تخيّل معي هذا المشهد:
معلمة تقف في فصلها، تحمل كتابًا وقلماً وأمامها سبورة، تشرح الدرس بكل حماس. الطلاب يستمعون، لكن بعضهم يشرد بذهنه، وآخرون يجدون صعوبة في التركيز.
الآن، تخيل معي مشهدًا آخر: نفس المعلمة، لكن هذه المرة تعرض في نفس السبورة عبر جهاز عرض، فيديو تعليمي قصير أو لعبة تعليمية، أو من خلال سبورة تفاعلية تفتح تطبيقًا تفاعليًّا لتختبر فهم الطلاب في الوقت الفعلي.
الفارق بين المشهدين كبير، أليس كذلك؟ شدّ انتباه الطلبة، تفاعل الطلبة، تشويق الطلبة، تغيير الروتين التدريسي المعتاد للطلبة، كل ذلك الفارق هو ما تصنعه المهارات الرقمية في مهنة المعلمين.
ما هي المهارات الرقمية؟
لنبدأ بالسؤال الأهم: ما هي المهارات الرقمية؟
ببساطة، هي تلك المهارات التي تمكّن المعلم من استخدام التكنولوجيا في التعليم. سواء كان ذلك عبر القدرة على استخدام المواقع الالكترونية والتطبيقات أو إنشاء الملفات بأنواعها وحفظها ورفعها وارسالها عبر الانترنت، أو من خلال معرفة كيفية البحث في محركات البحث بطريقة صحيحة ودقيقة، أو من خلال القدرة على التعلم المستمر عبر منصات التدريب الإلكتروني. أو تصميم عروض تقديمية تفاعلية، أو إدارة فصل افتراضي.
المهارات الرقمية ليست مجرد معرفة بكيفية تشغيل جهاز هاتف ذكي أو لابتوب، بل هي الاستعداد والقدرة على تحويل الفصل الدراسي إلى بيئة تعليمية حديثة ومتطورة.
لماذا يحتاج المعلمون إلى هذه المهارات؟
هل تساءلت يومًا لماذا أصبحت المدارس والجامعات تتجه نحو التعليم الرقمي؟
الإجابة بسيطة: لأن العالم يتغير، والتعليم يجب أن يتغير معه.
المهارات الرقمية ليست مجرد “موضة” عابرة، بل هي ضرورة لمواكبة العصر.
دعني أخبرك لماذا:
تخيل أنك تستطيع إعداد درسك في أقل من رُبع الوقت المقدّر لذلك، المهارات الرقمية تجعل حياتك ومهنتك أسهل وأكثر تنظيمًا. ولا تنسى أنّه عندما يستخدم المعلم أدوات رقمية، يصبح التعلم أكثر متعة وتفاعلية. الطلاب يشعرون بالحماس عندما يرون فيديو تعليمي أو يشاركون في اختبار تفاعلي. وتصميم الفيديوهات التعليمية والاختبارات التفاعلية وتصميم الألعاب التعليمية الرقمية واستخدام السبورات التفاعلية واستخدام التطبيقات التعليمية والمواقع والمنصات التعليمية، والتدريس الالكتروني، كل ذلك يحتاج إلى مهارات أولية أساسية، هي المهارات الرقمية.
كما أنّ المعلمين الذين يمتلكون مهارات رقمية يكونون أكثر طلبًا في سوق العمل.
هل تعلم أن معظم المدارس الأهلية المتقدّمة في التصنيفات المحلية في اليمن تفضّل توظيف معلمين يجيدون استخدام التقنية ولديهم قدرة على التعامل معها.
وفي الأخير فإنّ المهارات الرقمية يمكن أن تزيد من دخلك!
كيف؟
عبر تقديم دروس خصوصية عبر الإنترنت، أو تصميم محتوى تعليمي ونشره والربح منه. ولن يكون المعلم قادراً على ذلك دون اكتسابه المهارات الرقمية.
ما هي أهم المهارات الرقمية التي يجب أن يتقنها المعلم؟
لنكن واقعيين، لا يمكن للمعلم أن يتقن كل شيء في وقت قصير. لكن هناك بعض المهارات الرقمية الأساسية التي يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا:
- إنشاء البريد الإلكتروني والقدرة على استعادة كلمات المرور وفتح حسابات جديدة.
- القدرة على التسجيل في المواقع والمنصات والتطبيقات الإلكترونية.
- رفع الملفات وحفظها في الإنترنت.
- إرسال الملفات عبر الإنترنت إلى الآخرين.
- القدرة على البحث في محركات البحث بطريقة دقيقة وسريعة وصحيحة.
- تنظيم المهام والأعمال وإدارتها باستخدام مواقع وتطبيقات إلكترونية.
- إنشاء قناة يوتيوب وإدارتها.
- إنشاء مدونة إلكترونية وإدارتها.
- معرفة كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.
- معرفة كيفية التعلم عبر منصات التعليم الإلكتروني وأنظمة إدارة التعلم.
كيف يمكن للمعلم اكتساب هذه المهارات؟
الآن، قد تتساءل: “كيف أبدأ في تعلم هذه المهارات؟
الإجابة بسيطة: الدورات التدريبية الإلكترونية. نعم، المنصات مثل Coursera وUdemy وEdx توفر دورات في كل ما تحتاجه. ومنصات رواق وإدراك وندرس، وأيضاً منصة كفاءة أونلاين المتخصصة في إعداد وتصميم وإتاحة كل الدورات التدريبية الموجهة للمعلمين والمعلمات، إنّ ميزة هذه الدورات في مرونتها، فيمكنك حضور الدورات التدريبية فيها في أي وقت ومن أي مكان ومن أي جهاز يتصل بالإنترنت.
ولكن ماذا لو كنت تفضل التدريب عبر الإنترنت؟
يمكنك المشاركة في ورش العمل التي تنظمها المدارس أو المؤسسات التعليمية.
أو ببساطة، ابدأ بمشاهدة الفيديوهات التعليمية على YouTube. المهم أن تبدأ، خطوة بخطوة.
ماذا يحدث إذا تجاهل المعلم المهارات الرقمية؟
لنكن صادقين، تجاهل المهارات الرقمية ليس خيارًا في عالمنا اليوم. تخيل معي هذه السيناريوهات:
- تأخرك في العملية التعليمية: بينما زملاؤك يستخدمون الأدوات الرقمية لتسهيل العملية التعليمية، أنت ما زلت تعتمد على الطرق التقليدية التي قد لا تناسب طلاب اليوم.
- فقدان الفرص الوظيفية: المدارس تبحث عن معلمين يجيدون استخدام التكنولوجيا. إذا لم تكن واحدًا منهم، فقد تفقد فرصًا وظيفية مهمة.
- انخفاض جودة التعليم الذي تقدّمه: الطلاب اليوم يعيشون في عالم رقمي. إذا لم تستطع مواكبة هذا العالم، فقد تفقد قدرتك على إيصال المعلومات بشكل فعال.
- – الشعور بالعزلة: عندما ترى زملاءك يتفوقون باستخدام الأدوات الرقمية، قد تشعر بأنك متأخر عنهم.
وفي الأخير فإنّ التحوّل الرقمي ليس خيارًا، بل ضرورة
فالمهارات الرقمية ليست مجرد أداة لتحسين التعليم، بل هي بوابة لفتح آفاق جديدة في حياتك المهنية. سواء كنت تريد تسهيل عملك كمعلم، أو زيادة دخلك، أو ببساطة مواكبة العصر، فإن تعلم هذه المهارات هو الخطوة الأولى.
فكّر في الأمر: ماذا تنتظر؟ ابدأ اليوم، وسترى كيف يمكن لهذه المهارات أن تغير حياتك وحياة طلابك إلى الأبد.