تعليم القراءة لمتعلمي العربية الناطقين بغيرها من ذوي العُسر القرائي

يعدّ التعلّم من أبسط حقوق الفرد في الحياة، كما تعد القراءة من أهم المهارات التي تقوم عليها مهارات الحياة الأخرى، فلا يمكن للمتعلم أن يمضي في حياته الأكاديمية بدون القراءة، ومن أبرز التحديات التي يواجهها المتعلم مَن يعانون من عسر القراءةDyslexia “.

وقد حظي هذا الموضوع باهتمام لا بأس به في مجال تعليم العربية للناطقين بها، ولا أحسب أنني وجدت دراسة واحدة تُعنى أو تختص بذوي العسر القرائي من متعلمي العربية للناطقين بغيرها.

ومن المؤكد أنك ستجد طلبة من ذوي أصول مختلفة، وخلفيات متنوعة في فصلك الدراسي، وغالباً ما يطلق أساتذة اللغة العربية على بعض متعلميهم ممن يعانون صعوبة في اكتساب العربية، بالطبة الكسالى أو غير الراغبين في التعلّم، أو الأغبياء في بعض الأحيان، بل من السهل أن يسِمَ بعض المعلمين بعض الدارسين بأنهم من المعاقين أو من ذوي الاحتياجات الخاصة فقط لأنه يعاني من عسر القراءة دون اكتشاف أو مراعاة لهذه المسألة. ومن السهل أن يقرر المعلم بأنه من المستحيل أن يكتسب هؤلاء اللغة العربية ويتعلموها. علماً بأن عسر القراءة لا يرتبط بالذكاء ولا بطريقة تعليم أو تربية الأطفال، إنها حالة تسبب صعوبة في القراءة والفهم.
وإذا صدف أن كان مِن هؤلاء في صفك فلا يعني أنهم فعلوا شيئاً خطأً، بل إنهم أشخاص طبيعيون لكن أدمغتهم تعمل بهذا الشكل. وهؤلاء ليسوا بالكسالى ولا بعدم الراغبين ولا بالأغبياء إنما كثير منهم لديه أساليب تعلم مختلفة، وحاجات متنوعة، وهناك تدابير يمكن القيام بها لجعل عملية تعلمهم أسهل بكثير.

وينبغي ألا نحكم على أي طالب بأنه من ذوي عسر القراءة قبل التيقن من ذلك بالأساليب التربوية العلمية الراهنة، حيث إنه أي عسر القراءة يؤثر في المهارات اللغوية الأربعة وليس فقط في القراءة والكتابة. ومن أهم ملامح من يعانون من العسر القرائي:

  • التأخر في الكلام والخلط بين الحروف العربية أو الكلمات والجمل.
  • تخطي بعض الحروف والكلمات أثناء القراءة.
  • إضافة بعض الحروف والكلمات إلى بعض الكلمات والجمل.
  • قلب بعض الحروف والكلمات في الكلمات والجمل.
  • الخلط بين اليمين واليسار في القراءة والكتابة.
  • تكرار بعض الحروف والكلمات في أثناء القراءة.
  • الخلط بين احرف العلّة.
  • خلط الأشكال.
  • عمى الألوان.

علماً بأنه يمكن تجاوز كثير بل جل هذه المشكلات عبر تدريب العقل.

والعسر القرائي بحسب الاتحاد العالمي لطب الأعصاب هو ” اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة على الرغم من توافر التعليمات التقليدية والذكاء الكافي  والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة. حيث يتبع إعاقة إدراكية جوهرية، كثيراً ما تكون من أصل صحي .”

وهي أيضاً: حالة دماغية يواجه المتعلم فيها صعوبة في عملية تمييز الرموز اللغوية.

وتعرفه الجمعية البريطانية للعسر القرائي بأنه صعوبة في التعلّم تؤثر في تنمية المهارات اللغوية، وغالباً ما تترافق مع المتعلم منذ الولادة، وسوف تؤثر فيه طوال حياته. ومن سماتها صعوبات في إدراك الرموز الصوتية والمكتوبة، وعمل الذاكرة، والسرعة إلخ.

وبحسب المنظمة العالمية لذوي الحاجات الخاصة فإن: السمة الأساسية في العسر القرائي هو الضعف في تطوير مهارات القراءة التي لا تعزى إلى السن العقلي، ومشاكل حدة البصر، أو عدم كفاية التعليم المدرسي. إنّها معضلة تؤثر في القراءة ومهارات الفهم، والتعرف إلى الكلمات، ومهارات القراءة الشفهية، وأداء المهام المطلوبة، كما تؤثر في التدقيق الإملائي واضطرابات في الكلام أو تطور اللغة، وقد يرافقها اضطرابات عاطفية وسلوكية خلال سن المدرسة.

ويبقى السؤال الجوهري والحيوي، كيف نساعد هؤلاء في فصول اللغة العربية للناطقين بغيرها؟

عندما يلاحظ أو يدرك معلم العربية للناطقين بغيرها أن لديه من يعاني من عُسر القراءة في فصله يمكنه القيام بمجموعة من الإجراءات، من أبرزها:

  • تخصيص وقت يومي لمراجعة ما تمت دراسته في السّابق عن طريق الأسئلة والأجوبة قبل الانتقال للموضوع الجديد.
  • المحافظة على وجود هيكل واضح للدروس مع هؤلاء المتعلمين، حيث ستقلل الضغط على ذوي العسر القرائي وغيرهم. وقد أثبتت الدراسات أنّ الروتين يقلل التوتر بالنسبة لذوي العسر القرائي.
  • ولا شك أن ذوي العسر القرائي يحتاجون وقتاً أطول لإنجاز المهام، فيجب منحهم إذن الوقت الكافي دون إشعار الآخرين أو أن يطلبوا ذلك في كل مرة بأنفسهم.
  • تخصيص أوقات لتلك الفئة خاصة من المتعلمين.
  • العمل الثنائي يساعد على تقليل التوتر ويعمل على دمج هؤلاء في الصف، ويساعد في إنجاز المهام.
  • يفضل تسهيل المواد العلمية والمهام لكل درس، ويحبذ أن تكون على شكل رسوم بيانية أو أشكال جاذبة أو نقاط عريضة.
  • التنويع عبر كل وسائل وأساليب التعليم، أي تقديم التدريبات والأنشطة بوسائل مختلفة: سمعية وبصرية وحركية ورياضية، إلخ. ستساعد هذه الأساليب ليس ذوي العسر القرائي فحسب بل جميع الدارسين.
  • ينبغي أن يتمتع أساتذة الطلبة من ذوي العسر القرائي بالصبر والجلد والرغبة في مساعدتهم.
  • عدم الشعور بالحرج من منح هؤلاء ما يحتاجونه من اهتمام وتقدير ومساعدة ودعم، أو تصميم الدرس بما يناسبهم في بعض الأحيان.

توجيهات خاصة في تعليم عناصر اللغة ومهاراتها لذوي العسر القرائي من متعلمي العربية للناطقين بغيرها:

توجيهات في تدريس المفردات والقواعد:

  • تقديمها في جرعات قليلة.
  • التركيز على النطق قبل الإملاء.
  • وجودها في سياقات مألوفة.
  • الابتعاد عن الكلمات المتقاربة في الصوت أو الكتابة.
  • ربط الكلمات والقواعد بالصور.
  • التعليم المباشر.
  • أظهر القاعدة بلون آخر.
  • التكرار والتدوير.
  • توظيف الحواس الخمسة في التدريس.
  • التدريس بالاستناد إلى الفعل والألعاب اللغوية.
  • الكتابة في حدودها الدّنيا.
  • امنح الوقت الكافي لكل مهمة.
  • كل طالب حالة خاصة، اكتشفها.

توجيهات في تدريس الاستماع والمحادثة:

  • فترة التركيز قصيرة.
  • الاعتماد على المفردات المدروسة.
  • التركيز على المهام المرتبطة بحياة المتعلّم.
  • المباشرة في المهام.
  • وضوح التعليمات واختصارها.
  • توضيح الهدف بشكل مباشر وقصير لكل مهمة.
  • تقديم مثال كلما استطعت إلى ذلك سبيلا.
  • تقديم قائمة بأداء المهام.
  • التركيز على مهمة واحدة.
  • تصميم تدريبات ونشاطات تناسب أوضاعهم، كإعادة القول ووصل العبارة والصورة.
  • العمل الثنائي والمجموعات الصغيرة.
  • توفير الوقت المناسب للمهمة.
  • توظيف الدراما.
  • لعب الأدوار: الأدوار السهلة.

توجيهات في تدريس القراءة والكتابة:

  • تقديم الكلمات بضبطها الأساسي.
  • تمر القراءة بثلاث مراحل:
    • قبل القراءة
      • إكسابهم المفردات حسب ما مر.
      • رفع الثقة والتشجيع على القراءة.
      • النصوص الأصيلة القصيرة الممتعة.
    • القراءة
      • الانتقال من العام إلى الخاص.
      • توظيف الحواس الخمسة.
      • القراءة للمتعة.
      • الاختيار من متعدد.
      • القراءة الصامتة هي المهمة.
      • توظيف الصور في القراءة.
      • توظيف النص لكل المهارات الأخرى.
      • تقطيع المهمات.
    • بعد القراءة
      • توظيف القراءة في الكتابة.
      • الكتابة في الحدود الدنيا.
      • الوظائف الأساسية.

البحث في Google:





عن د. خالد حسين أحمد أبو عمشة

دكتوراه الفلسفة في مناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها للناطقين بغيرها، وعلى وشك الانتهاء من الدكتوراه الثانية في الدراسات اللغوية (اللسانيات). يشغل منصب المدير الأكاديمي لمعهد قاصد – عمان – الأردن، مستشار Amideast لبرامج اللغة العربية في الشرق الأوسط، والمدير التنفيذي لبرنامج الدراسات العربية بالخارج (CASA) الأردن، عمل أستاذاً زائراً في جامعة بريغام يانغ في يوتا أمريكا، و محاضراً للغة العربية للناطقين بغيرها لمدة عشرين سنة، ومدرّبا وخبيرا لها في جامعات ومعاهد ماليزيا والسعودية والأردن والولايات المتحدة.

2 تعليقات

  1. أبو أويس محمد الصافي

    جزاكم الله خيرا

  2. فاطمة محمد عاقل

    بارك الله في جهودكم مقال جميل جدا ومفيد ، وجزاكم الله خيرا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *