إنترنت الأشياء في التعليم

تكنولوجيا إنترنت الأشياء وتحدياتها في التعليم

 

إعداد الطالبات

مها الشريف نسرين عطار شادية صفطة منيفة العتيبي هناء أبو الهنود

تحت إشراف: د. دلال العباسي

استمر تعايش العالم عبر حقبة  الثمانين والتسعين الماضية مع عصر الحوسبة والحواسب المكتبية والشخصية قرابة 15 عاما، ومع تطور المعالجات والشاشات انتقلنا إلى عصر التجوال Mobility حيث شكل ظهور الأيفون في عام 2007 انطلاقة جديدة من التكنولوجيا وظهر عصر جديد للحوسبة، فتقنية الإنترنت طورت عالمنا كله وسمحت لنا بالتواصل مع بعضنا البعض، وأكدت الدراسات أن الإنترنت هو مفتاح الحضارة والذي يربط كافة أنحاء الكوكب ببعضه ويحولها لمجتمع وبيئة صغيرة، وأثبتت النتائج العالمية التي أجرتها شركة أوبن دي إن إس أن قطاعات التعليم ومزودي الخدمات المدارة والرعاية الصحية في مقدمة القطاعات التي تبنت ونفذت حلول إنترنت الأشياء (الدهشان، 2019).

وفي السنوات الأخيرة بدأت الاستعانة بإنترنت الأشياء في الكثير من مجالات الحياة المختلفة والتي منها العملية التعليمية، حيث أخذت حيزًا من الاهتمام والبحث سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، كما نوقشت على نطاق واسع في كثير من المدونات والمناسبات العلمية مما يؤكد على أهمية البحث فيها وتسليط الضوء على تفعيل هذه التقنية والاستفادة منها في العملية التعليمية (2016 Magdalena.). ومن هذا المنطلق سيتم خلال هذا المقال تسليط الضوء على محورين أساسيين، المحور الأول: دور تكنولوجيا إنترنت الأشياء في تحسين العملية التعليمية التعلمية، والمحور الثاني: التحديات التي تواجه إنترنت الأشياء في التعليم.

تعريف انترنت الأشياء

عرفها الأكلبي (2019) ص99 “بأنها اتصال تفاعلي من خلال الإنترنت مع أجهزة الحاسب الآلي والأجهزة الذكية مع العديد من الأشياء ويجعلها قابلة لاستقبال وإرسال البيانات”. وعرفها اللويحان (2014) بأنها قيام عدد كبير من العناصر اليومية والأشياء ومن خلال الاتصال بشبكات الإنترنت بشكل نشط بنفس المهام مثل (المنبه، المرآة، مظلة المطر، الأحذية وغيرها) وذلك لخلق واقع حياة أفضل، وإتمام أسهل المهام. وهي الاتصال والتحكم بالأشياء والتي تكون مزودة بأجهزة استشعار مناسبة وذلك من خلال شبكة الاتصال لإنجاز مهام معينة (Magdalena.2016).

المحور الأول: دور تكنولوجيا إنترنت الأشياء في تحسين العملية التعليمية

تشير ميلز Mills (٢٠١٩) أن إنترنت الأشياء تمنح للطلاب فرصًا للتعلم عن بعد وفق خطواتهم الذاتية عبر استخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية مثل التابلت، وتزيد من تفاعلهم وانشغالهم بالمهام والأنشطة التعليمية، وتمكنهم من متابعة تقدمهم في العملية التعليمية مع تقويم أدائهم على الفور بعد انتهائهم من مهامهم، كما تتيح لهم فرصاً للتعلم المستمر مدى الحياة والحصول على الدرجات العلمية (online degrees) مباشرة عبر شبكة الإنترنت، ومن جانب آخر تمكن المعلمين من الوصول لعدد كبير من المواد والمصادر التدريسية الجاهزة ذات الجودة العالية، وأيضًا تمكنهم من استخدام أدوات تقنية لابتكار محتوى تدريسي خاص و إرساله للطلاب مباشرة عبر هواتفهم الذكية و أجهزة التابلت، وبذلك يتم أتمتة عملية التعلم بحيث يصبح للمعلم الحرية في التواصل مع الطالب في أي مكان أو زمان، وتعينه على متابعة حضورهم بشكل فردي ومباشر online وتحديد أسباب عدم تكيفهم مع البيئة التعليمية.

ويضيف الدهشان(٢٠١٩) أنه يمكن دمج تقنية إنترنت الأشياء في عملية التدريس و أنشطة التعلم من خلال تصميم خطط تدريسية تساعد وصول الطلاب إلى المعلومات، و تمكن المعلم من إدارة الصفوف والقاعات الدراسية إلكترونيًا و يستطيع بذلك مراقبة نشاط الطلاب أثناء أو بعد الدرس، و يتمكن المعلم من تطوير بيئات تعلم قائمة على الفصول والمعامل الافتراضية، و توظيف تطبيقات التعلم التفاعلي من خلال بيئات التعلم التشاركية، وإتاحة الفرصة أمام المعلم و الطلاب لابتكار مواد تدريسية ثلاثية الأبعاد و مشاركتها إلكترونيًا عبر مهام و منصات متصفح الإنترنت، و استخدام تطبيقات الهواتف الذكية المتعلقة باستشعار الحركة و استشعار الحرارة لمراقبة الفصول الدراسية عن بعد، وتوظيف تطبيقات الأمن الذكي و تقنيات تحديد المواقع ثلاثية الأبعاد و أدوات التواصل الصوتي و الكاميرات الذكية و الساعات اللاسلكية بغرض تحقيق الأمان و حماية الطلاب من المخاطر داخل القاعات و المعامل الحقيقية.

المحور الثاني: التحديات التي تواجه إنترنت الأشياء في التعليم

هل تواجه إنترنت الأشياء تحديات تحول دون استخدامها بشكل كبير وفعال في التعليم؟ لا يمكننا أن ننكر المميزات الكثيرة  التي توفرها إنترنت الأشياء إلا أنها لا تخلو من بعض العيوب والتحديات، حيث أثبتت دراسة (سيسكو، كما ورد في الدهشان،٢٠١٩) بأن ٧٥٪ من  مشاريع إنترنت الأشياء  تتعرض للفشل، وأن نسبة ٦٠٪  من هذه المشاريع والمبادرات تتوقف وتتعطل عند المراحل الأولى في عملية استخدامها وتنفيذها، ومن أوائل التحديات في استخدام انترنت الأشياء الكلفة الاقتصادية؛ حيث يعتبر إنتاج  جهاز ذو تكلفة منخفضة وعالي الجودة من الصعوبات التي تواجه صانعي التكنولوجيا، فانتشارها والتوسع  في استخدامها  في المؤسسات التعليمية مشروط  بتوفير جهاز اتصالات غير مكلف وقادر بشكل كبير على التفاعل مع البيئة  التي يتم استخدامه فيها بشكل تقني كبير من خلال الحساسات والمتحكمات. ويأتي بعد ذلك تحدي استهلاك الطاقة،  فجميع أجهزة إنترنت الأشياء أصبحت محمولة  وتحتاج لشحن كهربائي مستمر من وقت لآخر، وهذا في حد ذاته سيشكل عبئا ماديا على المؤسسات التعليمية والمستخدمين، ومن ناحية أخرى نجد أن  عدد البيانات الكبيرة  يشكل تحديا آخر في استخدام إنترنت الأشياء، فقد أدى تزايد انتشار أجهزة التعلم عبر الإنترنت والبرامج القائمة على التفاعل في مجال التعليم إلى زيادة حجم البيانات مما يؤدي إلى صعوبة استخدام وتحليل هذا العدد الضخم من البيانات لتحسين الفعالية التعليمية، ودعم البحوث الأساسية بشأن التعلم (الدهشان،٢٠١٩).

وبما أن تحدي الأمن والخصوصية في القطاعات التعليمية يشكل أبرز التحديات، فإن الأنظمة المعتمدة على تقنية إنترنت الأشياء يتم فيها حفظ البيانات عن طريق شبكات الإنترنت والتي تتكون في الأساس من أجهزة مختلفة متصلة بها، حيث تعمل هذه الأجهزة في قياس وجمع بيانات الطلاب والمدرسين والإداريين داخل المدرسة مما يعرض أمن وخصوصية الأشخاص للخطر، ويمكن لأي خرق أمني أو هاكر أن يخترق المعلومات الشخصية للطلاب والموظفين، كتلك المتعلقة بالسجل المدني والطبي والخلفية المالية للأسرة وأي معلومات خاصة أخرى (عتوم،٢٠٢٠).

وأكدت نتائج دراسة العلواني (٢٠٢١) أن من أهم التحديات التي تواجه توظيف إنترنت الأشياء في الجامعات السعودية من وجهة  نظر أعضاء هيئة التدريس هي: ضعف شبكة الإنترنت، انقطاع شبكة الإنترنت، التجسس على البيانات، الاختراق وانتهاك الخصوصية، الخوف من الثغرات التقنية، عدم الرغبة في التغيير، تعقيدات إنترنت الأشياء، ضعف الدعم الفني، قلة تدريب الموظفين على استخدام إنترنت الأشياء، استهلاك الطاقة بشكل كبير بالنسبة للأجهزة المرتبطة بأنترنت الأشياء، ضعف التطور التكنولوجي للأجهزة، الأخطاء البشرية الغير مقصودة، ضعف كفاءة الموارد البشرية، ضعف البنية التحتية بالإضافة الى الثغرات الأمنية التي تواجهها استخدامات إنترنت الأشياء.

وأضافت دراسة الدهشان(٢٠١٩) إلى أن هناك بعضاً من التحديات الاجتماعية والنفسية والصحية التي يواجهها الطلاب عند استخدام إنترنت الأشياء داخل المؤسسات التعليمية وخارجها، فاعتماد الطلاب على التكنولوجيا والتي بدورها تسهل استخدام كل شيء سوف يجعل الفرد يتحرك بصعوبة مما يؤدي إلى إصابته بمضار صحية خطيرة؛ منها على سبيل المثال السمنة، ومن الناحية الاجتماعية فهي تجعل الفرد منعزلاً عن المجتمع ومدمناً على استخدام إنترنت الأشياء. ويظهر تحد آخر خطير وهو الخوف من اختفاء الوظائف مما يشكل قلقا عند الطلاب ومستقبلهم، لأن أغلب الوظائف تعتمد على التكنولوجيا في إدارتها بدلاً من الأفراد.

استناداً إلى ما تمت مناقشته في المقال من خلال المحورين السابقين، تم التوصل إلى التوصيات التالية:

أوصت دراسة العودات وجرادات (2021) بتوظيف تطبيقات إنترنت الأشياء في العملية التعليمية وإجراء المزيد من الدراسات حول تقنين وإعداد تطبيقات الأشياء في المواد التعليمية المختلفة ولكافة المراحل الدراسية.

كما أوصت دراسة الأكلبي (2017) إلى إجراء المزيد من الدراسات التي تتناول العلاقة بين الخدمات التعليمية وتطبيقات إنترنت الأشياء و زيادة الوعي بأهمية دور إنترنت الأشياء في تطوير هذه العملية وتطوير ومعالجة الأنظمة الآلية لإدارة التعليم عبر تطبيقات إنترنت الأشياء كما أوصت بأهمية توفير البيئة التقنية الملائمة لإنترنت الأشياء في التعليم وتوفير المتخصصين لتقديم الدعم الفني المناسب، و دراسة مكامن القلق التي تهدد استثمار تطبيقات إنترنت الأشياء في العملية التعليمية ومحاولة إيجاد الحلول لها مع تخصيص المزيد من حلقات النقاش والندوات المتخصصة في موضوع خدمات إنترنت الأشياء لاكتشاف المزيد من الفرص الواعدة، والتعامل مع الصعوبات التي تعيق العمل بإنترنت الأشياء، والاستفادة والاطلاع على تجارب الجهات التي استخدمت تطبيقات إنترنت الأشياء.

إن تطبيقات إنترنت الأشياء في الحياة المعاصرة أصبحت ضرورية بل وحتمية لاسيما في قطاع التعليم، وهذه التطبيقات تتطلب وجود بنى تحتية وشبكات اتصال لاسلكية مرنة، ومن جانب آخر يجب أن نأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجه توظيف إنترنت الأشياء في التعليم ومحاولة التغلب عليها.

 


المراجع                       

الأكلبي، علي بن ذيب. (2019). العائد من تطبيقات إنترنت الأشياء على العملية التعليمية. المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية، 2(3)، 93-122.

الدهشان، جمال علي. (٢٠١٩). توظيف إنترنت الأشياء في التعليم: المبررات، المجالات، التحديات. المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية، ٢(٣)، ٤٩- ٩٢.

العلواني، سالم. (٢٠١٢). توظيف إنترنت الأشياء في الجامعات السعودية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس [الفرص   والتحديات]. المجلة التربوية، ٣(٩٣)،٤١-٧٢.

العودات، أمل والجرادات، سهير (2021). أثر استخدام تطبيقات انترنت الأشياء في تنمية مهاراتي الاستيعاب القرائي والتعبير  الكتابي في مادة اللغة العربية لدى طالبات الصف السابع الأساسي في الأردن. مجلة العلوم التربوية، 48(2)، 174-190.

اللوحيان، رغد محمد. (2014) انترنت الأشياء. موقع الأكاديميون السعوديون. https://www.saudiacademics.com/article/computer-tech/item/1346-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%A1-internet-of-things.html

عتوم، بتول. (٢٠٢٠، يونيو). تحديات دمج إنترنت الأشياء في التعليم. مجلة عربي، (٢٠٩).

Magdalena, Wojcic. (2016). Internet of Things- potential for libraries. Library HiTech, 34 (2), 404-420, http://dx.doi.org/10.1108/LHT-10-2015-0100.

Mills, M. (2019). The Future of the Education System lies in the Internet of Things. retrieved from: https://datafloq.com/read/future-education- system-internet-of-things, at 8 /2019.

البحث في Google:





عن هناء ياسين أبو الهنود

طالبة ماجستير تخصص قيادة تربوية في جامعة دار الحكمة. معلمة في إحدى المدارس العالمية في المنطقة الغربية - المملكة العربية السعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *