنظيمية والإجراءات والأساليب حتى تتناسب مع مبادئ الإدارة الإلكترونية وإعادة النظر في الهياكل التنظيمية والتخلص من الهياكل التنظيمية الهرمية التي لم تعد ملائمة للأعمال الإلكترونية، واعتماد الهياكل التنظيمية الملائمة للأعمال الإلكترونية وهي المصفوفات والشبكات في تطبيق الإدارة الإلكترونية، ووضع الأطر والتشريعات اللازمة لتطبيق وتنفيذ الإدارة الإلكترونية. .( مرزوق وآخرون،2018)

متطلبات تقنية:

يتطلب تنفيذ مشروع الإدارة الإلكترونية إعادة النظر في البنية الأساسية للأجهزة والمعدات والبرمجيات بهدف تحديثها، لكي تكون مواكبة و مستجيبة للتغيير المنشود لتقديم الخدمة الإلكترونية، وضرورة ارتباطها بجميع أنماط التكنولوجية الرقمية من وسائل وشبكات اتصال . (الغامدي،2018)

متطلبات أمنية:

يعتبر أمن المعلومات من المسائل الهامة، حيث من الضروري توفير الأمن الإلكتروني والسرية الإلكترونية على درجة عالية، لحماية المعلومات من أي عبث أو اختراق، ولتوفير هذا الأمن يتطلب القيام ببعض الإجراءات المتمثلة في وضع السياسات الأمنية لتقنيات المعلومات، ووضع القوانين واللوائح التنظيمية التي تحد من السطو الإلكتروني، بالإضافة إلى دعم الإدارة العليا لأمن نظم المعلومات لديها، وإعطاء هذه المسؤولية لأشخاص مختصين، وتحديد آليات المراقبة والتفتيش لنظم المعلومات والتطبيقات المختلفة والاحتفاظ بالنسخ الاحتياطية لنظم المعلومات بشكل آمن، وتشفير المعلومات التي يتم حفظها وتخزينها ونقلها إلى مختلف الوسائط. (مرزوق وآخرون،2018)

متطلبات مالية:

إن تنفيذ مشروع الإدارة الإلكترونية من المشاريع التي تتطلب مبالغ وميزانية ضخمة، حيث تتطلب توفر الدعم المالي والتمويل الكافي واللازم لتطبيقه واللازم لتحسين البنية التحتية، كذلك توفير البرامج الإلكترونية وتحديثها، وتدريب العناصر البشرية باستمرار . (العياط، 2015)

متطلبات بشرية:

يُعدُّ توفر القوى البشرية القادر على التعامل الإداري الإلكتروني يعد العنصر الأهم في التحول نحو الإدارة الإلكترونية، باعتبار الإدارة الإلكترونية تتطلب مهارات في التعامل مع الحاسب وطرق إدخال البيانات واسترجاعها وحفظها ونقلها وأرشفتها، أو التعامل مع برامج وأساليب حماية البيانات ومتابعتها، وهو الأمر الذي يتطلب توفير عناصر بشرية مدربة بإمكانها التعامل مع المتطلبات المادية والفنية لإدارة المعلومات وتداولها عبر الأنظمة وتطبيقات الإدارة الإلكترونية. (الخطيب، 2018 ) ومن المتطلبات البشرية لتطبيق الإدارة الإلكترونية ضرورة تحديد الاحتياجات الحالية والمستقبلية من الأفراد المؤهلين في نظم المعلومات والبرمجيات، والعمل على استقطاب أفضل الأفراد المؤهلين في مجالات نظم المعلومات والبرمجيات، وإيجاد نظم فعالة للمحافظة على الأفراد وتطويرهم وتحفيزهم، وتنمية وتطوير الموارد البشرية لإيجاد أطر (كوادر) متخصصة وعلى درجة عالية من المهارات المختلفة المرتبطة بالبيئة الأساسية لنظم المعلومات وقواعد البيانات ونظم العمل على شبكة الانترنت. (العياط،2015)

– مراحل تطبيق الإدارة الإلكترونية 

تطبيق الإدارة الإلكترونية لا يتم دفعة واحدة، بل يتم بخطوات تدريجية، حيث أن تقسيم عملية الانتقال إلى مراحل يساعد الموظفين على تقبل التغيير و التأقلم معه. وتتمثل هذه المراحل فيما يلي: (صيادة، عفيف، 2017)

  1. توفير الدعم الكلي من قبل الإدارة العليا، وتوفير البيئة اللازمة والمناسبة لتطبيق مشروع التحول نحو الإدارة الإلكترونية.
  2. تدريب وتأهيل الموظفين، من خلال توفير برامج تدريبية من قبل مراكز متخصصة في المجال، بهدف تدريبهم وتأهيلهم على استخدام التقنيات الحديثة.
  3. توثيق جميع إجراءات العمل الإدارية، وتحديد الهدف من كل عملية إدارية، لأنها تؤثر في سير العمل وتنفذ بطريقة نظامية.
  4. توفير البنية التحتية للإدارة الإلكترونية، مثل أجهزة الحاسب الآلي، وربط الشبكات والأجهزة المرفقة معها، حتى يتمكن من سهولة الاتصال والتواصل، ونقل المعلومات بين المؤسسات الإدارية و بين المؤسسات والعملاء من جهة أخرى.
  5. البدء بالتوثيق الإلكتروني للمعاملات الورقية القديمة، من خلال حفظها إلكترونيا بواسطة استخدام الماسحات الضوئية، وتصنيفها إلكترونيا بشكل يسهل الرجوع إليها.
  6. برمجة المعاملات الورقية الأكثر انتشارا واستخداما، من خلال برمجتها إلى معاملات إلكترونية لتقليل الهدر في استخدام الورق.

الخاتمة:

الاتجاه نحو مفهوم الإدارة الإلكترونية لم يأتي عبثا، بل هو نتيجة حتمية واستجابة فورية لمتطلبات العصر الحالي الذي يتسم برقمنة المعلومات والتطور التقني، ولما يتمتع هذا المفهوم من العديد من الخصائص التي تزيد من فاعلية وكفاءة الأعمال والأنشطة داخل المنظمات، ليصبح هذا المفهوم من الضروريات والمتطلبات الأساسية لسير عمل المنظمات وأنشطتها المختلفة وضرورة تضمينه من ضمن ثقافة المنظمة وسياساتها وأهدافها وخططها الاستراتيجية، والعمل على توفير الدعم وجميع المتطلبات والاحتياجات بكافة أشكالها التي تضمن لنا النجاح في تطبيقه، وهو الأمر الذي سيعكس إيجابا على نتاج عملياتها ومخرجاتها عموما، وتحقيق التميز والتفوق التنظيمي أمام منافسيها خصوصا.

المراجع:

  • ابو خيران، أحمد شاكر، (2017)، “درجة تطبيق الإدارة الإلكترونية وعلاقتها بإدارة التميز لدى مديري المدارس الحكومية في مديرية تربية وتعليم شمال الخليل، أطروحة ماجستير غير منشورة، جامعة الخليل، الخليل، فلسطين.
  • الخطيب، محمد أحمد، (2018)،دور الإدارة الإلكترونية في تحقيق الإبداع الإداري، دراسة تطبيقية في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات“، أطروحة ماجستير غير منشورة، جامعة الأقصى، غزة.
  • صيادة، بلال، عفيف، خولة،(2017)، “الإدارة الإلكترونية واثرها في تحقيق الابداع الإداري، أطروحة ماجستير غير منشورة، جامعه العربي التبسي، الجزائر.
  • الطيطي، محمد عبد الاله، عريقات، خليل، (2015)، “واقع الإدارة الإلكترونية في تحقيق الإبداع الإداري في الجامعات الفلسطينية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس والإداريين فيها“، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث، المجلد (2)، العدد (35)، ص(27-44).
  • الغامدي، سميحه علي، (2018)، “واقع الإدارة الإلكترونية وعلاقته بتطوير العمل الإداري في جامعة الباحة”، أطروحة ماجستير، مجلة البحث العلمي في التربية، المجلد (11)، العدد (19)، ص(337-38٠).
  • مرزوق، عنترة، نور الدين، حفيظي، عادل، قرقاد،(2018)، “إدارة الموارد البشرية في عصر الإدارة الإلكترونية”، (ط1)، عمان: مركز الكتاب الاكاديمي.
  • ملحم، محمود ابراهيم، (2020)، “متطلبات تطبيق الإدارة الإلكترونية في البلديات الفلسطينية: معيقات التطبيق واليات التغلب عليها: دراسة حالة بلديات محافظة قلقيلية”، مجلة جامعة القدس المفتوحة للدراسات والأبحاث الإدارية والاقتصادية، المجلد (8)، العدد(13)، ص (126-142).

البحث في Google:





عن ھبه محمد صدقي شقو

موظفة إدارية و طالبة ماجستير في تخصص الموارد البشرية التطبيقية، فلسطين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *