المنطق منذ أرسطو حتى العصر الحديث وأثره في التَّطور العلمي والمعرفي

 مقدمة  

لا يوجد اتفاقٌ شامل وتعريفٌ دقيق لمفهومِ المنطق، لكنه يَشمل  الحجج والبراهين والاستدلال،  والمنطق، هو علم  يَبحث في أسسِ وقواعدِ التفكير الصحيح .عرَّفه  الجرجاني(1983) فقال : “المنطق آلة قانونية تَعصم مراعاتها الذُّهنَ عن  الخطأ في الفكر”.اشْتقت كلمة منطق ، من كلمة لوجوس اليونانية، Logos، Logic الإنجليزية و Logique  ومن الفرنسية. و معنى لوجس في اليونانية: الكلمة، الفكر،العقل،القانون البرهان (سالم، 1983).

و يرتبط تاريخيًا علم المنطق بأرسطو الفيلسوف الإغريقي فهو أول من دَوَّن علم المنطق، ووضع قواعده ونُظمه، أما كلمة منطق، فقد وردت في عصر شيشرون الذي ولد  عام (106ق.م)، بمعنى الجدل، ويعتبر شيشرون الجسر بين الفلسفة اليونانية والغرب، من خلال شرحه وتحليله لنظرية الرواقيين في القانون الطبيعي. وبقيت بهذا المعنى إلى أن استعملها الإسكندر الأفروديسي (200م)بمعنى المنطق، والافرودوسي من أكبر شراح أرسطو (الشهرساتني ،1993).

و ساهمَ  الانْفجار المعرفي، في القرن السَّابع عشر  بواسطة غاليلي (1564-1642) وديكارت (1596-1650) في تطور الأفكار والنَّظريات وأصبحت معرفة الطبيعة تَعتمد على المُلاحظة والقياس، وليس على الجدل  الفكري والأدوات اللغوية.

تَدخل كلمة منطق في كل العلوم، لأن المنطق أساس وعلم كل العلوم مثل السوسيولوجيا أي (المنطق الذي يبحث في ظواهر المجتمع ومركباته) والبيولوجيا وغيرها، .و لهذا فكل علم  يَعتمد على منطق يَتماشَى مع مُركباتِه ومُميزاته ووظائفه.

دُرِّس المنطق منذ العصور القديمة في الفلسفة منذ العصور الوسطى: دُرس في العلوم والرياضيات وفي العصر الحديث دُرِس في علم النفس واللغويات والحاسوب.

و سنستعرض في هذا المقال آراء عدة فلاسفة  عَرَّفوا المَنطق وانْشغلوا به منذ أرسطو حتى بيرتنارد راسل وجون بول، الذين كانَ لهما أثر في الثورة التَّقنية وبناء الحاسوب.

أرسطو  والمنطق

عرف أرسطو المنطق بأنه ” آلة العلم “، أما الموضوع الأساسي والحقيقي لهذه الآلة فهو العلم نفسه، واستنادا لهذا التعريف فإن قواعد العلم عند أرسطو تشكل وتعتبر مقدمة للعلوم أو آلة “أرغانون  Organon  للعلوم “. لم يستعمل أرسطو  كلمة منطق، ولم يشتهر في عصره  وسَمى ما أنتجه  بالعلم التحليلي، فاستخدم كلمة التحليلات Analytiques أي تحليل  الفكر إلى استدلالات، والاستدلال إلى أقيسة والقياس إلى عبارات وحدود.

وأشار كُتاب اليونان المتأخرون إلى أن المشائين، أتباع أرسطو،هم الذين وضعوا كلمة منطق وليس أرسطو، فاستعملوا

Logike الكلمة اليونانية، التي شَملت الدراسات المنهجية العقلية، وقد انتشرت في كتاباتهم  التعابيرالآتية: المنطق، العلم المنطقي  والفن المنطقي، أمثال شيشرون و الإسكندر الأفروديسي وجالينوس (بدوي ،2010).

وقدم أرسطو المفهوم على أن “العلم نظام استدلالي”،  حيث يقول أرسطو أن  الفرضية الأساسية للعلم هي الحقيقة، ومعرفة هذه الحقيقة تعتمد على الخبرة، وهذه الخبرة تعتمد على العقل الذي أدرك الحقيقة بواسطة الحواس. فمعرفة  الأمر من خلال الحواس يسهم في توضيح أُسسه ومميزاته للعقل بصورة مجردة  فيما بعد. وهذا المفهوم الأرسطي للعلم، القائل بأن العلم نظام استدلالي يعتمد على بديهيات مسلم بها، كان له أثرٌ في العلوم وتطورها .

و يرتكز علم  المنطق عند  أرسطو على قوانين ثلاثة للتفكير الصحيح، يرى أرسطو أن هذه القوانين  بديهية وواضحة، وليست بحاجة إلى برهان وأدلة  وصدقها ضروري في كل زمان ومكان، فهي  تتفق مع بداهة العقل السليم، لذلك  لا تخضع للتَّغيير أو التبديل أو التنقيح مهما تغيرت المعرفة الإنسانية، وهذه القوانين هي:
الدراسة كاملة من هنا

البحث في Google:





عن عطاف مناع صغير

مرشدة ومحاضرة في قسم التربية في الكلية العربية لإعداد المعلمين في حيفا، منذ سنة 1997 وحتّى الآن ، كما عملت في كليتي غرناطة (كفر كنا ) وكلية سخنين لإعداد المعلمين في السَّنوات ( 2004- 2006 ) بالإضافة لعملها في الكلية في حيفا. طالبة دكتوراه في علم النفس التربوي والتفكير. صدر لها العديد من المقالات في الإدارة التربوية والفلسفة باللغة العربية و اللغة العبرية. صدر لها العديد من الدواوين الشعرية. - فلسطين -

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *