تكنولوجيا التعليم

مفهوم تكنولوجيا التعليم

مقدمة:

يشهد الواقع العالمي الذي نعيشه تقدما هائلا في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والتي لها دور مهم محوري شمل كافة جوانب الحياة وأخذت تبحر في عالمنا حتى جعلت العالم قرية صغيرة. ففي كل يوم تكتشف العديد من الوسائل والأساليب التي لها تساعد في خدمة الإنسان وزيادة معلوماته ورفع مستوى قدراته.
ولأننا نعيش في عصر تسابق علمي وصراع تكنولوجي تقاس فيه قوة الأمم بقدر ماتحرزه من تقدم على المستوى العلمي فلا يعقل أن تكون الدول العربية رائدة الفكر والفن والحضارة والتقدم بعيدة عن استيعاب مفاهيم العصر وأنماطه الجديدة حيث غَزَت التّكنولوجيا الحديثة حياة جميع النّاس في هذه الأيّام حتى أصبحت تُرافقُ الأشخاصَ في جميع الأوقات سواءً كان ذلك عن طريق الهواتف الذكيّة أو الحواسيب.

والتقدم والتطور العلمي والتقني في عالم اليوم مرهون بعوامل عديدة يأتي في مقدمتها الاهتمام بالمنظومة التعليمية وجعلها من الأولويات بحكم موقعها في قيادة المجتمع بالفكر والمعرفة من أجل حاضر مضيء ومستقبل زاهر.

وأصبحت مسألة تطوير المنظومة التعليمية قضية هامة وأصبح لزاماَ على المدرسة أو غيرها من المؤسسات أن تكيف نظامها التعليمي مع التكنولوجيا السائدة في الوقت الراهن، نظراً لأهمية تكنولوجيا التعليم في تطوير العلم والعمل وتسهيل مسار العملية التعليمية وإثرائها والتأثيرعلى المتعلم الذي يعد محور هذه العملية، وبالتالي وجب دمج تكنولوجيا التعليم في خضم البرنامج التعليمي التي تعتبر جزءا لايتجزأ منه؛ فأصبح الاعتماد عليها ضرورة من الضروريات لضمان النجاح والجودة في مخرجات التعليم.

الحديث حول التطورات التكنولوجية بشكل عام والتطورات التكنولوجية في مجال التعليم بشكل خاص يشعرنا بأهمية توظيف التطورات التكنولوجية في مجال التعليم. ولأن عالمنا اليوم سريع التغير والتطور، يتوجب على المختصين في مجال التعليم أن تكون لديهم الجرأة في التفكير لبناء سياسة تعليمية دائمة مرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة وتطوراتها.
إن تطور تكنولوجيا المعلومات كان له أكبر الأثر في جميع مناحي الحياة بشكل عام وفي قطاع التعليم بشكل خاص، حيث استخدام التقنية التكنولوجية عمل على تغيير كثير من مظاهر وأساليب التعليم المتبعة في داخل المدارس أو الجامعات فأصبح هناك نموذجان لطريقة التعليم: الطريقة التقليدية والطريقة الإلكترونية الحديثة. هذه الأخيرة التي غيرت من ملامح البيئة الصفية وطريقة التفاعل بين الطلاب حيث أصبح تبادل المعلومات والحصول عليها سهلا دون الحاجة للتواجد في نفس المكان أو داخل الغرفة الصفية كما كان الحال في الطريقة التقليدية في التعليم منذ سنوات. كما سهل عملية التواصل بين الطلاب أنفسهم من جهة وبين المعلم من جهة أخرى مع تنوع الوسائل المستخدمة. وأصبح هناك أكثر من نموذج تعليمي متبع وقد تدرجت مراحل التطور في التعليم من الناحية التكنولوجية لتشمل عدة نماذج منها مثل التعليم الإلكتروني ، التعليم المدمج ، سواء المتزامن أو غير المتزامن التي ساهمت في تحسين التعليم والتعلم.

مفهوم تكنولوجيا التعليم:

مصطلح تكنولوجيا التعليم في أصله مصطلح معرب أي تم تعريبه وإدخاله إلى العربية، ومرادف هذا المصطلح في اللغة العربية هو تقنيات التعليم.

التكنولوجيا:

اشتقت كلمة تكنولوجيا من اللغة اللاتينية، حيث تتكون من مقطعين تكنو techno وتعنى الفني أو الحرفة ولوجيا logia وتعني الدراسة أو العلم ومن هنا فمصطلح تكنولوجيا يعني التطبيقات العلمية للعلم والمعرفة في جميع المجالات.
ويشير مصطلح التقنية إلى كل الطرق التي يستخدمها الناس في اختراعاتهم واكتشافاتهم لتلبية حاجاتهم وإشباع رغباتهم، ويسميه بعضهم التكنولوجيا.

تكنولوجيا التعليم:

تعريف جالبريث Galbraith:

عرف جالبريث تكنولوجيا التعليم على أنها ” التطبيق المنظومي للمعرفة العلمية المنظمة في أغراض عملية ” وبهذا يتضمن هذا التعريف ثلاث عناصر:

  • التكنولوجيا المتطورة تتطلب وجود هيكل من الحقائق والنظريات العلمية كما تتطلب معرفة منظمة قابلة للتطبيق.
  • استخدام مدخل المنظومات في تطبيق هذا الهيكل من المعارف والنظريات.
  • يهدف هذا التطبيق إلى تحقيق أهداف عملية.

تعريف الموسوعة الأمريكية (1978):

تكنولوجيا التعليم هي “العلم الذي يعمل على إدماج المواد التعليمية والأجهزة وتقديمها بهدف القيام بالتدريس وتعزيزه، وهي تقوم على عاملين هما: الأجهزة والمواد التعليمية التي تشمل البرمجيات والصور وذلك لتحقيق الأهداف التعليمية.

تعريف اليونسكو:

تكنولوجيا التعليم هي منحنى نظامي لتصميم العملية التعليمية وتنفيذها وتقويمها كلها تبعًا لأهداف محددة نابعة من نتائج الأبحاث في مجال التعليم والاتصال البشري مستخدمة الموارد البشرية وغير البشرية من أجل إكساب التعليم مزيدًا من الفعالية أو الوصول إلى تعلم أفضل وأكثر فاعلية.

تعريف لجنة تكنولوجيا التعليم الأمريكية:

تتعدى تكنولوجيا التعليم نطاق أية وسيلة أو أداة.

ويعد تعريف اليونسيكو هو التعريف الأكثر شمولاً و تعبيراً عن طبيعة ومجال تكنولوجيا التعليم.

التعريف الإجرائي لتكنولوجيا التعليم:

تكنولوجيا التعليم هي عملية متكاملة تقوم على تطبيق هيكل من العلوم والمعرفة عن التعلم الإنساني واستخدام مصادر تعلم بشرية وغير بشرية تؤكد نشاط المتعلم وفرديته بمنهجية أسلوب المنظومات لتحقيق الأهداف التعليمية والتواصل لتعلم أكثر فاعلية.

تطور مفهوم تكنولوجيا التعليم:

لا زال هناك خلط بين أحد جوانب تكنولوجيا التعليم المتمثل في استخدام الآلات والأجهزة التعليمية وبين تكنولوجيا التعليم ذاتها. فما زلنا نرى استخدام مصطـلح الوسـائل التعليمية والوسائل السمعية والبصـرية عند الإشـارة إلى تكنولوجيا التعليم والعكـس أيضـاً، وهنا نجد أن تكنولوجيا التعليم تنحصر في حدود ضيقة لا تتعدى كونها وسائل تعليمية.

ولذلك فإنه من الضروري إلقاء الضـوء على مراحل تطور مفهوم تكنولوجيا التعليم عبر السنوات الماضـية لنرى هل بدأت ملامح هذا المفهوم تتحدد وتتضح؟ أم مازال هناك تداخل بيـنه وبين مفهوم الوسائل التعليمية؟

وبداية ليس هناك اتفـق تام حول بداية تكنولوجيا التعليم، فالبعض يرى أنها تعود إلى عصـر علماء اليونان، والبعض يرى أنها تعود إلى بدايات القرن العشرين، وإذا أخذنا بالرأي الثاني نجد أن هذا المفهوم قد مر بالمراحل التالية:

التعليم البصري: هو أي وسيلة أو طريقة تعتمد على النظر أو الإبصار في تقديم عرض المعلومات، وتطورت هذه الوسائل عن طريق اكتشاف الأصوات والأفلام المُتحركة الناطقة، كما وأضيفت إليها الأدوات السمعية لغايات الانتقال إلى المرحلة التالية.

التعليم السمعي البصري معاً: هو كل الطرق أو الوسائل التي تتعلق بحاستي البصر والسمع معاً، وذلك لغايات نقل الأفكار والمعلومات والخبرات للمتلقي بالشكل المناسب.

مفهوم الاتصال: تعتمد هذه المرحلة على التفاعل الذي يحدث ما بين عنصري الاتصال، ألا وهما المُرسِل والمُستقبِل داخل الغرفة الصفية بطريقةٍ ديناميكية، وذلك من أجل نقل الأفكار والمعلومات، حيث يؤدّي إلى الوصول للتفاهم بين الأشخاص؛ كما أنّه يعتمد على تطوير الوسائل التعليمية أكثر من تطوير المواد والأدوات والأجهزة المستخدمة في التعليم، ونستنتج ممّا تقدم أنّ هذه المرحلة ساعدت في إيجاد تغيير وتطوير في الإطار النظري للتقنيات التربوية.

مفهوم النظم: يعتمد هذا المفهوم في نظرته للتعليم على موضوع التكامل الحاصل ما بين عناصره المُرتبة والمنظمة، حيث تعمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة والمرجوة.

العلوم السُلوكية: كانت هذه المرحلةُ تعتمد على سلوك الفرد المُتعلِم، والظُروف والبيئة التي يحدث فيها التعلم، فهي تُؤثر بشكلٍ رئيسي في سير عملية التعليم، ولكن يُضاف إلى ذلك مراعاة استخدام الأدوات المساعِدة التي تعزز التعليم لا العرض.

المفهوم الحالي لتقنيات التعليم: يُعتبر استعمال هذا المصطلح المرحلة الأخيرة من تطوُر تكنولوجيا التعليم، حيث اجتمع العلماء على تعريف وتفسير تقنيات التعليم على أنّها عبارة عن عملية الدراسة والممارسة الأخلاقية التي تُسير التعلم، وتحسن الأداء (التعليم والتعلم) عن طريق إنشاء واستخدام وإدارة العمليات والموارد التقنية الملائمة في التعلم… اقرأ المزيد

البحث في Google:





عن هيفاء أحمد محمد الحربي

من مواليد المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، حاصلة على بكالوريوس كيمياء وعضو منتسب في جمعية رضوى الخيرية، وتعمل كأمينة لمركز مصادر التعلم بمتوسطة وثانوية التحلية بينبع ومدرب معتمد في العديد من المراكز العلمية ومستشار أسري وتربوي، مدرب معتمد للحوارالوطني، كوتشج الفريق، ومن مجالات اهتمامها تطوير الذات، تدريب وتثقيف الطالبات والمعلمات، تفعيل الإعلام المدرسي، تحقيق الشراكة المجتمعية بين المدرسة والأسرة والمجتمع وتطبيق التقنية والتحول الرقمي.

تعليق واحد

  1. فاروق يونس

    للتذكر اود ان اشير اضافة الى ما ورد في المقال من ( عدم تقدير مكانة المعلم وان الانترنيت تتركز اهميته في تحسين العملية التعليمية
    اقول هناك مشكلة اخرى تتمثل في عدم الاهتمام بالمراجع العلمية واصبحت الكثير من مكتبات المدارس والجامعات لا تهتم بتوفير المراجع العلمية الحديثة
    مع التقدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *