التنمية المهنية للمعلمين

التنمية المهنية للمعلمين قراءة في المفهوم

تعددت المصطلحات الخاصة بالتنمية المهنية مثل: تدريب المعلمين -الذي يُعد أقدم المصطلحات في هذا المجال- والتنمية المهنية، والنمو المهني، والتطور المهني، وتعلم المعلم حيث يتم استخذام مصطلح التدريب على نطاق واسع؛ إلا أن عددا من الدراسات تشير إلى أن ثمة فرقاً كبيراً بينهم؛ حيث يوضح مورانت (Morant, 1982, p.6) أن برامج تنمية المعلم أوسع من التدريب بمعناه القريب، إذ أنها تتعلق بالنمو المهني والأكاديمي والشخصي للمعلم، من خلال تقديم سلسلة من الخبرات والنشاطات الدراسية التي يكون فيها التدريب  مجرد جانب واحد فيها. ويعتبر بولام (Bolam in Eraut, 1987, p.730) أن التدريب أثناء الخدمة يهدف بصفة أساسية إلى تطوير معرفة ومهارات واتجاهات المعلمين ليتمكنوا من القيام بعملهم بفاعلية أكبر. وهذا يشير إلى أن التدريب يعبّر عن عملية مخططة بعيدة عن المعلم، وهدفه تطوير المعلم لخدمة العملية التعليمية.

أما مصطلح التنمية المهنية أو التطوير المهني فإنه يهتم بأبعاد أكثر عمقاً؛ من أهمها وجود الدافعية والاستمرارية. ويرى هويل وجون (Hoyle & John, 1995, p.64) أن التنمية المهنية تتسم بالاستمرارية والتناسب بين الخبرات العلمية والمعارف النظرية، وأنها تضيف بُعد المسؤولية الشخصية للفرد في تنمية ذاته إضافة إلى ما تقدمه له مؤسسات التدريب؛ بحيث يقود ذلك كله إلى نموه وتطوره الشخصي، ونمو المؤسسة التي يعمل بها.

ويوضح الشايع (1434هـ، ص62) أن التطور والنمو المهني للمعلم يتعدى مفهوم التدريب إلى ممارسة عدد من النشاطات المتنوعة، ويتطلب توسيع مفهوم التطور المهني لدى المعلم، وتحفيز المسؤولية الشخصية لديه، ومن ثم تحديد جوانب المحاسبة والتحفيز في آن واحد. وتعتمد هذه الدراسة مفهوم التنمية المهنية Professional Development كونه يتميز بشموليته وعمق وتعدد أبعاده ومستوياته، كما أنه يؤكد مفهوم التطور المهني الذي يعبّر عن التوجه الحديث للمفهوم.

والتنمية في اللغة ” مأخوذة من النّماءُ أي الزيادة، يُقال نما ينمو نموا ونماء: بمعنى زاد وكثر. والمَهنة والمِهنة تعني الحذِق بالخدمة والعمل ونحوه، ويقال مَهَنَ يمْهُن مَهْنَاً إذا عمل في صنعته، مَهَنهُم يَمْهُنهم مهْنا ومهْنةً ومِهنةً أي خدمهم ” (إبن منظور،1981، ص4551).

وفي الاصطلاح أوردت الأدبيات العديد من التعريفات لمفهوم التنمية المهنية، حيث يعرفها جوسكي (Guskey, 2000, p.16) بأنها “العمليات والأنشطة المصممة لتطوير معرفة ومهارات واتجاهات المعلمين والتي تؤدي إلى تحسين تعلم الطلبة”.

ويرى سالم (2002، ص116) أن التنمية المهنية من حيث المحور والهدف عبارة عن “عملية منظمة محورها الفرد في مجمله، وتهدف إلى إحداث تغيرات محددة سلوكية وذهنية لمقابلة احتياجات محددة حالية أو مستقبلية، يتطلبها الفرد والعمل الذي يؤديه والمؤسسة التي يعمل بها والمجتمع بأكمله”.

ويعتقد توفيق (2003، ص11) أنها عملية موجهة لتحسين المؤسسة التعليمية من خلال تحريك رغبة، وبناء قدرة المعلم، حيث يعرفها بأنها ” كل خبرات التعليم التي يتزود بها المعلمون من أجل إحداث تغير في السلوك بما يؤدي إلى تحقيق أهداف المؤسسة، وهي عملية منظمة هادفة وفرصة ذهبية تتاح للمعلمين للانتقال بهم من مستواهم الحالي إلى أفضل مستوى بشرط أن يتوفر لدى المعلم عنصر القدرة والرغبة”.

ويرى شولمان وشولمان (Shulman & Shulman, 2004, p.257) من خلال دراستهما التي تناولت مجموعة من معلمي العلوم والرياضيات أن النمو المهني للمعلم يتطلب منه أن يكون مستعداً من خلال تحديد رؤيته، وراغباً يملك الدافعية، وقادراً يمتلك المعرفة العلمية والقدرة على الأداء، ومتأملاً في ممارساته، ومتواصلاً بكونه عضواً فاعلاً في مجموعات التنمية المهنية المستمرة.

وتعتقد نجوى مصطفى (2005، ص429) أن مفهوم التنمية المهنية يستند إلى أفكار أساسية من أهمها أنها: “عملية تفكير قائم على المبادرة والسبق، وتؤكد التنمية الدائمة للمعلم، وتوسيع قواه الشخصية ومواهبه الإبداعية، وتركز على قدراته،  وعلاج الضعف الشخصي له، وأن التنمية المهنية هي تنمية ذاتية تحركها الدوافع والاتجاهات”.

كما تعرفها نجدة سليمان (2005، ص425) أنها “عملية التعلم مدى الحياة، تبدأ من مرحلة قبل الخدمة للمعلمين وتستمر حتى نهاية حياتهم المهنية في التعليم، وتهدف إلى تحقيق الجودة والتحسين المستمر في أدائهم المهني والوصول إلى أفضل مستوى من المخرجات التعليمية كماً ونوعاً”.

ويُستخلص مما سبق أن التنمية المهنية تتسم بصفات عدة، من أهمها:

  • أنها عملية هادفة ومقصودة: يتم التخطيط لها في ضوء احتياجات المعلم والمتعلم والمؤسسة التعليمية والمجتمع.
  • تتميز بالشمولية: فهي تراعي مختلف جوانب المعلم النفسية والمعرفية والمهارية والتثقيفية، كما تراعي حاجات المعلم والمدرسة والمجتمع.
  • تتصف بالاستمرارية: فهي تستغرق حياة المعلم وتستمر مدى حياته المهنية.
  • تتأكد فيها مسؤولية المعلم: ولذلك فهي تتطلب وجود الدافع والقدرة والرغبة في النمو والتحسن.
  • تتطلب تفاعل المعلم: حيث يتطور المعلم مهنياً من خلال تفاعله المستمر مع أقرانه وأفراد مجتمعه.
  • تتطلب دعم الإدارة وتفاعل ومشاركة المجتمع.
  • تتسم بالتطور والتغير المستمر: حيث تتجدد باستمرار في ضوء ما يستجد من المعارف والتوجهات الحديثة.

وبذلك يمكن تعريف التنمية المهنية للمعلم بأنها عبارة عن عملية ديناميكية هادفة ومقصودة تحركها دوافع واتجاهات المعلم، وتتأكد فيها مسؤوليته في نموه المهني، ودوره في تطوير المؤسسة التعليمية والمجتمع المحيط به، وتتطلب دعم الإدارة وتفاعل ومشاركة المجتمع، وهي عملية متجددة وتتصف بالتطور المستمر في ضوء ما يستجد من المعارف والاتجاهات الحديثة في مجال التربية والتعليم.

 

 


المراجع:

ابن منظور، جمال الدين محمد بن المكرم. (1981). لسان العرب، م 6 (49)، القاهرة، دار المعارف.

توفيق، عوض. (2003). التنمية المهنية لمعلم التعليم الثانوي العام، القاهرة، المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية.

سالم، صلاح الدين. (2002). الاحتياجات التدريبية لمعلمي العلوم البيئية بالمرحلة الثانوية من وجهة نظر المعلمين والموجهين، مجلة القراءة والمعرفة، ع18، ص ص 108-143.

سليمان، نجدة إبراهيم (2005). التنمية المهنية لمعلمة الفصل الواحد في مصر في ضوء الاتجاهات العالمية المعاصرة، المؤتمر السنوى الثالث – معلم الكبار في القرن الحادي والعشرون، معهد الدراسات والبحوث التربوية، جامعة القاهرة، القاهرة، في 23-24 أبريل 2005، ص ص 417 – 515.

مصطفى، نجوى نور الدين. (2005). أثر برنامج مقترح لتحسين أداء الطالب المعلم بالفرقة الرابعة شعبة التعليم الأساسي الحلقة الابتدائية (العلوم) في ضوء الاتجاهات الحديثة والمستقبلية، مجلة التربية العلمية، 8(1)، ص ص131-180.

الشايع، فهد سليمان. (1430هـ). تطوير تعليم العلوم والرياضيات: خطوة أولى في بناء مجتمع المعرفة. مجلة المعرفة، (169)، تم استرداده بتاريخ 1/7/1435 على الرابط:
http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=6

Bolam, R.; McMahon, A.; Stoll, L.; Thomas, S.; Wallace, M.; Greenwood, A.; Hawkey, K.; Ingram, M.; Atkinson, A. & Smith, M. (2005). Creating and sustaining effective professional learning communities, Research Report 637, London: DfES and University of Bristol.

Guskey, T. R. (2000). Evaluating professional development, Thousand Oaks, CA: Corwin Press.

Holy, E. & John, P. D. (1995). Professional Knowledge & Professional Practice, London: Cassel.

Morant, Roland. (1982). In service education within the school, London, George Allen and Lin win in –service.

Shulman, L. S., & Shulman, J. H. (2004). How and what teachers learn: A shifting perspective. Journal of Curriculum Studies, 36, P.P. 257–271.

البحث في Google:





عن د. بارعه بهجت خجا

أستاذ تعليم العلوم المساعد بجامعة الأمير مقرن بالمدينة المنورة، المملكة العربية السعودية.

3 تعليقات

  1. ايات صالح عبدالرحيم

    جزاك الله عنا كل خير.

  2. شيماء كرم محمد

    مقال رائع ومفيد جدا

  3. ابوبكر عبدالله احمد ادم

    مواقع رائع والله تقدم معلومات مفيدة للجميع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *