الإشراف التربوي

 التغذية الراجعة من المشرف التربوي وأثرها على تنمية مهارات المعلم في الصف

إشراف ومتابعة د. وزيرة باوزير – جامعة دار الحكمة – جدة، المملكة العربية السعودية

التغذية الراجعة عملية حيوية مهمة للبيئة التعليمية، ومن الضروري وجود علاقة تكافلية بينهما. وتبدأ هذه العلاقة بملاحظة المشرف التربوي لأداء المعلم، إذ تتمثل مهمته في تقييم فعالية أدائه وتقديم تغذية راجعة حول الممارسات التربوية في الصف الدراسي مع الطلاب؛ حيث تشجع هذه التغذية التطوير المهني المستمر للمعلم (أحمد والساسي،2013).
ويستعرض هذا المقال المحاور التالية: تعريف التغذية الراجعة وأهميتها للمعلم، دور المشرف التربوي في تقديم التغذية الراجعة، ثم أثر التغذية الراجعة الناجحة في تنمية مهارات المعلم.

تعريف التغذية الراجعة وأهميتها للمعلم 

عرّف (Casse, 1994) التغذية الراجعة “بأنها تحديد الفارق الموجود بين وضعية عمل معطاة والحالة المثالية المرغوبة”. (ص17). وذكر (عبد الفتاح، 2001) “بأنها المعلومات التي تعمل كحد فاصل بين الهدف المراد تحقيقه وبين الأداء الفعلي”. (ص135). وذكرت (أبو الحمد، 2019) بأنها “كل المعلومات النظرية والعملية التي تقدمها المشرفة إلى الطالبات المعلمات لتوضيح الأداء الصحيح للمهارة لغرض التحسن في هذا الأداء، والهدف منها تعديل الاستجابات الحركية وصولاً إلى الاستجابات المثلى”. (ص124)
ويلاحظ من خلال التعريفات أن التغذية الراجعة يُنظر إليها من الناحية الوظيفية بأنها عمليـة تقـويم تقـع بـين معطيين: المعطى الأول هو المستوى المراد الوصول إليه، والمعطى الثاني هو المستوى الذي تم الوصول إليه، فالهدف هو وصل المسافة بين المستوى الذي يوجـد فيـه المـدرس مـن حيـثُ أدائه والمستوى المرغوب فيه، وتأكيد الممارسات الصحيحة وتثبيته، والكشف عن جوانب القصور (أحمد والساسي،2013).
لكي تُؤتي هذه العملية ثمارها، ذكر (البابطين، 2005) أنه لا بـد من المتابعة والتطوير، وتسمى هذه العملية بالإشراف التربوي، مهمتها الأساسية النهوض بعملية التربية والتعليم بشكل مستمر. وبما أن المعلم هو أساس هذه العملية، فالمشرفون مطالبون بمضاعفة الجهود لتطوير مهاراته ومتابعته بشكل مستمر وخصوصًا إذا كـان المعلم جديدًا، مع العلم أن عددًا كبيرًا من المعلمين يبدأون مسيرتهم التعليمية دون إعداد مهني كافٍ؛ وهنا تظهر الحاجة للإشراف. وقد أثبتت الملاحظة اليومية أن المعلم المبتدئ مهما كانت صفاته الشخصية واستعداده وتدريبه، يظل بحاجة كبيرة إلى التوجيه والمساعدة من أجل التكيف مع الجو المدرسي الجديد، وحتى يتقبل العمل وما يتبعه من مسؤولياته (سيسالم وآخرون، 2007).

دور المشرف التربوي في تقديم التغذية الراجعة 

يعرف المشرف التربوي بأنه: “الميسر والمستشار المعين من قبل وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية والذي يساعد المعلمين على تطوير أنفسهم ذاتيًا ومهنيًا” (البلوي، 2011). فالمعلم يحتاج لتطـوير أدائه المهنـي دائمًا نحـو الأفضل، وهنا يأتي دور المشرف التربوي لتقويم أدائه. ولا تقتـصر عملية التقويم على نتائج الطلاب ونموهم فقط، بل على العملية الشاملة لتحقق التكيف المطلوب مع احتياجات الطلاب حتى تزداد فاعلية وكفاءة البرنامج الإشرافي (أبو شملة، 2009). ويبدأ هذا الاهتمـام بـالمعلمين الجدد الذين لم يمارسوا مهنة التدريس من قبل، حيث إنهم يفتقرون إلى الخبرة العملية وهم أكثـر عرضة من غيرهم للخطأ أثناء مزاولتهم للتدريس (الديراوي، 2008).
لذلك تعد مهمة رعاية المعلم المبتدئ ومساعدته وتطوير كفاياته التعليميـة بـصورتها الشاملة والمتكاملة من المهمات الرئيسة للمشرف التربوي، ويجب أن تكون هذه المهمة الهدف الإشرافي الأساسي في خطة عمله، حيث لا تخلو مدرسة من معلم مبتدئ أو أكثر كل عام علـى اخـتلاف تخصـصاتهم ومـؤهلاتهم الأكاديمية والتربوية وكلهم بحاجة إلى الرعاية الإشرافية المهنية (الأونروا،1999).
لذلك على المشرف التربوي التعرف على احتياجات المعلمين، فمنهم من يحتاج إلى العون في مجال استخدام التقنيات التربوية، ومنهم من ينقصه الإلمام بمبادئ القياس والتقويم، وغير ذلك من حاجات لا يمكن أن يكتشفها المشرف التربوي إلا بزيارة الصفوف زيارات متكررة ومشاهدة ما يقوم به المعلمون من أعمال على الطبيعة وتفاعلهم مع طلابهم، وجمع ملاحظات تساعده في تخطيط البرنامج الإشرافي) طافش، 2004)، ومن ثم تزويد المعلم بتغذية راجعة تطويرية عن جوانب محدودة في أدائه، بحيث تتصف هذه التغذية بالدقة والموضوعية والشمول، وتعينه على تطوير ممارسته، لذلك فإن معظم المعلمين يرغبون في تغذية راجعة حول أدائهم في الصف؛ فكل زيارة صفيـة لا يعقبها نقاش مع المعلم تتحول إلى عمليـة تفتـيش ومراقبة وتفقـد وظيفتها الإشرافية وهدفها التطويري (الديراوي 2008).
ويذكر(حنافي، 2015) لضمان ترك الأثر والاستفادة من التغذية الراجعة حتى تؤدي مهمّتها المطلوبة، لا بد من أن يخطط لها المشرف التربوي، ويحدد فيها جميع العناصر والأهداف التي يراد تناولها في جلسة التّغذية الرّاجعة مع ذكر الاقتراحات التي تدعم فيها العناصر والأهداف، وأن تتصف التّغذية الرّاجعة بالشمولية لجميع عناصر العملية التعليمية، وتشمل جميع المعلمين باختلاف الخبرة وسنوات العمل، وأن تتصف بالاستمرارية، وأن يخصص وقت كافٍ لعملية التغذية الراجعة وضمان عدم حدوث مقاطعات أثناءها، وأن ينفرد بالمعلم ويشعره بالاطمئنان وأن ما يجري من تصحيح وتقويم لأدائه وسلوكه هو  للتطوير  التنمية.

أثر التغذية الراجعة الناجحة في تنمية مهارات المعلم 

للتغذية الراجعة من المشرف التربوي أثر كبير على المعلم كما ذكر (الديراوي، 2008) فإنها ترتقي بالعملية التعليمية بشكل عام وتحصيل الطلاب بشكل خاص، كما أنها تعمل على زيادة ثقة المعلم الجديد، بدلًا من أن يترك ويـتعلم بالمحاولة والخطأ، وتزود المعلم بالخبرات اللازمة والتوجيهات الضرورية للتطوير والتنمية في مجاله، وتؤدي إلى تكوين علاقات إيجابية وتعمق الأخوة والمحبة والثقـة مـع المعلمين الجدد لأنها تقلل من توترهم، وتشعرهم بأن هناك من يساندهم و يعاونهم ويوجههم  ليزيـد مـن عطـائهم وانتمائهم لمهنة التدريس، وأخيرًا تعمل كحافز قوي لتحقيق دافعية التعلم والتطوير عند المعلم.
وأشار (hinett,2002) أن من آثار التغذية الراجعة المستمرة أنها تقلل من عدد الأخطاء وتصحيحها، بحيث يقترب الأداء من الشكل المطلوب وتعمل على استمراره وبقائه، كما تظهر أهميتها في أنها تساعد على حدوث التعلم بمجهود أقل وفي زمن أقصر، وتنمي الوعي الذاتي لدى المعلم الذي يتم من خلال ملاحظة المعلم لأدائه بنفسه، وتعمل أيضًا على تحقيق مبدأ التعلم بالإتقان.
واتفقت دراسة السامرائي (2019) في بعض النقاط، حيث أضاف بأن التغذية الراجعة تعمل على تصحيح المعلومات المقدمة للمتعلم وتقومه في معرفة مدى فاعلية الدرس، كما أنها تجعل العمل أكثر تشويقًا، وتساعد على تطوير الجانب الذهني لدى المتعلم من خلال حثه على التفكير، وتحقيق التطور في طرق التدريس للمعلمين، وتساعد في تحقيق الأهداف التربوية التي تستهدف الدرس.
وختامًا، يمكننا القول بأن عمل المعلم يهدف إلى تربية الأجيال وإعدادهم لمواجهة تحديات العالم، فهو أحوج ما يكون إلى الإشراف والتقويم، وأقل ما يمكن أن يُقدم له لتطوير ممارساته خلال العملية التعليمية هو تزويده بالتغذية الراجعة الفعالة والمستمرة، وذلك على أسس علمية سليمة لتحسين أدائه في كل مرة يدخل فيها الى الصف.

المراجع

أبو الحمد، زينب طاهر. (٢٠١٩). أثر التغذية الراجعة على التقييم الذاتي للأداء التدريسي للطالبات المعلمات تخصص رياضيات بكلية العلوم والآداب بجامعة نجران. المجلة العلمية.٣٥(٣).١١٩-١٣٩.
أبو شملة، عبد الفتاح. (٢٠٠٩). فعالية الأساليب الإشرافية في تحسين أداء معلمي مدارس وكالة الغوث بغزة من وجهة نظرهم وسبل تطويرها [رسالة ماجستير، الجامعة الاسلامية]. الإدارة التربوية في الجامعة الإسلامية. https://library.iugaza.edu.ps/thesis/87385.pdf
أحمد، قندوز والساسي، الشايب. (٢٠١٣). دور التغذية الراجعة الشفوية والتغذية الراجعة السمعية والبصرية في تنمية مهارات تنفيذ الدرس لدى المدرسين. مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية.٣٢(١٢).١٢١-١٢٩.
الأونوروا (١٩٩١): دور المشرف التربوي ومدير المدرسة في رعاية المعلم المبتـدئ في المهنة، قسم التعليم المدرسي – دائرة التربية والتعليم – عمان
البابطين، عبد الرحمن. (٢٠٠٥). المعوقـات التـي تحـد مـن فاعليـة الممارسات الإشرافية كما يراها المشرفون التربويون بمدينة الرياض. مجلة كلية التربية،٢٣(٥٠)،٢٨٥-٢٢٣.
البلوي مرزوقة حمود. (٢٠١١). دور المشرف التربوي في تنمية المعلمين الجدد مهنيًا في منطقة تبوك التعليمية من وجهة نظرهم [رسالة ماجستير، جامعة مؤتة]. كلية التربية
الديراوي، إسماعيل. (٢٠٠٨). دور الاشراف الوقائي في تحسين أداء المعلمين الجدد في المدارس الحكومية بمحافظة غزة [رسالة ماجستير، الجامعة الاسلامية]. الإدارة التربوية في الجامعة الإسلامية.
السامرائي، مجيد فليح. (٢٠١٩). فاعلية التغذية الراجعة في تطوير الأداء المعرفي لدى المعلمين والمعلمات في محافظة صلاح الدين. مجلة السامرائي، ١٥(٥٨).٥١٩-٥٤٧.
سيسالم، روضة وآخرون. (٢٠٠٧). الإشراف التربوي في فلسطين. مكتبة آفاق.
طافش، محمود. (٢٠٠٤). الإبداع في الإشراف التربوي والإدارة المدرسية، دار الفرقان.
فاضل، علي عادل. (٢٠٠٦). التغذية الراجعة. دار الفكر العربي.
حنافي، جواد. (2015-6-10). أهميّة التّغذية الرّاجعة في العمليّة التعليميّة التعلميّة. الألوكة الاجتماعيّة. https://www.alukah.net/social/0/87699/
Hinett, K. (2002). Developing Reflective Practice in Legal Education. Uk Center for legal Education, University of Warwick.

البحث في Google:





عن شادية محمد علي صفطة

طالبة ماجستير قيادة تربوية- مسار قيادة مدرسية - جامعة دار الحكمة - المملكة العربية السعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *