الإشراف التربوي

الجزء الثاني من سلسلة أسرار المشرف التربوي الفعال -إجابة السؤال الثالث –

هذا المقال هو الثاني من سلسلة مقالات عن الإشراف التربوي، ينشرها الدكتور أيمن أصلان حصريا على صفحات تعليم جديد.
المقال الأول: أسرار المشرف التربوي الفعال – الجزء الأول

لكل مهنة أسرارها وبقدر عظمة تلك المهنة بقدر عظمة أسرارها وكلما كانت تلك المهنة مهنة قيادية كانت أسرارها أسرارا غير عادية في طبيعتها وفي ممارستها. وفي مقالي هذا سأتحدث عن سر جديد من أسرار فاعلية الإشراف التربوي أو ما قد يسمى في بعض البلاد بالتكوين التربوي أو التوجيه وقد سميت هذا السر بالسؤال الثالث وهيا بنا لنعرف قصة هذا السؤال.

الكثير منا كمشرفين أو موجهين أو مكونين تربويين يركز عند تخطيطه لممارساته الإشرافية على الإجابة على سؤالين مهمين هما:

1- “ماذا” (المحتوى) أي ما هي الاستراتيجيات أو الأساليب والطرق التي سأعلمها للمعلمين وما هي الأساسيات التربوية والفلسفات التعليمية التي أعمق فهمهم لها، فهم لابد أن يعرفوا مهارات القرن الحادي والعشرين ومدى حاجة الطلاب لهم ويعرفوا أهمية التعلم النشط ويتدربوا على استراتيجياته ويدركوا مبادئ التعليم المتمايز ويحرصوا على تلبيتها عند التخطيط لتدريسهم …….إلخ. كل هذا جيد والإجابة على هذا السؤال بوضوح تمثل ركيزة رئيسية عند التخطيط للإشراف.

2- “أين” أي أين سأصل بهم؟ (أهداف النمو المهني)

كأمثلة لذلك:

في تعريفهم بمهارات القرن الحادي والعشرين وكيفية دمجها في التدريس هل سأعرفهم عليها كلها أم بعضها وكم سيستغرق ذلك؟

في تدريبهم على استراتيجيات التعلم النشط كم استراتيجية سأطالبهم بها؟ وما هي نوعية تلك الاستراتيجيات وكيف سأدعمهم لتعلمها؟

في توعيتهم بمبادئ التعليم المتمايز إلى أي حد سأصل بهم في ذلك هل سنتعرف على جميع مبادئ التعليم المتمايز ونبحر فيها جميعا هذا العام أم سنكتفي بالمهم منها؟

من المهم أن تعرف ماذا تريد أن تعلم معلميك، وأين تريد لهم أن يصلوا في مستوى تمكنهم، ولكن لزيادة فاعلية النمو المهني لدرجة قصوى، فإننا بحاجة إلى بناء خطط إشرافية تلبي احتياجات أولئك الذين نقود نموهم المهني وهنا يبرز السؤال الثالث الذي نفتقده غالبا ونغفله عند تصميم رحلات النمو المهني وهو (“مَن؟”)

السؤال الثالث المفقود: من الذي نخطط له؟

من الذي سنمارس معه الأساليب الإشرافية؟

من الذي سنزوره داخل الفصل؟

هل هو معلم جديد أم قديم؟

هل لديه خبرات أو معارف سابقة؟

ما نمط تعلمه المناسب؟

ما الهيكل الاجتماعي الذي سيؤثر عليه؟

ما ………………………………؟

هل……………………………..؟

يجب أن نوفر الإشراف الذي يلبي احتياجات المعلمين أنفسهم، حتى يكونوا مشاركين، ويستفيدوا بشكل تام من الحكمة التي نشاركهم إياها.

إن التخطيط مع أخذ احتياجات المعلمين بعين الاعتبار سوف يساعدنا كثيرا لاختصار زمن رحلة التعلم المهني ويجعلنا نجيب على السؤالين الأول والثاني بصورة أكثر دقة وعمقا ويضمن إن شاء الله تحقيق نتائج مهنية أفضل مع الحفاظ على علاقة إنسانية أحسن مع من تشرف عليهم.

تحتاج إلى تحليل احتياجات المعلم قبل البدء في أي نشاط إشرافي ضمن رحلة النمو المهني فقد يكون لدى المعلم احتياج أهم مما تسعى إليه، وقد يكون المعلم مفتقرا إلى تقدير الذات أو الشعور بالارتباط والانتماء أو البقاء والأمان أو ….الخ مما يمثل احتياجا للمعلم أعظم مما خططت له،  ولا يعني ذلك أننا لن نعلمهم كيف يدمجوا مهارات القرن الحادي والعشرين في تدريسهم لكن هناك حاجة ماسة قبل هذا يحتاجها المعلم ويجب تلبيتها حتى يمكنه الانخراط معك في ماذا وأين.

إجابة السؤال الثالث

عرفنا أنه ثمة سؤال ثالث غالبا ما نغفله عمدا لصعوبة تحقيقه و أو عدم التأهيل المناسب، وهو من يكون هذا المعلم؟ والإجابة على هذا السؤال ستساعدنا في تلبية احتياجاته أو إشباعها بقدر مقبول خلال ممارستنا الإشرافية.

وإذا كان بإمكان السايس أن يقود جواده إلى شاطئ البحر وتقريب فمه من الماء ليجبره على الشرب، فإن الجواد لديه القدرة ألا يشرب قطرة واحدة. قد تستطيع أن تأخذ شخصا ما إلى المطعم وتقدم له الطعام لكن لا تستطيع أن تجبره على تناوله واذا أجبرته على تناوله وأكله لا يمكن إجباره على مضغه جيدا، فلا بد من وجود دافع ما يدفعه لتناول الطعام كأن يكون جوعانا أو أن الطعام مما يحبه فيثير شهيته نحوه فيرفع يده ليقضم أول قضمة ويقوم بباقي مراحل الأكل كاملة، وكذلك الأمر  – أخي المشرف أو المكون أو الموجه – للمعلم فإنه بإمكانك أن تجبر المعلم على أن يجلس أمامك لساعات يهز رأسه وينظر إليك بعينه لكن لا يمكنك أن تجبره على أن يفعل ذلك في غير وجودك عندما تغيب الرقابة الخارجية أو عندما لا يكون لك سلطة عليه. وحتى لو استطعت إجباره لا يمكنك أن تجعله يقوم به وهو مقتنع به ومستمتع بفعله إلا اذا تمكنت من إثارة دافعيته نحو الفعل بحيث يتحول السبب وراء الفعل من مجرد استجابة للتوصية وفعل للأمر إلى رغبة ذاتية ودافع داخلي للقيام به وأول شيء يخلق هذا الدافع هو تلبية احتياجاته والبدء من نقطة ذاته.

وأخيرا نقول:

التخطيط للممارسات الإشرافية مع أخذ احتياجات المعلمين في الاعتبار يعد كلمة السر لنجاح عملية الإشراف بكاملها.

البحث في Google:





عن د.أيمن أصلان

المدير التنفيذي لمركز صناعة القيادات. مستشار وخبير تربوي متخصص في مجال الإشراف التربوي.

5 تعليقات

  1. سامية حمادي

    نشكر جهودكم المبذولة للرقي من مستوي المشرف التربوي ونرجو فتح باب الاستفسارات والاستشارات وتوسيع دائرة المساعدات التطبيقية للإشراف التربوي عامة والتخصصات الأساسية خاصة مثل الرياضيات والعلوم واللغة العربية والإنجليزية

  2. رابح خبشر

    للمشرف دور كبير في قطاع التربية ولكن جهله بالمهام التي وكل بها اصبح دمية في ايدي النقابات

    • حياكم الله نتشرف بخدمتك وحسابي في تويتر موجود اي استفسار او استشارة يمكن اخدمك بها انا حاضر او اسالي هنا

  3. نادية حسن

    احسنت اختيار الموضوع والنشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *