وقاية الطلاب من المخدرات

كيف يمكن لمدارسنا وقاية الطلاب من المخدرات

مقدمة:

يعاني المجتمع العالمي كما تعاني غالبية دول العالم من انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، وتعاظمت خطورة هذه الظاهرة حينما انتشرت بين المراهقين والشباب بعد أن تعقدت ظروف العصر وتشابكت مشكلاته بفعل التطور المذهل في وسائل الاتصال الرقمي التي يسرت الاحتكاك الثقافي بين شعوب العالم، وعمقت من مشكلات الشباب الناجمة عن عدم قدرتهم على التكيف مع التغيرات السريعة والمتلاحقة في كافة مجالات الحياة التي تحيط بهم.
ولقد ترتب على انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات العديد من المخاطر التي أصابت كل من الفرد والمجتمع، وما صاحب هذه المخاطر من أضرار صحية ونفسية واقتصادية واجتماعية، الأمر الذي تطلب ضرورة الاهتمام بكيفية الوقاية من المخدرات من منطلق أن الوقاية خير من العلاج ومن منطلق أن المخدرات أصبحت آفة اجتماعية خطيرة تُقلق المجتمع العالمي بكافة فئاته واتجاهاته وتؤرق جميع أفراده ومؤسساته بدءا من المؤسسات التربوية والجهات الأمنية، ومروراً بعلماء الاجتماع وعلماء النفس ووصولا إلى رجال التربية، وغيرهم من أجل احتوائها والحدّ من مخاطرها.  

والوقاية من المخدرات يمكن أن يضطلع بها العديد من مؤسسات المجتمع وتأتي في مقدمتها المؤسسات التربوية التي يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في التوعية بمخاطر المخدرات انطلاقاً من التركيز على  المحور الوقائي الذي يؤكد على خلق دوافع داخلية لدى الأفراد تمنعهم من الوقوع في تعاطي المخدرات عن طريق وسائط التربية المختلفة، وعلى رأسها المدارس  التي يجب أن تبدأ مهامها في عملية الوقاية من المخدرات من خلال المعلومات الصحيحة التي يجب أن يتلقاها الطلاب حول المخدرات وأضرارها على الفرد ومخاطرها على المجتمع، سواء من خلال المقررات الدراسية المناسبة أو من خلال الأنشطة المدرسية اللاصفية، أو من خلال أدوار المعلم والأخصائي الاجتماعي باعتبارهم نماذج أو قدوة للتلاميذ، أو من خلال إبلاغ المسؤولين بأي ظاهرة سلبية تتعلق بتعاطي الطلاب للمواد المخدرة، أو أي مؤشر لاحتمال وقوع الطلاب فريسة لهذه الظاهرة من خلال دورها الوقائي القائم على إنماء الوعي الثقافي تجاه ظاهرة المخدرات.

ومن هذا المنطلق تأتي فكرة هذه الورقة لتوضيح الدور الذي يمكن أن تقوم به المدارس تجاه تحصين أبنائها ووقايتهم من المخاطر المتعلقة بالمخدرات، لتكون محاولة تضاف إلى محاولات من سبقونا في تنبيه القيادات التربوية لضرورة مضاعفة جهود الوقاية داخل المؤسسات التربوية بصفة عامة والمدرسية بصفة خاصة. نسعى أيضا إلى تقديم قاعدة معرفية قد تفيد مصممي المناهج الدراسية وواضعي برامج الأنشطة الطلابية، والمعلمين في تفعيل الدور الوقائي للمدرسة لحماية الطلاب من المخدرات، وذلك من خلال المحاور التالية:

  • المحور الأول: مفهوم المخدرات، وأضرارها، والنظريات المفسرة لتعاطي المخدرات.
  • المحور الثاني: مفهوم التربية الوقائية، وأهدافها، وأهم مداخل تحقيقها.
  • المحور الثالث: دور المدرسة في تفعيل التربية الوقائية لحماية الطلاب من المخدرات (دور المعلم، دور المناهج الدراسية، دور الأنشطة المدرسية، دور الإدارة المدرسية، ودور المرشد الطلابي).

    وقد اعتمدت الورقة في منهجيتها على المنهج الوصفي الوثائقي، ومنهج التحليل الفلسفي. وفى إطار هذه المنهجية تم الاعتماد على المتاح من الأدبيات في مجال المخدرات ومخاطرها والأطر النظرية المفسرة لتعاطيها وكيفية الوقاية منها، بغرض معالجتنا للموضوع برؤية بحثية تعتمد على البحث الكيفي بعيدة عن البحث الإمبريقي

المحور الأول: مفهوم المخدرات، وأضرارها، وبعض النظريات المفسرة لتعاطيها

أولاً: مفهوم المخدرات Drugs 

المعنى اللغوي:

الخدر هو الظلمة، والخادر: هو الكسلان، والخدر من الشراب والدواء: هو فتور وضعف يعتري الشارب، ويقال: خدر العضو إذا استرخى فلا يطيق الحركة، وكل ما منع بصرك عن شيء وحجبه عنه فقد أخدره (ابن منظور، 1987: 232).

وفي المعنى اللغوي أيضاً: خدر أي استتر ومنه خدرت المرأة أي استترت ولزمت بيتها. وخدر من الشراب أي عراه فتور واسترخاء. ومنه المخدر وهي المادة التي تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة (مجمع اللغة العربية، 2008: 228).

ويشمل المعنى اللغوي لكلمة مخدر كل ما يؤدي بالشخص إلى النعاس أو النوم، أو يفقده عقله ووعيه وإحساسه بالألم والزمن والمسافة، ويفقده القدرة على التمييز. فالمخدر في اللغة مشتق من الفعلِ خدر، ويدور لفظ الخدر حول معاني الضعف والكسل والفتور أو الستر (هلال، 2009: 123). فيقال المرأة خدّرها أهلها بمعنى ستروها وصانوها من الامتهان، أيّ أن الخدر هو ما يسترُ الجهاز العصبي عن فعله ونشاطه المعتاد. (المهندي،2013: 131)

المعنى الاصطلاحي

المخدر هو كلُ ما يؤثرُ على العقلِ فيخرجه عن طبيعته المميزة المدركة الحاكمة العاقلة، ويترتب على الاستمرار في تعاطيه الإدمان فيصبحُ الشخص أسيراً له.  وتعرف المخدرات أيضا بأنها المواد التي تخدر الإنسان، وتفقده وعيه، وتغيبه عن إدراكه (مطاوع، 2010: 44).

المعنى القانوني للمخدرات:

هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وترهق الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون. ولا يستعملها إلا من يُرخّص له بذلك (إبراهيم،2009: 46). كما تعرف بأنها مجموعة من المواد التي تسمم الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو وصفها إلا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك وتشمل الأفيون، وعقاقير الهلوسة والكوكايين والمنشطات وغيرها (سلامة، 2007: 125).

المعنى الطبي للمخدرات: 

هي كل مادة ذات خواص معينة تؤثر على متعاطيها، وتجعله مدمنًا عليها لا إرادياً، سواء كانت نباتية أو كيميائية أو مركبة، باستثناء تعاطيها لغرض العلاج من بعض الأمراض حسب إشراف طبي وتشكل ضررًا على المتعاطي، سواء كان هذا الضرر نفسيًا أو صحيًا أو اجتماعيًا (الدويبي، 2004: 45).

وتعرف المخدرات بأنها “كل مادة خام أو مستحضر يحتوي على عناصر مسكنة أو منبهة، من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية المخصصة لها، وبقدر الحاجة إليها دون مشورة طبية، أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان (معاذ،2015: 185).

ويمكن أن نقدم  تعريفاً شاملاً للمخدرات كما يلي: “كل مادة طبيعية أو اصطناعية يترتب على تعاطيها إحداث تغيير في المزاج أو الإدراك أو الشعور، ويساء استخدامها بحيث تلحق أضراراً واضحة لكلٍ من الفرد والمجتمع.

ثانياً: الأضرار الناجمة عن تعاطي المخدرات

لا تقف أزمة المخدرات عند آثارها المباشرة على المدمنين وأسرهم فحسب، وإنما تمتد تداعياتها إلى باقي أفراد المجتمع، وتكمن خطورة ظاهرة المخدرات في استهدافها لفئة الشباب مما ينعكس سلبا في كافة النواحي المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فتؤثر على برامج التنمية وتهدد كيان المجتمع وأمنه من خلال تأثير المخدرات السلبية على عقول الشباب وتدمير طاقاتهم الإنتاجية ودعم حلقات التخلف والفقر والمرض في المجتمع (الطحاوي، 2006: 11).

  ويمثل تعاطي المخدرات مشكلة اجتماعية خطيرة باتت تهدد أمن المجتمع وسلامته، وتنعكس آثارها على المجتمع في كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية. وعادة يقوم المتعاطي أو المدمن بشراء المواد المخدرة من قوت أسرته تاركاً أسرته للجوع والحرمان الأمر الذي قد يؤدي بأفراد أسرته إلى السرقة والتسول، كما قد يؤدي بزوجته إلى الانحراف لتحصل على قوتها. كما يؤدي التعاطي إلى حرمان الأبناء من التعليم أو الحصول على العلاج أو المسكن الملائم وذلك لما يسببه المتعاطي من استنزاف لموارد الأسرة المالية، هذا بالإضافة إلى اهتزاز النموذج الأبوي أمام الأبناء والذي قد يتمثل في إهمالهم وعدم تقديرهم للمسؤولية التي تنعكس على أسلوب تنشئة الأطفال في الأسرة (عبد اللطيف، 2008: 214).

أما أضرار المخدرات من الناحية الخلقية فهي كثيرة، فغالبا ما نرى المدمن وهو يترنح ويهذي وينجدل على الأرض في قارعة الطريق فيصيبه الأذى وهذا يذهب بكرامة الشخص وشرفه (سلامة، 2007: 136). وتعد المخدرات كذلك سبباً لكثير من الأمراض الاجتماعية كالرشوة والسرقة والانحرافات الخلقية التي تعكر صفو النظام العام عن طريق العنف والفظاظة وإتلاف الممتلكات والخيانة والسرقة وغيرها من الأمراض الاجتماعية التي تتفشى في المجتمع. كما أن تعاطي المخدرات يجعل المتعاطي غير متمالك لقواه العقلية والجسدية مما يؤدي إلى ارتكاب الجرائم للحصول على المال الذي يشتري به المادة المخدرة، فهو يسرق المال حتى من اقرب الناس. كما يقوم بالاختلاس والتزوير بالتحايل على الآخرين للحصول على المال مما يشكل خطراً على أمن المجتمع وسلامته (عيسى، 2006: 31).

أما عن أضرار المخدرات من الناحية الاقتصادية، فقد وصفها تقرير الأمم المتحدة (UNITED NATIONS,2012) حين أشار إلى أن مشكلة المخدرات تهدد بتقويض الكيان الاقتصادي لبعض دول العالم النامي. فالتأثير الاقتصادي لتعاطي المخدرات لا ينعكس على إنتاجية الفرد المتعاطي ودخله فحسب باعتبار أنه يضطر إلى صرف جزء كبير من دخله من أجل الحصول على العقاقير المخدرة وتعاطيها، بل إن الأثر الاقتصادي السلبي لتعاطي المخدرات ينعكس أيضًا على اقتصاد الدولة حيث الحاجة لتمويل الأجهزة المتخصصة في مكافحة المخدرات من شرطة ومحاكم وسجون ومراكز بحوث جنائية وطبية، وكذلك إنشاء عيادات طبية ونفسية ومستشفيات متخصصة وكل ذلك يكلف الكثير من الأموال ويهدر العديد من الطاقات البشرية.

ومما يزيد من المخاطر الاقتصادية الناجمة عن المخدرات أنها تذهب بأموال من يتعاطونها، فتسوء وضعيتهم المالية. ولا يقتصر الأمر على انخفاض إنتاج الفرد المتعاطي للمخدرات في عمله فحسب، بل ينخفض إنتاج المجتمع وتتقلص جهود التنمية، فتعاطي المخدرات يمثل عبئاً كبيراً على الدخل القومي. فهناك خسارة مادية اقتصادية تتمثل فيما يتحصل عليه المشتغلون بعلاج ومكافحة المشكلة وفي النفقات الباهظة التي تستهلكها عمليات الوقاية والعلاج والمكافحة والمؤسسات التي تسهر عليها. هذه النفقات كان من الممكن أن تُوجه لخدمة جهود التنمية الاقتصادية ولاجتماعية

ثالثاً: بعض النظريات المفسرة لتعاطي المخدرات وإدمانها

حاولت بعض النظريات تفسير ظاهرة تعاطي المخدرات أو إدمانها، ويتضح ذلك من خلال تناول التفسيرات الاجتماعية، والبيولوجية والنفسية لظاهرة تعاطي المخدرات:

1- التفسير الاجتماعي لتعاطي المخدرات:

يعد تعاطي المخدرات سلوكاً منحرفاً نظراً لخروجه عن المعايير الاجتماعية. وترى معظم الدراسات التي حاولت تحليل المشاكل الاجتماعية أن الأفراد الذين يرفضون معايير الجماعة الكبرى يحاولون تكوين جماعات فرعية تضم رفاقهم في تعاطي المخدرات.
وحينما تتكون هذه الجماعات ويحقق الفرد فيها إشباعاً لحاجاته الاجتماعية، يصبح من العسير استعادة توافقه مع المجتمع الأكبر. ولقد تعددت وجهات النظر الاجتماعية والتفسيرات التي تناولت بالتحليل هذه الظاهرة، فالاتجاه الوظيفي ركز في تفسيره لمشكلة تعاطي المخدرات على إبراز ما قد يصيب البناء الاجتماعي من اضطرابات وتناقضات، وما يمارسه من ضغوط على أفراده تدفعهم في نهاية الأمر إلى اللجوء لتعاطي المخدرات، حيث يرى الوظيفيون أنه عندما تفقد مؤسسات المجتمع سيطرتها على أفرادها خلال فترات التغير السريع ينتشر تعاطي المخدرات بينهم (يونس، 2008: 188). كما ذهب علماء اجتماع آخرون إلى أن البنية الاجتماعية للأسرة تلعب دوراً مهماً في الدفع باتجاه تعاطي المخدرات. فقد أشارت العديد من الدراسات إلى وجود علاقة قوية بين عدم استقرار العلاقات الأسرية وبين احتمال تعاطي الفرد للمخدرات، فاضطراب العلاقات بين الأبوين يقود إلى احتمال تعاطي الابن للمخدرات، ولعل من أهم النظريات المفسرة للمخدرات وفقا لهذا المنظور ما يلي

نظرية التفكك الاجتماعي Social disintegration Theory

يرى أصحاب هذه النظرية أن التفكك الاجتماعي يعد أحد الأسباب الرئيسة لتعاطي المخدرات من منطلق أن الاضطراب في البناء الاجتماعي والقصور في الأداء الوظيفي يؤدي إلى الانحراف وتعاطي المخدرات. ويعتقد أصحاب هذه النظرية أن معظم “الجماعات الأولية “تحمل بين طيات تنظيمها ما يحض على ارتكاب السلوك الانحرافي. فتباين المعايير والقيم بين الجماعات في المجتمع الحديث يعد نوعاً من التفكك الاجتماعي يتمخض عنه ظروف سكانية سيئة تؤدي إلى الانحراف وتعاطي المخدرات. ولعل هذا يفسر أن المناطق المهمشة بالمدن تعد مراكز للانحراف وتعاطي المخدرات لأنها مناطق تفكك اجتماعي، حيث لا يخضع المجتمع المحلي للضغوط الملزمة له اجتماعيا، وتضعف رقابته على أعضائه مما ينتج عنه الكثير من السلبيات والانحرافات التي ينجم عنها تعاطي المخدرات لدى الأفراد (عكاشة، 2002: 54).

نظرية التعلم الاجتماعي Social Learning Theory  

تذهب نظرية التعلم الاجتماعي إلى أن الجماعات المرجعية لها دور كبير في بلورة السلوك الاجتماعي. فسلوكيات الإنسان هي سلوكيات متعلمة من الآخرين عن طريق المحاكاة والاختلاط. فالطفل يتعلم كيف يأكل وكيف ينام بواسطة المرجعية التي تحتضنه وهي (الأسرة). والأفراد يتعلمون السلوكيات المنحرفة كما يتعلمون المهن والحرف، إذ يتخذ الفرد لنفسه مثلاً يحذو حذوه بحيث يحاول تقليده في السلوكيات والمهارات الضرورية للمساهمة في الحياة الاجتماعية. كما نؤكد على ظاهرة الاندماج التي تعني ضرورة اندماج الشخص مع الجماعة كشرط لمبدأ المحافظة الذي بمقتضاه يتعلم الفرد السلوك من الجماعة المرجعية (345:1974 Haskel). ولذلك تفسر نظرية التعلم الاجتماعي تعاطي المخدرات والإدمان على أنه سلوك متعلم ناتج عن مخالطة المتعاطي لجماعة (المتعاطين)، فيستمر الفرد في التعاطي ليشعر بالانتماء إلى الجماعة، كما أن جماعة المتعاطين تدعم هذا السلوك لتشعر بأن المتعاطي أحد أعضائها الذين تربطهم رابطة خاصة وهي سلوك تعاطي المخدرات.

نظرية الصراع Conflict theory 

يرى أصحاب هذه النظرية أن استخدام المخدرات ينتج عن تصارع القيم بين أصحاب القوة (الثروة) وأولئك الذين يفتقرون إليها، وهو الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حدة التناقضات الطبقية من ناحية وغياب العدالة الاجتماعية من ناحية أخرى. ويهتم أصحاب هذا المنظور بالأسباب التي أدت إلى المشكلة وليس بمظاهرها، ويفترضون أن تعاطي المخدرات لن يقل إلا إذا وجد المجتمع العادل الذي لا توجد فيه اضطهادات أو استغلال تنتج عنه العديد من الصراعات (Coleman,1984: 270). وبناءً على ذلك، ترى نظرية الصراع أن المتعاطين هم من شرائح اجتماعية متماثلة دخلوا في صراع مع شرائح أخرى، فينصرفون لتعاطي المخدرات وإدمانها، وهذه الصراعات قد يكون منبعها الجنس، أو العرق، أو الدين، أو غيرها

نظرية التغير الاجتماعي social change theory

يرى أصحاب هذه النظرية أن الحياة قائمة على مبدأ الدينامية، التي تعني التغير المستمر. وعلى المستوى المجتمعي، يُقصد بالتغير الاجتماعي انتقال المجتمع من (المجتمع التقليدي) إلى المجتمع الحديث (المجتمع الصناعي). وتربط النظرية بين الجوانب المادية والجوانب اللامادية في عمليات التغير، حيث يكون من المفترض أن يسير الجانبان جنبا إلى جنب حتى لا تكون هناك فجوة كبيرة بينهما تنبئ بوقوع مشكلات اجتماعية. ومن هذا المنطلق فسرت نظرية التغير الاجتماعي تعاطي المخدرات وإدمانها تفسيراً واسع النطاق ليشمل المجتمعات التي تتعرض للتغير الاجتماعي السريع الذي ينجم عنه ما يسمى باللامعيارية التي تعني غياب المعايير الاجتماعية، وانعدام القواعد المسؤولة عن توجيه سلوك الأفراد، وتنظيم أنشطتهم في إطار النظام الاجتماعي القائم (Fabrizio, 2008).

2- التفسير النفسي لظاهرة تعاطي المخدرات:

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن تعاطي المخدرات يرتبط باضطرابات الشخصية دون أن تكون هذه الاضطراب مصحوبة بأية أعراض مرضية عقلية. ويتمثل الإدمان بهذه الصورة في المبالغة في تعاطي المخدر حتى يبطل فعل مراكز الكف في الجهاز العصبي المركزي، فيقوم الفرد بعمل أشياء وأمور خارجة عن القيم والتقاليد الاجتماعية السائدة (أبو النيل وآخرون، 2007: 53). فتعاطي المخدرات وفقاً للتفسير النفسي يحدث نتيجة إحباط معنوي لا يقوى الفرد على مواجهة آثاره النفسية بحل واقعي مناسب سواء أكان ذلك نتيجة لضخامة الإحباط أو عدم القدرة على احتمال الإحباط والأغلب أن يكون ذلك مزيجاً من العاملين معا، فتؤدي نتائج الإحباط إلى توتر يؤدي إلى النكوص وظهور أنماط من السلوك تميز مراحل الطفولة خلاصاً من الموقف المحبط. ولذا فإن التعاطي ما هو إلا عملية هروبية تعني تدمير جانب من جوانب المشاعر ومن الأنا الذي يخبئ هذه المشاعر أي تزوير الواقع النفسي وإنكاره (المهندي، 2013: 194).

ويشير فوثرجيل (Fothergill, 2008: 193) إلى بعض السمات الشائعة عند أغلب مدمني المخدرات في كونهم متمركزين حول الذات نرجسيين مهتمين فقط بإشباع حاجاتهم الأولية، وهو شكل طفولي من أشكال السلوك الذي يقبل عليه الأطفال فقط دون الكبار. فهم لا يقبلون على الأدوار الناجحة في الحياة ولذلك تراهم فاشلين ضعافا في ممارسة أدوارهم كأزواج وآباء

 وبعد هذا العرض لبعض التفسيرات النظرية لتعاطي المخدرات، يمكن القول بأن تعاطي المخدرات يعد سلوكاً مكتسباً وأنه يحدث نتيجة لبعض العوامل النفسية والاجتماعية المتعلقة بالبيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد سواء الأسرة أو جماعة الأصدقاء التي تدفع باتجاه التعاطي، بالإضافة إلى الظروف التي يمر بها المجتمع والتي تؤدي إلى حالة فقدان التوازن وعدم الاستقرار الاجتماعي مما يولد ضغوط متزايدة يتعرض لها الفرد ويجد صعوبة كبيرة في مواجهتها والتكيف معها وبالتالي يكون تعاطي المخدرات ملاذا له للهروب من هذه المشاكل.

المحور الثاني: مفهوم التربية الوقائية، وأهدافها، وأهم مداخل تحقيقها

أولا: مفهوم التربية الوقائية Preventive education

تعد الوقاية وبناء الحصانة الذاتية والمجتمعية من أفضل استراتيجيات مواجهة المخدرات. فالوقاية تساهم في إبراز المعلومات الحقيقية والمتوازنة حول المخدرات بما فيها من ترهيب من الاستخدام والتعريف بمضار المخدرات، وكذلك ترغيب بالامتناع والمقاومة وعدم الخضوع لقوى الانحراف.  وتساهم استراتيجية الوقاية كذلك في بناء وتعزيز قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية والسلوكية وتنمية ثقتهم بأنفسهم وتبصيرهم بمخاطر المخدرات على الفرد والمجتمع، وتحثهم على القيام بدورهم الاجتماعي في التصدي لمشكلة المخدرات.

وقد عرف هلال (2009: 34) التربية الوقائية بأنها مجموعة الوسائل والأساليب المتخذة لحماية الفرد والمجتمع من المساوئ وتحذيرهم من الوقوع في المهالك من خلال عملية إصلاح وتنمية وتهذيب وتوجيه شاملة“. فالتربية الوقائية تحرص على الأخذ بالتوجيهات التربوية لتحقيق المحافظة على الفرد المجتمع وحمايته من الانحراف مـن خلال التدابير الوقائية التربوية التي تسعى إلى تقويةً الإيمان في النفوس، ومن ثم حماية الفرد والمجتمع. ولقد أشار (الطنطاوي، 1997: 86) إلى أن التربية الوقائية تهدف إلى معرفة الفرد المتعلم وإدراكه لبعض القضايا التي تؤثر عليه وعلى حياته وبالتالي على مجتمعه من الناحية الصحية والغذائية والتعرف على كيفية الوقاية منها“. وعرف اللقاني والجمل (1996: 63) التربية الوقائية “بأنها التربية التي تستهدف تغيير المواقف والسلوك لدى أنماط المتعلمين ومساعدتهم على مواجهة المشكلات أو المخاطر التي قد يتعرضون لها”.

ثانياً: أهداف التربية الوقائية

إن من أهم أهداف التربية الوقائية ما يتعلق بتنمية الجوانب الإيمانية التي تمثل الأساس في حياة الإنسان المؤمن. فقد حرص الإسلام على غرس مفهوم الإيمان في حياة الناس لكـي يتأصل هذا المعنى في حياتهم، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال قيام العلماء والتربويين والوعاظ في المساجد والمدارس والمجالس العامة وعبر وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية بواجب التذكير الدائم بالله عز وجل، فإذا تربى الفرد على التربية الإيمانية فإن ذلك يدفعه للابتعاد عن كل ما يغضب الخالق ويستقيم سلوكه ويبعد عن الرذائل بما فيها من المسكرات و المخدرات.

وتهدف التربية الوقائية كذلك إلى تعزيز الجوانب الأخلاقية في نفوس الأفراد لتكون سبباً في توفير الأمن والاستقرار الاجتماعي من خلال إكساب المجتمع الأخلاق الحسنة والتحذير مـن الأخلاق السيئة التي تؤدي إلى تفكك المجتمع. وفي بيان تأثير الأخلاق يقول (حكيم، د. ت: 22)، “ما ارتفعت أمة في تاريخ العالم القديم والحديث إلا وكان سبب ذلك سمو أخلاق أفرادها، وما انحطت أمة، أو قـل مجدها وزال سلطانها إلا وكان لزوال الأخلاق من نفوس أبنائها وانغماسها في الشر والفسـاد الأثر الفعال في زوال مجدها وانحطاطها“.  لذلك كان لزاماً على المربين تعزيز هذه الجوانب الأخلاقية في حياة الأفراد من خلال حثهم على تطبيق القيم الأخلاقية والتحذير من الإخلال بها وذلك من خلال برامج للتربية الوقائية التي تهتم بتنمية الجانب الأخلاقي في نفوس الأفراد.

ثالثاً: مداخل التربية الوقائية

إن انتشار ظاهرة المخدرات على المستوى العالمي أصبح يؤرق كافة المجتمعات على اختلاف مستوياتها، وقد فرض ذلك على المجتمعات  الحاجة إلى المزيد من الطرق والأساليب والسياسات التي تسهم في الوقاية من المخدرات وانتشارها،  من خلال حشد كل الجهود الوقائية والعلاجية وتوحيد كل الأهداف والوسائل والإجراءات للوصول إلي سياسة وقائية مناسبة لمواجهة هذه الظاهرة. وسوف نتعرض للحديث عن مجموعة من المداخل الوقائية التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف الخاصة بالوقاية من المخدرات على مستوى المجتمع بصفة عامةً وعلى مستوى المدارس بصفة خاصة، وذلك للاستفادة من هذه المداخل في تقديم البرامج والممارسات التربوية التي من شأنها تنمية وعي الطلاب بظاهرة المخدرات وحجمها ومخاطرها على الفرد والمجتمع ، ولعل من أهم هذه المداخل ما يلي:

المدخل التعليمي

يعد المدخل التعليمي من أهم المداخل تأثيرًا في عملية التوعية لكونه يهدف إلىتطوير الملكات الذهنية والفكرية بانتظام سعيًا وراء تشكيل تقدير إيجابي أخلاقي للمواقف والقيم والمعتقدات. ويشتمل هذا المدخل على جانبين أساسيين:
الجانب الأول يتمثل في تنمية المواهب الإبداعية من خلال تنمية مواهب المتعلم وقدراته ليكون عضوًا نافعًا في المجتمع ومبدعا في مختلف الميادين الحياتية وهو ما يمكن أن تسهم به المدرسة من خلال العمل على اكتشاف مواهب المتعلمين واستعداداتهم وقدراتهم من خلال العناية بالأنشطة التعليمية المتنوعة. ولعل هذا الاكتشاف المبكر سيساعد إلى حد كبير في توجيه المتعلم نحو البرامج التعليمية الإثرائية التي تصقل قدراته، وتنمي مواهبه وإبداعاته.
أما الجانب الثاني، فيتمثل في تقوية الإرادة وعلو الهمة وذلك من خلال تشجيع المتعلم على تنمية روح الإرادة والعزيمة لديه ولاسيما من جانب المعلم والهيئة التدريسية، لما يترتب على ذلك من الدافعية الإيجابية التي تدفع المتعلم وتحثه على التحلي بالصبر والجلد، ومخالفة هوى النفس، وفي ذلكوقاية لقلبه من التعلق بسفاسف الأمور، والاهتمامات التي لا تليق بالشاب المسلم أولاً، ثم بطالب العلم ثانياً “(معاذ، 20015: 173). 

وبذلك يمكن للمدخل التعليمي الذي يعد من أكثر المداخل أهميةً وأقواها تأثيرًا في عملية التوعية بأخطار المخدرات ومضارها. فالمتعلمون ينظرون إلى معلمهم كقدوة يحتذى بها، وتبقى آثار العملية التعليمية في أنفسهم وأذهانهم لأن شخصياتهم وثقافاتهم قد تشكلت بناءً على ما يتلقونه في مدارسهم من تعاليم وقيم وأخلاق، وما اكتسبوه من خبرات ومهارات.

المدخل العقائدي

وهو يهدف إلى ترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس الناشئة في المراحل الأولى من حياتهم، حيث الاهتمام بتحقيق معاني العبودية الخالصة لله تعالى والاستجابة الخالصة والمباشرة لأوامره واجتناب نواهيه،  والتي تعد في مجموعها هدفًا غاما للتربية الإسلامية والذي تنبثق منه مجموعة الأهداف الأخرى، ولاسيما أن الله تعالى قد جبل النفوس فطريًا على عقيدة التوحيد الصافية النقية التي يمكن غرسها في النفوس بسهولة ويسر في المراحل التعليمية الأولى التي  يقضي المتعلم خلالها وقتًا طويلاً في المدرسة ويكون فيها على صلة قوية بالمعلمين الذين يؤثرون في تكوين المتعلم تأثيراً كبيرًا. وتستطيع المدرسة العناية بمعتقد الطالب من ناحيتين: زرع العقيدة الصحيحة في النفوس، ووقايتها من الانحراف (الحوري، 2003: 126)، وبذلك يسهم المدخل العقائدي بدور رئيس في عملية التوعية والوقاية من أخطار المخدرات ومضارها من خلال ربط قلوب المتعلمين بخالقهم، وصيانة فطرتهم السوية من الانحراف.

المدخل الأخلاقي:

يركز المدخل الأخلاقي على توجيه الفرد نحو الالتزام الأخلاقي من خلال تحفيزه على الخير والبر، ويعصمه من الآثام والشرور، ويقويه ضد الشهوات والمغريات، وينعكس ذلك على سلوك الفرد، فيكون شخصًا ملتزمًا أخلاقيا ومنضبطًا اجتماعياً، فلا يظلم نفسه ولا يعتدي على حرمات الله “(حريري، 1427: 136). وبذلك يعد المدخل الأخلاقي من المداخل المؤثرة في عملية التوعية بأخطار المخدرات ومضارها من خلال عملية التربية والتعويد على المراقبة الذاتية الداخلية، والانضباط السلوكي، وعدم الانسياق وراء الشهوات والرغبات. ويسعى هذا المدخل إلى تنمية مجموعة القيم والمبادئ الأخلاقية التي تتولى المدرسة تعويد المتعلم على التحلي بها كأخلاق كريمة يتم غرسها في نفوس الطلاب وخاصة في سنوات العمر المبكرة، ولاسيما أن “التربية الإسلامية في عمومها تربية أخلاقية تتطلب اجتهاد الآباء والمربين في تأديب أبنائهم بآداب الإسلام، وغرس فضائله في نفوسهم، وإبعادهم عن الذنوب والمعاصي “(حريري، 1427: 139).

مدخل التثقيف الصحي

يركز هذا المدخل على العمليات الوقائية التعليمية التي يمكن من خلالها تقديم المعلومات المناسبة بشأن الأضرار المترتبة علي تعاطي المخدرات بالإضافة إلى استخدام استراتيجيات العلاج الطبي للإقلال التدريجي من الاعتماد على المخدر، ويتطلب تطبيق هذا المدخل ما يلي (سلامة،2007: 67):

  1. تنمية الوعي بمضار المخدرات: حيث يسعي كل فرد إلى أن تكون صحته جيدة أو غير مريض، لذلك يجب أن يتضمن محتوى البرامج معلومات بشأن العوامل التي تؤدي إلى الإدمان وأنواع المخدرات، على أن تكون هذه المعلومات مصاغة بأسلوب يؤثر على الأفراد وسلوكهم، أو أن تعتمد هذه المعلومات على الاتجاهات التي سوف تنعكس بأفعال على السلوك.
  2. توفير الوقاية والحماية للمتعاطي: من خلال عزلهم عن الأشخاص القريبين منهم والذين يتعاطون المخدرات مع العمل على مساعدة هؤلاء القريبين منهم على الإقلاع عن تعاطي المخدرات.
  3. تقديم الرعاية الطبية والصحية للمتعاطين: حيث يجب على المتعاطين أن يتوجهوا للمصحات العلاجية ووقاية أنفسهم من الاستمرار في التعاطي والإدمان.

المدخل النفسي الاجتماعي:

يركز هذا المدخل على مفهوم المخدر ووظائفه من وجهة نظر الأفراد وتأثير العوامل الاجتماعية المحيطة بهم على تعاطيهم للمخدرات مثل الأسرة، وجماعات الرفاق، والأقارب. كما يضع في الاعتبار العوامل الشخصية المتصلة بالسن، والمرحلة الدراسية، وزملاء المدرسة والضغوط النفسية التي يمر بها الأفراد والأسباب التي أدت إلى التعاطي (عبد اللطيف، 2008: 16). وينطلق هذا المدخل من التركيز على بناء شخصية المتعلم بناءً تربويًا سويًا، وهو مطلب يمكن تحقيقه من خلال ما يلي (هلال، 2009: 78): 

  1. إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للمتعلم ليكون إنسانًا سويًا. ويأتي على رأس هذه الحاجات النفسية: الحاجة إلى الأمن، والحاجة إلى التقدير الاجتماعي وتزويد المتعلم بمهارات التواصل الاجتماعي وتقبل الآخرين وزرع الثقة في نفسه وفي المحيطين به، وتعويده الاعتماد على النفس، وتنمية مواهبه، والعمل على تغيير اتجاهاته الخاطئة نحو نفسه ونحو المجتمع المحيط به لتكون اتجاهات إيجابية تمكنه من التوافق مع المحيطين به.
  2. الاهتمام بالحاجات الشخصية المرتبطة بالاتجاهات والقيم ونمط الحياة على أن تصاغ في صورة معلومات حقيقية عن مشكلة المخدرات مزودة بتوضيح مخاطر تعاطي المخدرات على الفرد والمجتمع، وأن تتضمن بعض التوجيهات المتصلة بكيفية التفكير في المشكلة وخطورتها والسلوك المناسب لمواجهتها وكيفية اتخاذ القرار المتصل بالإقلاع عن المخدرات.

المدخل القانوني:

ينطلق هذا المدخل من التأكيد على محاربة المخدرات بالتوعية القانونية والعقوبات التي يتعرض لها كل من يتعامل مع المخدرات اتجاراً وترويجاً وتعاطياً. ويستهدف هذا المدخل الحد من الاستخدام السيئ للمخدرات من خلال التوعية بالضوابط القانونية التي تطبق على الأفراد الذين يقومون بزراعة المخدرات وتصنيعها أو ترويجها وتوقيع العقوبة الرادعة عليهم، إلى جانب التوضيح المستمر للأضرار الاجتماعية والجسمانية والنفسية التي تنتج عن تعاطي المخدرات. وتكمن أهمية هذا المدخل في تركيزه علي استخدام الإجراءات القانونية وتطبيقها بكل حزم دون التحيز لفئة علي حساب أخرى، أو تغليب المشاعر الشخصية علي العمل القانوني لأن ذلك يفقد الإجراءات القانونية جديتها وشرعيتها ويجعل المجتمع غير مقتنع بها أو بموضوعيتها ويتطلب تطبيق هذا المدخل ما يلي (العطوي ، 2010: 71):

  1. التعريف بقانون مكافحة المخدرات والعقوبات المترتبة على التعاطي.
  2. تشديد الرقابة على الأماكن التي يحتمل وجود المتعاطين أو المروجين بها.
  3. تشديد العقوبات على المتعاملين مع المخدرات.

المدخل الوقائي الشامل: 

 ينطلق هذا المدخل من أن الضغوط والمشكلات التي تدفع إلى التعاطي تتضمن أسباباً عديدة قد تكون مرتبطة بالفرد أو الأسرة أو الأصدقاء أو زملاء الدراسة والعمل أو المجتمع ككل. ولهذا يسعى المدخل الوقائي إلى التعرف على مصادر الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان والعمل على بناء قدرته على مواجهتها (عبد اللطيف، 2008: 37). كما أنه ينطلق أيضاً من قدرة الفرد على مواجهة المشكلات من خلال تدريبه وتأهيله بالاعتماد على مجموعة من البرامج التي تستهدف مساعدة الأفراد على كيفية التصرف في المواقف المختلفة واستخدام أسلوب حل المشكلات

ويركز هذا المدخل على عنصر “التدخل المبكرالذي يهتم بتحديد المشكلات قبل وقوعها ويضع الخطط المناسبة للتصدي لها وهذا أهم ما يميز المدخل الوقائي عن المدخل العلاجي الذي يقوم على الاهتمام بالفرد بعد حدوث المشكلة. يضاف إلى ذلك أيضا أن هذا المدخل يؤمن بقدرة الإنسان على المواجهة وقدرته على اتخاذ القرارات التي تحقق أهدافه مع التأكيد على أهمية الإرادة في الإقلاع عن تعاطي المخدرات. ولتحقيق الوقاية المنشودة من خلال المدخل الشامل فإن الأمر يتطلب ضرورة الاهتمام بما يلي (الدليمي، 2009: 26):

  1. اكتساب المعلومات المتعلقة بالكشف عن المتعاطين ومعرفة الخصائص السلوكية للمتعاطين للمبادرة بالأخذ بأيديهم للمصحات العلاجية.
  2. تقديم المعلومات التي تسهم في رفض تعاطي المخدرات أو إساءة استخدام العقاقير المخدرة والتي تساعد على التخلص من مشاعر القلق والخوف المصاحبة لطلب العلاج حين الوقوع في دائرة التعاطي.
  3. توضيح المشاكل التي سوف تصيب المتعاطين وأسرهم وذلك من خلال عرض نوعية هذه المشاكل ومعدلات حدوثها.

 إن هذا العرض لمداخل التربية الوقائية بصورة منفردة يتطلب توضيح أن هذه المداخل رغم تنوعها إلا أنه يمكن الاستفادة منها بتطبيقها بصورة فردية أو بصورة جماعية، تبعاً لطبيعة المواقف التي تستخدم فيها استراتيجية الوقاية. فبعض المواقف قد تحتاج إلى مدخل واحد وبعضها يتطلب استخدام أكثر من مدخل. كما أن هذه المداخل يمكن استخدامها بصورة متدرجة ومسارات منتظمة قد يؤدي كل منها إلى الآخر. فالبدء يكون بالمدخل العقائدي الذي يمكن ترجمته إلى عبادات وشعائر يمكن أن ينعكس أثرها على القيم الأخلاقية للفرد والبناء الاجتماعي ككل وقد يحتاج كلاهما إلى المدخل التعليمي لكي يسهم في تنمية القيم وتعديل الاتجاهات وهكذا.

المحور الثالث: دور المدرسة في تفعيل التربية الوقائية لحماية الطلاب من المخدرات

تعد المدرسة إحدى أهم المؤسسات التربوية التي يعتمد عليها المجتمع في التوعية بالمخاطر والأضرار التي يمكن أن تلحق بالأفراد من جراء الوقوع في مزالق الجريمة بصفة عامةً والمخدرات على وجه الخصوص، ولذلك أولت معظم المجتمعات المدارس أهمية كبيرة فيما يتعلق بقدرتها على الوقاية من تلك المخاطر.
وإذا كانت مسؤولية التصدي لمشكلة تعاطي المخدرات أمر يقع على كاهل جميع أنظمة المجتمع بلا استثناء، فإن النظام التربوي وفي مقدمته المدرسة، تأتي على رأس هذه الأنظمة فيما يتعلق بضرورة قيامها بدور أكثر فاعلية في مواجهة مشكلة المخدرات، بصفتها إحدى المؤسسات التربوية التي تستطيع أن تتخذ من الإجراءات وتعد من البرامج ما يعينها على وقاية الأبناء من الوقوع في مخاطر التعاطي والإدمان على المخدرات.
ونظراً لما تقوم به المدرسة من أدوار تنفيذية تتعامل بها مع الممارسات التربوية والتعليمات الرسمية يومياً، وفي ضوء النظرة الحديثة للمدرسة بأنها مؤسسة إنتاجية تعد المواطن الصالح وتزوده بالثقافة والمعارف والخبرات والقيم والاتجاهات التي تتلاءم مع درجة نموه، فقد تم التركيز على أهمية المدرسة في قدرتها على القيام بالدور الوقائي لمواجهة المخدرات وحماية الشباب من مخاطرها، من خلال تركيزها على الجانب المعرفي أو الإدراكي الذي يشمل (المفاهيم، والحقائق، والمبادئ) والجانب الوجداني الذي يشمل (الميول، والاتجاهات، والقيم) والجانب المهاري أو النفس-حركي الذي يشمل (الثقة، والإقناع، والاستجابة).

ومن هذا المنطلق تصبح المدرسة قادرةً على القيام بأدوار فاعلة في تحقيق التربية الوقائية لطلابها، من خلال العناصر المدرسية المتمثلة في المعلم، والمناهج الدراسية، والأنشطة المدرسية، والإدارة المدرسية، والمرشد الطلابي أيضاً. وسوف نتناول فيما يلي الأدوار التي يمكن أن تتم من خلال هذه العناصر لتكون المدرسة قادرة على القيام بواجبها تجاه حماية طلابها من المخدرات.

أولا: دور المعلم في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات

 إن العبء الأكبر في تحقيق التربية الوقائية للطلاب من المخدرات يقع في المقام الأول على المعلمين من خلال قيامهم بأدوارهم ومسؤولياتهم المختلفة، سواء كان ذلك فيما يتعلق بدورهم في مجال الأنشطة المدرسية، أو في تقديم المقررات الدراسية، أو باعتبارهم موجهين ومرشدين للطلاب. لذا كان لابد من الاهتمام بإعداد المعلمين وتدريبهم أثناء الخدمة لكي يكونوا جاهزين للقيام بأدوارهم في مجال التربية الوقائية من المخدرات على الوجه الذي يمكنهم من تحقيق أهداف التربية بصفة عامة والتربية الوقائية على وجه الخصوص.

وإذا كان المعلمون هم حجر الزاوية في العملية التعليمية، فإن معظم المهام والأدوار التربوية داخل المدرسة تقع عليهم، من خلال الأداء التدريسي في الحصص الدراسية ومن خلال مشاركتهم في الأنشطة التربوية المختلفة بالمدرسة. وهذا يتوقف على مدى كفاءتهم وحسن توجيههم ومستواهم الفكري والعلمي والثقافي وفي ذلك إشارة واضحة لأهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه المعلم في الوقاية من المخدرات

فالمعلم بصفته معلماً ومربياً ومرشداً وموجهاً في آن واحد، أصبحت على عاتقه مسؤولية التعلم والتعليم والإسهام الموجه والفاعل في تنشئة الطلاب تنشئة سليمةً، من خلال توجيههم نحو النمو الشامل والمتكامل للفرد المتعلم روحيا وعقلياً وجسمياً ومهارياً ووجدانياً. هذا إلى جانب دوره في مجال التنمية البيئية وخدمة المجتمع. فالمعلم لكي يكون عضواً فعالاً في المجتمع عليه أن يسهم في المشاركة في الفعاليات الاجتماعية المختلفة من خلال مجالس الأمناء والآباء والمعلمين، والانضمام إلى الجمعيات الخيرية الموجهة لخدمة المجتمع، والتعاون مع المؤسسات المختلفة المعنية بالنهوض بالمجتمع والتصدي لمشكلاته (يونس، 2008).

ويتطلب قيام المعلم بهذه الأدوار، ضرورة الاهتمام بإعداد المعلمين قبل التحاقهم بالمهنة إعداداً مهنياً يمكنهم من القيام بأدوارهم ومسؤولياتهم المتعددة، وكذلك الاهتمام بتنميتهم مهنياً أثناء الخدمة من خلال عمليات التدريب المهني، ولعل هذا يسهم في تحقيق التنمية المهنية للمعلمين بالقدر الذي يمكنهم من القيام بفاعلية في تحقيق أهداف التربية الوقائية من المخدرات، عن طريق توجيه الطلاب، وإرشادهم إلى كيفية مواجهة ظاهرة المخدرات، والكشف عن المتعاطين، وكيفية التعاون مع الجهات الأمنية في محاربة الاتجار في المخدرات. ولعل ذلك سيكون له تأثير إيجابي في رفع مستوى وعي المعلم باعتباره الخطوة الأولى لرفع مستوى وعي الطلاب بكيفية التصدي للمخدرات والابتعاد عنها.

ثانياً: دور المناهج الدراسية في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات

المناهج التعليمية بمفهومها الحديث ليست عبارة عن مقررات دراسية فحسب، بل هي وسيلة التربويين في إكساب أبناء المجتمع مواصفات معينة تحددها غاية التربية وأهدافها وأغراضها، وهذه الأخيرة تتحدد في ضوء متغيرين أساسيين هما ثقافة المجتمع ومتغيرات العصر. ولذلك فالمناهج هي “مجموعة من الخبرات تنظمها المدرسة وتشرف عليها ويمارسها الطلاب داخل المدرسة وخارجها بقصد تحقيق أهدافها التربوية. والمدرسة من خلال المفهوم الحديث للمنهج، تستطيع أن تربط حياة الطالب بالواقع الاجتماعي المحيط بالمدرسة من خلال الارتقاء به من مستويات الحفظ والاسترجاع إلى مستويات أعلى من المعرفة، تقوم على الفهم والتطبيق والتحليل والنقد والابتكار والإبداع والإعداد الأمثل للحياة“. (مرسى، 2002: 35)

ولقد أشار (هلال،2004: 93) إلى أن المنهج الحديث يهدف إلى تحقيق النمو الشامل والمتكامل لشخصية المتعلم، وذلك من خلال المقررات الدراسية والأنشطة المدرسية الصفية واللاصفية. وأوصى المهتمون بالمناهج الدراسية بضرورة ربط كل معلومة تدرس في المنهج بواقع ملموس أو ممارسة موجودة في محيط الطالب الأسري والاجتماعي. وغياب هذا الربط يجعل معظم ما يتعلمه الطالب مجرد معلومات ومصطلحات يحفظها، ثم ينسى كثيراً منها دون أن تترسخ في ذهنه أو تؤثر في سلوكياته وتصرفاته.
ومن هذا المنطلق يقع على عاتق المدرسة بمناهجها، العمل على تنمية الوعي بالمخدرات ومخاطرها على الفرد والمجتمع من خلال تزويد الطلاب بالمعلومات والمفاهيم الخاصة بالمخدرات وإدراجها ضمن المناهج الدراسية، على أن يكون لها نصيب في التقييم المستمر. فالمناهج الدراسية يمكن أن تثري ثقافة الطلاب بالأفكار الإيجابية عن التربية الوقائية من المخدرات وتعميق مفاهيمها لديهم، وتزويدهم بكيفية الابتعاد عن الوقوع في الإدمان، وتدريبهم على كيفية التعامل مع المدمنين، والتحذير من الوقوع فريسة لهذه المخدرات. كما يمكن للمدرسة أن تنمي لدى طلابها الوعي بمخاطر المخدرات وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، وذلك من خلال ما تقدمه لهم من مناهج دراسية متعددة تحتوي على العديد من الممارسات التربوية.

فمن خلال مقرر التربية الدينية والدراسات الإسلامية، يمكن تقديم الموضوعات التي تتعلق بتقديم الآراء الفقهية والأحكام الشرعية لتعاطي المخدرات، وتدريس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على الامتناع عن المسكرات، وتبيان أضرارها على الصحة الإنسانية وعلى المجتمع المسلم.
ومن خلال مناهج اللغة العربية يمكن تقديم دروس القراءة التي توضح مخاطر المخدرات على الفرد والمجتمع، كما يمكن تكليف الطلاب بكتابة موضوعات عن مخاطر المخدرات وكيفية الكشف عن متعاطي المخدرات وكيفية التعاون مع الجهات الأمنية للإبلاغ عن مروجي المخدرات وهكذا.
كما يمكن من خلال مناهج العلوم توضيح كيفية الحفاظ على الصحة العامة للإنسان، وتأثير المخدرات على النواحي الجسمانية والعقلية. ومن خلال مقرر الرياضيات يمكن توضيح الخسائر المالية والاقتصادية التي تلحق باقتصاديات البلاد بسبب الاتجار في المخدرات والخسائر التي تنجم عن عدم قدرة الأفراد عن العمل والإنتاج بسبب الإدمان.
كما يمكن من خلال مقرر التربية الفنية تنمية الوعي بالتربية الوقائية من المخدرات عن طريق تكليف الطلاب برسم أفراد يتعاطون المخدرات، وتدهور حالتهم الصحية، وظهور الضعف على وجوههم. كما يمكن ابتكار لوحات فنية تصلح للإعلان عن مخاطر المخدرات وكيفية القضاء عليها وإرشاد الأفراد من خلال هذه اللوحات عما يمكن أن يحدث لهم من خلال توضيح مراحل التدهور الصحي لمتعاطي المخدرات.

وهكذا يمكن من خلال المناهج الدراسية تقديم المعلومات، واكتساب المهارات وتنمية الاتجاهات التي يمكن أن تسهم في تحقيق الوقاية من المخدرات، والاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات الحديثة لتدريسها بأسلوب شيق وممتع يساعد الطلاب على اكتساب سلوكيات إيجابية تسهم في تحقيق الوقاية من المخدرات ودرأ مخاطرها عن المجتمع

ثالثًا: دور الأنشطة المدرسية في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات

الأنشطة المدرسية تمثل ركناً أساسياً في التربية الحديثة لما لها من دور فاعل في تحقيق أهداف العملية التعليمة، وإشباع حاجات الطلاب السيكولوجية والاجتماعية والصحية والاقتصادية. فالأنشطة المدرسية تقدم للطلاب مجموعة من الأعمال الحرة المنظمة التي يقوم بها الطلاب وفقاً لرغبتهم وميولهم خارج الحصص الدراسية بقصد مساعدتهم على النمو المتكامل في جميع جوانب شخصيتهم الجسمية والعقلية والوجدانية والفردية والاجتماعية، وبذلك تستطيع هذه الأنشطة المدرسية أن تؤدي دوراً مهماً في وقاية الطلاب من الوقوع في إدمان المخدرات.

فالمدرسة التي تستطيع تفعيل أنشطتها المختلفة، يمكنها المساهمة في تقديم المعلومات، وإكساب المهارات وتنمية الاتجاهات التي ترتبط بمكافحة المخدرات، والمساهمة في توضيح مخاطرها على كل من الفرد والمجتمع، وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بتحريمها. ويمكن للعديد من الأنشطة المدرسية أن تسهم في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات عن طريق القيام بما يلي

  1. استضافة المتخصصين في الكشف المبكر عن تعاطي المخدرات لعقد ندوات وإلقاء محاضرات وتقديم دورات تدريبية عن أهم المتغيرات التي تطرأ على متعاطي المخدرات.
  2. استضافة المشايخ لعقد ندوات وإلقاء محاضرات عن التوعية الدينية وتوضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بتحريم المخدرات وأضرارها على كل من الفرد والمجتمع للحد من تعاطي المخدرات.
  3. تناول الأخبار المحلية والعالمية حول ظاهرة المخدرات، وأضرارها من خلال برامج الإذاعة المدرسية. “فالإذاعة المدرسية نشاطاً تعليمي مكمل للنشاط الصفي تساير المناهج الدراسية وتقدم خبرات تعليمية متنوعة “.
  4. تفعيل أنشطة الصحافة المدرسية بتناولها لبعض الآثار الاجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات. فالصحافة المدرسية وسيلة إعلامية لها فعالية القيادة والتوجيه في المدرسة وتسهم في تكوين الفكر الموضوعي الناقد وصناعة الرأي داخل المدرسة
  5. تنظيم زيارات للسجون للتعرف على الأحوال التي يمر بها المسجونون الذين يعاقبون بجريمة تعاطي المخدرات أو الإتجار فيها أو ترويجها حتى يتعظوا من أوضاعهم في السجون.
  6. زيارة مراكز مكافحة المخدرات الموجودة بالبيئة المحلية للتعرف على الخدمات التي تقدمها للمجتمع.
  7. المشاركة في الأعمال المسرحية، والمشاهد الدرامية المدرسية التي تنمي وعي الطلاب بمخاطر المخدرات ومساوئها على الفرد والمجتمع.

رابعاً: دور الإدارة المدرسية في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات

يرى الفكر الإداري المعاصر أن الإدارة المدرسيةهي عبارة عن مجموعة الجهود المنسقة التي يقوم بها فريق من العاملين في الحقل المدرسي بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقًا يتمشى مع ما تهدف إليه الدولة من تربية أبنائها تربية صحيحة وعلى أسس سليمة “(يونس، 2015: 57).

ولذلك ينظر إلى الإدارة المدرسية على أنها المسؤولة عن توفير المناخ التربوي الصالح والمناسب لتحقيق الأهداف التربوية للمدرسة والمجتمع ككل، كما أنها مسؤولة عن متابعة طلابها والكشف عن المشكلات التي تواجههم سواء كانت مشكلات مدرسية أو مشكلات اجتماعية تتعلق بالبيئة المحيطة والمخاطر التي تحدق بها. ومن هنا يبرز من بين الأدوار التي تقوم بها الإدارة المدرسية الدور المتعلق بوقاية الطلاب من المخاطر التي قد تهددهم مثل مخاطر تعاطي المخدرات والإدمان وغيرها.

ولكي تنجح الإدارة المدرسة في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات كان لابد لها من الانفتاح على المجتمع المحيط بها والتعرف على أهم المشكلات التي توجد به، حتى تستطيع أن تكون أكثر قدرةً على القيام مهامها الإدارية. ويمكن للإدارة المدرسية أن تقوم بالعديد من الأدوار التي يمكن أن تسهم في تحقيق التربية الوقائية من المخدرات عن طريق ما يلي:

  1. وضع القواعد السلوكية والقوانين المدرسية التي تهدف إلى تأصيل السلوك السليم الذي يحارب الجريمة بصفة عامة ومن بينها جريمة تعاطي المخدرات، ووضع القوانين الملزمة للطلاب لاتباع هذا السلوك مع نشر الوعي بهذه القواعد والقوانين وأهميتها من خلال الأنشطة المختلفة.
  2. إشراك الطلاب في إدارة الفصل من خلال توزيع الطلاب إلى مجموعات داخل الفصل بهدف إحداث وحدات أصغر لتحقيق التفاعل لتمرين الطلاب على القواعد السلوكية الإيجابية التي تحثهم على الالتزام بآداب العمل المدرسي والبعد عن الجريمة.
  3. مراقبة أنماط سلوك التلاميذ لملاحظة التغييرات التي يمكن أن تطرأ على سلوكياتهم، والتي من الممكن أن تعين على الاكتشاف المبكر للمتعاطين للمخدرات.
  4. الاهتمام بالأنشطة الترفيهية والإثرائية المساهمة في شغل أوقات الفراغ بهدف تقديم بدائل إيجابية تبعد الطلاب عن المناخ الذي قد يقود إلى تعاطي المخدرات.
  5. وضع نظام مراقبة ومتابعة يومية للغياب بو اسطة الحاسب الآلي وإبلاغ ولي أمر الطالب بالغياب بنفس اليوم. وتتبع حالات الطلاب الذين يداومون على الغياب ومراقبة سلوكهم.

خامساً: دور المرشد الطلابي ” الأخصائي الاجتماعي”  في وقاية الطلاب من المخدرات

يمكن تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي “المرشد الطلابيفي تحقيق التربية الوقائية للطلاب وتوعيتهم بأضرار المخدرات من خلال ما يلي:

  1. اهتمام المرشد الطلابي بتنظيم المنافسات بين الطلاب في إبراز السلوك الحسن في التعامل والقدوة في الخير وتقدير دور المدرسة والمعلمين في توعية الطلاب بالسلوكيات المنحرفة بصفة عامة ومخاطر المخدرات بصفة خاصة.
  2. تدعيم قنوات الاتصال بين الأسرة والمدرسة باعتبارهم أهم المؤسسات المعنية بالتنشئة الاجتماعية، ويمكن لهما التعامل المباشر مع مختلف مظاهر الانحرافات السلوكية عند المتعلمين في المدرسة، ومنها ظاهرة تعاطي المخدرات.
  3. تفعيل دور المرشد الطلابي في الإشادة بجهود الأجهزة الأمنية في تنفيذ القوانين المتعلقة بمكافحة المخدرات.
  4. توعية المرشد الطلابي بضرورة فتح قنوات التواصل والحوار والمناقشة مع الطلاب بحيث يتم استشراف ما قد يعترض الطلاب من مشكلات قد تتسبب في اتجاههم نحو تعاطي المخدرات.
  5. الحرص على حضور الدورات التدريبية وندوات التوعية و أوراش العمل التي تُقدم للمشتغلين بالإرشاد الطلابي، وذلك لتنمية قدراتهم في الكشف المبكر عن مظاهر انحرافات السلوك وتعاطي المخدرات لدى الطلاب الملتحقين بالمدرسة.
  6. ضرورة تعاون المرشد الطلابي مع المعلمين في الكشف المبكر عن الطلاب الذي تبدو عليهم سلوكيات التعاطي للمخدرات.
  7. على المرشد الطلابي الاهتمام بفتح قنوات تواصل بين المدرسة والمؤسسات المتخصصة في التوعية الوقائية من المخدرات كمراكز مكافحة الإدمان ومرافق الأمن العام الخاصة بالتعامل مع المخدرات بزيادة فعالية البرامج التوعوية في هذا الشأن.
  8. قيام المرشد الطلابي بتكليف طلابه بإجراء البحوث عن أضرار المخدرات على الفرد والمجتمع.

ومن خلال تكامل هذه الادوار للعناصر المكونة للمجتمع المدرسي، يمكن للمدارس أن تقوم بدور فاعل في حماية طلابها من الوقوع في مزالق المخدرات  وحمايتهم من أضرارها، وبذلك تسهم المدارس في تعظيم الدور الوقائي من المخدرات الذي يحمي الطلاب والمدارس بل والمجتمع بأسره من هذا الخطر الذي يحدق بهم.

 

 


المراجع:

  1. إبراهيم، محمـد يسري (2009) الحياة الاجتماعية للمدمن، الإسكندرية، دار المطبوعات الجديدة.
  2. ابن منظور، جمال الدين محمـد بن مكرم (1987) لسان العرب، القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة، مادة: “خدرباب الخاء.
  3. أبو النيل، محمود، وآخرون (2007) مشكلة الإدمان وتعاطي المخدرات (العوامل النفسية في الإدمان)، منشورات إدارة النشاط الاجتماعي، كلية الآداب، جامعة عين شمس.
  4. حريري، عبد الله بن محمـد أحمد (1427) دور التربية الإسلامية في المدرسة الابتدائية في مواجهة ظاهرة الإرهاب، مجلة البحوث الأمنية، الرياض: كلية الملك فهد الأمنية، مركز البحوث والدراسات، المجلد (15)، العدد (33)، ربيع الآخر / مايو.
  5. حكيم، أبادير (د، ت) التربية الأخلاقية، القاهرة، مطبعة اليقظة.
  6. الحوري، محي الدين (2003) الجريمة أسبابها ومكافحتها، دمشق: دار الفكر.
  7. الدليمي، صالح سمير (2009) ظاهرة الإدمان على المخدرات أسبابها، آثارها، وكيفية التعامل معها “دراسة نظرية تحليليةالإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث.
  8. الدويبي، عبد السلام (2004) الوعي الأمني طرابلس، ليبيا: مطبعة العدل.
  9. رستم. رسمي عبد الملك. (2012) التخطيط التربوي لمواجهة ظاهرة الإدمان لدى طلاب المرحلة الثانوية، مجلة المؤسسة العربية للاستشارات العلمية وتنمية الموارد البشرية ع (4) 3-53.
  10. سلامة، غباري محمد (2007) الإدمان خطر يهدد الأمن الاجتماعي، الاسكندرية: دار الوفاء.
  11. الطحاوي، جمال (2006) إدمان الشباب على المخدرات، الأسباب والآثار، أبحاث مؤتمر الشباب الجامعيين وآفة المخدرات، الأردن، جامعة الزرقاء الأهلية.
  12. الطنطاوي، رمضان عبد الحميد (1997) دور مناهج العلوم بمراحل التعليم العام بمصر في تحقيق مفهوم التربية الوقائية للطلاب، مجلة كلية التربية بالمنصورة، العدد 33، يناير ص ص 66-98.
  13. عبد اللطيف، رشاد أحمد (2008) الأساليب الوقائية لمواجهة مشكلة تعاطي المخدرات، منشورات مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
  14. العطوي، مفرح نجم (2010) دور المدرسة في وقاية الطلاب من تعاطي المخدرات من وجهة نظر مديري المدارس الثانوية (دراسة ميدانية على المدارس الثانوية الحكومية والأهليةذكورفي منطقة تبوك ومحافظة جدة) مجلة جامعة أم القرى، العدد الثالث ص ص 64-92.
  15. عكاشة، أحمد (2002) طلاب الجامعة الناجحين والراسبين الذين يستخدمون المخدرات، بين المدمنين في مصر ودول الخليج العربي، القاهرة، دار النيل للتوزيع.

البحث في Google:





عن أ.د/ مجدي محمد يونس

أستاذ أصول التربية بكلية التربية جامعة المنوفية مصر

2 تعليقات

  1. جيد جدا لكن ماذا نحتاج كاسلوب اقناع للشباب والشابات المحطمين نفسيا دون الذين لا يرغبون في الذهاب لمختص نفسي

  2. فكري المحمودي

    احسنتم النشر عن هذه الآفة العصرية، والتي قتلت شبابنا وشاباتنا في عمر الزهور، بسبب التكنولوجيا العصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *