التطوير المهني للمعلم

الإنماء المهني للمعلم في ظل جائحة كورونا

لقد شهد العالم الحالي في ظل جائحة كورونا المستجد (Covid19) تطوراً ملموساً وهائلاً في مجالات المعرفة، وأضحت التنمية المهنية المستدامة تمثل الشريان الحيوي في داخل المؤسسات التعليمية والتربوية والتي تهدف من خلال ذلك إلى صقل المعلمين بالمعارف والمهارات والاتجاهات؛ وذلك من أجل رفع الكفاءة المهنية والتطوير المهني المستمر وزيادة إنتاجيتهم وإسهامهم في تأدية واجبهم المهني(العامري،2008). ومن أجل ذلك قامت حكومتنا الرشيدة متمثلة في وزارة التعليم برفع كفاءة المعلم وتدريبه بصفة مستمرة والانسجام مع المتغيرات المستجدة في ظل هذه الجائحة، من منطلق التطوير المستمر في منظومة مدرستي لمواكبة التطورات الحديثة لكونهم أحد المحاور الرئيسية في دفع عجلة التعليم.

والناظر في الوقت الراهن لحال التعليم يرى ازدياد الحاجة إلى التطوير المهني مع ازدياد التحديات وتنوعها في الميدان التربوي، والتي تتطلب من المعنيين بهذا المجال سواء معلمين أو مديري مدارس أو مشرفين تربويين العمل على تهيئة البيئة التعليمية التعلمية المناسبة للطلاب(السحيباني،2018). وحكومتنا الرشيدة التي لا يعلوها جهد في ذلك قد قامت وما زالت بالإسهام الفعال في دعم العملية التعليمية في ظل جائحة كورونا المستجد وشهد لها الداني والقاصي بذلك.

فالتطوير المهني هو مصدر لمساعدة المعلمين، وعملية مستمرة مدى الحياة، وكذلك أداة لتطبيق خطط التطوير التي تؤثر بدرجة عالية على ما يؤديه المعلم في الصف الدراسي، والذي بدوره يؤثر بدرجة قوية على تحصيل الطلاب علمياً ومعرفياً (زيدان وآخرون، 2018). ومن ناحية أخرى، وفي إطار مطالبة كثير من التربويين بأن يكون الطلاب متعلمين طوال الحياة، فإن المعلمين ومديري المدارس والمشرفين التربويين مطلوب منهم أن يكونوا متعلمين طوال حياتهم المهنية؛ لكونهم الميسرين لتعلم الطلاب والمساعدين لهم في اكتساب الخبرات التعلمية (السليمي،2009).

فالتنمية المهنية عملية مستمرة ومتواصلة لا تقف عند حد معين، ومطلب أساسي لتحقيق الجودة بالمؤسسات التربوية، والاستجابة لمتطلبات ثورة تقنية المعلومات والتعليم عن بعد، وتؤكد جميع الدراسات الميدانية الحديثة في الدول النامية أن الهدف الأساسي من برامج الإنماء المهني للمعلم هو إتاحة الفرص للمعلمين لتطوير مسارهم المهني في مختلف الجوانب أهمها الجانب العملي؛ حيث لم يعد المعلم مجرد ناقل للمعرفة والخبرات فقط، بل له دور كبير وأصبح هو القائم على التوجيه والتحفيز لتعلم مهارات التعليم العليا والتفكير الناقد والإبداع وجميع المهارات التي تسهم في تعليم النشء مهارات التعليم للقرن الحالي (حبيب، 2012).

ونقصد بالإنماء المهني للمعلم: “الجهود المخططة الرامية إلى تدريب المعلم من أجل تحسين مستوى أدائه، وزيادة نموه في الجوانب المعرفية المهارية؛ ليتمكن من تطوير قدراته المهنية، والقيام بما هو منوط به من أدوار متجددة ومتغيرة، ومواكبة التغيرات والمستجدات المتلاحقة ليصبح منتجًا للمعرفة، وفق الاتجاهات التربوية الحديثة ومتطلبات مجتمع المعرفة” (سويلم، 2019، ص.12-13).

فالهدف من الإنماء المهني للمعلم هو وقوف المعلم على الجديد والحديث من طرق التدريس والوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم وكيفية تطبيق تلك الطرق في المدارس ومعرفة الجديد من وسائل التقويم والأساليب الحديثة في الاختبارات الشفهية والتحريرية، وربط المعلم ببيئته ومجتمعه المحلي والعالمي وتدريبه على مهارات التخطيط لتوثيق الصلة بين الطلاب وبين بيئتهم المحلية ومهارات تنفيذ وتقويم هذه الخطط (سويلم، 2019).

وأهم المراكز التي تهتم بالنمو المهني للمعلم في المملكة العربية السعودية هو المركز الوطني للتطوير المهني التعليمي، حيث يعد بيت الخبرة المميز في الارتقاء بأداء المعلم في القطاع التعليمي، فمن أهم أدوار المركز: ضبط جودة التطوير المهني في قطاع التعليم، وإجراء البحوث والدراسات العلمية ذات العلاقة بالتطوير المهني، وتقديم الاستشارات الفنية المباشرة، وتقديم البرامج مثل برنامج ساعة البرمجة، برنامج التطوير المهني القائم على بحث الدرس، وكذلك برنامج خبرات (المركز الوطني للتطوير المهني التعليمي، 2018).

لقد حظيت برامج الإنماء المهني والتنمية المهنية للمعلم في ظل جائحة كورونا المستجد باهتمام كبير في الميدان التربوي، فقد انطلقت فكرة برنامج التدريب الصيفي للتطوير المهني للمعلم من أجل مواكبة رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والاستثمار الأمثل لأوقات شاغلي الوظائف التعليمية خلال الإجازة الصيفية (التدريب الصيفي، 2020). وفي ظل جائحة كورونا تم الاستمرار في التدريب عن بعد  تحت مسمى التدريب الصيفي عن بعد2020، وذلك للاستفادة من برامج التدريب عن بُعد والتي يقدمها معهد التطوير المهني ومركز التدريب وفق تعليمات وزير التعليم، فقد كان التسجيل في المرحلة الأولى من انطلاق البرنامج في الفترة من بين 27/7 إلى 9/8 1441هـ 48234 مسجل، وفي المرحلة الثانية ما بين 12/8إلى 23/81441هـ تضاعف العدد إلى 98359 مسجل، فكان الهدف من البرنامج استدامة عمليات التطوير المهني التعليمي لشاغلي وشاغلات الوظائف التعليمية، وزيادة دافعيتهم في تحديث وتجويد مهاراتهم ومواكبة التوجهات العالمية نحو التدريب الإلكتروني، وعدم التقيد بالزمان والمكان (وزارة التعليم، 1441).

وعلى ضوء ذلك يتضح اهتمام وزارة التعليم ببرامج التطوير المهني للمعلم، لذا ينبغي أن تتضمن برامج التطوير المهني خطة عملية جيدة تحاول أن تحقق جميع وظائف التطوير المهني المتمثلة في تحقيق أهداف الوزارة وإدارة التعليم والمدرسة؛ وتطوير التدريس وتحسينه؛ وإتاحة النمو المهني؛ ومعالجة الأداء غير المرضى من المعلمين وغيرهم من منسوبي المدرسة (Joyce،1991).

ويذكر Samuel (2009) في دراسته أن الغالبية العظمى من المعلمين يفتقرون للكفاءات الأساسية في مجال التكنولوجيا، وأكدت الدراسة على حاجتهم للتنمية المهنية الواسعة في عدة مهارات من أهمها مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي دراسة لـ Evans (1993) أشار إلى أن أداء المعلم يفتح الباب للنقاش حول جوهر ما يفترض أن يحدث في الصفوف الدراسية وتقوم هذه الاستراتيجية على عدد من الفرضيات العلمية والتربوية المرتبطة بالمعلم وعملية التعلم والتطوير المهني ويعد تجويد التعلم النتيجة النهائية لنشاطات التطوير المهني فكلما فهم المعلم حقيقة عمل الطلاب كلما كان ذلك أفضل في تطوير أدائه، لذا يختلف هذا النوع من التطوير المهني عن ذلك الذي يركز على تطوير الممارسات التدريسية بصورة مباشرة. كما هدفت دراسة Hong (2010) إلى تنمية المعلمين مهنياً في سياق المناهج الوطنية في الصين، وتوصلت الدراسة إلى أن المناهج الحالية في الصين لها تأثير في تنمية المعلمين مهنياً، واقترحت الدراسة إجراء المزيد من البحوث الخاصة بتطوير مناهج مستدامة للمعلمين وتحديد معايير خاصة بتنميتهم مهنياً.

وبذلك تتضح أهمية الإنماء المهني والتنمية المهنية للمعلم والارتقاء ببرامج التطوير المهني في ضوء التنمية المهنية المستدامة لمواجهة التطورات والتغيرات المتسارعة في الميدان التربوي في ظل الوضع الراهن والذي يطغى عليه التعليم عن بعد. وتوفير الفرص لتطوير مهنيته بصورة عالية تؤدي بدورها إلى تعلم راق لدى الطلاب، والاطلاع على المواقع الخاصة بالعملية التربوية والتعليمية عبر المنصة التعليمية فتعم الفائدة على جميع المعلمين.

 

 


المراجع

المصادر العربية:

  • التدريب الصيفي. (2020). فكرة المشروع. https://cutt.us/Tdmjy
  • حبيب، فاضل. (2012). التنمية المهنية للمعلمين، صحيفة الوسط البحرينية، (3585).
  • زيدان، السيد محمد سالم، مرجان، رانيا قدري أحمد، جورج، جورجيت دميان، القصبي، راشد صبري. (2018). التطوير المهني للمعلمين نحو استخدام المستحدثات التكنولوجية في ضوء الاتجاهات المعاصرة. مجلة كلية التربية، (24)، 411-456.
  • السحيباني، إيمان بنت عبد العزيز. (2018). تقويم برامج إعداد المعلم في المملكة العربية السعودية في ضوء المعايير العالمية للمسؤولية المهنية. دراسات في المناهج وطرق التدريس. (239). 87-123.
  • السليمي، يحي بن سعود. (2009، مارس). الإنماء المهني للمعلم. رسالة التربية، (23)،2.
  • سويلم، محمد محمد غنيم. (2019). الإنماء المهني للمعلم في ضوء متطلبات مجتمع المعرفة: “رؤية مقترحة”. مجلة علمية ربع سنوية محكمة،27(2)،1-56.
  • العامري، محمد. (2008). التطوير المهني داخل المدرسة من المركزية إلى اللامركزية، مكتبة العبيكان.
  • المركز الوطني للتطوير المهني. (2018). أدوار ومسئوليات ومهام المركز. https://cutt.us/CmoCA
  • وزارة التعليم. (1441). المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي يطلق منصة للدريب عن بُعد وشراكات مع جامعات المملكة. https://cutt.us/N4Tl5

المراجع الأجنبية:

  • Evans, C. S. (1993).When teachers look at student work. Educational ‎Leadership, 50 (5), 7 1-72.‎
  • Hong, Z. (2010), Curriculum Reform and Professional Development: A case Study on Chinese Teacher Educators, professional Development in Education Journal, Vol.36, no1 Rutledge Publisher, UK.
  • Joyce, B. (1991). The doors to school improvement. Educational Leadership, ‎‎48 (8), ‎ ‎59- 62.‎
  • Samuel EO. Aduuwa -Ogiegbaen, (2009). Nigerian In-service Teachers’ Self-Assessment in Core Technology Competences and Their Professional Development Needs in ICT.

البحث في Google:





عن غالية الحارثي

رائدة نشاط، المملكة العربية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *