التطوير المهني للمعلم

القيادة والتطوير المهني للمعلم – دور مدير المدرسة في تفعيل مجتمعات التعلم المهنية

القيادة والتطوير المهني للمعلم – دور مدير المدرسة في تفعيل مجتمعات التعلم المهنية – إشراف ومتابعة د. وزيرة باوزير – جامعة دار الحكمة – جدة، المملكة العربية السعودية

مقدمة

تعد مجتمعات التعلم المهنية من إحدى الاستراتيجيات التعليمية التي تسعى إليها وزارة التعليم لتحسين التعليم والتعلم والمنظمة التعليمية بالكامل، حيث أن انخراط المعلمين في مجموعات يسهم في توليد الأفكار وتبادل الآراء والحد من العزلة والعمل المنفرد، حيث أظهرت الدراسات أثر العمل الجماعي بين المعلمين وعلاقته بالرضا الوظيفي (سلمان، الأشقر، 2020). ويكمن دور مدير المدرسة في تنمية مجتمعات التعلم المهنية من خلال وعيه بمدى أهمية العمل التعاوني لاستدامة تلك المجتمعات وذلك من خلال دوره في توزيع القيادات على المعلمين وتشجيع المترددين وتحديد المسؤوليات والصلاحيات، وتنظيم الجدول المدرسي ليناسب تلك المجتمعات، وتأمين الموار المادية والبشري والوقت، والتركيز على تعلم الطلاب، إبلاغهم بالمستجدات، المتابعة والرصد للأداء والتقدير لتلك الجهود، وتوفير مناخ يشجع على التعاون وطرح الأفكار وتجريبها، وتوفير التنمية المهنية النابعة من حاجات المعلمين (تطوير، 2014). لذلك سيناقش هذا المقال مفهوم مجتمعات التعلم المهنية ودور مديري المدارس في تفعيل مجتمعات التعلم المهنية من خلال تحديد احتياجاتهم التطويرية، وتوفير الفرص التدريبية لهم، ودوره في تقييم وتطوير الأداء للمعلمين والطلبة، وقد تم اختيار تلك المحاور لمناقشتها في هذا المقال لأهميتها في بناء وتطوير مجتمعات التعلم المهنية.

فمجتمعات التعلم المهنية عبارة عن تنظيمات مدرسية تجعل المعلمين يتفاعلون مع بعضهم ومع المحيط الخارجي، يعملون كفريق واحد تحت رؤية مشتركة وهدف محدد، تعمل على نقد الممارسات المهنية، من خلال تبادل المعارف والخبرات والبحث الجماعي، في بيئة يسودها الاحترام والتعاون، وذلك من أجل التطوير والتحسين (محمد والزايدي،2015).

تحديد الاحتياجات التدريبية؛ حيث يعتبر من أهم الأدوار للمدير في التخطيط للبرامج التطويرية لمجتمعات التعلم المهنية، كما أنه يساعد في التركيز على تحسين الأداء والوصول للهدف الأساسي من التدريب، لذلك سيوضح هذا المقال بعض الأساليب الأساسية التي يجب على مدير المدرسة إتباعها لتحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين منها تحليل النتائج، تحليل المهمة، تحديد الكفايات، مسح الاحتياجات التدريبية (الحر، 2010). فتحليل الأداء يبدأ بتحديد المخرج المرغوب ثم تحديد المهام المطلوبة لكل مخرج، ثم تحديد المهارة المطلوبة لأداء تلك المهام، ويتميز هذا المدخل بأنه يربط بين متطلبات المعرفة والمهارة بأداء العمل، ويمكن إثبات صحته وتقييمه، ويهتم بمختلف العوامل المؤثرة على الأداء، إلا إنه قد يستغرق وقتا طويلا لتنفيذه و قد يحتاج لمهارات خاصة. أما تحليل المهمة فيتم التأكيد على المهام التي يؤديها الموظف، ثم التأكيد على المهام المطلوبة لتحقيق الأداء الناجح لتلك المهمة، حيث يتميز هذا المدخل بأنه يعطي تحديدا دقيقا للمهام والمعارف المطلوبة، ويمكن قياس المخرج، ويمكن إثبات صحته بالملاحظة، إلا إنه يستغرق وقتاً طويلاً ويحتاج لمهارات خاصة، ولا يهتم بالعوامل الأخرى المؤثرة في الأداء كما أنه يصعب تحديد أولويات المعارف والمهارات.

أما تحديد الكفايات فيبدأ بتحديد القدرات والإمكانات المتوفرة لدى الموظف، ثم التركيز على المهارة المطلوبة لامتلاك تلك القدرات والإمكانات وتحديد الفجوة بين الواقع والمأمول. يتميز هذا المدخل بأنه سريع وغير مكلف نسبياً، عريض وشامل، مع إمكانية خدمة جمهور متنوع وعريض من المتدربين، أما سلبياته فتكمن في صعوبة ربطه بالمخرج لتقييم الأداء، كما أنه يصعب تقدير الأهمية النسبية للقدرات وبالتالي يصعب تحديد الأولويات الخاصة بالمعارف والمهارات، و لا يهتم بالعوامل الأخرى المؤثرة، مع عدم وضوح الفرق بين الأداء المثالي والمتوسط.

مسح الاحتياجات التدريبية: حيث يقوم مدير المدرسة بدراسة مدى معين من المصادر المعلومة للوظيفة، أو استطلاع رأي حول ما يحتاجه المعلمون من تدريب، ويتميز هذا المدخل بأنه سريع وغير مكلف، عريض وشامل، قلة المخاطر، أما ما يعيب هذا المدخل هو كونه غير دقيق، يبنى على وجهات نظر الخبراء، و  يصعب إثبات صحته وبالتالي يصعب تحديد الأولويات، و يصعب ربطه بالمخرج (الحر، 2010).

توفير الفرص التدريبية للمعلمين؛ وهذا الدور يأتي بعد أن يتم تحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين من خلال تبادل الزيارات الصفية، حيث تؤثر بشكل إيجابي على مخرجات العملية التعليمية، كما يشير الجنيبي (2014) إلى أن الزيارات المتبادلة تشجع المعلمين وتزيد من حماسهم، مما يدفعهم لمزيد من الجهد. أما الحلقات البحثية واجتماعات هيئة التدريس فهي مفيدة في تبادل المعلومات وتثري الجوانب المعرفية بين المعلمين (عبدالسلام، 2018). كما تتيح لهم فرصة حقيقية لإيجاد حلول للمشكلات الواقعية ومن ثم فإن حلها من خلال هذه البحوث يسهم في تحسين ممارساتهم المهنية بصورة منهجية، ويعتبر هذا النوع من البحوث بحوثاً موجهة لتطوير الأداء المهني للمعلم والنهوض بالعملية التعليمية (سليمان، 2014). كما يمكن تدريبهم وتطوير مهارتهم من خلال مجتمعات التعلم المهنية داخل المدرسة لنشر وإنتاج المعرفة (محمد، الزايدي، 2015). حيث تسهم تلك لمجتمعات في تعميق ممارسات المعلمين للتعليم وسرعة استجابتهم للمستجدات، وتحديث معارفهم، كما تسهم في زيادة الرضا الوظيفي، وتسهم تلك المجتمعات أيضا في جعل التنمية المهنية أكثر فعالية، حيث يكتسب المعلمون 70% مما يحتاجون من خلال الممارسة في بيئة العمل (تطوير،2014). و تحقق هذه استراتيجية ورش العمل التدريبية جملة من الأهداف التربوية منها: تهيئة الفرص المختلفة لنمو المعلمين، وتساعد في معالجة القصور في الكفاءات، وتحقق المشاركة الفعالة بين المعلمين، حل المشكلات (المصبحين، 2013). وتوفر الشبكات المهنية توفر أمام المعلمين لتبادل الخبرات مع معلمين أو مشرفين أو مدراء من خلال قنوات الاتصال وترسيخ مفهوم مجتمع المعرفة (سليمان والأشقر، 2020).

ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التقويم التي تعتبر من أهم الخطوات التي تساعد على تطوير الممارسات التعليمية، حيث يقوم مدير المدرسة بملاحظة مباشرة ومستمرة لنشاط المعلمين، كما يمكن أن يكون التقييم عن طريق المعلمين كأفراد أو مجموعات، أو عن طريق المتعلمين، وتهدف عملية التقييم إلى تحسين المهارات والكفاءات العلمية، وتعزيز الخبرات التدريسية (عبد الحي، 2016). فإن كانت النتائج تحقق الأهداف تُعزز وتدعم من مدير المدرسة، وإن كانت عكس ذلك فيجب العمل على تطويرها حتى تحقق الأهداف المرجوة (الوادعي، آل محفوظ، 2019). كما يؤكد كل من آل سفران وطوهري، (2020) على أهمية تقويم مجتمعات التعلم المهنية، وذلك لإيجاد حلول فعالة وناجحة، بخلق بيئة إيجابية داعمة لتلك المجتمعات تسهم بصورة فعالة في الارتقاء بمستويات المعارف والمهارات لدى المعلمين، كما تساعد على اتخاذ القرارات المناسبة في عملية التطوير والتحسين.

وختاماً إن لمدير المدرسة دوراً فعالاً وجوهرياً في تفعيل مجتمعات التعلم المهنية، فهو البوصلة الموجه لبناء تلك المجتمعات، ومعرفة احتياجاتهم التدريبية، وذلك من خلال عرض عدة أساليب قد تساعد مدير المدرسة على معرفة الاحتياجات ومميزات وعيوب كل أسلوب، ودوره في توفير الفرص التدريبية للمعلمين وذلك من خلال عدة استراتيجيات تسهم في تطوير مهارات المعلم المهنية، وأساليب التقييم المناسبة لها، للتأكد من تحقق الأهداف المرجوة منها، وتقديم التغذية الراجعة والدعم المستمر لهم، لأن كل ذلك سيؤثر على مخرجات العملية التعليمية، وتحسين مهارات المعلمين وزيادة كفاءتهم العلمية.

المراجع

الحر، عبدالعزيز. (2010). التنمية المهنية (ط.2). مكتب التربية العربي لدول الخليج.  
https://2u.pw/Fw6EQ
الجنيبي، حمد بن رامس. (2014). مدى فاعلية تبادل الزيارات بين معلمي التربية الإسلامية في إنمائهم المهني ومعوقاتها من وجهة نظرهم بسلطنة عمان. دار المنظومة.
السفران، محمد حسن سعيد؛ طوهري، علي هادي إبراهيم، (2020). تقويم مجتمعات التعلم المهنية في مدارس تطوير بمنطقة جازان من وجهة نظر قادة المدارس والمشرفين والمعلمين. مجلة الآداب للدراسات النفسية والتربوية. (6).37-78.
سلمان، أمل نصر الدين؛ الأشقر، منى. (2020). نموذج مقترح لبناء مجتمعات التعلم المهنية لتحسين مستوى الأداء المهني للمعلم في ضوء استراتيجيات تطبيق التنمية المستدامة. جامعة عين شمس.
https://cutt.us/Nx5gM
سليمان، علي محمد حسين. (2014). برنامج تدريبي مقترح في تنمية مهارات بحوث العمل التشاركية والاتجاه نحو المهنية لدى معلمي الدراسات الاجتماعية: دراسة تجريبية. مجلة قطاع الدراسات التربوية.4.
عبدالحي، إخلاص محمد. (2016. أكتوبر10). تقويم أداء المعلم. تعليم جديد. https://2u.pw/dO6Uw
عبدالسلام، عبدالسلام مصطفى. (2018. سبتمبر19). فرص التطوير المهني للمعلمين. مهارات النجاح.
https://2u.pw/KaFfn
محمد، أشرف السعيد، الزايدي، أحمد محمد. (2015). مجتمعات التعلم المهنية كمدخل لتنمية رأس المال الفكري بالمدارس الثانوي –تصور مقترح. المجلة العلمية.
https://cutt.us/un8Z2
المصبحين، منيرة محيل. (2013). أثر استخدام استراتيجية ورش العمل في تعليم مقرر التقييم والتشخيص في التربية الخاصة على التحصيل الأكاديمي وتنمية الاتجاه لدى طالبات قسم التربية الخاصة في جامعة الجولف. مجلة التربية الخاصة.1(1). 33-53.

البحث في Google:





عن نجمه جمعان الزهراني

طالبة ماجستير في القيادة التربوية بجامعة دار الحكمة - المملكة العربية السعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *