التدريب المصغر

التعلم المصغر و التدريب المصغر : الفكرة والمضمون

مقدمة:

تبحث تكنولوجيا التعليم وتقنياتها عن التطور والتطوير بشكل دائم، أملاً في تقديم أكبر قدر من الاستفادة للمتعلمين والمعلمين وكافة العاملين بقطاعات التعليم المختلفة، ولأن دورنا في هذا التخصص هو خدمة جميع التخصصات الأخرى بحثاً عن النهوض بالمنظومة التعليمية أصبح من الضروري توفير التقنيات والأفكار المستحدثة التي من شأنها تقديم المحتوى التعليمي إلى المتعلمين والطلاب بشكل سهل وميسر.

لذا ظهر التعلم المصغر ، وهو ليس بجديد؛ فالفكرة موجودة منذ القِدم تحت ما يسمى بالتعلم الجزئي، ولكن مع ظهور تكنولوجيا التعليم كان لابد من تطويرها وإعادة ترتيب أفكارها بشكل يجعلها تواكب العديد من التطورات التي حدثت في طرق التدريس واستراتيجياته.

فيقدم التعلم المصغر Micro learning دفعات متكررة ودقيقة من محتوى يركز بشكل كبير على المتعلمين، وثبت علمياً أن تعلم قطع صغيرة من المعلومات المتكررة والمركزة يعمل بشكل أفضل على الاحتفاظ بالتعلم، علاوة على سهولة تطويره ومتابعته؛ نظرًا لأن محتوى التعلم الإلكتروني ينقسم إلى مكونات صغيرة يمكن التحكم فيها (وحدات التعلم الرقمية).

ويركز التعلم المصغر Micro Learning على دعم وإحداث نقلة نوعية للتعليم والمتعلمين، وذلك من خلال تعزيز التعلم المستمر وتطوير رأس المال البشري كمحور أساسي في رفع الكفاءة وجودة الخريجين وبناء مفاهيم وسلوكيات تعزز القيم الأخلاقية والعلمية لدى المتعلمين، وإكسابهم المهارات والمعارف المطلوبة لأداء المهام الجديدة في المستقبل، وبما يحقق الرؤية والأهداف الاستراتيجية للمؤسسات التعليمية، ووضعها بجانب المؤسسات التنافسية الرائدة في ذات المجال.

حيث تواجه العديد من المدارس والكليات والجامعات مشكلة ترتبط بمخرجات التعليم ومدى ملاءمتها لسوق العمل، فببساطة نجد الطلاب الخريجين غير مستعدين للإنخراط بسهولة في القوى العاملة الرقمية التي يتطلبها القرن الـ21، وأن هناك فجوة بين المهارات المتعلقة بالعمل وبين ما تعلموه في حياتهم العلمية، ويرجع ذلك إلى وجود نقص واضح في التدريب العملي على المهارات الرقمية التي سوف يحتاجونها في الاستخدام اليومي، لذا نجد أن التعلم المصغر Micro Learning هو الأسلوب الذي يمكن أن يساعد في سد الفجوة الرقمية لإحداث جودة في مستوى خريجي التعليم من خلال دروس صغيرة الحجم، منظمة تنظيماً منطقياً.

وعلاوة على ذلك، فإن التعلم المصغر يمثل الانتقال من نماذج التعلم الشائعة إلى المنظورات الجزئية وأهمية الأبعاد الجزئية في عملية التعلم، ويعد نهج التعلم المصغر نموذجًا فكريًا ناشئًا، لذلك لا تتوفر تعريفات ثابتة أو استخدامات متساوية لهذا التعبير حتى الآن، ومع ذلك، من الممكن ملاحظة المعدل المتزايد للتركيز على نشاطات التعلم المصغر في أنشطة مستخدمي الشبكة العنكبوتية العالمية: شبكة الإنترنت على الموضوع، الذين يقومون بوسم (تصنيف) منشورات المدونات ذات الصلة والمفضلات الاجتماعية.

لذا سوف نتطرق في هذه المقالة إلى التعلم المصغر والتدريب المصغر على النحو الآتي:

1- مفهوم التعلم المصغر Micro-Learning / التدريب المصغر Micro- Training :

يمكن تعريف التعلم المصغر إجرائياً بأنه: “أسلوب يقوم على تقديم المحتوى التعليمي والدراسي على شكل مكونات ومقاطع جزئية وصغيرة في الحجم والمضمون، عبر العديد من الوسائط التقنية المتعددة والتي منها مقاطع الفيديو القصيرة التي لا تتجاوز (3 دقائق) كحد أقصى، ويجب أن يكون مُخطط لها مسبقاً بشكل جيد وقابلة للهضم والاستيعاب، وتتم في مدد زمنية قصيرة” (تامر الملاح، 2020).

بينما يمكن تعريف التدريب المصغر على أنه: “طريقة تدريب توفر المحتوى التدريبي بشكل تفاعلي في صورة وحدات تدريبية قصيرة ومتتابعة ومتواترة، مثل الاستماع إلى بودكاست معلوماتي قصير أو مقطع فيديو تدريبي أو مجموعة من الكائنات (المحتوى التدريبي المصغر) مرتبة بشكل منطقي، ويتم في أطر زمنية قصيرة ومتعاقبة” (تامر الملاح، 2020).

2- مميزات التعلم و التدريب المصغر :

للتعلم والتدريب المصغر مزايا وفوائد كثيرة ومتعددة، ومن تلك المزايا:

  • يسمح للمتعلم أو المتدرب التعلم والتدرب أثناء التنقل وفي أوقات الانتظار، وعدم تضييع الوقت غير المستغل في وسائل المواصلات.
  • يعمل على تسهيل وتشجيع عملية استيعاب المعلومات بشكل سريع.
  • بساطة المحتوى تجعل عملية تعلمه والتدرب عليه أكثر امتاعاً وجاذبية.
  • توافقه مع طبيعة البشر، وخاصة في حاجاتهم إلى تعلم جزئيات بسيطة وسريعة، في ظل عالم يتميز بالسرعة والتقدم.
  • تناسب التدريب المصغر مع طبيعة أعمال وحاجات المعلمين وأوقاتهم المليئة بالمهام التعليمية والإدارية.
  • تناسب التعلم المصغر مع طبيعة المواد المعقدة، ومساهمته في جعلها أكثر سهولة ويسر في علمية الاستيعاب والفهم.

الجرعات الصغيرة من المحتوى هي الكمية المطلوبة التي تناسب أسلوب الحياة الغنية والمتكدسة بالمعلومات، لأنها تُمكن المتعلمين من الوصول إلى أجزاء صغيرة من المعلومات على الفور، وفي أي وقت، ومن أي مكان. فالتعلم المصغر الذي يهتم بإيصال معلومة معينة أو جزء من الكل هو التعليم الأنسب، والذي يحتاجه الطلاب الذين بات من الصعب السيطرة على تركيزهم في وجود العديد من العوامل التي تشتت التركيز لديهم؛ لذا فالطلاب بحاجة لمعلومات غنية ومركزة، وفي نفس الوقت قصيرة ومنظمة وذات مغزى لعملهم وممارساتهم اليومية.

3- حقائق حول التعلم و التدريب المصغر :

  • يُمكّن الطلاب من الانخراط في عملية التعلم والانغماس بشكل أعمق.
  • يعتبر امتداداً منطقياً لوسائل الإعلام المصغر مثل تويتر وتمبلر.
  • البعد عن الملل والإحباطات التي قد تحدث نتيجة تكدس المحتوى بالمعلومات والمعارف.
  • يتمحور حول دورات قصيرة ومركزة، مما يبعد المتعلم أو المتدرب عن الإرهاق العقلي.
  • يسهم في بقاء أثر المعلومات لفترة أطول.
  • يناسب تعلم المهارات العملية والتدرب عليها حتى الإتقان.
  • التدريب في الوقت المناسب والمكان المناسب.

4- أمثلة على أنشطة التعلم المصغر :

  • قراءة فقرة من كتابة نص، أو بريد إلكتروني أو خدمة الرسالة القصيرة الرسائل القصيرة.
  • الاستماع إلى بودكاست معلوماتي قصير أو مقطع فيديو تعليمي.
  • عرض بطاقات الاستذكار.
  • حفظ كلمة واحدة، أو مفردة، أو تعريف أو صيغة.
  • فرز مجموعة من عناصر (المحتوى المصغر) بواسطة الترتيب المنطقي (زمني).
  • اختيار إجابة لسؤال.
  • الإجابة على الأسئلة في الاختبارات.
  • التعلم باللعب مع الألعاب الصغيرة.
  • تأليف هايكو أو قصيدة قصيرة.

5- تطبيقات التعلم المصغر (أمثلة):

  • حافظات الشاشة التي تطلب من المستخدم حل سلسلة قصيرة من المهام البسيطة بعد قدر من عدم النشاط.
  • اختبارات الاختيار من متعدد على الهواتف المحمولة بالاستفادة من خدمة الرسائل القصيرة أو تطبيقات الهاتف جافا (منصة برمجية) جافا وميدليت، ونظام تشغيل (سيمبيان).
  • كلمة اليوم مثل تغذية أر إس إس- اليومية أو البريد الإلكتروني.
  • برنامج بطاقات الاستذكار لحفظ المحتوى عن طريق التكرار المتباعد.

التعلم المصغر بحاجة لمصدر مع وحدات ونشاطات تعلم قصيرة المدى، وبوجه عام، يشير تعبير التعلم المصغر إلى وجهات النظر الجزئية في سياق التعلم، والتربية والتدريب، وكثيرًا ما يستخدم هذا التعبير في مجال التعلم الإلكتروني والمجالات ذات الصلة من المنظور الاستبدالي لعمليات التعلم في بيئات تقوم على المستويات الجزئية.

وفي النهاية فإن التعلم المصغر يتناسب مع الكثير من المتعلمين في مختلف المراحل الدراسية، كما أن التدريب المصغر يناسب العديد من المعلمين وفقاً لقدراتهم وحاجاتهم ومهاراتهم، والتي قد تكون منخفضة بعض الشيء، لذا فالتدريب في شكل وحدات صغيرة هو الأنسب.

البحث في Google:





عن تامر الملاح

باحث و مطور في مجال تكنولوجيا التعليم و التربية، ومهتم بمشكلات التعليم، كلية التربية، جمهورية مصر العربية

تعليق واحد

  1. وليد عبدالمعين عباس

    موضوع مهم وكان رسالة الماجستير الخاصة بي عن التعلم المصغر (وليد عباس ، 2018)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *