مواقع علمية للأطفال

الوعي البيئي ومداخل تضمين القضايا البيئية في مناهج العلوم الطبيعية

تسعى المؤسسات التربوية والنظم التعليمية إلى بناء شخصية المتعلم بهدف تحقيق النمو الشامل المتكامل، الذي يمكن المتعلم من العمل والإسهام في بناء المجتمع، والوعي بحقوقه وواجباته، وتقدير البيئة والحفاظ عليها؛ لضمان استدامتها.

ومن أجل ذلك وضعت معايير للمناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية، تتناول القضايا المعاصرة التي تنبع من حاجات المجتمع والبيئة التي يتفاعل معها المتعلم، وظروف عصره وتحدياته، حيث يطرح الإطار الوطني لمعايير مناهج التعليم العام (2018م، ص20) رؤية معايير مناهج التعليم في “متعلم معتز بدينه ولغته، مسهم في تنمية وطنه، ذو شخصية بناءة ومعتدلة، ومبدع ومنتج”.

ووفق هذه الرؤية يتفاعل المنهج مع القضايا المعاصرة من خلال تضمين الأبعاد المشتركة (أولويات المنهج، والقيم، والمهارات)، واكسابها للمتعلم عبر الصفوف الدراسية، ومن أبرز تلك القيم، القيم البيئية، في ظل ما تتطلع له رؤية المملكة 2030 من تحقيق مجتمع حيوي (بيئته عامره)، وجاءت مواءمة الأهداف الاستراتيجية لوزارة التعليم مع محاور الرؤية 2030 في محور مجتمع حيوي: تحسين البيئية التعليمية المحفزة للإبداع والابتكار، وتطوير المناهج وأساليب التعليم والتقويم، وتعزيز القيم والمهارات للطلبة (الألمعي، 2017م، ص9).

والوعي هو الخطوة الأولى في تكوين الجوانب الوجدانية بما تتضمنه من الاتجاهات والقيم، ويمثل أول درجة من التصنيف الوجداني إلا أنه غالباً ما يكون مشبعاً بالجانب المعرفي، ويقصد به إدراك المتعلم لأشياء معينة في الموقف أو الظاهرة (شحاتة والنجار، 2003م، ص 339).

وترى رشا عبدالعال (2019م) أن الوعي يؤسس على جانب معرفي وجانب وجداني وجانب أدائي، والشخص الواعي هو الذي يعلم ويعرف، ويتقبل ويؤمن بما تقبله، كما يؤدي ما هو مؤمن به، وبالتالي فإنه لكي يوصف الشخص بأن لديه وعياً علمياً لا بد أن يكتمل لديه الجوانب الثلاثة وهي: المعرفي والمهاري والوجداني (ص 38).

وهذا يتسق مع المفهوم الواسع أو الحديث للمنهج الذي يهدف إلى تحقيق النمو الشامل المتكامل في شخصية المتعلم، والوعي البيئي يعرفه مجيد (2021م) بأنه: عملية عقلية يمارسها الإنسان في حياته اليومية، تتفاعل هذه العلمية مع الجوانب الشخصية والاجتماعية للإنسان وتهدف إلى التعامل مع البيئة بطريقة إيجابية (ص 226).

وتعرف إيمان الخفاف (2013م) الوعي البيئي بأنه: النشاطات العقلية التي تعمل على زيادة الإدراك والشعور بالإحساس بالمشاكل والقضايا البيئية بهدف المحافظة على البيئة، وانعكاس ذلك على ممارسات الفرد حول الاستهلاك اليومي ورمي الفضلات واستعمال الموارد (ص 36).

ويتكون الوعي البيئي من ثلاث مستويات رئيسة هي:

  • المستوى المعرفي: ويشمل المعارف والمفاهيم والمبادئ والخبرات السابقة المكتسبة.
  • المستوى الوجداني: ويتكون من أحاسيس ومشاعر واستعدادات الفرد، والاتجاهات والقيم.
  • المستوى السلوكي: وهو محصلة للبعدين السابقين، ويختص بالمعرفة الواعية، والإحساس العميق والسلوك الرشيد تجاه البيئة وقضاياها (الحربي، 2020م، ص 210).

مستويات الوعي البيئي

وترى رشا عبدالعال (2019م) أن الوعي يؤسس على جانب معرفي وجانب وجداني وجانب أدائي، والشخص الواعي هو الذي يعلم ويعرف، ويتقبل ويؤمن بما تقبله، كما يؤدي ما هو مؤمن به، وبالتالي فإنه لكي يوصف الشخص بأن لديه وعياً علمياً لا بد أن يكتمل لديه الجوانب الثلاثة وهي: المعرفي والمهاري والوجداني (38).

ووفق هذه الرؤية الشاملة للمعرفة الواعية؛ فإن للوعي البيئي أبعاد تأخذ أشكالاً متعددة كما يلي:

1.الوعي البيئي للمعرفي: مجموعة الحقائق، والمفاهيم، والتعميمات، والقوانين، والنظريات، المضمنة في كتب العلوم للمرحلة المتوسطة.

2.الوعي البيئي الوجداني: مجموعة المشاعر، والانفعالات، والاتجاهات، والميول، والقيم، وأوجه التقدير، المضمنة في كتب العلوم للمرحلة المتوسطة.

3.الوعي البيئي الأدائي: مجموعة المهارات، والعمليات، والممارسات السليمة، المضمنة في كتب العلوم للمرحلة المتوسطة.

ويرى سيبل Sibel المشار إليه في خلف (2021، ص 228) أن مكونات الوعي البيئي تتضمن ما يلي:

oالمعلومات البيئية: وهي معلومات عن المشاكل البيئية ووضع حلول لها، والتطورات البيئية والطبيعية بشكل عام.

oالمواقف تجاه البيئة: وتشمل جميع المواقف والآراء الإيجابية أو السلبية المتعلقة بالسلوك تجاه البيئية والأحكام القيمية.

oالسلوكيات المفيدة بيئياً: وتشمل السلوكيات الفعلية بغرض حماية البيئة.

وترى أيمان الخفاف (2013م، ص 114-115) أن الوعي البيئي يتكون من ثلاث حلقات منفصلة ومتداخلة في آن واحد هي:

1-التعليم البيئي: يشتمل على تقدير القيم والقدرة على التفكير إزاء المشكلات البيئية.

2-الثقافة البيئية: وهي كل ما يكتسبه المتعلم من معلومات ومهارات، واتجاهات، ومعتقدات، وقيم.

3-الإعلام البيئي: وهو أداة إذ أحسن استثمارها كان لها مردود إيجابي للرقي بالوعي البيئي.

مصادر الوعي البيئي

والتربية البيئية عملية متواصلة مدى الحياة، تبدأ في المرحلة ما قبل المدرسة وتستمر في جميع المراحل الدراسية، ويتطلب ذلك الأخذ بمنهج جامع بين فروع المعرفة يستعين بالمضمون الخاص لكل فرع منها لتيسير التوصل إلى نظرة شمولية متوازية (البيات، 2015م، ص19).

وقد أورد مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية مخطط لتحقيق الوعي البيئي (خنفر وخنفر، 2016م، ص147)، كما هو موضح في الشكل الآتي:

مخطط تحقيق الوعي البيئي

ويقع على عاتق واضعي المناهج الدراسية تضمين القضايا البيئية بجميع أبعادها بشكل تكامل حقيقي يزيل ما بين المعارف البيئية من حواجز مصطنعة (الطائي وعلي، 2010م، ص152).

ولقد ظهرت عدة مداخل للتعليم البيئي تستهدف تنمية الوعي البيئي، حيث أشار كل من بني فارس (2011م، ص 57)، والخفاف (2013م، ص 135-137)، وعبدالحي (2014م، ص187) إلى أبرز هذه المداخل:

مدخل الاندماج المتكامل (متعدد الفروع): حيث يتم إدماج موضوعات بيئية معينة في بعض المناهج الدراسية وربطها بقضايا بيئية مناسبة، بحيث يتحقق التكامل بين التعليم البيئي وبين المواد الدراسية المختلفة.

يعد هذا المدخل الأكثر تلاؤما للمرحلة الابتدائية من حيث تقديمها عن طريق التكامل والاندماج.

مدخل الوحدات الدراسية: حيث يتم إدخال وحدة أو فصل عن البيئة في إحدى المواد الدراسية كوحدة قائمة على المادة الدراسية أو على مبدأ الخبرة، وتدرس في فترة زمنية محددة بجميع أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية.

يتمثل في هذا المدخل توجيه المادة الدراسية أو الوحدات الدراسية بأكمله توجيهاً بيئياً.

المدخل المستقل (المدخل الأحادي): يعتمد هذا المدخل على تدريس التربية البيئية كمنهج دراسي مستقل شأنه شأن أي مادة دراسية أخرى، ويشتمل على ثلاث جوانب رئيسة هي: التعليم عن البيئة، والتعليم من البيئة، والتعليم من أجل البيئة.

يتسم هذا المدخل بالنظرة الكلية الشمولية، ويتناسب مع مراحل التعليم المتقدمة.

مدخل المشروعات: والمشروع هو مجموعة أنشطة هادفة يقوم بها المتعلم، يكتسب من خلالها معلومات ومهارات واتجاهات وقيم وقدرة على التخطيط.

ويشير صبري (2016م، ص 18) إلى أن المدخل البيئي: يسعى لربط عمليات التعليم والتعلم بالبيئة، وما تشمله من محيطاتها الثلاث (الحيوي والتكنولوجي والاجتماعي) عن طريق الدخول لتدريس موضوعات مناهج التعليم من منظور بيئي.

وقد ارتبط المدخل البيئي في بداياته بمناهج العلوم لأنها أكثر المناهج ملاءمة – من حيث طبيعتها وموضوعاتها – لهذا المدخل، حيث يمكن تضمين محتوى تلك المناهج العديد من المفاهيم والقضايا والمشكلات البيئية.

لكن المدخل البيئي لم يتوقف عند حد مناهج العلوم، بل تجاوزها ليربط بينها وبين المناهج الدراسية الأخرى: كالرياضيات، والدراسات الاجتماعية، واللغات، والصحة، وغيرها.

وقد وضع مؤتمر تبليسي 2004م، المبادئ الضرورية لتوجيه المناهج على النحو الآتي:

–        أخذ التربية البيئية بأسلوب تكامل فروع المعرفة.

–        جعل التربية البيئية عملية مستمرة مدى الحياة.

–        الاهتمام بدراسة البيئة في مجموعها الطبيعي، والمشيد، والتقني، والاجتماعي.

–        بحث القضايا البيئية الرئيسة من وجهات النظر المحلية، والوطنية، والإقليمية، والدولية.

–        التركيز على المشكلات البيئية الحالية والمحتملة.

–        الاهتمام بتنمية الحساسية البيئية والمعرفة والقيم ومهارات حل المشكلات البيئية (الطائي وعلي، 2010م، ص 119-120).

وقد أوصت العديد من المؤتمرات البيئية والدراسات والبحوث ذات العلاقة بتضمين موضوعات القضايا البيئية، بنشر الوعي البيئي وزيادة تضمينه في مناهج العلوم، حيث عقد في الرياض المؤتمر العالمي الكشفية وحماية البيئة (2019م)، قدمت فيه 33 ورقة علمية تتناول قضايا البيئة ونشر الوعي البيئي، وكيفية زيادة الوعي البيئي من خلال المناشط اللاصفية للمتعلمين، وجاء الإعلان مؤخراً عن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي أعلن عنها سمو ولى العهد في 14 شعبان 1442 ه الموافق 27 مارس 2021 م (واس، 2021م)، وعقدت القمة الأولى لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في 25-أكتوبر-2021م التي استضافتها مدينة الرياض، بغية توحيد الجهود وتعزيز التعاون بين المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي، لمواجهة تحديات التغير المناخي، وتشكيل أول تحالف لمكافحة الظاهرة في الشرق الأوسط، ودعم جهود المجتمع الدولي في هذا المجال، وقد أوصت الكثير من الدراسات والأبحاث التي تناولت تحليل كتب العلوم في ضوء متطلبات التوعية البيئية بضرورة تضمين القضايا البيئية في مناهج العلوم، حيث أوصت دراسة مجيد (2021م) بتطوير المناهج الدراسية بأن يتم تضمين موضوعات التعامل مع البيئة في متطلبات المناهج الدراسية، وتحسين محتوى الكتاب بالمعارف والاتجاهات البيئية، وادخال مادة التربية البيئية في المناهج الدراسية أو ضمن كتب العلوم، وتوصى دراسة الأحمري (2009م) إلى إعادة النظر في محتوى مناهج العلوم بالصفوف العليا من المرحلة الابتدائية، وتزويدها بالمعلومات والمعارف والأنشطة المساعدة في توسيع مدارك الطلاب وزيادة وعيهم بالقضايا البيئية المعاصرة.

وقد أوصت دراســة الروقي (2022م، ص62) التي تناولت تحليل كتب العلوم في المرحلة المتوسطة في ضوء أبعاد الوعي البيئي، إلى الآتي:

1)      تضمين وحدات دراسية موجهه بيئياً تشمل جميع أبعاد الوعي البيئي المختلفة.

2)      الاتزان في توزيع جونب وأبعاد الوعي البيئي المختلفة في كتب العلوم للمرحلة المتوسطة.

3)      زيادة تضمين القضايا والمشكلات البيئية المحلية كالتصحر، والاحتطاب والرعي الجائر.

4)      زيادة تضمين موضوعات ترشيد الاستهلاك للموارد غير المتجددة.

5)      إيجاد نسبة من الاتساق والاستمرارية في نسب تضمين كتب العلوم للقضايا البيئية المختلفة.

 

المراجع والمصادر:

الأحمري، سعد عبدالله. (2009م). دور مناهج العلوم في تنمية الوعي بالقضايا البيئية المعاصرة لدى طلاب المرحلة الإبتدائية في ضوء المستويات المعيارية. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الملك خالد‘ المملكة العربية السعودية.

الألمعي، علي عبده. (2017م). دور التعليم في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030. مكتب تحقيق الرؤية: وزارة التعليم.

البيات، صبحي عزيز. (2015م). التربية البيئية. عمّان: دار أمجد للنشر والتوزيع.

الحربي، هند شليل. (2020م). أثر تدريس علم البيئة في تنمية الوعي البيئي لدى طالبات المرحلة الثانوية. مجلة كلية التربية، 20 (3)، 189-250.

الخفاف، إيمان عباس. (2013م). التعليم البيئي في رياض الأطفال. عمّان: دار المناهج للنشر والتوزيع.

خلف، أمل السيد. (2021م). استخدام استراتيجية التخيل الموجه في تنمية الوعي البيئي لدى طفل الروضة في ضوء الاستدامة البيئية. مجلة الطفولة والتربية، 13 (46)، 195-267.

خنفر، أسماء راضي وخنفر، عائد راضي. (2016م). التربية البيئية والوعي البيئي. عمّان: دار الحامد للنشر والتوزيع.

الروقي، عبدالعزيز عوض. (2022م). تحليل كتب العلوم في المرحلة المتوسطة في ضوء أبعاد الوعي البيئي. كتاب المؤتمر: المؤتمر الدولي الثاني المحكم لكلية العلوم التربويـة في جامعة إربد: التعلم والتعليم والتطلع نحو المستقبل (المتطلبات، الفرص، التحديات). من 31/ 05/ 2022م إلى  02/ 06/ 2022م، الأردن: أربد.

صبري، ماهر إسماعيل. (2016م). المدخل البيئي في التعليم. بنها: رابطة التربويين العرب.

الطائي، إياد عاشور وعلي، محسن عبد. (2010م). التربية البيئية. طرابلس: المؤسسة الحديثة للكتاب.

عبدالحي، رمزي أحمد. (2014م). التربية البيئية في ظل الألفية الثالثة. عمّان: الوراق للنشر والتوزيع.

عبدالعال، رشا محمود. (2019م). منهج مقترح في العلوم قائم على التفكير التصميمي لتنمية الوعي الصحي والمهارات الحياتية لدى دراسي ما بعد محو الأمية. مجلة كلية التربية في العلوم التربوية. 43 (1)، 14-108.

مجيد، حيدر علاء. (2021م). التوعية الصحية والبيئية في كتاب العلوم للمرحلة المتوسطة. مجلة الدراسات المستدامة، 3 (1)، 222-235.

المؤتمر العالمي الكشفية وحماية البيئية، (2019م). كتاب المؤتمر: البحوث وأوراق العمل والتجارب. المجلد الأول، تنظيم جمعية الكشافة العربية السعودية، الرياض 7-8/6/1440هــ – 12-13/2/2019م.

هيئة تقويم التعليم والتدريب. (2018م). الإطار الوطني لمعايير مناهج التعليم العام. المملكة العربية السعودية: الرياض.

واس وكالة الأنباء السعودية، (2021م). سمو ولي العهد يعلن عن مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر. مسترجع بتاريخ: 23/10/1446هــ من:

https://www.spa.gov.sa/2208368

 

البحث في Google:





عن عبد العزيز عوض العتيبي

حاصل على بكالوريوس علم الأحياء مع إعداد تربوي من كلية المعلمين بالطائف، ودبلوم عالي في القياس والتقويم من جامعة شقراء، ودرجة الماجستير في المناهج وطرق التدريس من جامعة الإمام محمــد بن سعود الإسلامية، وباحث دكتوراه في المناهج وطرق التدريس من كلية التربية بجامعة الإمام محمـــد بن سعود الإسلامية، مدرب في استراتيجيات وطرق تدريس العلوم. المملكة العربية السعودية

شاهد أيضاً

تنميّة الاستعداد اللغويّ لدى طفل الروضة وما قبلها

الأطراف المسؤولة عن تنمية إبداع طفل الروضة

إن مجتمعنا – كسائر المجتمعات الآخرى- له خصائصه التى تميزه وله من الإمكانات المادية والبشرية …

اترك تعليقاً

اكتشاف المزيد من تعليم جديد

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading