اختبار الذكاء

تاريخ اختبار الذكاء : أعلام معاصرة ومحطات رئيسة

تمهيد

شغل تعريف مصطلح الذكاء تفكير العلماء قديمًا وحديثًا، ففي القديم كان الرومان يعدون الذكي هو المؤهل لسلوك طريق الجندية، أما العرب والصينيون، فكانوا يعدون الذكي هو البارع في الشعر. أما في الوقت المعاصر، فإن العلماء يُعرفون مصطلح الذكاء بكونه القدرات الذهنية المتعلقة بالقدرة على التحليل والتخطيط وحل المشاكل، ورسم الإستنتاجات وسرعة المحاكمات العقلية، كما يشمل القدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار وتعلم اللغات وسرعة التعلم.و يتضمن مصطلح الذكاء أيضا -حسب بعض العلماء- القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين، كما في الذكاء العاطفي. ولقد تميز العلماء المعاصرون عن العلماء القدامى في الاهتمام بقياس الذكاء، غير أنهم اختلفوا فيما بينهم في تطوير نماذج لكيفية قياس الذكاء، فمنهم من غَلَّب الذكاء العام “IQ “Intelligence Quotient ، ومنهم من اعتمد على الذكاءات المتعددة “MIs ” Multiple Intelligences، ومنهم من جمع كلاً من الذكاء العام والذكاءات المتعددة. وفيما يلي نستعرض عشر أهم محطات معاصرة في تاريخ الذكاء.

المحطة الأولى: الذكاء الكامن

– العالم: فرانسيس جالتون 1822-1911

ألفريد جالتون
ألفريد جالتون

يُعد جالتون أحد رواد علم الإحصاء، كان يؤمن بأن كل شيء يمكن قياسه، وقد بدأ غالتون دراسته المنهجية للذكاء في عام 1884م عندما أسس أول مختبر لقياس الذكاء في لندن، وقد بلغت المقايس التي أنتجها 17 مقياسا. و تمثل أعمال غالتون الإنطلاقة الرئيسة في دراسة القدرات العقلية عن طريق القياس التجريببي المعملي لبعض الوظائف السيكولوجية.

يعتبر جالتون من علماء النفس الرواد في مجال البحث النفسي، إذ سار على خطى قريبه تشارلز داروين في البحث في أصول الفروقات بين أصناف الأحياء. ويعتبر غالتون أول من ابتدع أسلوب الاستبانات وسلالم التقدير وتداعي الكلمات وغيرها من الإجراءات المستخدمة اليوم في مجال البحث النفسي. ولقد كان اهتمامه مُنصبًا على البحث في مجال الفروقات في القدرات العقلية بين الأفراد، وهو أول من أطلق على القدرات العقلية اسم “الذكاء” باعتباره الهدف الرئيس لابتداعه هذه الوسائل.

المعالم:

 يجب أن يتم قياس الذكاء مباشرة، وأن ينصب على قياس القدرات الكامنة (الذكاء الكامن-Intelligence Potential).

 ولقد أكدَّ كل من أرثر جينسن ومايك أندرسون ما ذهب إليه جالتون من أن قياس الذكاء يجب أن يكون بالتركيز على تقييم سلامة النظام العصبي المركزي مُمثلاً في قياس القدرات الكامنة، وليس بقياس مظاهر الذكاء في الحياة اليومية.

 لقد أكد جالتون على أهمية توافر وقت “للمفحوص” في إعطاء رد الفعل (مما يعني عدم استعجاله)، باعتباره منهجًا عمليًا يُمكن “الفاحص” من متابعة قياس ذكاء المفحوص بدقة.

 يُعد غالتون أول من قبل بتوزيع لابلاس غاوس”التوزيع الطبيعي”، وإمكانية تطبيقه على السمات النفسية للإنسان، بما في ذلك الذكاء.

 وأول من أسس مركزًا لقياس الاختبار العقلي في العالم، حيث يمكن لأي شخص أن يخضع لمجموعة من الاختبارات، والحصول على تقرير مكتوب بنتائج القياس.

توزيع جالتون لابلاس-جايس
توزيع جالتون لابلاس-جايس
Galton Laplace-Gauss distribution

 

المحطة الثانية: العمر العقلي

– العالم: ألفريد بينيه 1857-1916

ألفريد بينيه
ألفريد بينيه

هو عالم نفس تربوي فرنسي، بدأ دراسة الذكاء عندما أسندت إليه وزارة المعارف الفرنسية مهمة عزل وتصنيف ضعاف العقول في الصف الأول الابتدائي المهددين بالرسوب. ويُعد ألفريد بينيه أول من صاغ مفهوم “العمر العقلي-Mental age” في عام 1908م، وبناءً على هذا المفهوم، فقد حدد بينيه مستوى عمري-Age Level” لكل مهمة، أو لكل مجموعة من المهام. وبذلك فقد ربط كل مهمة، أو مجموعة من المهام بعمر زمني مُحدد. وعلى ذلك، فإن الذي يجتاز المهمة/المهام المرتبطة بالعمر الزمني المُحدد يكون ذكيًا،أما لم يستطع اجتياز المهمة، فلا يُعد ذكيًا. و قد قام ألفريد بينيه مع زميله ثيودور سيمون بنشر تنقيحات لمقياس الذكاء عامي 1908 و1911.

المعالم:

– كان الهدف الرئيس لاختبارات بينيه-سايمون هو التعرف بشكل موضوعي على الطلاب الذين لم يحصلوا على أي فائدة علمية من البقاء في الفصول الدراسية مع أقرانهم، فكان يتم تصنيف الأطفال الذين يتأخر عمرهم العقلي، ثم يتم إلحاقهم ببرامج التربية أو التعليم الخاص.

– وتُعد النسخة الأحدث من اختبار ستانفورد-بينيه (الطبعة الرابعة SB-IV) نسخة مُحسنة من الاختبارات السابقة، -رغم أنها لا تخلو من العيوب- و قد استندت على أسس نظرية أكثر ثباتًا، وتم بناؤها وفق طرق أكثر دقة من سابقاتها.

– وبالنظر للنسخة الرابعة (SB-IV)، نجدها بناء هرميا يحتل الذكاء العام (g) المستوى الأعلى فيه، ثم تأتي ثلاث قدرات عامة في المستوى الثاني وهي: القدرات المتبلورة، والقدرات التحليلية الفطرية (المائعة)، والذاكرة قصيرة الأمد. أما المستوى الثالث، فتحتله متغيرات الاستدلال الثلاثة: اللفظية والكمية والتجريدية/البصرية.

النسخة الرابعة من اختبار ستانفورد-بينيه (SB-IV)
النسخة الرابعة من اختبار ستانفورد-بينيه (SB-IV)

 

المحطة الثالثة: الذكاء العام “g

– العالم: ستانفورد – بينه (لويس تيرمان-ألفرد بينيه)

لويس تيرمان
لويس تيرمان

قام لويس تيرمان الأستاذ بجامعة استانفورد بتعديلات إضافية على اختبار الفريد بينيه، حيث أدخل اقتراح ويليام شتيرن القائل بأن مستوى ذكاء الفرد يُقاس كنسبة ذكاء (Intelligence Quotient-IQ). ولقد سُمي اختبار لويس تيرمان باسم مقياس ستانفورد-بينه للذكاء، وذلك نسبة إلى جامعة استانفورد التي كان يعمل بها تيرمان. ويُعد هذا المقياس أساس اختبارات الذكاء الحديثة، والتي ما زالت مستخدمة حتى الآن تحت مُسمى نسبة الذكاء (I.Q).

المعالم:

كانت الطبعات الأولى من اختبارات ستانفورد-بينيه (1916، 1937، 1960م) هي المقاييس الأكثر استخدامًا في الولايات المتحدة الأمريكية لتقييم القدرات الذهنية للأفراد، فقد استخدمت النسخ الثلاثة للتعرف على الطلاب المتخلفين عقليًا، والذين يحتاجون إلى صفوف تربية خاصة.

الخصائص العامة لاختبار ستانفورد-بينيه:

– يُعد اختبار استانفورد-بينيه هو أول اختبار لقياس الذكاء العام (g)، وما يزال يُتخذ مقياسًا للذكاء إلى الوقت الراهن. كما يعد كذلك أول مقياس يستخدم مصطلحي “العمر العقلي” و “المستوى العمري”، ويربطهما معًا كوحدة قياس للذكاء. غير أنه يؤخذ على اختبار استانفورد-بينيه أنه لا يُناسب الراشدين باعتبار أنه نشأ ليُستخدم مع الأطفال الصغار، بالإضافة إلى أن هذا الاختبار يرتبط بزمن محدد لإجراءه، ومن ثَمَّ فإن عامل السرعة يقلل من المستوى الحقيقي للأفراد المفحوصين. كما أنه يحتاج إلى تقنين في كل بيئة يُسخدم فيها حيث يهتم بالنواحي اللفظية مما يُعد عائقًا في كثير من الأحيان. بالإضافة إلى أن اختبار قياس الذكاء العام (g) يتأثر فيه أداء الشخص المفحوص بعاداته الإنفاعلية، وثقته في ذاته. وأخيرًا؛ فإن اختبار قياس الذكاء العام (g) يتأثر بشخصية الفاحص من حيث نظرته للحياة وظروفه الآنية ومزاجه الشخصي وقت أداء الاختبارات.  

-az6

 

المحطة الرابعة: الطاقة العقلية والقدرات الخاصة

– العالم: تشارلز سيبرمان 1863– 1945

تشارلز سيبرمان
تشارلز سيبرمان

قسم سيبرمان نظريته إلى قسمين: القدرة العامة (الطاقة العقلية-Intellectual Power)، والقدرات الخاصة (Special Intelligences). وتقوم نظريته على فرضية أن الأفراد الذين يحققون معدلات مرتفعة في القدرة العامة، يحققون في المقابل معدلات مرتفعة في القدرات الخاصة، مثل: المعالجات اللفظية والعمليات الحسابية، والعكس صحيح؛ أي أن الذين يحققون معدلات منخفضة في القدرة العامة يحققون معدلات منخفضة في القدرات الخاصة. فالفكرة الرئيسية لسيبرمان أن الناس الموهوبين في القدرة العامة موهوبون في القدرات الخاصة، وأن الناس البلداء في القدرة العامة بلداء في القدرات الخاصة. ولقد ُرحب بهذه النظرية على نطاق واسع، وشاع استخدامها عمليًا عبر اختبارات الذكاء. ويُعد سيبرمان من أشد المتحمسين لمقياس الذكاء العام (g)، وقد دفعه حماسه إلى تقييد حق التصويت في الانتخابات لمن لا يتجاوز ذكائه حدا معينا، وذلك قياسًا على سُنَّة اليونانين قديمًا في تقييد الإنجاب لمن هم ليسوا بأذكياء.

المعالم:

هناك اعتقاد سائد بأن عام 1930م كان عامًا فارقًا في القياس النفسي واختبارات الذكاء، وأن النظريات التي تلت ذلك العام انقسمت قسمين؛ أولهما: استند إلى نموذج سيبرمان، وثانيهما انقسم إلى عدة نظريات أخرى. وسوف نستعرض فيما يلي بعض أبرز النظريات التي تنتمي إلى كلا القسمين.

فالعامل العام هو الذكاء الفطري، وهو وراثي ولا يتأثر بالبيئة وينمو نموا طبيعيا حتى يبلغ أقصى مدى في سن الثامنة عشر، وهذا العامل لايشترك في جميع العمليات العقلية بنسب واحدة،

وأما العوامل الخاصة أو النوعية فهي تقتصر على عملية معينة دون غيرها من العمليات؛ والعوامل الخاصة وإن كان لها أساس فطري إلا أنها قابلة للتنمية أو التدهور.

ولقد فرق سيبرمان بين العامل العام (القدرة العامة)، والقدرات الخاصة (العوامل الخاصة) من حيث النجاح في الدراسات الأكاديمية. فنص على أن النجاح في اللغة، والرياضيات يعتمد على العامل العام، وأن التفوق في الدراسات الفنية مثلاً يعتمد على العوامل الخاصة.

ولقد طور سيبرمان ثلاثة قوانين تشرح طبيعة الذكاء من وجهة نظره: الفهم واستنتاج العلاقات واستنتاج المتعلقات. فالقانون الأول يتعلق بالفهم (Apprehension)، ويعني أن الإنسان الذكي لديه وعي داخلي لفهم واقعه الخارجي أكثر من غيره، بالإضافة إلى أن لديه قدرة ترميز المعلومات، وحفظها في ذاكرته. أما القانون الثاني فيتعلق باستنتاج العلاقات (Relation)، و يعني أن الإنسان الذكي لديه قدرة على إدراك العلاقة بين الأشياء سواء كانت علاقة تشابه، أو علاقة تضاد. أما القانون الثالث، فيتعلق باستنتاج المتعلقات (Correlates)، حيث يستطيع الإنسان الذكي -من وجهة نظر سيبرمان- استحضار العناصر ذات العلاقة بالفكرة محل التفكير.

8-teory of 2 factors-2

 

المحطة الخامسة: الذكاءات السبع

– العالم: ثروستون (1938م)

ثروستون
ثروستون

لقد قبل ثروستون فرضية سيبرمان “العامل العام-القدرة العامة”، غير أنه قلل من أهميتها باعتبارها -من وجهة نظره- لا تعبر عن الذكاء الإنساني بصورة صحيحة. و يعزو ثروستون سبب شهرة فرضية سيبرمان إلى بساطة وسهولة قياسها للقدرات العقلية الأولية. ولقد قبلها كعامل ثانٍ في قياس الذكاء، وليس عاملا أوليا. أما فرضيته، فقد حدد فيها سبعة أنواع من قدرات الذكاء، وجعل هذه الذكاءات السبع عاملاً أوليًا في قياس الذكاء، وهي: فهم العلاقات اللفظية والطلاقة اللفظية والعدد والذاكرة وسرعة الإدراك الحسي والتصور المكاني والتفكير. وعلى الرغم من قبول هذه النظرية، إلا أن استخدامها بصورة عملية لم يحقق انتشارًا كبيرًا نظرًا للصعوبات الشديدة في التحليل والتطبيق التي صاحبت تنفيذها.

المعالم:

الذكاءات الإنسانية لدى ثروستون:

  1.   فهم العلاقات اللفظية (الشفهية): القياس اللفظي، وزيادة المفردات، والقراءة، وما إلى ذلك.
  2.   الطلاقة اللفظية: القدرة على توليد الكلمات بسرعة، والتلاعب بعدد وافر من الكلمات ذات الخصائص المحددة، كما هو الحال في الجناس، أو النظم.
  3.   العدد: القدرة على العد بسرعة وإجراء العمليات الحسابية بدقة.
  4.   الذاكرة: القدرة على الاستظهار، وامتلاك ذاكرة ترابطية.
  5.   سرعة الإدراك الحسي: السرعة في إدراك الأشياء بصريًا، وفي الإلمام بالتفاصيل، والمختلف فيه والمتشابه.
  6.   التصور المكاني: القدرة على التخيل المكاني، وكذلك القدرة على الإحاطة بالأبعاد الجغرافية.
  7.   التفكير: المهارة في مجموعة من أنماط التفكير، كالتفكير الاستقرائي، والاستنتاجي، والمنطقي، وغيرها.

ولذا تُعد نظرية ثرستون أول نظرية تتناول الذكاءات المتعددة تحت اسم المدخل المتعدد للذكاءات (Multi-Factor Approach to Intelligence). ومع ذلك، فإنها لم تُستخدم على نطاق واسع بسبب ضعف قدرتها على التنبؤ بشكل دقيق بالأداء الأكاديمي. و ذلك رغم أن نظرية ثروستون تُعد أكثر دقة في توصيف القدرات العقلية (الذكاءات الإنسانية) أكثر من نظرية الذكاء العام (g) التي لا تُعطي الدرجة المتحصل عليها في اختبار الذكاء أي مدلول.

نظرية ثروستون
نظرية ثروستون

 

المحطة السادسة: النموذج الهرمي

– العالمان: فيرنون وكارول (1960م)

فيرنون
فيرنون

قام فيليب إوارت فيرنون -وهو زميل مساعد لسيبرمان- بتطوير نموذجه ليعالج الضعف الرئيس في نموذج أستاذه سيبرمان، والمتمثل في تعظيم هذا الأخير للعامل العام على حساب القدرات الفرعية. ففي عام 1950م أقر فيرنون أن نقطة الضعف الرئيسة في نموذج سيبرمان تتمثل في إمكانية تحول أي قدرة عامة إلى قدرة خاصة اعتمادًا على البراعة في بناء الاختبارات. إضافة إلى ذلك، فقد حذر فيرنون من العوامل التي تتصف بدرجة عالية من التخصص عند بناء الاختبار، لأنها من وجهة نظره ليس لها أي مدلول في الحياة اليومية.

المعالم:

لقد قام فيرنون (1960، 1965، 1971)، وكارول ( 1993) بتطوير نموذج هرمي حيث يحتل نموذج سيبرمان “العامل العام-القدرة العامة” قمة الهرم، ثم يأتي المستوى الثاني مُمثلاً في القدرات الرئيسة التي تنقسم إلى قدرتين رئيسيتين: القدرة اللفظية التربوية، والقدرة العملية الميكانيكية. أما المستوى الثالث الذي يمثل قاعدة الهرم فيتكون من القدرات الفرعية مُمثلةً في القدرات الخاصة لسيبرمان والذكاءات الإنسانية لثروستون. ولعل هذا الدمج بين نموذج سيبرمان وثروستون في نموذج فيرنون جعله واحدا من أكثر النماذج قبولاً في الوقت الحاضر. ولقد قسم فيرنون درجة الاختبار الكلية (100 درجة) بين المستويات الثلاثة إلى: العامل العام (نموذج سيبرمان) 40%، والقدرات الرئيسة 10%: ممثلة في القدرة اللفظية التربوية، والقدرة العملية الميكانيكية، أما القدرات الفرعية 40% فتتكون من القدرات الخاصة لسيبرمان، والذكاءات الإنسانية لثروستون، أما الـ 10% المتممة للمئة، فقد عزاها كمعامل تباين في درجات الاختبارات.

هرم فيرنون و كارول
هرم فيرنون و كارول

 

المحطة السابعة: الذكاء والإبداع

– العالم: جيلفورد 1960

جيلفورد الذكاء
جيلفورد

كان جيلفورد طبيبا نفسانيا معنيًا بتطوير اختبارات لتحديد المرشحين للتدريب كطيارين خلال الحرب العالمية الثانية. وإثر ذلك، توسعت اهتماماته في تطوير اختبار لقياس مهارات التفكير الأخرى، فكانت محصلة أبحاثه نموذج جيلفورد لقياس الذكاءات المتعددة الأخرى. ويُنسب لجيلفورد أنه أول عالم من علماء النفس المعاصرين بدأ البحث في “الإبداع”. ولقد بدأ دراسته لهذا الأخير انطلاقًا من رفضه لفرضية كان يؤمن بها الناس، وهي أن الإبداع هو نتيجة طبيعية لاختبار الذكاء العام “g”، وهو ليس كذلك من وجهة نظره. ولقد قام جيلفورد بالعمل على إثبات وجهة نظره، فبدأ باستخدام “تقنية العامل التحليلي” لعزل أنواع التفكير الأخرى عن التفكير الإبداعي المقاس بواسطة اختبار الذكاء العام “IQ” ليثبت خطأ هذه الفرضية.

المعالم:

لقد اختلف جليفورد عن غالبية المنظرين لعامل الذكاء العام “g”، وذلك برفضه الاعتراف بوجود العامل العام على الإطلاق. وبدلاً من ذلك، اقترح نموذجه للذكاءات، وهو يضُم 180 قدرة ابتدائية (5x6x6)، مكونة من مزيج من ثلاثة أبعاد: المحتويات: 5 أنواع، والمنتجات: 6 أنواع، والعمليات: 6 أنواع، كما تظهر في التالي:

1 –        المحتويات: ويقصد بها أن الناس يفكرون بطرق مختلفة بناءً على اختلاف المعلومات. وقد قسم جليفورد المحتويات إلى خمسة أنواع وهي: المعلومات البصرية (Visual Information) المستمدة من الحواس أو من التصوير، والمعلومات السمعية (Auditory Information) المتحصلة من الحواس أو من الأصوات، والعناصر الرمزية (Symbolic Items) مثل الكلمات والرموز التي تنقل المعاني، والمعاني الدلالية (Semantic Meanings) في كثير من الأحيان، ولكن ليس دائما، وهي ترتبط بالكلمات، والمعلومات السلوكية (Behavioral Information) عن الحالات الذهنية وسلوكات الأفراد الملاحظة.

2 –        المنتجات: ويُقصد بها أنواع المعارف التي يقوم التفكير بمعالجتها، و تنقسم إلى:

– الوحدات (Unites): وهي تشير إلى القدرة على إدراك “الوحدة” في محتوى معين، فالدروس (Lessons): تشير إلى تنظيم وفرز الوحدات في مجموعات ذات معنى مشترك، والعلاقات (Relations): تتعلق بالقدرة على الإحساس بالعلاقات بين أزواج من الوحدات، والأنظمة (Systems): وتتكون من العلاقات بين أكثر من زوجين من الوحدات، والتحولات (Transformations): وهي القدرة على فهم المتغيرات في المعلومات مثل التورية في المعاني الدلالية، والتداعيات (Implications): وتشير إلى التوقعات بناء على المعلومات المُعطاة.

3 –        العمليات: ويُقصد بها العمليات التي يقوم بها الدماغ في المحتويات الخمسة السابقة. وهذه العمليات هي: الإدراك (Cognition): ويعني القدرة على إدراك مختلف عناصر وتغيرات المعرفة محل التفكير، والذاكرة التسجيلية (Memory Recording): وتعني القدرة على تشفير المعلومات، والذاكرة الحافظة (Memory Retention): وتعني القدرة على تذكر واسترجاع المعلومات، والتفكير المتشعب (Divergent Thinking): ويعني القدرة على العثور على أعداد كبيرة من الأفكار المناسبة للمعرفة محل التفكير، والتفكير المتقارب (Convergent Thinking): ويعني البحث في الذاكرة عن سبب واحد للإجابة عن سؤال معين (يُطلق على هذه العملية التفكيرية: التفكير المنطقي)، والتقويم (Evaluation): ويعني القدرة على إجراء المحاكمات العقلية لأنواع مختلفة من المعارف.

نموذج جيلفورد للذكاء
نموذج جيلفورد للذكاء

 

المحطة الثامنة: ذكاء التدفق والتبلور

رايموند بيرنارد كاتل
رايموند بيرنارد كاتل

– العالم: رايموند بيرنارد كاتل (1963م) 

عالم نفسي أمريكي من أصل بريطاني، جاء في المرتبة السادسة عشر لأكثر علماء النفس المؤثرين في القرن العشرين، ولقد طور ما يزيد على 30 اختبارًا معياريًا. ويُعد كاتل من المناصرين لاستخدام المناهج التحليلية للعامل(factor analytical methods)  بدلاً مما أسماه “التطوير اللفظي للنظرية” لاستكشاف الأبعاد الأساسية للشخصية والدافع والقدرات الإدراكية. وتتمثل إحدى أهم نتائج تطبيق تحليل العوامل الخاص بكاتل في اكتشافه لـ 16 عاملاً تشكل الأساس للشخصية البشرية. وأطلق على هذه العوامل اسم “سمات المصدر” نظرًا لاعتقاده أن هذه العوامل توفر المصدر الرئيس للسلوكيات الظاهرية التي يعتقد أنها تمثل الشخصية. وتعرف نظريته، بنظرية عوامل الشخصية والمعيار، حيث تستخدم 16 نموذجًا في قياس الشخصية، وكذلك 16 استبيانًا لعوامل الشخصية على التوالي.

المعالم:

لقد قام كاتل بدراسة الأبعاد الأساسية للنطاقات الأخرى: كالذكاء والدافع والمصالح المهنية. ومن ثّمَّ، فقد وضع نظرية “الذكاء السائل والذكاء المتبلور” بغرض تفسير وشرح القدرة الإدراكية للبشر. إضافة إلى ذلك، فقد قام بتأليف اختبار كاتل المتحرر من أثر الثقافة، لتقليل انحياز اللغة المكتوبة والخلفية الثقافية في اختبار الذكاء إلى الحد الأدنى.

ويتكون نموذج كاتل من قسمين: الذكاء المتدفق (السائل) و يقوم على القدرة على رؤية العلاقات بين الأشياء، وخاصة خلال الأربعين سنة الأولى في حياة الإنسان. بينما يتمثل القسم الثاني من الذكاء المتبلور بعد عمر 40 سنة، في الإحاطة بالمعارف والمهارات. وهناك عدد قليل من الاختبارات وفقا لهذه النظرية المتاحة، على سبيل المثال اختبار KAIT (اختبار الذكاء كوفمان للمراهقين والكبار)، وهي تنسب إلى اختبارات الذكاء العام، وتشمل مقياسين: ذكاء التدفق، وذكاء التبلور.

ولقد شرح كاتل علاقة عمر الإنسان بكل من الذكاء السائل، وذكاء التبلور. فقد بين أن ذكاء التدفق يقل مع التقدم في العمر؛ في نفس الوقت الذي يزداد فيه ذكاء التبلور مع التقدم في العمر. فالمقابلة بين الرياضيين والعلماء تشرح هذه العلاقة العكسية بين نوع الذكاء وعمر الإنسان، فبينما يحتاج الرياضيون إلى الذكاء السائل في العشرينات والثلاثينات من عمرهم ليحققوا أفضل الأرقام، فإن العلماء والأدباء والفلاسفة يحتاجون إلى ذكاء التبلور باعتبار أن أفضل إنتاجهم يكون بعد الأربعين حيث يكون لديهم تراكم معرفي، وخبرات واقعية.

مقياس كاتل للذكاء
مقياس كاتل للذكاء

 

المحطة التاسعة: الذكاء تحليلي وعملي وإبداعي

– العالم: روبرت سترنبرغ (1973م)

روبرت سترنبرغ
روبرت سترنبرغ

روبرت سترنبرغ من مواليد 1949م، وهو عالم نفس أمريكي، ومتخصص في القياس النفسي. ومن الجدير بالذكر أن سترنبرغ قد عانى شخصيًا من نتيجة اختبار الذكاء العام “g” عندما كان تلميذًا في الابتدائية، حيث أعطاه الفاحص درجة ضعيفة، فحزن لذلك، وأيقن أن هذا الاختبار غير كاف لتحديد مستوى معرفته وقدراته الأكاديمية. وعندما أعاد ذلك الاختبار في وقت لاحق مع طلاب أصغر منه سنًا، وحصل على درجات عالية شعر بمزيد من الراحة. غير أن هذه المشكلة التي حدثت معه أثارت اهتمامه، ودفعته إلى دراسة علم النفس.

المعالم:

يعتقد ستيرنبرغ أن التركيز على أنواع محددة من القدرات العقلية في قياس الذكاء يُعد مفهوما ضيقا جدا، وأن قياس ذكاء واحد فقط والحكم على الشخصية من نتيجته يؤدي إلى معرفة أحادية للإنسان المفحوص. ولقد ضرب مثلاً لذلك، فقال أن هناك كثيرا من الأشخاص الذين حصلوا على درجات منخفضة في اختبار الذكاء، غير أنهم أظهروا قدرة اجتماعية خلاقة في تشكيل بيئاتهم، والتكيف بإبداع مع الآخرين. ومن ثَمَّ، فقد أكد ستيرنبرغ على أهمية عدم اقتصار اختبارات الذكاء على قياس ذكاء واحد، بل يجب أن تشتمل الاختبارات على قياس أكثر من ذكاء.

ويقوم نموذجه على ثلاث ذكاءات رئيسة: التحليلي (A):وهو مشابه لتعريف الذكاء في الاختبارات القياسية، والعملي (P): ويعنى بحل مشاكل الحياة الحقيقية، والإبداعي (C): مسؤول عن البصيرة، والتوليف بين الأشياء، والقدرة على الاستجابة للمؤثرات والمواقف الجديدة.

ويرى سترنبرغ أن الذكاءات أوسع مما افترضه النموذج الكلاسيكي لسيبرمان في “الذكاء العام”، ويعلل ذلك؛ بأن بعض الناس الذين حققوا درجات مرتفعة في اختبار الذكاء  IQ عادة ما يفشلون في الحياة. ولقد طور سترنبرغ اختبارا أطلق عليه”اختبارSTAT”، وهو عبارة عن حزمة من الأسئلة متعددة الخيارات و التي تقيس كل الذكاءات الثلاث بصورة منفصلة، فلكل ذكاء منهم مقياسه الخاص. وتُعد هذه النظرية علامة فارقة في فهم طبيعة الذكاء عبر التعرف على العمليات الإدراكية الكامنة خلف الذكاء والعوامل المؤثرة فيه.

18-robert-2

 

المحطة العاشرة: الذكاءات المتعددة

– العالم: هوارد جاردنر (1983م)

هوارد جاردنر الذكاءات المتعددة
هوارد جاردنر

هو عالم نفس أمريكي، وهو أستاذ الإدراك والتعليم في جامعة هارفارد في كلية الدراسات العليا، وقد اشتهر بنظرية الذكاءات المتعددة. قدم جاردنر نظريته لأول مرة عام 1983 في كتاب بعنوان أطر العقل، وقدم فيه سبعة أنواع من الذكاءات، وهي: الذكاء اللغوي، والمنطقي-الرياضي، والمكاني، والموسيقي، والجسدي-حركي، والشخصي، والاجتماعي. ولقد استمر في تطوير هذه النظرية لما يزيد عن عشرين عاما، فأضاف بعد عقد من الزمان الذكاء الواقعي، والطبيعي ليصبح عدد الذكاءات تسع ذكاءات. حصل على جائزة ماك آرثرعام 1981م، وعام 1990م، ثم جائزة جامعة لويزفيل عام 1995م، وفي عام 2011م تحصل على جائزة أمير أستورياس للعلوم الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، فقد حصل على درجة فخرية من 26 جامعة ومؤسسة من عدة دول مثل: بلغاريا، وتشيلي، واليونان، وإيرلندا، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية. وكذلك، فقد تم اختياره من قبل مجلة بروسبكت (Prospect magazines) من ضمن أفضل مائة شخصية مثقفة ذات تأثير بالعالم.

المعالم:

ينطلق هوارد جاردنر من مُسلمة هي: أن كل الأطفال يولدون ولديهم كفاءات ذهنية متعددة، منها ما هو قوي، ومنها ما هو ضعيف، ومن شأن التربية الفعالة أن تُقوي ما هو قوي، وتُنمي ما هو ضعيف. كما أن هذه النظرية لم تُقر بربط الكفاءات الذهنية بعامل الوراثة فقط، التي تسلب من الإنسان كل إرادة لتنمية هذه الذكاءات، فلا يوجد هناك إنسان ولد ذكيًا، وآخر غبيًا، بل كل ما هنالك هو اختلاف بين البشر في ارتفاع نسبة ذكاء عن آخر. وقد حدد جاردنر ثلاثة معالم لنظريته:

  1. أن ذكاء الإنسان ليس ثابتًا أو جامدًا عند ولادته، أي أن ذكاء الإنسان لا تحدده الوراثة، وليس ثابتا يمكن قياسه عبر اختبارات الذكاء، فذكاء الإنسان عبارة عن كفاءات ذهنية تنمو باستمرار وتتغير خلال حياة الإنسان.
  2. أكد جاردنر على أنه يمكن تعلم الذكاء وتعليمه وتحسينه، لأن قدرات الذكاء لها قاعدة عصبية/ذهنية. ولذا فإن أي قدرة ذهنية يمكن أن تتحسن في أي مرحلة عمرية.
  3. الذكاء ظاهرة متعددة الأبعاد توجد في عدة مستويات من نظام دماغ الإنسان (Brain)، وعقله (Mind)، وجسمه (Body)، وهناك طرائق عديدة يستطيع الإنسان من خلالها تنمية المعارف والفهم والخيال والإبداع. ويؤخذ على نظرية الذكاءات المتعددة أنها لا تعطي نتائج رقمية لهذه الذكاءات تتمثل في درجة علمية تُثبت بشهادة للطالب في كل مقرر دراسي.

مبادئ نظرية الذكاءات المتعددة:

تتمثل مبادئ نظرية الذكاءات المتعددة في أربعة مبادئ رئيسية، وهي كالآتي:

  1.   “لا يخلو إنسان من ذكاء/ذكاءات-Each person possesses all intelligences”. وهذا المبدأ يؤكد على أن كل إنسان لديه ذكاء/ذكاءات، غير أن مستويات/أنواع هذه الذكاءات تكون متابينة بين الناس. فهذا المبدأ -من وجهة نظر جاردنر- يؤكد على أن عموم البشر أذكياء، وأن هناك فئتين قليلتين من البشر: فئة قليلة تمتلك عددا من الذكاءات في مستويات مرتفعة، وأخرى قليلة أيضًا تمتلك عددا محددا من الذكاءات في مستويات منخفضة.
  2.      “معظم الناس يستطيعون تنمية ذكاءاتهم إلى مستوى مناسب من الكفاءة والجدارة- Most people can develop each intelligence to an adequate level and competency”. يؤكد جاردنر في هذا المبدأ على أن كل إنسان لديه القدرة على تنمية ذكاءاته إلى مستوى عال عبر التعليم في بيئة مناسبة، ومن خلال خبرات تعليمية مناسبة.
  3.      “إن الذكاءات المتعددة تعمل بطرق مركبة- Intelligences usually work together in complex way”. ويؤكد هذا المبدأ على أنه لا يوجد ذكاء قائم بذاته إلا في حالات مرضيِّة نادرة، مثل الأفراد الذين لديهم تلف في المخ، وأنه لا يمكن فصلها إلا في حالات ثلاث: عند دراستها، وأثناء فحص ملامحها، وخلال تعلم كيفية استخدامها بفاعلية فقط. بالإضافة إلى أن هذا المبدأ يؤكد على أنَّ الذكاءات تتفاعل مع بعضها البعض، وهذا ما أكده التفكير النظمي (System Thinking).
  4.      “هناك طرق عديدة لتنمية كل ذكاء- There are many ways to be intelligent within each category”. ويؤكد هذا المبدأ على تنوع وتعدد الخبرات التعليمية التي تُطور كل ذكاء، مما يُعطي الفرصة لتنمية الذكاءات لدى كل الناس، فلا توجد خبرات تعليمية مقننة الخصائص لتنمية كل ذكاء.
الذكاءات المتعددة
الذكاءات المتعددة

 

الخلاصة

نخلص مما سبق أن هوارد جاردنر لم يكن أول عالم يُشير إلى نموذج الذكاءات المتعددة، إلا أنه يُعد أول عالم صاغها نظريةً، وطوَّرها نموذجًا. وفيما يلي نستعرض العلماء الذين أشاروا إلى الذكاءات المتعددة، وإن كانت تحت أسماء مختلفة، كمتغيرات الاستدلال، والقدرات الخاصة، والمدخل المتعدد، وغيرها ليؤكد هذه الحقيقة.

       نموذج بينيه- سايمون: قد أشارت النسخة الرابعة منه (SB-IV) إلى تعدد الذكاءات، كما يظهر في بنائها الهرمي الذي يحتل الذكاء العام (g) المستوى الأعلى فيه، ثم تأتي ثلاث قدرات عامة في المستوى الثاني، وهي: القدرات المتبلورة، والقدرات التحليلية الفطرية (المائعة)، والذاكرة قصيرة الأمد. أما المستوى الثالث، فتحتله متغيرات الاستدلال الثلاثة: اللفظية، والكمية، والتجريدية/البصرية.

–        نموذج سيبرمان: فبالرغم من أنه كان من أشد المتحمسين لنموذج الذكاء العام “g”، إلا أن الناظر إلى نموذجه يتبين له أنه قسمه إلى قسمين: قسم القدرة العامة (الطاقة العقلية-Intellectual Power)، وقسم القدرات الخاصة (Special Intelligences)، وتقوم نظريته على فرضية أن الأفراد الذين يحققون معدلات مرتفعة في القدرة العامة، يحققون في المقابل معدلات مرتفعة في القدرات الخاصة، والعكس صحيح.

–        نموذج ثرستون: يُعد نموذج ثرستون أول نموذج تناول الذكاءات المتعددة تحت اسم “المدخل المتعدد للذكاءات” (Multi-Factor Approach to Intelligence). وقد عدَّها سبع ذكاءات، وهي: فهم العلاقات اللفظية (الشفهية)، والطلاقة اللفظية، والعدد، والذاكرة، وسرعة الإدراك الحسي، والتصور المكاني، والتفكير.

       نموذج فيرنون: لقد خالف فيرنون أستاذه سيبرمان في قياس الذكاء بالعامل العام “g” فقط، وعدم الأخذ بالذكاءات الأخرى. وقد طور نموذجه الهرمي جاعلاً نموذج سيبرمان “العامل العام-القدرة العامة” يحتل قمة الهرم، ثم يأتي المستوى الثاني مُمثلاً في القدرات الرئيسة التي تنقسم إلى اثنتين: القدرة اللفظية التربوية، والقدرة العملية الميكانيكية. أما المستوى الثالث الذي يمثل قاعدة الهرم فيتكون من القدرات الفرعية مُمثلةً في القدرات الخاصة لسيبرمان، والذكاءات الإنسانية لثروستون.

       نموذج جيلفورد: لقد اختلف جليفورد عن غالبية المنظرين لعامل الذكاء العام “g”، وذلك برفضه الاعتراف بوجود العامل العام على الإطلاق. وبدلاً من ذلك، فقد اقترح نموذجه للذكاءات، وهو يضُم 180 قدرة ابتدائية (5x6x6)، مكونة من مزيج من ثلاثة أبعاد: المحتويات 5 أنواع، والمنتجات 6 أنواع، والعمليات 6 أنواع.

       نموذج كاتل: كذلك، فقد خرج كاتل عن اتباع نموذج الذكاء العام “g”، و طوَّر نموذجًا يتكون من قسمين: الذكاء المتدفق (السائل)، والذكاء المتبلور. وهناك عدد قليل من الاختبارات وفقا لهذه النظرية المتاحة، وهي تنسب إلى اختبارات الذكاء العام، وتشمل مقياسين: ذكاء التدفق، وذكاء التبلور.

       نموذج ستيرنبرغ: يعتقد ستيرنبرغ أن التركيز على أنواع محددة من القدرات العقلية في قياس الذكاء يُعد مفهوما ضيقا جدا، وأن قياس ذكاء واحد فقط والحكم على الشخصية من نتيجته يؤدي إلى معرفة أحادية للإنسان المفحوص. ويقوم نموذجه على ثلاثة ذكاءات رئيسة: التحليلي (A)، والعملي (P)، والإبداعي (C).

 

 


المصادر والمراجع

–  لويس ر. أيكين (تحرير). كتابالاختبارات والامتحانات؛ قياس القدرات والأداء

–   http://www.alukah.net/social/0/66415/#ixzz3lbbNmefD

–   http://www.alukah.net/social/0/66415/#ixzz3qhWJlxYI

–   https://books.google.com.my/books

–   http://www.intelltheory.com/map.shtml

–  Key Players in the History & Development of Intelligence & Testing. http://www.wilderdom.com/personality/L1-5KeyPlayers.html.

–   http://lp.wileypub.com/HandbookPsychology/SampleChapters/Volume12.pdf

–   https://ar.wikipedia.org/wiki/ذكاء

البحث في Google:





عن د. عبد المقصود سالم جعفر

تربوي متخصص في تطوير المناهج وتصميم المقررات التعليمية. حاصل على درجة الدكتوراة، قسم الحضارة الإسلامية، المعهد الإسلامي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية-الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا. خبرة تربوية تربو على الثلاثين عاما في حقل التربية والتعليم. صدر له كتابين: الإيجابيون ثلاثة: المنصور والفاتح وأنا، ومنظمة التعلم: تجريد تجسير تجسيد .نشر عدة مقالات في ميدان تطوير المناهج وتصنيف المعرفة

تعليق واحد

  1. كم أن لاختبارات الذكاء أهمية كبيرة في معرفة مستوى الذكاء و بالتالي محاولى تطويريه من خلال تقنيات الذكاء الصنعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *