تركيا و كورونا

تركيا في مقارعة كورونا Covid 19

تحيا الأُمَّةُ الَّتي تَرعَى شعبَها ورَعاياها، وتَكْدَحُ حفاظًا على صحَّتِهِم وأمنِهم، فهذا يجعلُها تُقارِعُ الدُّولَ االخمسَ بلا مُنازعٍ، وتَشْغَلُ حَيِّزًا في الصَّدارةِ.

أَشاَرَ الرَّئيسُ التُّركيُّ رجب طيِّب أردوغان إلى أنَّ حكومتَهُ عازمةٌ على الارتقاءِ بالجمهوريَّةِ التُّركيَّةِ إلى «المكانةِ الَّتي تَسْتَحقُّها في النِّظامِ العالميِّ الجديدِ المرتقبِ ظهورُهُ عقبَ تفشِّي وباءِ كورونا الجديد»، مُركِّزًا في غيرِ خطابٍ على إيمانِه بأنَّ العالمَ ما بعدَ كورونا لن يكونَ كما قبلَها، وأنَّنا سنشهدُ ظهورَ نظامٍ عالميّ جديدٍ سيكونُ لتركيا حيِّزٌ كبيرٌ فيه، وَسَتَخْرُجُ أقوى منَ السَّابقِ من هذه الأزمةِ العالميَّةِ.

وقالَ النَّاطقُ الرَّسميُّ باسمِ الرئاسةِ التُّركيَّةِ (إبراهيم قالن): إنَّ انتشارَ كورونا كَشَفَ عن خَلَلٍ في الْمُؤسَّساتِ الإقليميَّةِ والدَّوليَّةِ القائمةِ، وإنَّ «تغييرًا جذريًّا سَيطَرَ على النِّظامِ العالميِّ في عِدَّةِ أصعدةٍ» في ضوءِ انتشارِ فايروس كورونا، مُضيفًا بأنَّه ليسَ واضحًا بعدُ أي نوعٍ منَ النِّظامِ السِّياسيّ العالميّ سَيظهرُ بعدَ جائحةِ كورونا.

فبناءً على ذلكَ، قامتِ الحكومةُ التُّركيَّةُ في ظلِّ هذه الجَائحةِ بإجراءاتٍ وإِنجَازَاتٍ وتطويراتٍ على جميعِ القطاعاتِ والأصعدةِ وعلى نطاقٍ واسعٍ، حسبَ التَّالي:

أوَّلًا: على الصَّعيدِ التَّعليميِّ

تُعَدُّ تركيا ثاني أكبرَ دولة في منطقةِ التَّعليمِ العالي الأوروبيَّة (EHEA) بعد روسيا. ففي هذه الجائحةِ الَّتي عمَّتِ البلادَ، لم تتأثَّر بشكلٍ كبيرٍ في القطاع التَّعليمي، نتيجةً لتدبيراتٍ أوَّليَّةٍ سابقةٍ، إضافةً إلى أنَّها قامت بإحداثِ وتطويرِ العديدِ من الوسائلِ التَّعليميَّةِ حفاظًا على سلامةِ الطُّلَّابِ ولإنجاحِ العمليَّة التعليميَّة وعدمِ انقطاعِ الطَّالبِ، حيثُ قامتِ الحكومةُ بتعطيلِ التَّعليمِ العادي (وجهًا لوجهٍ) في 13 من آذار لمدَّة ثلاثةِ أسابيع للمرحلةِ الجامعيَّة، وأسبوع واحد لما قبلَ المرحلةِ الجامعيَّةِ (الابتدائيَّةِ والإعداديَّةِ والثَّانويَّةِ)، وفرضَت التَّعليمِ عَن بُعْدٍ online)، أو ما يُسمَّى في تركيا (Üzaktan Eğtim).

1- على المستوى الجامعيّ:

مع أنَّ تركيا لم تقم بتجربةِ التَّعليمِ عن بُعدٍ من قبل وتطبيقها على طلَّابها، إلَّا أنَّها قامت بأعمالٍ عديدةٍ ونجحتْ فيها وبفترةٍ وجيزةٍ، فمن ذلك:

أ) إحداثُ وتطوير منصَّاتٍ تعليميَّةٍ للتَّعليمِ عن بُعدٍ خاصَّةٍ بكلِّ جامعةٍ، وَبِجَودَةٍ جيدةٍ، وبلغاتٍ ثلاثةٍ (التُّركيَّة والعربيَّة والإنكليزيَّة) كما في جامعةِ غازي عينتاب تسهيلًا على الطُّلَّابِ الأجانبِ، فمن هذه البرامج على سبيلِ المثالِ: eys، dys وغيرها.

ب) إضافةً إلى إنشاءِ مواقعَ خاصَّةٍ لقيامِ الطَّالبِ بتحميلِ الواجبِ (المهمة) المفروضِ عليهِ من مدرسه ضمنَ هذه المنصَّاتِ، أو إرسالِهِ عن طريقِ الإيميل الشَّخصي في بعضِ الأحيانِ.

ج) قيامُ الكثيرِ منَ الأكاديميِّين بإنشاءِ قنواتِ يوتيوب (YouTube) لتحميلِ مُحاضراتِهم عليها، ليتمكَّنَ الطَّالبُ من الوصولِ إليها متى شاءَ.

د) مَنْحَتِ الحكومةُ باقاتِ إنترنت مجَّانيَّةً لكثيرٍ منَ الطُّلَّابِ الَّذين لا يمتلكون شبكةَ إنترنت؛ لاستمرارِ تواصل العمليَّة التَّدريسيَّةِ.

هـ) قيامُ المعلِّمين بتفعيلِ العديدِ من وسائلِ التَّواصلِ الاجتماعيِّ بينَهم وبين طلَّابِهم، وإنشاءِ مجموعاتٍ كالواتساب والتليغرام وغيرها.

و) تَمَّ تحديد مدّة الدَّرسِ الواحدِ بما لا يتجاوزُ 45 دقيقةً، وليس كما كانَ في السَّابقِ لمدَّةِ ساعةٍ ونصفِ السَّاعةِ؛ الهدفُ من ذلك إيصالُ الفكرة للطَّالبِ بأبسط صورةٍ وبأقصرِ مدَّةٍ زمنيةٍ من أجلِ عدمِ انقطاع الطَّالبِ عن تحصيله العلمي، إضافةً إلى أنَّ الطالب ليس ملزَمًا بحضورِ الدَّرسِ المباشرِ كما في السَّابقِ. فالقرارُ الصَّادرُ يَنُصُّ على أنَّه لن يَرسُبَ في حالِ عدمِ قدرتِهِ على مُتابعةِ الدَّرسِ في أثناءِ بَثِّهِ المُحدّدِ، وهذا يُسَهِّلُ عليه الأمرَ ويتيحُ له مشاهدةَ الحصَّةِ الدَّرسيَّةِ في الوقتِ الَّذي يُناسِبُهُ.

ز) تقومُ كلُّ جامعةٍ بتقسيمِ أيَّامِ الأسبوعِ بين الكليَّاتِ ليتمكَّنَ الطُّلَّابُ من الدُّخولِ إلى هذه المنصَّاتِ التَّعليميَّة في اليومِ المحدّدِ لكلِّ كليَّةٍ كيلا يتسبَّبَ دخولُ آلافِ الطُّلَّابِ دفعةً واحدةً من إيقافِ هذه المنصَّاتِ.

ح) إجراءُ اختباراتٍ عن بُعدٍ وفقَ نموذجٍ مؤتمتٍ وإرسالِ رابطِ الامتحانِ إلى الطَّالبِ حسب زمنٍ مُحدَّدٍ، أو عن طريقِ واجباتٍ مقاليَّةٍ يكتُبُها الطَّالبُ ثمَّ يرسلُها إلى معلِّمِهِ عن طريقِ البرنامجِ المخصَّصِ، أو إلى بريده الشَّخصيِّ.

ط) أتاحت كلُّ جامعةٍ عبرَ الإنترنت لكلِّ طالبٍ إمكانية إيقاف قيده في الفصلِ الدِّراسيِّ الثَّاني.

2- على المستوى الابتدائي والإعدادي والثَّانوي:

قامتِ الحكومةُ بتطبيقِ عددٍ من الإجراءاتِ تسهيلًا على طلَّابِ هذه المراحلِ، وهي على النَّحوِ الآتي:

أ) أوضحَ وزير التَّربيةِ التُّركي (ضياء سلجوق) أنَّ الوزارةَ لديها مختلفُ البدائلِ والتَّدابيرِ، لتعويضِ التَّلاميذِ الدُّروس الَّتي فاتتهم، داعيًا أولياءَ الأمورِ إلى متابعةِ تعليمِ أبنائِهم والمحافظةِ على التَّواصلِ مع الكادرِ التَّعليميِّ. وَلَفَتَ إلى أنَّ مدَّةَ كلِّ درسٍ تَقَلَّصَت إلى 20 دقيقةً فقط خلالَ فترةِ التَّعليمِ عن بُعْدٍ، مُبيِّنًا أنَّ الوزارةَ مستعدةٌ لكافَّةِ الظُّروفِ، بما فيها تمديدُ فترة التَّعليمِ عن بُعْدٍ.

ب) بَيَّنَ الوزيرُ أنَّ وزارةَ التَّربيةِ وفَّرت الدُّخولَ المجَّاني للموقعِ الخَاصِّ بالتَّعليمِ عن بُعْدٍ، عَبرَ مَنْحِ التَّلاميذِ حزمَةَ إنترنت مجانيَّة قَدْرُها 8 جيغا بايت.

ج) وذكرَ الوزيرُ أنَّه يمكن للتَّلاميذِ متابعةَ دروسِهم عن بُعْدٍ عبرَ قناةٍ خَصَّصتْهَا هيئةُ الإذاعةِ والتِّلفزيون الرَّسميَّةِ (TRT-EBA TV)، أو عبر الموقع “eba.gov.tr”.

د) إنشاءُ قنواتِ يوتيوب YouTube من قِبَلِ العديدِ من المدَرِّسينَ.

هـ) قيامُ المدرِّسين بإنشاء مجموعاتِ (واتساب، تليغرام) للتَّواصلِ مع طُلَّابِهم.

و) قامتِ الحكومةُ بترفيعِ الطُّلَّابِ إداريًّا -في هذه المراحلِ- إلى السنَّةِ الأعلى حسبَ درجاتِهم في الفصلِ الدِّراسيِّ الأوَّلَ، على أنْ يجرى لهم امتحانٌ في العامِ المقبلِ.

3- إضافةً إلى تلك المنصَّات التَّعليميَّةِ السَّابقةِ فقد تمَّ استخدَام بعضِ المنصَّاتِ التَّعليميَّةِ الأخرى المتاحةِ على الشَّبكةِ مثل: (Zoom meeting – Meet google) وغيرها.

المقال كاملا من هنا.

 

البحث في Google:





عن د. قتيبة خالد الإبراهيم

دكتوراه في اللُّغة العربيَّة وآدابِها، أستاذ اللُّغة العربيَّةِ والبلاغةِ في جامعة دوملو بينار ولاية كوتاهيا – تركيا، محاضر في جامعة حلب سابقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *