التعليم في السعودية

نظام التعليم في اليابان والمملكة العربية السعودية

يعد النظام التعليمي من أهم النظم التي يرتكز عليها اقتصاد المجتمع، فهو الأساس لبناء مستقبل الأجيال. فنحن نبني اقتصاداً قائماً على المعرفة والعلم من خلال إعداد الفرد وفق نظام تعلمي يواكب ما يشهده العصر من تطور وتقدم علمي ومعرفي ويوائم ثقافة المجتمع، مرتكزا على تنمية الموارد البشرية. فقد تزايد اهتمام الشعوب بأنظمتها التعليمية بعد أن أصبح التعليم والاستثمار فيه من أهم بنود الخطط الاستراتيجية للدولة العصرية، وصار لزاماً على الدول بذل جهود كبيرة في الموازنة بين المحافظة على موروثها الثقافي ومواكبة المستجدات العصرية.

وستناول في هذا المقال مقارنة مختصرة بين نظام التعليم في دولة اليابان ونظام التعليم في المملكة العربية السعودية وفق أسلوب بريدي بهدف لفت النظر للحاجة إلى الاستفادة من تجارب النظام التعليمي الياباني على نحو مقارن مع الأخذ بالحسبان أهمية السياق الوطني.

يؤكد بدران (2001) بأن الباحثين في التربية المقارنة في مجال النظم التعليمية يرون أن التربية اليابانية هي أصل البنية والجذور المتعمقة التي تقف خلف بناء وتكوين الشخصية اليابانية، حيث تتسم بالعديد من الأبعاد والسمات التي اكتسبتها من التراث الحضاري الياباني والطبيعة والبيئة الاجتماعية ثم امتزجت بمتغيرات الحياة المعاصرة وأنماطها المتنوعة لتعطي التميز والتفرد.

وسمات التفرد وروح الانتماء لليابان تتضح في: اللغة، والنظام الأسري، الحس الجمالي، التعليم.

فالنظام التربوي والتعليمي في اليابان لم يكن وليد الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية فقط، ولكنه في الواقع نتاج تطور تاريخي عبر قرون عديدة (بدران،2001).

عاشت اليابان عزلة طويلة تجاوزت القرنين ونصف القرن منطوية على ذاتها ومكتفية بعلومها التقليدية، ففي القرن السادس بدأ اتصالها بالحضارة الصينية وفي القرن السابع أصبحت اليابان جزءا من حضارة الصين.

لعبت الديانة الكونفوشية دورا مهما في تاريخ التربية والتعليم في اليابان، فقد جعلت للتعليم أفضلية كبرى ومنحته أولوية عالية. فهي فلسفة اجتماعية وسياسية تقوم على النظام والطاعة والولاء للحاكم، وما يتبعها في القرن 12 من تغيرات في التعليم و إرساء التقاليد العسكرية وأنظمة الحكم. ويستمد هذا النظام فلسفته من 5 أسس: التعلم، حب الخير، العدل، حسن المعاملة واللطف، تكامل الشخصية. حيث أنشئت الكلية الكونفوشيسية عام 1630م (بدران،2001)

بعد الحرب العالمية الثانية عام 1946م، برزت تحديات ومعضلات سياسية ومشكلات اجتماعية كانت بمثابة موجهات جديدة لإدارة التغيير التربوي في اليابان، حيث وضعت اللجنة المشكلة لدراسة أحوال التعليم في اليابان خطة إصلاح تربوية وفق رؤية أمريكية، وتم من خلالها تفتيت المركزية الشديدة بغرض تهيئة المعلمين للنمو المهني. وطبقت اليابان نظام التعليم الأمريكي (6 سنوات ابتدائي- 3 سنوات للمتوسط- 3 سنوات للثانوي) على أن تكون سنوات الابتدائي إلزامية ومجانية.

تتميز هذه المرحلة بإعادة البناء التربوي ومن ملامحها: التوجه نحو الديموقراطية، التقدم السريع في التعليم التكنولوجي، تعزيز تعليم المرأة اليابانية، تعزيز فكرة الوصول إلى المناصب المرموقة وارتباطها بالنجاح في النظام التربوي.

حمل الإمبراطور (ميجي 1868م) ذو  الأثر الكبير على الشعب فكرا مستنيرا وعزيمة قوية، حيث أرسل بعثات دراسية وانفتحت اليابان على التعليم الغربي، فألزمت نفسها بعملية التحديث لتصبح أمة غنية وذات جيش قوي. وكان للتربية دورا عظيما في تحقيق هذا الهدف. ومن أقوال الإمبراطور : سوف أبحث عن المعرفة وأقتفي أثرها في كل أنحاء العالم.

وفي عام 1880م كان هناك رد فعل في البلاد ضد الأفكار التحررية التي أتى بها الاتجاه التربوي الأمريكي إلى اليابان، وظهر اتجاه أكثر محافظة وأكثر قومية حيث ظهر مقرر ذو توجه قومي في التربية الأخلاقية أطلق عليه اسم (شوشن) وأصبح جزءا من المنهج الدراسي. (بوشامب،1420)

تأسست وزارة التربية اليابانية عام 1871 وتم وضع أول نظام للتعليم الابتدائي من 3-4 سنوات عام 1886م، وتطبيق إلزامية التعليم ومجانيته لمدة 4 سنوات عام 1900، ثم توسعت دائرة الإلزام لتشمل 6 سنوات عام 1908م.(بدران،2001)

أُنشئ المجلس القومي للإصلاح التعليمي سنة 1984م و قام بتحديد أهداف طويلة المدى للنظام التعليمي، وخرج المجلس في عام 1987 بعدة توصيات بعبارة مفادها أنه (على النظام التربوي أن يكف عن الاقتباس في النواحي التربوية من الغرب) فقامت بإرسال البعثات اليابانية من الطلاب إلى إنجلترا وألمانيا والولايات المتحدة بهدف تعلم أسرار التكنولوجيا بالإضافة إلى دعوة خبراء أجانب إلى اليابان. (بدران،2001)

ويرى بدران (2001) أن المواطن الياباني استخلص قراره من خلال استقرائه لمتغيرات جغرافية وتاريخية وثقافية ثم نسج هذا القرار مع نظام التعليم لكي يصنعه داخل كل عقل ياباني ويجعل هذا القرار التزاماً قومياً يوحد كافة الجهود ويدفعها لإدمان العمل على تحقيقه.

ويعتبر نظام التعليم الياباني نموذجا للأنظمة التعليمية شديدة المركزية، فوزارة التربية التي يطلق عليها (موبنوشو) هي مركز السلطة والتي تحدد جميع تفاصيل المقرر الدراسي في جميع المواد، وتتاح الفرصة للقطاع الخاص في طباعة الكتب وبيعها، أما المدارس فتدار من قبل الوزارة، وفي كل منطقة مجلس تعليمي تابع للوزارة يدير المدارس الثانوية التابعة له، أما المدارس الابتدائية والمتوسطة فهي تدار من قبل المجلس المحلي. (المحيسن،2002)

وترفع اليابان شعار (ديموقراطية إدارة التعليم) مع احتفاظها بزمن دراسي يصل إلى 7 ساعات يوميا، وعاماً دراسياً لا يقل عن 240-250 يوم سنويا. حيث يتحقق للطلاب حرية اختيار المقررات الدراسية ومنها مقررات التعليم العام والزراعي والصناعي والتجاري. ولقد أدت الرفاهية الاجتماعية النسبية التي شهدتها اليابان إلى ازدياد الإقبال على الالتحاق بالتعليم الثانوي.

أما على مستوى التعليم الجامعي، فأسلوب الاختبار والتقويم مختلف. وتزداد المنافسة لدخول الجامعات والكليات وبالتالي فإن الطالب يختار عدداً من اختبارات القدرات التي تعكس إمكاناته المناسبة لتخصصه. (بدران،2001)

وقد أعلنت وزارة التربية والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية الخطط العلمية للتطوير التربوي في عام 2006 والتي حددت أولويات الإصلاح التعليمي في التركيز على تحويل النظام التعليمي إلى نظام متعدد المسارات بعد مرحلة التعليم الإلزامي المجاني (6-3) وبعد المرحلة المتوسطة، تتعدد فيه اختيارات التعليم أمام الطلبة ويأخذ التعليم الأهلي دوراً متزايداً في الاستثمار في التعليم وخاصة في التعليم العالي. (الخطيب،2012)

ويتبع التعليم في اليابان نظام (6-3-3) أي 6 سنوات ابتدائي و3 سنوات متوسط، ويكون التعليم في هاتين المرحلتين إلزاميا ومجانيا، ثم 3 سنوات للمرحلة الثانوية لكنها غير مجانية. (المحيسن،2002)

يعتبر المحتوى التعليمي في نظام التعليم الياباني مزيجاً من التربية الأخلاقية والتربية المهنية، ويركز على اكساب المهارات التي يحتاجها الشخص للتمكن من خدمة المجتمع. وتنطلق التربية المهنية فلسفياً من جودة العمل والتعليم للعمل. والجدير بالذكر أن التربية العملية في اليابان تعتمد على السؤال لماذا؟ وتجعل الطالب يلمس ويفكر ويجرب، فهي لا تهتم بالمعرفة فقط، كما أن الطالب الياباني قد يدرس 14 مادة دراسية. (بدران،2001)

الاتجاهات الرئيسة في النظام التربوي

ثمة مكون هام يتصل برأس المال البشري في العولمة والابتكار والنمو، كما أن النظام التربوي ممكن أن يولد أناسا يتمتعون بمهارات عالية يستطيعون العمل في مهن تستند إلى المعرفة. وتسهم التربية في التماسك الاجتماعي ومشاركة أقوى على المستوى المدني والديموقراطي في المجتمع. وهناك ثلاثة اتجاهات رئيسة: سكانية، اقتصادية، تكنولوجية، من بين العوامل المختلفة التي تؤثر في الحاجة للاستثمار في التربية.

المقابلة والمقارنة

وتعني مقابلة عناصر النظام والعوامل المؤثرة في البلدين بقصد توضيح أوجه التشابه والاختلاف وتتطلب وضع معايير للمقارن. وبعد إتمام عملية المناظرة يتم الخروج ببعض الفروض اللازمة للتحليل المقارن. (القاضي،1988)

ومن أجل الحكم على أي نظام تعليمي في دولة ما، يرى المحيسن (2002) ضرورة أن تلجأ الدول إلى وضع محكات دولية يتبين من خلالها مستوها الحقيقي، حيث هناك ملامح عامة تشترك فيها جميع الدول وتؤثر تأثيراً مباشراً في رفع مستوى التحصيل للمتعلمين. وقد اختارت الباحثة اتجاهات المقارنة من خلال الاتجاهات الرئيسة للتقويم في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية  OECD.

1-المعلمون: ستتناول الباحثة وضع المعلمين بالمملكة العربية السعودية كما أوضحه الشايع (2017) من خلال مفهوم التطور المهني المستمر.

ويشير المحيسن (2002) في دراسته أنه من خلال نتائج مقابلته للمعلمين اليابانيين تبين أن لديهم مؤهلات التدريب وهذا المؤهل يتطلبه التعليم الجامعي وذلك لكل من يريد أن يدرس في المدارس اليابانية، وهو عبارة عن سنة دراسية في أحد الجامعات أو الكليات يركز فيها على فنون التدريس في المواد المختلفة. ولا يوجد في أفراد عينة الدراسة من يحمل مؤهلات عليا، فجميع أفراد العينة يأخذون دورات تدريبية سنوية على الأقل في مجال التدريس والتخصص. ومؤهل التدريس شرط لازم لمن يريد التدريس.
وجاء في تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه على معلمي المرحلة الثانوية الدنيا اتباع برامج لتدريب المعلمين قبل الخدمة لمدة أربع سنوات، بما في ذلك تدريب إلزامي على التعليم.

2-الطلاب: كيف يمكن الارتقاء بالنواتج والمخرجات من حيث:

3-المؤسسات: كيفية الارتقاء بجودة التدريس من خلال تحسين أداء المعلمين و تطوير عمليات التقويم والتقييم والنهوض بالجودة من حيث:

4-النظم: كيفية التنسيق بين حوكمة النظم التربوية وتمويلها من خلال ضمان التخطيط الجيد، و تبني استراتيجيات لضمان استثمار فعّال في النظم التربوية.

غيرت التكنولوجيا والتقنية من تفاعلنا مع بعضنا البعض ومع مجتمعاتنا المحلية، وقد زادت قدرة المستخدم على توليد محتوى في تعامله مع الإنترنت، وهذا النوع من التفاعل ولد نوعا من الخبرة التشاركية وأعاد تعريف المعرفة. ولا نغفل الدور الذي تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي أيضا و تأثيرها على عمل المعلمين وتعلم الطلاب. فكيف نواجه هذه التحديات في التعليم إذن؟ وكيف نوظفها لما فيه صالح المنظومة التربوية؟

إن منابر التعليم المفتوح تضيف طرائق تعلّم جديدة، وتتيح مصادر جديدة لأعداد أكبر من الناس، وتثري بيئات التعلّم، وهي فرصة لتخزين البيانات ومشاركتها، وتشجع الحوار بين العاملين في التربية، وتقوي آليات التغذية الراجعة وتسهل اجراءات التقييم. ويمكن لهذه التقنيات أيضا أن تساعد في انخراط كافة الأطراف ذات الصلة في تحسين المدرسة طلابا كانوا أو معلمين أو مسؤولين أومجتمعات محلية. (OECD,2015)

مبادرات ومشاريع نوعية في التعليم الياباني

  1. مشروع “نشر النشاطات التربوية من خلال التعاون بين المدارس والأسر والمجتمعات المحلية” 2007.
  2. خطوط توجيهية مقترحة لتطوير التعليم والتدريب المهني في اليابان 2011.
  3. تنافس دولي كجزء من مبادرة الجامعة العالمية 2014.
  4. انطلقي أيتها اليابان العالمية 2012.

مبادرات ومشاريع في التعليم السعودي

1-مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم.                2-المشروع الشامل لتطوير المناهج.

3- تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية.     4-تجربة التعليم الثانوي المرن.

5-المختبرات المحوسبة.                                     6-تطوير مناهج الرياضيات والعلوم الطبيعية.

7-رعاية الموهبة والإبداع.                                    8-تدريب المعلمين والمعلمات أثناء الخدمة.

9-العناية بذوي الاحتياجات الخاصة.                       10-التعليم الثانوي – نظام المقررات.

11-منظومة التعليم الإلكتروني.                            12-مشروع نور للإدارة التربوية.

13-مشروع الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي.         14- مشروع التعلم النشط.

المصدر: التقرير المشترك حول نهضة التعليم بدول مجلس التعاون الخلجي.

المقترحات والتوصيات

  • التأثير من خلال الشعور بالقدرة على الإنجاز النوعي، وإدراك الأثر الإيجابي للممارس التربوي في بيئة عمله بالتحفيز والدعم.
  • تمكين المعلم من خلال مساهمته في صنع القرار فيما يخص مجال عمله الشخصي ومجال عمله المؤسسي (كالمناهج والسياسات)، وإتاحة الفرصة له ليختار مجال عمله من حيث المنهج والحصص، وأن يتم أخذ أفكاره ومبادراته بعين الاعتبار.
  • الحاجة ماسة جداً لقاعدة بيانات ومصادر ثرية مبنية بشكل منهجي ومنظم، محددة كمياً وكيفياً، ذات شفافية عالية ويمكن الوصول لها بسهولة.
  • تسجيل المبادرات بشكل نظامي وقانوني والتي كان لها التميز النوعي في ميدان التربية والتعليم.
  • من الضروري الرجوع إلى الخلف لنلقي نظرة طويلة المدى وقياس ما تم إنجازه، وما الذي ينبغي القيام به.
  • دعم الممارسات التأملية من خلال تفعيل وتمييز ملفات الإنجاز والملفات الشخصية وتقييمها بشفافية عالية.
  •   بناء إطار متماسك للإصلاح التربوي من خلال عمليات التقويم والتقييم والتطبيق الجيد يبدأ من تقييم الذات، بالإضافة إلى الاستفادة من الجهود المبذولة في الميدان التربوي.
  • وضع خطة للاستثمار في النواتج التربوية الجيدة والموارد البشرية المميزة.
  • خطة تعليمية وسياسات تساعد على تعلم مهارات مهن اليوم والغد والسنوات المقبلة، من خلال الاستثمار في اقتصاديات المعرفة.

البحث في Google:





عن تهاني عبد الرحمان الصغير

مدرب معتمد دوليا في التنمية البشرية ومهارات التفكير والعلوم.

2 تعليقات

  1. د. عبير سالم

    مقال هام جداااا

  2. د. محمود أبو فنه

    هناك جوانب إيجابيّة في نظام التعليم اليابانيّ
    يمكن التأثّر بها، ولكن هناك خصوصيّات لنظام
    التعليم في السعوديّة لا تنسجم مع ما ورد
    عن النظام في اليابان، فلكلّ بلد ظروفه وثقافته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *