هل ستعوض التطبيقاتُ والأدواتُ الرقميةُ الكتبَ المدرسيّةَ؟

نُشر هذا المقال أولا في موقع المؤتمر العالمي للابتكار في التعليم-مؤسسة قطر لنفس الكاتب، و تمت إعادة نشره في إطار اتفاق التعاون و تبادل النشر بين (وايز WISE )، و موقع تعليم جديد.

لقد ظلت الكتب والمقررات الدراسية ولوقت غير قصير تعتبر المصدرَ الوحيدَ للمعلومات وللمعرفة التي على الطلاب دراستها ومعالجتها والتعامل معها، حتى لا نقول حفظها، لكن في عصرنا الحالي ومع الثورة التكنولوجية التي يشهدها هذا العصر، لم تعد الكتب المدرسية كافية، فقد أصبحت قاصرة لكن غير متجاوزة.
صارت الكتب مجرد أداة أو وسيلة إلى جانب أدوات أخرى كالتطبيقات الذكية. فأن يجلس الطلاب كلهم في مواجهة الصفحة نفسها من الكتاب والتعامل مع المحتوى نفسه واجتياز الاختبارات نفسها، هو أمر لم يعد مثمرا وفعالا خصوصا في ظل الاتجاهات الحديثة في التعليم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: البيداغوجية الفارقيةو الفصل المقلوب و الذكاءات المتعددة و التعلم بالاكتشاف.
اتجاهات تراجع معها دور الكتاب و برزت فيها قوة التطبيقات والأدوات التكنولوجية، وأصبح معها استخدام التكنولوجيا في التعليم أمرا ضروريا بل بديهيا. وهنا بدأ النقاش: ما الأفضل؟ وأيهما نستخدم في العملية التعليمية التعلمية؟ نقاش جلب معه العديد من الأسئلة الأخرى من قبيل: هل العلاقة بين الكتب والتطبيقات علاقة تكامل أم علاقة تنافر؟ هل يُلغي كل منهما الآخر؟ ما هي عيوب ومميزات كل منهما؟ هي على العموم أسئلة من ضمن أخرى، سنحاول الإجابة عنها في قادم الأسطر.
قبل ذلك تنبغي الإشارة إلى بعض الإحصائيات المتعلقة باستعمال التكنولوجيا والتطبيقات في التعليم والفصول الدراسية، حيث تشير الإحصائيات التي أجراها موقع growthengineering البريطاني إلى أن:
– 89 ٪   من مستخدمي الهواتف الذكية يقومون بتنزيل تطبيقات مختلفة، تطبيقات تحتل التعليمية منها نسبة 50٪.
– 76 ٪ من المتعلمين يستخدمون الأجهزة الخاصة بهم.
– 64 ٪ من عينة الدراسة يرون أن استعمال الأجهزة المحمولة في العمل أمر أساسي ومفيد.
– 52 ٪ من الناس يحرصون على استخدام تكنولوجيا المعلومات، مباشرة بعد الاستيقاظ من النوم.
– تتحسن الإنتاجية بنسبة 43٪ عند استعمال الأجهزة المحمولة.
– 46 ٪ من المستخدمين يتصفحون هواتفهم الذكية قبل النوم.وهذا يدل على انتشار استعمال الأجهزة المحمولة والتكنولوجيا (التي تعتبر التطبيقات واحدة من تجلياتها) وهو ما يشير إلى قوة التطبيقات التي تتضح بتفصيل أكثر في:
– التطبيقات و التواصل: هي ليست فقط مُحينة أكثر من الكتب، ولكنها أيضا وفي كثير من الأحيان متصلة و مرتبطة بتطبيقات أخرى وكذلك بوسائل التواصل الاجتماعي وأدوات العمل كإفرنوت مثلا، و محركات البحث. هذا يعني إذن أنه مع التخطيط الجيد و التصميم المُبدِع للدروس بُغية الاستفادة من هذا الربط، لن يحتاج الطلاب سوى نقرة واحدة ليجدوا أنفسهم أمام عملية البحث، بحث قد يكون قصيرا وعرضيا لكنه مثمر، ويمكن الرجوع إليه مستقبلا وتقاسمه مع الآخرين (التعاون).
– التطبيقات تدعم التعلم المتخصص: لن نجد هنا مثالا أحسن من تطبيق—”Bacteria” versus “Biology“، في هذا المثال نرى كيف لهذا التطبيق أن يعطينا إمكانية العمل عن قرب ودراسة الحمض النووي والتحقيق في الجرائم، وذلك في مقابل الكتب المدرسية (الجامدة غالبا). وهذا النوع من التخصص هو الذي يجعل التعلم أكثر متعة ويُسرا بالنسبة للمتعلمين، فكل طالب ينهج مسار التعلم والدراسة المناسب له.
– التطبيقات تدعم التعلم القائم على المشروع: يعتبر التعلم القائم على المشروع بِنيةً تدعم تخصيص التعلم و كذلك التعلم المعتمد على محتوى للتدريس، فمثلا عوض الاكتفاء بمجرد دراسة رمزية لعنصر من عناصر اللغة (أسلوب الاستفهام مثلا)، يوفر التعلم القائم على المشروع بفضل العديد من التطبيقات الموجودة إمكانية العمل على بُعدين، رقمي مادي ملموس. كل ما نحتاجه هو الاختيار من بين التطبيقات المتوفرة وتحديد المناسب منها لطلابنا، بعيدا و بدلا من الدراسة الأكاديمية الرسمية الصارمة.
– عنصر التلعيب في التطبيقات: بغض النظر عما إذا كنا ضد أو مع التلعيب و الألعاب في التعليم، فإن استخدام تطبيقات تعتمد على التلعيب ليس أمرا سيئا بل العكس هو أمر منصوح به، لأنها مثيرة للطلاب، ومُحفزة لهم ويعشقونها، فَلِمَ لا استغلال هذا المعطى لتحقيق نتائج تعليمية أفضل، خصوصا إذا ما علمنا أن أغلب هذه التطبيقات تستلزم تسجيل المستخدم، مما يجعلها توفر لنا بعد ذلك العديد من البيانات التي تسمح لنا بتتبع المتعلمين ومراقبة سير العمل، وهو شيء لا يمكن بأي حال للكتب المدرسية أن توفره لنا.
– التطبيقات محمولة: رغم إمكانية تحميل وقراءة الكتب على الأجهزة المحمولة من أيباد و هواتف ذكية وألواح ذكية و حواسيب محمولة… إلا أن هذا يظل أقل نجاعة مقارنة بالحلول و الإمكانات التي تتيحها التطبيقات، فهي تفاعلية مخصصة تشمل مجالات كثيرة و تهتم بالعديد من التخصصات و غالبا ما تكون سهلة الاستعمال ومحبوبة لدى الطلاب. على العموم تبقى الإمكانات التي توفرها التطبيقات غير محدودة، أما كونها محمولة ويمكن الاستعانة بها في أي وقت ومن أي مكان فهذا يجعل الاستفادة منها أكبر.
– التطبيقات محفزة: التطبيقات تطرد الملل وتشغل وقت المتعلمين وتجعلهم متحمسين للمهام المطلوبة منهم. باختصار الكل منشغل ومشترك في العمل، وهو أمر مطلوب لتحفيز الطلاب ومنه تحقق الأنشطة التعليمية الهدف منها، وهو كذلك أمر يتفوق فيه استعمال التطبيقات على استعمال الكتب.
– التطبيقات أكثر من مجرد كتاب: باستثناء حاجتها إلى الطاقة، يمكن للتطبيقات أن تشغل وظيفة الكتب وتعمل مثلها، بل وتصل كل صفحة منها إلى عدد لا محدود من المستخدمين بكل سهولة.استنتاج
بالطبع، مُخطئ من يظن أن اعتماد التطبيقات والأدوات الرقمية (على اختلاف أنواعها، أندرويد، كروم، ios، أدوات ويب…) هو الحل الوحيد و الوصفة السحرية للحصول على تعلم جيد ونتائج متميزة. فقبل ذلك، ينبغي حل بعض المشاكل و الصعوبات والعراقيل التي قد تعترض طريق اعتماد هذه التطبيقات، مشاكل من قبيل:
– كيفية اختيار المناسب والفعال منها.
– عدم توفر جميع الطلاب على الأجهزة التكنولوجية المطلوبة: ايباد ألواح ذكية…
– اختلاف درجات تمكن المدرسين من التقنيات الحديثة.
– عدم مجانية بعض التطبيقات.
– عدم وجود التجهيزات الضرورية للعمل: حواسيب و بروجيكتورات مثلا…على سبيل الختم
على العموم، ستبقى جدلية من الأفضل الكتب المطبوعة أم التطبيقات فارضة نفسها لوقت غير قصير، رغم أن بعض المدارس قد تخلت عن استعمال الورق واعتماد الكتب نهائيا، مدارس ستيف جوبز (في هولندا). لكن بين هذا وذاك، يبقى الاتجاه نحو التطبيقات مسألة وقت فقط، خصوصا مع ازدياد تبني الاتجاهات الحديثة في التعليم، و التي يبقى واحدا من أهمها التعليم المتمركز حول المتعلم، لماذا هذا المثال بالضبط؟ لأنه مناسب كثيرا لاعتماد التطبيقات في التعليم. لكن هل نعتمدها إلى جانب الكتب أو بدلها، يبقى لكم الاختيار.


المراجع

aleqt.com/2013/08/25/article_780755.html
teachthought.com/the-future-of-learning/are-apps-the-new-text
new-educ.com
growthengineering.co.uk/7-statistics-prove-mlearning-essential

البحث في Google:





عن رشيد التلواتي

مدرس ومدون و مهتم بتكنولوجيا التعليم. عضو مؤسس و محرر بموقع " تعليم جديد ". حاصل على الإجازة في الدراسات الأمازيغية، الأدب الأمازيغي. حاصل على شهادة متخصص مايكروسوفت أوفيس (MOS: Word, Powerpoint).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *