التفكير التأملي

تعريف التفكير الناقد و خطواته وخصائصه…

ينظر إلى التفكير على أنّه ميزة فريدة امتاز بها الإنسان عن سائر المخلوقات الأخرى، فهو يمثل سلوكًا معقدًا يمكنه من التعامل والسيطرة على الموجودات والمواقف المختلفة التي يواجهها أثناء تفاعله مع البيئة التي يعيش فيها، إذ يعمل على تمكينه من اكتساب المعارف والمعلومات، وتطوير أنماط السلوك، وفهم طبيعة الأشياء وتفسيرها، وحل المشكلات، والاكتشاف، والتخطيط، واتخاذ القرارات.

مفهوم التفكير الناقد:

لقد قامت الباحثة بالاطلاع على العديد من الكتب التربوية والدراسات العلمية التي تناولت التفكير الناقد، وعرضت العديد من التعريفات، وهي كالآتي:

وعرفته مجيد (2003م، ص33) التفكير الناقد بأنه: هو تقويم المعلومات التي يواجهها الفرد باستخدام التفكير التأملي التحليلي العقلاني الذي يقدمه الفرد حول ما يعتقده أو يعمل به.

وعرفته أبو عاذرة (2012م، ص182) بأنّه: تفكير تأملي ومعقول، مركز على اتخاذ قرار بشأن ما، نصدقه ونؤمن به أو ما نفعله.

وعرفته سليمان (2011م، ص230) بأنه: هو الذي يقوم على تقصي الدقة في ملاحظة الوقائع التي تتصل بالموضوعات ومناقشتها وتقويمها، والتقيد بإطار العلاقات الصحيحة التي ينتمي إليها هذا الواقع، واستخلاص النتائج بطريقة منطقية وسليمة مع مراعاة الموضوعية.

وتُعرفه الباحثة إجرائياً بأنه: تفكير تأملي معقول يركز على ما يعتقد به الفرد أو يقوم بأدائه.

خطوات التفكير الناقد:

يتكون التفكير الناقد في الخطوات الآتية (عفانة؛ ونشوان، 2019م، ص103-104):

  1. تحديد مشكلة البحث، وجمع كل ما يمكن جمعه، والقدرة على تحديد المشكلات والمسائل المركزية، وهذا يسهم في تحديد الأجزاء الرئيسية للبرهان أو الدليل.
  2. استعراض الآراء المختلفة والمرتبطة بالمشكلة.
  3. تحديد المعلومات المتعلقة بالموضوع أو التحقق منها، وتمييز المعلومات الأساسية عن المعلومات الهامشية الأقل ارتباطًا.
  4. مناقشة الآراء المختلفة لتحديد الصحيح من الخاطئ.
  5. تمييز نواحي القوة والضعف في الآراء المتعارضة، وتمييز أوجه الشبه والاختلاف، وهذا يسهم في القدرة على تحديد الخصائص المميزة، ووضع المعلومات أو التصنيفات للأغراض المختلفة.
  6. صياغة الأسئلة التي تسهم في فهم أكثر وأعمق للمشكلة.
  7. تقديم معيار للحكم على نوعية الملاحظات والاستنتاجات.
  8. القدرة على تحديد ما إذا كانت العبارات أو الرموز الموجودة مرتبطة معًا ومع السياق العام.
  9. البرهنة على صحة الحجج والأدلة، وتحديد القضايا البديهية والأفكار التي لم تظهر بصراحة في البرهان والدليل.
  10. تمييز الصيغ المتكررة.
  11. القدرة على تحديد موثوقية المصادر، وتحديد قدرة البيانات وكفايتها ونوعيتها في معالجة الموضوع.
  12. الرجوع إلى مزيد من المعلومات إذا ما اقتضى الأمر ذلك.
  13. تقييم موضوعي للموضوعات.
  14. التنبؤ بالنتائج الممكنة أو المختلطة، من حدث أو مجموعة من الأحداث.
  15. البعد عن العوامل الشخصية في التقييم.

خصائص التفكير الناقد (الخزندار؛ والبنا؛، 2006م، ص130-133):

  1. الاستقلال العقلي: هو الاستعداد والالتزام بالتفكير المستقل، وتفكير المرء في مصالحه الخاصة، ولسوء الحظ، فالعقل البشري لا يقدر غريزيًا قيمة استقلال التفكير.
  2. حب الاستطلاع العقلي: هو الاستعداد للتعجب من أحوال العالم، فمعظم الناس لسوء الحظ يفقدون حب الاستطلاع في عمر مبكر، ويحتاج المفكر الناقد إلى أنْ يكون محبًا للاستطلاع إزاء بيئته، وهو بحاجة إلى البحث عن تفسيرات للتناقضات الظاهرة، وإلى التأمل في أسباب هذه التناقضات، وكذلك هو بحاجة إلى أنْ يهتم بمعرفة كيف أصبح على ما هو عليه، وهو يحتاج إلى التساؤل عن طبيعة حياته واتجاهاته، وهو أيضًا بحاجة إلى أنْ يقدر لغز الحياة الإنسانية، وكيف أصبح النوع البشري نوعًا مليئًا بالتناقضات، وكيف نكون قادرين على بلوغ الذروة في تفكيرنا والهبوط إلى الحضيض في أفعالنا، ويحتاج أنْ يكون محبًا للاستطلاع فيما يتعلق باللغة وبآلياتها، وكيف نعيش بها وخلالها.
  3. الشجاعة الفكرية: الوعي بالحاجة إلى المواجهة العادلة للأفكار والمعتقدات ووجهات النظر التي نشعر نحوها بمشاعر سلبية قوية، ولم نعطها حقها من التحميص، وترتبط الشجاعة العقلية بالاعتراف بأنَّ الأفكار التي نعتبرها عمومًا خطرة وعبثية، يكون لها أحيانًا مبررات عقلانية (كلها أو بعضها)، وأنَّ الاستجابات والمعتقدات التي نكون متشربين لها قد تكون أحيانًا خاطئة، ولكي نحدد أنفسنا أيها الحقيقي وأيها الزائف والمضلل، ينبغي ألا نقبل سلبية ودون نقد ما تعلمناه، وتدخل الشجاعة العقلية هذا؛ لأننا بالضرورة سنجد بعض الصدق في الأفكار التي كنا نعدها خطيرة وعبثية، كما سنجد تشويقًا وزيفًا في بعض الأفكار التي نعتنقها بشدة جماعتنا الاجتماعية، ونحن نحتاج إلى الشجاعة لكي نكون أمناء مع أنفسنا في مثل هذه الظروف، فعقوبة عدم الانصياع قد تكون شديدة.
  4. التواضع الفكري: الوعي بحدود معرفتنا، ويتضمن ذلك الحساسية للظروف التي قد يخدعنا فيها تمركزنا حول ذواتنا، كذلك الحساسية لتحيزات وتحامل ومحدودية وجهات نظرنا، ويقوم التواضع العقلي على أنْ ندعي أكثر مما نعرف بالفعل، وهي لا تعني الخضوع والغرور.
  5. التعاطف الفكري: الوعي بالحاجة إلى أنْ نتخيل أنفسنا مكان الآخرين لكي نفهمهم حق الفهم، وهذا يتطلب وعيًا صريحًا بميولنا المتمركز حول ذواتنا لتعريف الحقيقة في ضوء إدراكاتنا المباشرة أو معتقداتنا وأفكارنا الراسخة، وترتبط هذه السمة بالقدرة على تصور وجهات نظر الآخرين وأفكارهم بدقة، وأنْ ننطلق في تفكيرنا من مقدمات وافتراضات وأفكار لا نعتنقها.
  6. النزاهة العقلية (الفكرية): هي الوعي بالحاجة إلى الإخلاص للمعايير الفكرية والأخلاقية المتضمنة في أحكامنا على سلوك ووجهات نظر الآخرين، وأنْ نكون متسقين في اختبار المعايير الفكرية التي نطبقها، وأنْ نطبق على أنفسنا المعايير الصارمة نفسها فيما يتعلق بالأدلة والبراهين التي نطبقها على معارضينا (في الفكر)، وأنْ نمارس ما ندعو إليه الآخرين، وأنْ نعترف بأمانة بالتناقضات وعدم الاتساق في تفكيرنا وفعلنا.
  7. المثابرة العقلية: هي الوعي بالحاجة إلى متابعة الاستبصارات، والبحث عن الحقائق رغم الصعوبات والعوائق والإحباطات التي تواجهنا، والرغبة في ذلك، والالتزام الصارم بالمبادئ العقلانية رغم المعارضة غير العقلانية من الآخرين، والإحساس بالحاجة إلى محاربة الخلط والأسئلة غير المحسوسة عبر فترة ممتدة من الزمن لتحقيق فهم واستبصار أعمق.
  8. إيمان بالعقل: هو الثقة بأنَّ مصالحنا العليا ومصالح النوع البشري بوجه عام سوف تخدم خدمة على المدى البعيد بإعطاء الحرية المطلقة للعقل، وبتشجيع الناس على الخروج باستنتاجاتهم الخاصة من خلال تنمية ملكاتهم العقلية، والإيمان بأنّ الناس، بالتشجيع والرعاية الملائمين؛ يستطيعون تعلم أنْ يفكروا لأنفسهم، ويكوِّنوا وجهات نظر عقلانية، ويخرجوا باستخلاصات معقولة، ويفكروا بطريقة متماسكة ومنطقية، ويقنعوا بعضهم البعض بالعقل، ويصبحوا أناسًا معقولين، رغم العقبات المتمكنة في صميم العقل البشري، وفي المجتمع كما نعرفه.
  9. العدالة الفكرية: هي الوعي بالحاجة إلى أنْ نعامل كل وجهات النظر بالتساوي دون الرجوع إلى مشاعرنا، ولا إلى مصالحنا، أو إلى مشاعرنا ومصالح أصدقائنا، أو مجتمعنا، أو أمتنا، وهذا يتضمن أنْ نتمسك بالمعايير العقلية وحدها دون النظر إلى مصالحنا، ولا مصالح الجماعة التي ننتمي إليها.

وتضيف الباحثة بأنَّ مَن يتسم بعمليات التفكير الناقد يكون مطلعًا ومنفتحًا على الأفكار الجديدة، ويحلل وجهات النظرة، ويقدم أحكامًا قيّمة معقولة، ولديه القدرة على استنتاج شيء من شيء آخر، ويستطيع التعميم من خلال عدد من المشاهدات، ويحدد مسار العمل، ويتواصل مع الآخرين بفاعلية، وحساسية المشاعر وسرية المعلومات.

أهمية التفكير الناقد:

يعد التفكير الناقد من المسائل التربوية التي بدأ التربويون وعلماء النفس يولونها اهتمامًا كبيرًا في العقود الأخيرة، وذلك باعتباره أحد المفاتيح المهمة لضمان التطور المعرفي الفعّال الذي يسمح للفرد باستخدام أقصى طاقاته العقلية للتفاعل بشكل إيجابي مع بيئته، ومواجهة ظروف الحياة التي تتشابك فيها المصالح وتزداد المطالب، وتحقيق النجاح والتكيف مع مستجدات هذه الحياة، ومهارات التفكير الناقد مهارات يحتاج إليها كل فرد من أفراد المجتمع، ولقد أظهرت معظم الدراسات التجريبية والتي تمّ من خلالها استخدام برامج وخبرات لتنمية مهارات هذا النوع من التفكير، أنَّ هذه المهارات تعود بالفائدة على المتعلمين من أوجه عدة، حيث وُجد أنّها (عبوي، 2008م، ص69-70):

  1. تؤدي إلى فهم أعمق للمحتوى المعرفي للمتعلم.
  2. تقود المتعلم إلى الاستقلالية في تفكيره، وتحرره من التبعية، والتمحور حول الذات.
  3. تشجع روح التساؤل والبحث، وعدم التسليم بالحقائق دون تحرٍ كافٍ.
  4. تجعل من الخبرات المدرسية ذات معنى، وتعزز من سعي المتعلم لتطبيقها وممارستها.
  5. ترفع من المستوى التحصيلي للمتعلم.
  6. تجعل المتعلم أكثر إيجابية وتفاعلًا ومشاركة في عملية التعلم.
  7. تعزز من قدرة المتعلم على تلمس الحلول لمشكلاته، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
  8. تزيد من ثقة المتعلم في نفسه، وترفع من مستوى تقديره لذاته.
  9. تتيح للمتعلم فرص النمو والتطور والإبداع.

وباختصار يمكن القول: بأنَّ تنمية مهارات التفكير الناقد باتت مهمة وضرورية في عالمنا هذا السريع التغير؛ لأنّها تساعد على المشاركة الفعالة في المجتمع، وتكسب المتعلمين التجارب المختلفة التي تعدهم للتكيف مع مقتضيات الحياة الآنية، وتهيؤهم للنجاح في المستقبل، وإذا كان التعليم يهدف إلى إعداد مواطنين لديهم القدرة على اتخاذ القرارات واختيار ما يريدون على حقهم في الاختيار الحر، فإنّ هذا يستدعي من التربويين الاهتمام بتنمية هذا النوع من التفكير.

مزايا التفكير الناقد:

تتمثل مزايا التفكير الناقد في النقاط الآتية (عبد العزيز، 2010م، ص112-113):

  1. يزيد من استعداد الطلبة على ممارسته.
  2. يزيد من أهمية المتعلمين وفاعليتهم في حجرة الصف.
  3. يجعل الطالب خبيرًا.
  4. يثري خبرات الطلاب ويحببهم بالجو الصفي.
  5. يساعد الطلبة على تنظيم خبراتهم.
  6. يسهم في إعداد الطلبة للحياة.
  7. يساعد الطلبة على تطبيق أفكارهم ونقلها إلى المواقف الحياتية.

ترى الباحثة أنّ من مميزاته أيضًا، أنّه يحترم المعتقدات والأفكار التي يعتنقها الأفراد، وعدم التدخل في الجدل العقيم الذي لا ينتج عنه النتائج المفيدة، كما أنّه لا يعتمد على العواطف بل يعتمد على الفكر والعقلانية في اتخاذ القرارات.

معايير التفكير الناقد (العاني؛ وجمل، 2007م، ص29-31):

  1. الوضوح: يعد الوضوح من أهم معايير التفكير الناقد باعتباره المدخل الرئيس لباقي المعايير، فإنْ لم تكن العبارة واضحة، فلن نستدعي فهمها ولن نستطيع معرفة مقاصد المتكلم أو الطالب، وبالتالي لن يكون بمقدورنا الحكم عليها بأي شكل من الأشكال، وحتى يتدرب المعلم طلبته على الالتزام بوضوح العبارات في استجاباتهم، وينصح بالإكثار من الأسئلة التوضيحية عندما لا تكون عبارات الطلبة واضحة.
  2. الصحة: يقصد بمعيار الصحة أنْ تكون العبارات واضحة ولكنها ليست صحيحة، كأنْ نقول: “معظم النساء في الأردن يعمرن أكثر من (65) سنة”، دون أنْ يستند هذا القول إلى إحصاءات رسمية أو معلومات موثوقة.
  3. الدقة: يقصد بالدقة في التفكير بصورة عامة استيفاء الموضوع حقه من المعالجة والتعبير عنه بلا زيادة أو نقصان، ويعرف هذا المعيار في فنون البلاغة العربية بـ “المساواة”، ومعناه أنْ تكون الألفاظ على قدر المعنى أو الفكرة بالضبط، وعليه؛ فإنَّ معيار المساواة لا يتحقق في عبارة إذا كانت تتضمن حشوًا للكلام أو بترًا له، وتوصف العبارة في حالة الحشو بـ “الإطناب”، بينما توصف في حالة البتر بـ “الإيجاز”، وتفتقر في الحالتين للضبط والإحكام، ومن العبارات التي تتحقق فيها الدقة أو المساواة، قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، إنَّ هذه الآية الكريمة لا تحتمل زيادة لفظ ولا إسقاط لفظ؛ لأنَّ الزيادة لا تضيف فائدة، أما الإسقاط فمن شأنه الإخلال بالمعنى.
  4. الربط: ويعني الربط مدى العلاقة بين السؤال أو المداخلة أو الحجة أو العبارة بموضوع النقاش أو المشكلة المطروحة، ويمكن للمعلم أو الطالب أنْ يحكم على مدى الارتباط أو العلاقة بين المشكلة موضوع الاهتمام وبين ما يثار حولها من أفكار.
  5. العمق: تفتقر المعالجة الفكرية (المشكلة أو الموضوع) في كثير من الأحوال إلى العمق المطلوب الذي يتناسب مع تعقيدات المشكلة أو تشعب الموضوع.
  6. الاتساع: يوصف التفكير الناقد بالاتساع أو الشمولية عندما يأخذ جميع جوانب المشكلة أو الموضوع بالاعتبار.
  7. المنطق: من الصفات المهمة للتفكير الناقد أو الاستدلال أن يكون منطقيًا، وعندما يُقال بأنَّ فلانًا يفكر تفكيرًا منطقيًا، فإنَّ صفة “المنطق” هي المعيار الذي استند إليه الحكم على نوعية التفكير، ويقصد بـ “التفكير المنطقي”: تنظيم الأفكار وتسلسلها وترابطها بطريقة تؤدي إلى معنى واضح، أو نتيجة مترتبة على حجج معقولة.

ترى الباحثة أنَّ هذه المعايير هي تلك المواصفات العامة والمتفق عليها لدى الباحثين، والتي يجب أنْ يتخذونها أساسًا للحكم على نوعية التفكير الذي يمارسه الفرد في معالجته للمشكلة أو الموضوع المطروح، فهذه المعايير جزءا مكملا لنشاطات التفكير في الموقف التعليمي.

مهارات التفكير الناقد (جبر، 2007م، ص56-57):

  1. التفسير: هو القدرة على فهم المواقف والتجارب والأحداث والمعايير، والتعبير عن هذه الأوضاع، وتشمل هذه المهارة القدرة على التصنيف، وتحديد ما هو مهم، ومحاولة توضيح المعنى، ومن الأمثلة على هذه المهارة؛ فهم مشكلة ما والتعبير عنها، وإعادة صياغة الأفكار التي يطرحها الكاتب دون إطلاق الأحكام عليها، ولقد اعتبر بلوم التفسير إحدى مهارات الاستيعاب.
  2. التحليل: وهو تحديد العلاقات بين الجمل والأسئلة والمفاهيم والأحداث التي تهدف إلى التعبير عن مواقف، أو آراء وخبرات أو أسباب، والتحليل يشمل تفحص الأفكار والجدل، ومن الأمثلة على التحليل؛ تحديد أوجه الشبه والاختلاف بين أسلوبين مختلفين لحل مشكلة ما أو تحديد فرضية غير معلنة، وإدلاء الأسباب التي تدعم أو تدحض نتيجة معينة، فالتحليل هو تقسيم الكل إلى الأجزاء، وفحص هذه الأجزاء، والمفكر الناقد هو الذي ينظر إلى تفاصيل النصوص أو التجارب والخبرات بعمق ليتأكد من صحتها ومعناها.
  3. التقييم: فهو فحص صدق العبارات والمواقف ومصداقية الأفراد، ودقة الأحكام والمعتقدات للحكم على نوعيتها، ومن الأمثلة على هذه المهارة؛ فحص مصداقية الكاتب للحديث عن حدث أو موقف أو شيء معين، ومقارنة نقاط القوة والضعف لتفسير بين مختلفين للموقف ذاته، ويوضح المفكر الناقد معيار الحكم ويحدد ماهيّة الشيء الذي يحاول تقييمه، ويحدد معيار التقييم ومحكه، ويتأكد من وجود معلومات ذات علاقة كافية عن الشيء الذي يحاول إطلاق الحكم عليه، ويتأكد من أنّه أطلق الحكم وفقًا للمعيار الذي اختاره، وهو يبتعد في إطلاق أحكامه عن الأهواء والتفصيل.
  4. الاستدلال: يقصد به تحديد العناصر اللازمة للتوصل إلى استنتاجات منطقية ومعقولة ولصياغة الفرضيات، وكذلك اعتبار المعلومات ذات العلاقة لاستنتاج النتائج، ومن المهارات الفرعية لمهارة الاستدلال؛ فهم المعنى من العناصر المختلفة في النص؛ كالصورة، وحجم الخط، والعناوين الرئيسة والفرعية، ومن الأمثلة الأخرى تحديد المعلومات من مصادر عدة، واستخدامها لفهم ظاهرة أو لتفسير موقف معين.
  5. الشرح: ويقصد بهذه المهارة القدرة على تبرير الجدل من خلال توضيح الأدلة والمفاهيم والمعايير التي اعتمدت النتائج عليها، ومن المهارات الفرعية لمهارة الشرح؛ إدراج النتائج وتبرير الإجراءات التي اتبعت وعرض الجدل، ومن الأمثلة كذلك؛ تصميم جدول يعرض النتائج لتجربة ما، وتدوين الملاحظات الآنية حول تفكير معين للرجوع إليه لاحقًا.
  6. تنظيم الذات: تُسمى هذه المهارة أحيانًا المهارة الفوق معرفية، وهي من أعقد المهارات وأعلاها في سلم التفكير الإنساني، ويقصد بها مراقبة الفرد لتفكيره وللنشاط المعرفي الذي يؤديه، والتأمل في النتائج والمعتقدات التي يتوصل إليها، وذلك من خلال تطبيق مهارات التقييم والتحليل، والتأكد والبحث عن الأدلة أثناء النشاط الفكري، ومن المهارات الفرعية المتعلقة بمهارة مراقبة الذات؛ التأمل الذاتي وتصحيح التفكير، ومن الأمثلة على هذه المهارة؛ تفحص رأيك حول قضية جدلية مع الانتباه أنْ لا تتدخل مصالحك أو تحيزك في تكوين رأيك، وأنّ تغيير سرعتك وأسلوبك في القراءة تبعًا لنوع النص وللهدف من القراءة.

صفات المفكر الناقد:

يتصف المفكر الناقد بمجموعة من الصفات (عبد العزيز، 2010م، ص114-116):

  1. الانفتاح على الأفكار الجديدة.
  2. لا يجادل في موضوع عندما لا يعرف عنه شيئًا.
  3. يعرف متى يحتاج إلى معلومات أكثر حول شيء ما.
  4. يعرف الفروق بين نتيجةٍ ربما تكون صحيحة ونتيجة لا بُدَّ أنْ تكون صحيحة.
  5. يعرف بأنَّ لدى الناس أفكارًا مختلفة حول معاني المفردات.
  6. يحاول تجنب الأخطاء الشائعة في استدلالاته للأمور.
  7. يتأكد من أي شيء يبدو غير معقول أو غير مفهوم.
  8. يحاول فصل التفكير العاطفي عن المنطقي.
  9. يفهم ما يقوله الآخرون، وينقل أفكاره لهم بوضوح.
  10. يتخذ موقفًا أو يتخلى عن موقف عند توافر أدلة وأسباب كافية لذلك.

وترى الباحثة أنَّ هذه الصفات تزداد أهميتها والحاجة إليها في عصرنا الحاضر في ظل الثورة الرقمية، وانتشار المواقع الإلكترونية، وما تحتويه من معلومات ومعارف، وهي بحاجة إلى فرد قادر على إعمال العقل في التعامل مع كم المعارف المنشورة في هذه المصادر حتّى لا يستسلم لكل ما يقرأ ويسمع؛ بل يمتلك القدرة على التحليل والموازنة واكتشاف المعاني الضمنية؛ ليتمكن من إصدار أحكام موضوعية دون تسرع.

مبررات دمج مهارات التفكير الناقد في المنهاج المدرسي (عفانة؛ ونشوان، 2018م، ص152-153):

  1. يحقق الدمج هدفين؛ الأول: هو اكتساب الطلبة المعلومات المتضمنة بالمحتوى عند مستويات معرفية عليا، أما الهدف الثاني: فهو اكتساب الطلبة مهارات تفكير تساعدهم على التعلم الذاتي.
  2. وضع أساس لتنمية مهارات التفكير من خلال سياق معرفي.
  3. تعليم مهارات التفكير، ومحتوى المقرر الدراسي (خطوتان في خطوة واحدة).
  4. النظر للتفكير باعتباره عنصرًا أساسيًا في الحياة.
  5. التفكير لا يحدث في فراغ أو دون محتوى، ولا بُدَّ له من وجود محتوى (محتوى لتعليم مهارات التفكير).

ترى الباحثة أنَّ دمج مهارات التفكير الناقد في المنهاج المدرسي، من أهم أهداف التربية المعاصرة في العالم، إذ إنَّ من أهداف التربية تنمية الجانب المهاري لدى المتعلمين، ولا سيّما المهارات العقلية الأساسية التي تكسب الطلبة شخصية متوازنة قادرة على حل المشكلات التي تعترضهم، واتخاذ القرارات في مواقف معقدة، وتحليل المعلومات لتحديد مدى صدقها.

  1. تعليم مهارات التفكير، ومحتوى المقرر الدراسي (خطوتان في خطوة واحدة).
  2. النظر للتفكير باعتباره عنصرًا أساسيًا في الحياة.
  3. التفكير لا يحدث في فراغ أو دون محتوى، ولا بُدَّ له من وجود محتوى (محتوى لتعليم مهارات التفكير).

ترى الباحثة أنَّ دمج مهارات التفكير الناقد في المنهاج المدرسي، من أهم أهداف التربية المعاصرة في العالم، إذ إنَّ من أهداف التربية تنمية الجانب المهاري لدى المتعلمين، ولا سيّما المهارات العقلية الأساسية التي تكسب الطلبة شخصية متوازنة قادرة على حل المشكلات التي تعترضهم، واتخاذ القرارات في مواقف معقدة، وتحليل المعلومات لتحديد مدى صدقها.

 

 


المصادر والمراجع:

 جبر، دعاء. (2007). تفكير مغاير: تنمية مهارات التفكير الناقد والإبداعي لدى الأطفال، فلسطين، غزة: مؤسسة عبد المحسن القطان.

الخزندار، نائلة؛ والبنا، أنور. (2006). تنمية التفكير، غزة: مكتبة آفاق.

سليمان، سناء. (2011). التفكير: أساسياته، وأنواعه، تعليمه، وتنمية مهاراته، القاهرة: عالم الكتب للنشر والتوزيع والطباعة.

أبو عاذرة، سناء. (2012). الاتجاهات الحديثة في تدريس العلوم، عمان، الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع.

العاني، سناء؛ وجمل، محمد. (2007). التفكير النقدي: مهارات القراءة والتفكير المنطقي: حزمة من التدريبات لاكتساب مهارات التفكير المنطقي والنقدي وحل المشكلات، العين، الإمارات العربية المتحدة: دار الكتاب الجامعي.

عبد العزيز، سعيد. (2010). تعليم التفكير ومهاراته تدريبات وتطبيقات عملية، عمان، الأردن: دار الثقافة.

عبوي، زيد. (2008). التفكير الفعال، عمان، الأردن: دار البداية.

عفانة، عزو؛ ونشوان، تيسير. (2018). استراتيجيات حديثة في تعليم التفكير، غزة، فلسطين: مطبعة منصور للنشر والتوزيع.

عفانة، عزو؛ ونشوان، تيسير. (2019). التفكير الجانبي، غزة، فلسطين: مكتبة سمير منصور.

مجيد، سوسن. (2003). تنمية مهارات التفكير الناقد، عمان الأردن: دار صفاء للنشر والتوزيع.

البحث في Google:





عن رجاء صلاح صندوقة

باحثة بدرجة الدكتوراة، قسم المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، الجامعة الإسلامية – غزة، فلسطين

2 تعليقات

  1. جهاد سعيد صندوقه

    كل الشكر والتقدير الباحثة على هذا المقال المتميز والشامل الوافي للموضوع كن جميع محاوره

  2. تحليل رائع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *