التطوير المهني للمعلم

التطوير المهني للمعلمين في استخدام استراتيجية التعلم الذاتي على منصات التعليم الإلكتروني

يواجه التعليم في العالم تحديات كبيرة لضمان استمراره في ظل جائحة كورونا، حيث اتخذ العالم قرار استمرار التعليم إلكترونيًا، ونجاحه لا يتوقف فقط على النوعية والأدوات المستخدمة والخدمات المقدمة إلكترونيًا للمتعلم، بقدر ما يتوقف على الاستراتيجية المستخدمة في تقديم المحتوى التعلمي. هناك العديد من الاستراتيجيات المناسبة للتعليم الإلكتروني منها استراتيجية التعلم الذاتي. ومن هنا نطرح موضوع هذا المقال وهو: التطوير المهني للمعلمين في استخدام استراتيجية التعلم الذاتي على منصات التعليم الإلكتروني. وسوف يتم تناوله من خلال ثلاثة محاور وهي: مفهوم استراتيجية التعلم الذاتي في منصات التعليم الإلكتروني. المحور الثاني: الأدوار اللازمة على المعلمين عند استخدام استراتيجية التعلم الذاتي في التعليم الإلكتروني وفق نظريات التعلم. المحور الثالث: الأدوات التقنية اللازمة للمعلمين عند استخدام استراتيجية التعلم الذاتي في المنصات التعليم الإلكتروني.

المفاهيم العلمية:

لقد تنوعت المفاهيم العلمية لجميع مصطلحات هذا المقال، فمصطلح التطوير المهني تناولته العديد من الدراسات والأبحاث على أنه “مجموعة من الأفراد يعملون معًا وفق رؤية مشتركة، ويبحثون في مشكلات مهنية محددة تواجههم، ويتشاركون بما توصلوا إليه مع الأفراد الآخرين، وبذلك يسهموا في تنمية معارفهم ووعيهم”(حافظ،2017. ص. 66). أما استراتيجية التعلم الذاتي فهي:” خطة منظمة تتكون من مجموعة محددة من الأنشطة والإجراءات مرتبة في تسلسل معين لتحقيق أهداف معينة في فترة زمنية محددة يستخدمها المعلم لتنظيم المحتوى وتتابع عرضه” (شحاته، 2009 كما ورد في العييد والشايع،2020، ص. 121).

المحور الأول: مفهوم استراتيجية التعلم الذاتي في منصات التعليم الإلكتروني

إن الانفجار المعرفي والتكنولوجي يتسارعان في النمو المهني والتطور، ويظهر ذلك في المناهج والمقررات الدراسية، وفي التصورات والفلسفة والأهداف والقيم، ولقد أظهرت الكثير من الدراسات أن استراتيجية التعلم الذاتي في منصات التعليم الإلكتروني تساعد المتعلم على مواجهة هذه التغيرات بكفاءة وفق قدراته واستعداداته وميوله وتحمله للمسؤولية، حيث يتمكن من خلالها تعليم نفسه بنفسه واكتساب المعلومات والمهارات وتنمية الذوق الفني وطرق التفكير الإبداعي ومهارات التفكير العليا، وتكوين القيم والاتجاهات من خلال إكسابه مهارات الدمج بين الوصول للمعلومات واستخدام الأدوات التقنية، مما يجعل المتعلم منتجًا ممارسًا لمستجدات العصر موظِفًا ما مارسه توظيفَا إيجابيًا في حياته ( العييد والشايع، 2020).

المحور الثاني: الأدوار اللازمة من المعلمين عند استخدام استراتيجية التعلم الذاتي في التعليم الإلكتروني وفق نظريات التعلم

إن كل تطبيق تقني أو استراتيجية تعليمية تندرج تحت نظرية من نظريات التعلم، يتحدد فيها دور المعلم اتجاه المتعلم، واستراتيجية التعلم الذاتي تندرج تحت النظرية المعرفية. حيث اتفق برونر وبياجيه أن دور المعلم مع هذه الاستراتيجية يجب أن يوجه في تصميم وتنفيذ الأنشطة التعلمية التعليمية التي تساهم في البناء المعرفي للمتعلمين، من خلال إكسابهم المهارات المعرفية الجديدة عن طريق ممارسة التعلم الذاتي لعملية التعلم، والمبادرة لحل الواجبات والأنشطة بمفردهم، وعلى المعلم أن يحول المحتوى التعليمي من المفاهيم الأكثر شمولية إلى المفاهيم الأكثر دقة ليحدث البناء المعرفي (العتوم وآخرون ،2017).

كما يرى برونر أنه لابد أن يكون دور المعلم موجها نحو الحدس والتخمين واختيار البدائل والفرضيات واختبارها والتشجيع على اعتماد الصور البصرية واللغوية لتسريع عملية التعلم ذاتيًا (أبو جادو،2017). وينحصر دور المعلم عند أوزبل كما ذكره العتوم وآخرون (2017) في تحديد أهداف المادة التعليمية وتقديم الخبرات بتسلسل من خلال الاستكشاف، مع النظر في ملاحظات المتعلمين لتحسين التقويم البنائي والنهائي والتغذية الراجعة، وعندما طور أوزبل النظرية وجد أن استخدام الأجهزة الإلكترونية والأدوات التقنية تسهل عملية التعلم.

المحور الثالث: الأدوات التقنية اللازمة للمعلمين عند استخدام استراتيجية التعلم الذاتي في المنصات التعليم الإلكتروني

هناك مجموعة من الأدوات التقنية يستطيع المعلمون استخدامها عند تطبيق التعلم الذاتي في المنصات الإلكترونية، منها ما ذكره القرة غولي (2019) من خلال تقديم المحتوى التعليمي بكل فرصة متوفرة في منصات التعليم الإلكتروني كتقديم فيديو تفاعلي أو قنوات صوتية أو عروض تقديمية أو خرائط ذهنية إلكترونية وأدوات التقويم الذاتي والفصول الافتراضية والروابط الإلكترونية ذات الصلة بالمادة العلمية. وأضاف مجاهد (2020) أن هناك مجموعة أخرى من الأدوات التقنية كرفع الملفات وإرسالها إلى المتعلمين، وتكوين مجموعات نقاش حول موضوعات محددة للتعلم الذاتي، وتسجيل المحاضرات بالصوت والصورة، واستخدام مكبر الصوت للمعلمين والمتعلمين، واستخدام خاصية المشاركة في المحتوى التعلمي من المتعلمين والمعلمين، إضافة إلى استخدام أدوات التفاعل الموجودة على شريط الأدوات في الفصل الافتراضي، وأدوات التحفيز الموجودة في المنصة ونظام الدردشة، وأيضا تدوين الملاحظات، ومشاركة التطبيقات، بالإضافة إلى استخدام العروض التقديمية لعرض المحتوى التعليمي ويفضل الباحث أن تشمل العروض التقديمية على الرسوم البيانية، والنصوص العلمية، وعلامات التحذير والتحفيز، وعلى صور ثابته ومتحركة.

يتضح لنا إذن أن استراتيجية التعلم الذاتي مهمة في المنصات الإلكترونية؛ لأنها تصقل شخصية المتعلم وتشجعه على البحث عن المعلومات بنفسه، وبذلك يكتسب مهارات دون الاعتماد على المعلم، وهذا الأمر يجعله قادرًا على تحقيق أهدافه، وتوظيفها في حياته الخاصة ومهنته المستقبلية (مجاهد،2020). ويتضح لنا أيضا أن دور المعلم في استخدام استراتيجية التعلم الذاتي وفق النظرية المعرفية ومن خلال منصات التعليم الإلكتروني، يبدأ من حصر قدرات المتعلمين، ليسهل إحداث التعلم معهم وفق أدواره. ومعرفة المعلم بالأدوات التقنية تساعده في استخدام استراتيجية التعلم الذاتي داخل منصات التعليم الإلكترونية بنجاح، وتمكنه من تطوير نفسه إذا تم استحداث أدوات تقنية أخرى يفرضها العصر الراهن.

 


المراجع:

أبو جادو، صالح محمد (2017). علم النفس التربوي. (ط.13). دار الميسرة للتوزيع والنشر.

حافظ، أمل الشحات. (2017). فعالية برنامج تدريبي قائم على مهارات التعلم مدى الحياة في تحسين الأداءات التدريسية لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الثانوية وتقدير مجتمع التعلم المهني لهم وأثره على تحصيل طلابهم ومهارات التعلم مدى الحياة لديهم. مجلة تربويات رياضيات، 20(9). 107- 59. 

العتوم، يوسف والجراح، ذياب والحموري، فراس. (2017). نظريات التعلم. (ط.2). دار المسيرة للنشر والتوزيع.

العييد، أفنان عبد الرحمن؛ الشايع، حصة محمد. (2020).  تكنولوجيا التعليم الأسس والتطبيقات. (ط. 3). مكتبة الرشد للنشر والتوزيع.

القرة غولي، صفا عبدالرضا. (2019) واقع استخدام التعليم الإلكتروني لتطوير التعليم والتعلم في المدارس الثانوية من وجهة نظر المدرسين والمدرسات. مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع، المجلد (46)، 339-327.

مجاهد، فايزة أحمد. (2020). التعليم الإلكتروني في زمن كورونا: المآل والآمال. المجلة الدولية لآفاق المستقبل،3(4)، 335-3-5.

البحث في Google:





عن أريج محمد القايدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *