الفوكا

الأبحاث النوعية في عالم الفوكا

تمتاز بيئة الأعمال الحديثة بالتقلب والغموض وعدم اليقين، ناهيك عن أنها بيئة شديدة التعقيد، وأصبح عالم اليوم معروفا باسم عالم الفوكا VUCA World والذي يحيل إلى التقلب Volatility، وعدم اليقين Uncertainty، والغموض Ambiguity، والتعقيد Complexity، ورغم كونها كلمات صعبة لكنها أقرب ما يكون إلى الواقع الذي نعيشه الآن. ونظرا للتعقيد والغموض الذي نشهده في مختلف المجالات التقنية والاجتماعية والتعليمية والصحية برزت أهمية الأبحاث النوعية Qualitative Analysis لحل بعض من المشاكل التي تواجه العالم بشكل عام والمجتمعات العربية على وجه الخصوص خصوصا في عالم الفوكا الحالي.

فالأبحاث النوعية هي الأبحاث التي تحتوي على نصوص وليست أرقام وهي الأبحاث التي لا تحتوي على فرضيات وتحتوي على الأسئلة فقط، وهي التي تكون أقرب من المبحوثين، فهي التي تبحث في ماهية تفكير الأشخاص ليس فقط في ماذا يفكرون بل أيضا سبب تفكيرهم بهذه الآلية، وتقوم هذه الأبحاث بالتقصي المتعمق لمحاولة فهم أحاسيس ومشاعر ودوافع الأشخاص حيث يجب على الباحث أن يغوص في مشكلة البحث ليتمكن من إستخراج أكبر قدر من الحلول الممكنة.

أما طرق تحليلها (الأبحاث النوعية) فهي عملية منظمة تحتاج إلى إبداع من قبل الباحث، وعليه اختيار الطريق المناسبة بعناية مع إمكانية الجمع بين أكثر من طريقة من طرق تحليل البيانات النوعية قبل البدء بمرحلة الترميز Coding، ولعل من أشهر هذه الطرق:

التحليل الموضوعي Thematic Analysis:

يتعلق بالمعاني ومدلولاتها وتمثيل الكلمات التي لها معنى في علاقتها من بعضها البعض، وهو بوابة الدخول لإجراء البحوث النوعية التي يمكن أن تبدو غامضة محيرة ومعقدة للغاية. التحليل الموضوعي يشرح آليات الترميز وتحليل البيانات النوعية بشكل منهجي، ومن ثم يمكن ربطها بالنظريات أو المفاهيم الأوسع.

تحليل المحتوى Content Analysis:

هو التحليل الذي يمكن استخدامه لتوضيح النوع الأول، فالتحليل الموضوعي يبين المعاني ومدلولاتها، وتحليل المحتوى يعطي تحليلا معمقا لهذه المعاني التي استخرجت وتم ترميزها.

التعمق في التحليل Discourse Analysis:

الانغماس في التفاصيل ومحاولة الوصول إلى جوهر البيانات، تحليل يذهب من المجهول الى المعلوم، ومثال عليه أن يقوم الباحث بعمل مقابلة ويسأل أكثر من سؤال ولكن يكون تركيزه على طريق الكلام واللفظ والأسلوب وليس على أجوبة هذه الاسئلة، كما وتستخدم دراسة الألفاظ والعلاقة بين اللغات.

السرد القصصي Narrative:

يمكن تطبيق هذا النوع في مجالات عديدة أهمها استعراض السيرة الذاتية لقائد أو رمز، والحقب الزمنية التي عاش بها من خلال مقابلة الأشخاص اللذين عاشوا معه، ونذهب من مشهد لمشهد للوصول إلى النتائج.

الحكم hermetic:

تقليد ديني يشدد على وجود إلاه واحد لذلك يعتبر من الطرق المستخدمة في تحليل وفهم ما جاء في الكتب السماوية وتفسيرات القرآن والأحاديث النبوية وغيرها.

 

بعد اختيار الباحث لطريقة التحليل المناسبة، تأتي مرحلة الترميز Coding، ومن الممكن استخدام نوع أو أكثر من أنواع الترميز تبعا لطبيعة البحث وأسئلته، ويوجد العشرات من أنواع الترميز، إلا أن أشهرها:

  • الترميز المنظم: تحليل البيانات دون الاستناد إلى نظريات أو مفاهيم، ويتكون من مجموعة من التعليقات التوضيحية، ينطلق الباحث فيها من مفاهيم الأسئلة.
  • الترميز المفتوح: عملية تحليلية تكون فيها أسئلة رئيسية ولكل سؤال أسئلة فرعية متعددة.
  • النظرية المجذرة: منهجية بحثية تهدف للوصول الى النظرية من البيانات المباشرة بشكل استقرائي منظم، تعتمد على تحديد العناصر الأساسية للظاهرة محل الدراسة من خلال البيانات الميدانية مباشرة، ومن ثم يتم تحديد العلاقة والربط بين هذه العناصر إلى أن يتم الوصول إلى محور الارتباط بين كل العناصر، أي أنها عملية الانتقال من العام إلى الخاص.

لقد ساهمت التكنولوجيا في ظهور الكثير من البرمجيات المتخصصة في التحليل النوعي للبيانات، ولعل أهمها:

  • برمجية Leximancer تقوم تلقائيا بتحليل المستندات النصية من أجل تحديد المفاهيم وتقديم الأفكار الرئيسية والرؤى القابله للتنفيذ باستخدام نماذج قوية ومرئيات تفاعلية، ولها القدرة على تصدير البيانات، وتحليل المشاعر بدون تحيز.
  • برمجية Weka مسؤولة عن التنقيب عن البيانات واستخراجها، وتحتوي على مجموعة من أدوات التصوير وخوارزميات لتحليل البيانات والنمذجة التنبئية، جنبا إلى جنب مع واجهات المستخدم الرسومية.
  • برمجية Eviews عبارة عن حزمة إحصائية لنظام التشغيل ويندوز، ويستخدم بشكل أساسي في تحليل الاقتصاد القياسي للسلاسل الزمنية.
  • برمجية NViVo هي حزمة برمجيات حاسوبية للتحليل النوعي للبيانات غير المنظمة أو النوعية مثل المقابلات، واستجابات الاستبيانات المفتوحة، ومقالات المجلات، والوسائط الاجتماعية، حيث يلزم وجود مستويات عميقة من التحليل على أحجام صغيرة أو كبيرة من البيانات.
  • برمجية MAXQDA وهي برمجية شائعة الاستخدام في التحليل النوعي للبيانات، وهو مصطلح تم نحته من الأحرف الأولى لثلاث كلمات إنجليزية هي، ((Q:qualitatev)، (D:DATA)، A:ANALYSIS)). برنامج MAXQDA يعمل على نظام Mac ونظام Windows ويقوم أيضاً بتحليل المقابلات والتقارير والجداول، النسخ الجديدة منها تستخدم في تحليل البيانات الكمية والنوعية، ويمكننا الحصول على نسخة مجانية من البرنامج لمدة 30 يوم، يوجد فيه العديد من الشرائط والنوافذ المساعدة والتي تسهل من استخدامه.

إن البحث النوعي مهم جداً ولا ينبغي أن يقتصر على مقالة أو كتاب بل يحتاج إلى المزيد من الاهتمام وتوضيح كافة إجراءاته في العديد من الكتب والمقالات، ويجب أن تتوفر تفاصيل إجراء هذه البحوث، وأمثلة كافية لتمكين كل من الباحثين المبتدئين والخبراء من استخدام هذه الأبحاث. وهكذا، ينبغي أن تعمم أهمية البحوث النوعية على نطاق واسع وهذه دعوة لذوي العلاقة واتخاذ القرار في كافة المؤسسات لصب اهتمامهم بهذا الجانب من الأبحاث، لأنها تساعدنا على حل بعض من مشاكلنا في مختلف المجالات.

 


المراجع:

حمايل، ماجد، مجموعة محاضرات إلكترونية، https://tinyurl.com/mwm259es، تم الوصول 27/11/2021.

البحث في Google:





عن وصال يعقوب

طالبة ماجستير، تخصص الموارد البشرية التطبيقية. جامعة القدس المفتوحة - فلسطين، دبلوم في البرمجة، بكالوريوس في إدارة الأعمال، رئيسة قسم للموارد البشرية في وزارة المالية الفلسطينية.

تعليق واحد

  1. د. عبده بهوث

    مقالة جملية
    قد تكون بداية لانطلاقة بحثية مهمة في مجالات عدة فقط
    كان ينبغي ان تركز على مصادر متنوعة في كتابة المقالة نظرا لاهمية المقالة شكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *