التعلم التكيفي

التعلم التكيفي .. مقاسٌ واحد لا يُناسب الجميع !

التعلم التكيفي

يختلف الناس في قدراتهم واستعداداتهم وطرق بنائهم للمعرفة وتوظيفهم لها في سياقات ذات معنى، كما يختلفون في توظيفهم للحواس في التعلم، مراعاةً لهذه الفروق وحفظًا لحقوق الأفراد في التعلم بالطريقة التي تناسبهم.

يتردد عالميًا مصطلح التعلم التكيفي Adaptive Learning  والذي بدأ في المجالات التجارية لتكييف المنتجات بما يناسب احتياجات المستخدم، ودخل العملية التعليمية تقنيًا في أواخر عام 2012م من قبل مجلس المدارس العالمي – لندن في عدة أنواع من الأنظمة التعليمية مثل الوسائط الفائقة المتكيفة، وأنظمة الدروس الذكية، والاختبارات التكيفية المحوسبة، والخوادم التربوية المعتمدة على الكمبيوتر، ويمكن اعتبار التعلم التكيفي ابتكارا يهدف إلى تغيير القواعد في التعليم، حيث بدأ تاريخيًا للتعليم العلاجي في مباحث محددة مثل الرياضيات والهندسة والعلوم من خلال استخدام أدوات تقنية متطورة.

ما هو التعلم التكيفي Adaptive Learning ؟

التعلم التكيفي هو أسلوب في التعليم يتم من خلاله استخدام أجهزة أو أدوات تعليمية محددة بطريقة تلبي الاحتياجات التعليمية المحددة للأفراد، بمعنى آخر: التعلم التكيفي هو التعلم المخصص من خلال استخدام أدوات التقنيات المتقدمة، يمكن للمدربين تحويل التعلم التقليدي العام إلى تعلم تكيفي أو متخصص. ويمكن اعتباره شكلاً غير تقليدي من أشكال التعلم، لأنه ينطلق من الأساليب التربوية السابقة التي لا يمكن أن تفسر بالكامل عددا لا يحصى من الخصائص الفريدة والفردية التي يحتفظ بها الطلاب.

و يُعرف التعلم التكيفي إجرائياً، بأنه أحد أساليب التعلم التي يُقدم فيها التعلم وفقا لأنماط وأساليب وخصائص المتعلمين المختلفة، وفقا لطريقة تعلم كل متعلم، سواء أكانت طريقة تقليدية أو إلكترونية، وذلك بمراعاة  الفروق الفردية.

يمكننا تطبيق التعلم التكيفي من التعامل مع نوعيات كثيرة من الطلاب باختلاف أنماط وأساليب تعلمهم، مساعدة الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، تلبية احتياجات الطلاب المتفوقين والموهوبين وكذلك ذوي صعوبات التعلم، تقديم المحتوى التعليمي بطرق تدريس ذكية وأكثر قدرة على التأقلم بشكل سريع مع البيئات التعليمية المحيطة والمختلفة.

الهدف من التعلم التكيفي

يهدف مصممو البيئات التعليمية التكيفية من المعلمين ومصممي المناهج إلى إيجاد بيئة تعلم آمنة ومريحة للطالب يتعلم فيها بطريقة تناسب استعداداته وإمكانياته دون أن يسبب له ذلك إحراجًا بين زملائه أو مع معلمه بكسر قالب المقارنة الاجتماعية لطالبٍ مع غيره من الطلبة، وتعزيز إحساس الطالب بما لديه من خبرات وقدرات ومقارنة نفسه بنفسه من خلال تطور أدائه لخلق هوية تعليمية إيجابية خاصة به، و كذلك إتاحة المحتوى للمتعلمين بما يقلص الفروق الفردية بشكل عام والناجمة عن الفروق في زمن التعلم من خلال تحقيق بيئات التعلم التكيفي ما يلي:

· رفع مستوى التحصيل لدى المتعلمين والحد من معدلات الرسوب والتسرب المدرسي نتيجة تدني التحصيل.

· تحقيق أهداف التعلم بفاعلية أكبر، بزيادة تفاعل المتعلم مع المادة التعليمية، وزيادة الدافعية نحو التعلم.

· مساعدة المتعلمين على تسريع التعليم، من خلال تصميم بيئة تعلم خاصة بكل متعلم، تناسب احتياجاته، وتنمي مهارات التعلم الذاتي.

· جعل الطالب محور العملية التعليمية، مسؤولا عن تعلمه.

· تتبع تطور المتعلم، وتقدمه في المادة التعليمية.

· توفير إحصائيات دقيقة عن حاجات المتعلمين، ومدى تقدمهم أثناء التعلم وتحديد نقاط الضعف بدقة.

كيف يعمل التعلم التكيفي ؟

تهدف البرامج التعليمية والتقنيات الأساسية في التعلم التكيفي على تلبية احتياجات كل من المعلمين والمتعلمين، ويرتبط التعلم التكيفي بالتعلم التفاعلي حيث يتفاعل المتعلمون مع البرامج والدروس التي تعرض على الشاشة ويدمجون ميزات مختلفة للتواصل تتوافق مع أساليب التعلم المتباينة. ينسجم هذا المفهوم أيضًا مع استخدام الأنظمة التفاعلية وتوفير واجهة متعددة الأبعاد للمتعلمين وبذلك تتجاوز هذه الممارسة التربوية حدود التعلم السلبي، وتمكّن المتعلمين من التفاعل مع البرامج التعليمية حول الموضوع الذي صُمِّم من أجلهم، ولعب دورٍ هام في كيفية تعلمهم بالإضافة إلى ما يتعلمونه، كذلك فإنَّ تطبيق التعلم التكيفي يمكن المتعلمين اللغويين من المشاركة في التعلم النشط من خلال الانخراط في أنشطة الكمبيوتر بالتواصل مع البرنامج، والاستماع إلى الأسئلة وتقديم الردود، والمشاركة في الاختبارات والأنشطة وجلسات التعلم المصممة خصيصًا لهذا الغرض أيضًا، ما يعني إتاحة اختيار المتعلمين لمسار التعلم الخاص بهم بدلاً من فرضه عليهم. كذلك يدمج التعلم التكيفي أساليب التعلم والأساليب المعرفية مع توافر التكنولوجيا (التعليمية)، وتحليلات البيانات في تصميم المقررات للمتعلمين، مع مراعاة نقاط القوة والضعف أو مجالات الفرص وأسلوب التعلم والخصائص النمائية والاحتفاظ بأثر التعلم.

ما الذي يتكيف في العملية التعليمية ؟

الهدف من التكييف هو مواءمة المحتوى لاحتياجات المتعلمين المتباينة أو تفريد التعليم بحيث يتلقى كل متعلم المحتوى بطريقه تناسبه لذلك فإن ما يتكيف في العملية التعليمية هو المحتوى التعليمي، حيث يتم إعداده بطرق مختلفة تتناسب مع اختلافات أنماط وأساليب تعلم المتعلمين، وبالتالي تكييف طريقة عرض المحتوى، فيعرض نفس المحتوى على طالبين بطريقتين مختلفتين، فيعرض مثلاً بطريقة صوتية وسمعية للطالب صاحب الأسلوب السمعي، وبطريقة مرئية مصورة للطالب صاحب الأسلوب البصري.

كيف يمكن للمعلم أن يحدد ما الذي يُناسب طالبًا ولا يناسب آخر ؟

يصمم المعلم مجموعة من الأسئلة والمهام ويرصد إجابات الطلبة واستجاباتهم لتحديد مستوى كل واحدٍ منهم في كل قسم من أقسام المعرفة وتحديد جوانب القوة والضعف لديه واستعداداته وقابلية التعلم لديه. تستخدم هذه المدخلات في تصميم بيئة تعليمية تكيفية يقوم النظام فيها بتقديم المعرفة والمهارات بطرق مختلفة تتوافق مع أنماط التعلم لدى المتعلمين.

عناصر أساسية لنظم التعلم التكيفي

  • المحتوى: تنظيم موضوع محدد، أو مجال المحتوى مع مخرجات التعلم المحددة بدقة مرفقة بتعريف المهام التي تحتاج إلى تعلمها، كما يلزم تحديد التسلسل المنطقي للمحتوى، علمًا بأن تغيير ترتيب المحتوى من طالب لطالب يعتبر جانبًا من جوانب التكيف.
  • المتعلم: لأن المتعلم هو المحور والأساس في التعلم التكيفي فإن قياس استجاباته وتفاعله مع المحتوى يعد ركيزة أساس في قراءة نمط التعلم لديه ومستوى الاستعداد للتعلم، الخبرات القبلية، ما أتقنه وما أخفق فيه بما يساهم في عملية التطوير المستمر والتكييف الدائم لبيئة التعلم.
  • النموذج الإرشادي: وهو النموذج الخاص بتعريف النظام كيف يمكن للنظام اختيار محتوى معين لطالب معين في وقت معين، وهو يستند في عملية الاختيار على نموذجيْ المحتوى والمتعلم.

ويشهد ميدان تقنيات التعليم ظهور العديد من المنصات التي تقدم بيئات التعلم التكيفي المختلفة والمصممة وفق مناهج متعددة يمتد تأثيرها عبر عدة دول مثل: Smart Sparrow، D2L، Kenwton، Practutor.

في ضوء ما تقدم من أهداف التعلم التكيفي وتمحوره حول كسر نمطية القالب الواحد للمحتوى لجميع المتعلمين، وبرغم مما تبدو عليه متطلبات تنفيذ بيئات التعلم التكيفي من ارتفاع التكاليف وصعوبة التنفيذ؛ إلا أن ميزات هذا النوع من التعلم الذي يعمل على تفريد التعليم وتذويب الفروق الفردية بين المتعلمين بتقديم المحتوى المناسب لخصائص المتعلمين واستعداداتهم وقدراتهم يستحق التجربة وتسليط الضوء عليه في ميدانيْ البحث والتطبيق التربوي، فلنبدأ!

 


المراجع 

·  وادي، عزة. (2019م).فاعلية برنامج قائم على التعلم التكيفي في تنمية مهارات الرسم الهندسي في التكنولوجيا لدى طالبات الصف الحادي عشر بغزة. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية بغزة، فلسطين.

https://sites.google.com/view/adaptinglearning2020/mrfaqat?authuser=0

https://edtechnology.co.uk/Blog/21st-century-teaching-and-adaptive-learning/

https://edtechnology.co.uk/tag/adaptive-learning/

https://www.pearsonlearned.com/young-brains-on-screens-five-things-we-know-for-sure/

http://teach.ufl.edu/resource-library/adaptive-learning/

https://www.smartsparrow.com/technology/

https://www.d2l.com/

https://www.knewton.com/

https://www.practutor.com/

البحث في Google:





عن أسماء حميد أبو موسى

مهندسة كمبيوتر وتعمل لدى وزارة التربية والتعليم العالي رئيس قسم التقنيات التربوية، حاصلة على ماجستير في المناهج وطرق التدريس وطالبة في برنامج الدكتوراه في المناهج وطرق التدريس بالجامعة الإسلامية-غزة. شاركت في عدد من المؤتمرات والأيام الدراسية ولديها بعض الأبحاث المنشورة. فلسطين، غزة.

تعليق واحد

  1. موضوع الحاضر ،نحن مطالبون بالبحث فيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *