التطوير المهني للمعلم

الممارسة التأملية ودورها  في التطوير المهني للمعلمين 

الممارسة التأملية ودورها  في التطوير المهني للمعلمين  إعداد : منيرة هوساوي – إشراف ومتابعة د. وزيرة باوزير – جامعة دار الحكمة – جدة، المملكة العربية السعودية

تعد الممارسة التأملية المدخل المثالي لإعداد المعلم، حيث تضع المعلمين في مركز تطوير أنفسهم، قد يستطيع الممارسون بموجبها تطوير مماراساتهم وتقييمها، وهي وسيلة الوعي الذاتي الذي يحقق نموا مهنيا متناهيا  (Shahen, 2012) انطلاقا من الاتجاهات المتناميية في التربية، والتي وجهت أنظار التربويين حول الاهتمام بالنظرية البنائية في التعلم والتي تنص على أن المتعلم يبني المعرفة من خلال عمليات التفاعل والاندماج مع المحتوى التعليمي والبيئة المحيطة، واعتبار التأمل نقطة مركزية في عمليتي التعليم والتعلم، لذا جاءت هذه التوجهات لتكون في مقدمة العوامل التي ساهمت في انبعاث فكرة الممارسة التأملية في الحقل التربوي(2008،Farrell).

سيناقش هذا المقال المحاور التالية: مفهوم الممارسة التأملية، دور الممارسة التأملية في التطوير المهني للمعلمين.

 1- تعريف التربويين لمفهوم الممارسة التأملية

في عام 1987 قدم دونالد شون مفهوم الممارسة التأملية باعتبارها عملية تغذية لتهذيب حرفة الفرد في مجال محدد، واعتبرها الطريقة الأولى للمبتدئين في مجال ما لتحديد أوجه التناغم والانسجام بين ما يقومون به من ممارسات ناجحة. وقد أخذ هذا المفهوم بالتنامي بشكل واسع، حيث تم دمجه ضمن برامج إعداد المعلمين، انطلاقا من أن التدريس التأملي يربط بين فلسفة جون ديوي في الأخلاق، وبين المظاهر المحيطة بالعملية التدريسية، لذا فإنه يساعد المعلمين والتربويين في تهذيب مماراساتهم التدريسية وتجويدها (Farraro 2000)

2- دور الممارسة التأملية في التطوير المهني للمعلمين

بالنظر إلى دراسات الباحثين نجد أن هناك العديد من الدراسات التي أثبتت دوراالممارسة التأملية وأثرها على التطوير المهني للمعلمين، مثل دراسة العياصرة والفارسي (2018) التي أجريت للتحقق من أثرالممارسة التأملية في تطوير الأداء التدريسي لدى معلمات التربية الإسلامية، وتوصلت نتائج هذه الدراسة إلى وجود أثر إيجابي واضح للممارسة التأملية على المعلمات من جوانب متعددة، وفي العموم كشفت الدراسة أثرالممارسة التأملية في تحسين أداء المعلمات التدريسي ( العياصرة والفارسي،2018). وتشيردراسة عبد العال وسليمان (2016) إلى وجود علاقة طردية بين التأمل والنمو المهني للمعلم، فكلما زاد تأمل المعلم ازداد نموه المهني.

تؤدي الممارسة التأملية إلى تغيير في أسلوب التدريس لدى المعلمين مما يؤدي إلى مستوى أداء أفضل عن طريق التوضيح والملاحظة وتحليل القناعات والمعتقدات التي يحملها المعلمون تجاه أدوارهم ومسؤولياتهم المهنية، حيث يوفر التأمل قاعدة لنمو الأفراد فكريا ومهنيا، وهذا يقتضي من المعلمين والباحثين تقديم كل مايخص طبيعة التفكيروالتعلم، وتقديمها للتلاميذ لتحسين قدراتهم المعرفية، بما يوفر لهم فرص التدرب والتعلم على أساليب التفكير الفعالة  (Farraro 2000). وأكدت (فاربل) فيما ذكره أكاديمي (2021) وجود علاقة بين التأمل والتطوير، وأن التأمل يؤدي إلى التطور بسرعة وأن التطور الناتج عن التأمل يؤدي إلى تحسين العمليات التي تجري داخل الغرف الصفية وإلى تحسين المخرجات التعلمية.

إن ممارسات المعلمين التأملية تعزز من معتقدات فاعلية ذواتهم التدريسية (Wenzraf1994)، الأمر الذي ينعكس إيجابا على إحساس المعلمين بقدرتهم على تحقبق أهداف التعلم المنشودة وثقتهم بأساليبهم المستخدمة في التدريس وبدرجة فاعليتهم المرتبطة بإنجازات طلابهم، كما تؤثرعلى اتجاهاتهم نحو سلوكهم التدريسي وترفع من وعيهم تجاه  أدوارهم الصعبة etal 2007)  Huang)

 وعن دور الممارسة التأملية في تطوير مستوى الوعي بالممارسات، يرى أوسترمان وكوتكامب (2000) أن عملية التأمل تعزز لدى الممارس التأملي دور الباحث، وبالتالي تثير لديه دافع الإحساس بالشك أوعدم الرضا ثم الانطلاق إلى فحص مايقوم به، فالممارس في هذه الحالة يلعب دور الباحث، حيث يبدأ بجمع المعلومات والبيانات مركزا على سلوكه الشخصي ضمن السياق المهني، كما يأخذ دور الناقد الذي يراقب ويتابع أفعاله بحيث يقف بعيدا عن التجربة نفسها ويخطط في دائرة العمل للملاحظة بعين الناقد. ويعتبرأوسترمان وكوتكامب (2000) أن الممارسة التأملية تعد قوة فعالة للتغيير التعليمي ومنهجا فعالا للتطوير المهني، إنها طريقة متكاملة للتفكير والعمل مركزة على التعلم والسلوك، وقد أوردا في كتابيهما أن الممارسة التأملية هي الوسيلة التي يستطيع الممارسون بموجبها أن يطوروا مستوى أكبر من الوعي بالذات عن الطبيعة وأثر الأداء، وعيٌ يخلق فرصا للنمووالتطوير المهني.

نستنتج مما سبق أن التأمل أداة مهمة ينبغي أن يكتسبها المعلم ويعمل على تطويرها، ومن ثم يكسبها تلاميذه، لينعكس أثرها إيجابا على العملية التعليمية بأكملها، ويعد تأمل المعلم في مماراساته التدريسية رافدا مُهما لتطوير ذاته (ماكنيف،2001)، وأن الممارسة التأملية تعد مدخلا مهما في إعداد المعلمين وفي تطويرهم المهني، كما أن لها دورا في تغيير أساليبهم التدريسية وفي تعزيز معتقداتهم لذواتهم وأخيرا الممارسة التأملية لها دورفعال في تنمية التفكير الناقد وفي تطوير الوعي الذاتي للمعلمين.

المراجع العربية

– عبيدات، لمياء. (2017). واقع الممارسات التأملية وأثرها على دافعية الإنجاز لدى معلمي المرحلة الأساسية العليا في محافظة إربد. وزارة التربية والتعليم الأردن. مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الإنسانية) المجلد 31ع (12) .
– حسن، مهاعلي. (2020). برنامج قائم على نموذج تيباك وتنمية الكفاءة الذاتية والتفكير التأملي لدى الطلاب المعلمين شعبة الرياضيات بكلية التربية بالغردقة. جامعة جنوب الوادي . المجلة التربوية :ع75                                   
– العتيبي، علوشة مدعج. التميمي، غادة. (2020). أثر بحث الدرس في تنمية التفكير التأملي لدى المعلمات في منطقة القصيم وعلاقته ببعض المتغيرات. كلية التربية. جامعة القصيم. مجلة العلوم التربوية والتقنية المجلد(4) ع (24) ص 96ـــ 113                                                                                    – الرشيدي، فاطمة سحاب. (2018). تقدير درجة استخدام المماراسات التأملية لدى معلمي المرحلة الثانوية في محافظة البريدة    من وجهة نظرهم. مجلة كلية التربية للعلوم التربوية والإنسانية .جامعة بابل (38)، 284ــ 250                                                                                                        
– العياصرة ، عبد الكريم والفارسي ، عائشة ناصر. (2018).  الممارسة التأملية في تطوير الأداء التدريسي لدى معلمات التربية الإسلامية في سلطنة عمان . المجلة التربوية . جامعة الكويت. مجلس النشر العلمي، 32 (128)، 135ــ 180    
– المسروري، فهد بن سالم، المشايخي، سعيد بن سالم ، المجعلية ، عائشة بنت عبد الله . (2020) . درجة توافر أبعاد متطلبات تطبيق أبعاد مجتمعات التعلم المهنية في المدارس الحكومية بسلطنة عمان من وجهة نظر المشرفين التربويين.  المجلة الإلكترونية الشاملة،ع(27)
– البلوشية، عائشة بنت عبدالله ،الفهدي، راشد بن سليمان، الجابري، خلفان بن ناصر. (2020).  العلاقة بين تضور المشرفين التربويين عن الإشراف التأملي وواقع مماراساتهم له في سلطنة عمان.  مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج 7 ، ع (37)
– ماكنيف، جين. (2001) البحث الإجرائي من اجل التطور المهني .ط1. (نادر ووهبة المترجمون ) مركز العطاء للبحث والتطوير التربوي .
– عبد العال، سحر محمود. سليمان، يحي عطية. (2016) برنامج قائم على استخدام المنظمات التخطيطية لتنمية التفكيرالتأملي  لدى الطالب ـ معلم شعبة الدراسات الاجتماعية مجلة الجمعية التربوية للدراسات الاجتماعية، (77) 227  ــ  248
– واحة تربوية وثقافية النبع  الأكاديمي غير معروف، ( 2021، 8فبراير) ممارسات التدريس التأملي ، https://nbbee.blogspot.com

المراجع الأجنبية 

Farrel ، T . S .  (2008 ( Reflectve practice in the porofessitonal Development of Teachers of   Adult English Language Learners . Washington . CAEUA Netwrk Brief .
Shahen ، M . A (2012 ( .The relity of thefautley members at the Qpen University of Jerasaleem and ies relation ship to their attitudes to wards the professional .development of self contemplative practices in light of some variables  Al Azhar University in Gaza Mgazine ) 14( ، (2) 183 ــ 208
Qsterman ، K. 2002 (Comemplative practices for education. The problem of inmporovina eduction and the need to solve them ) Translation of Munir Hourani) Al  Ani UAE  University Book)

البحث في Google:





عن منيرة عمر عبد الرحمن هوساوي

باحثة في الدراسات العليا برنامج القيادة التربوية جامعة دار الحكمة، مشرفة تربوية مكتب تعليم جنوب جدة، حاصلة على إجازات متعددة في القرآن الكريم حفظا وتلاوة وتجويدا، وفي علم القراءات مدربة معتمدة في دورات تطوير تدريس القران، حصلت على جائزة مسابقة الأمير سلمان الفرع الأول حفظ القرآن كاملا، عضو في الجمعية المصرية للتنمية التكنولوجية، عضو في المشروع الوزاري لتطوير تدريس القرآن، شاركت في مؤتمر التكنولوجيا وحلول البرمجيات في القاهرة بورقة عمل بعنوان تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأثرها في تنمية القدرات، شاركت في ملتقى الإشراف التربوي في ظل الجائحة واستشراف المستقبل 23 مارس 2021 بورقة عمل بعنوان واقع تطبيق الممارسات الإشرافية في ظل الجائحة وأثر ذلك على التنمية المهنية للمعلمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *