الخطر في التعليم

المؤشرات على الخطر في التعليم

هذا المقال بعنوان: ”المؤشرات على الخطر في التعليم” هو الثاني من سلسلة مقالات حول حتمية الإصلاح التربوي في ضوء تحليل تقرير أمة في خطر، ينشرها الدكتور إيهاب إبراهيم السيد محمد حصريا على صفحات تعليم جديد. للاطلاع على المقال الأول انقر على العنوان : التقييم الذاتي ونظرة موضوعية للواقع تحديد مواطن “الخطر”” 

قامت اللجنة بتفنيد الأبعاد التعليمية للخطر الماثل أمامها وكانت تلك الأبعاد موثقة بالفعل داخل المصادر الرئيسية للمعلومات التي اعتمدت عليها اللجنة في عملها.

وتلك المصادر سلطت الضوء بوضوح على مؤشرات الخطر في التعليم داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأقوم بتحليل تلك المؤشرات كما يلي:

التعليم القبل الجامعي:

  • الأطفال بعمر 17 عامًا وفقًا للتقييمات الوطنية للعلوم يعانون وبشدة من قلة التحصيل العلمي.
  • نتيجة المقارنات الدولية لتحصيل طلاب الولايات المتحدة الأمريكية مع نظائرهم في الدول الأخرى والتي تم حصر نتائجها عبر عشر سنوات كشفت أن الطلاب الأمريكيين حصلوا على نتائج غير مرضية في 19 اختبارًا أكاديميًا متنوعاً.
  • بمقارنة نتائج طلاب الولايات المتحدة الأمريكية مع نظائرهم في الدول الصناعية الكبري الأخرى في العالم حصل الطلاب تقريباً على نفس النتيجة في آخر سبع إختبارات.
  • متوسط مستوى التحصيل بين طلبة المرحلة الثانوية على مؤشرات معظم المعايير القياسية في أغلب الاختبارات التحصيلية أقل مما كانت عليه قبل ما يزيد على ربع القرن تقريبًا.
  • أكثر من نصف عدد الطلاب الموهوبين في الولايات المتحدة الأمريكية لا ترقي مستويات تحصيلهم الفعلية إلى مستوى تحصيل طلاب المدارس العاديين وهذا مؤشر خطير على ندرة الإبداع.

الأداء التعليمي:

  • نستنتج أن الانخفاض الحاد في الأداء التعليمي يرجع إلى حد كبير إلى نتيجة قصور مزعج في طريقة أداء العملية التعليمية نفسها.
  • استخدام طرق تدريس عادية لا تساعد على اكتشاف الطالب المبدع.

المحتوى العلمي:

  • أعني بالمحتوى “مادة” التعليم ذاتها، أي المناهج الدراسية، وللوقوف على جودة أنماط المناهج التعليمية بورة دقيقة قامت اللجنة بدراسة أنماط المناهج الدراسية التي تم تدريسها لطلاب المدارس الثانوية في الفترة بين عام 1964- وعام1969 مقارنة بأنماط المناهج الدراسية التي تم تدريسها لطلاب المدارس الثانوية بين عام 1976- وعام1981 وتبين للجنة وجود تباين هائل بين ما تم طرحه داخل المناهج في تلك الفترة.
  • إختلال منظومة المناهج الدراسية بعد أن تم تخفيف مناهج المدارس الثانوية لدرجة أنه لم يعد لها هدف عام محدد، ولم يعد لها تأثير، وأصبحت تشبه إلى حد كبير مضمون الوجبات السريعة الأمريكية.
  • الوحدات الدراسية الإضافية التي تقدمها المدارس الثانوية العامة الطلاب في التربية البدنية والتربية الموسيقة والتربية الصحية وكذا وعلوم المسرح غير كافية وغير مفيدة.
  • دراسة استقصائية أجريت عام 1980 على مستوى كل ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية على حده لمتطلبات التقدم لشهادة الدراسة الثانوية كشفت أن ثماني ولايات فقط من الولايات المتحدة الأمريكية تطلب من طلاب المرحلة الثانوية تقديم ما يفيد اجتياز اختبار تحريري في اللغات الأجنبية الأخرى أما باقي الولايات فلا تطلب ذلك.

المعلمون:

  • الحياة المهنية للمعلمين ليس بها عناصر جذب للطلاب ليلتحقوا بهذه المهنة وأن هناك نقصًا خطيرًا في عدد المعلمين بشكل أساسي مجالات.
  • مناهج إعداد المعلم مثقلة بالمقررات الدراسية في “طرق التدريس” على حساب دورات في المواد المقررة الأخرى مثل الوسائل التعليمية وتوظيف تكنولوجيا التعليم داخل قاعات الدرس.
  • متوسط راتب المعلم بعد 12 سنة من التدريس هو 17000 دولار فقط في السنة ويلجأ العديد من المعلمين لإستكمال دخلهم عن طريق العمل بدوام جزئي أو العمل في فصل الصيف.

التعليم الجامعي:

  • كان هناك انخفاض مطرد في مستويات التحصيل العلمي داخل الكليات في أغلب الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية.
  • نتائج اختبارات الكفاءة الدراسية التي أجراها مجلس الكليات في عموم الولايات المتحدة الأمريكية كانت في انخفاض متواصل في الفترة ما بين عام 1963 إلى عام 1980في المتوسط العام للدرجات اللفظية.
  • انخفاض هائل في متوسط درجات الرياضيات لما يقرب من 40 نقطة وهذه دلالة حقيقية على تدني التفكير العلمي الدقيق.
  • كشفت اختبارات الإنجاز الخاصة بمجلس الكليات أيضًا عن انخفاضات مستمرة في السنوات الأخيرة في مواد هامة ومؤثرة فعلاً مثل الفيزياء واللغة الإنجليزية.
  • متوسط تحصيل المختبر العلمي للطلبة المتخرجين من الكليات قليل جدًا.

واقع سوق العمل:

  • أثبت تحليل الواقع الفعلي أن عددا غير قليل من البالغين الأمريكيين يعانون من الأمية الوظيفية وتم اكتشافها عن طريق إجراء اختبارات بسيطة في القراءة اليومية والكتابة والفهم.
  • نسبة كبيرة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 17 عامًا سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا في كافة الولايات المتحدة الأمريكية يعانون بشدة من الأمية الوظيفية.
  • الأمية الوظيفية بين الأقليات غير الأمريكيين أيضًا في كافة الولايات المتحدة الأمريكية قد يصل معدل الشباب بها إلى نسبة كبيرة جدًا.
  • لا يمتلك العديد من الأشخاص الذين يبلغون من العمر 17 عامًا المهارات الفكرية “العليا”.
  • عدد غير قليل من الأشخاص الذين يبلغون من العمر 17 عاماً لا يستطيعون استخلاص الاستنتاجات الرئبسية من المواد المكتوبة.
  • عدد قليل منهم يمكنهم كتابة مقالة مقنعة.
  • عدد غير كبير منهم يستطيع حل مسألة رياضية تتطلب عدة خطوات.

عن طريق محللي البيانات الذين قاموا بدراسة وتحليل المؤشرات السابق ذكرها على مستوى التعليم قبل الجامعي والجامعي ومستوى سوق العمل وقد أسفرت تلك التحليلات عن بعض الملاحظات المخيفة عن التعليم.

تم عرض نتائج تلك التحليلات على أعضاء اللجنة وكانت تعليقات بعض أعضاء تلك اللجنة صادمة بدرجة كبيرة جداً أتعرض لبعض منها خلال السطور القادمة كما يلي:

  • خلص الباحث بول هيرد في نهاية مسح وطني شامل لتحصيل الطلبة في ظل السياق العلمي الحديث إلى نتائج كارثية عبر عنها بقوله بكل موضوعية وشفافية “نحن نربي جيلاً جديدًا من الأمريكيين أميين علميا وتقنيا.”
  • أشارجون سلوتر المدير السابق للمؤسسة الوطنية للعلوم وحذر من

” اتساع الفارق بين أقلية يتقنون الفكر التكنولوجي البحت وأغلبية مصابة باللامبالاة المعرفية بالفعل أي أنها لا تبالي بالمعرفة ولا تهتم بها، بل وتعتقد أنها على معرفة بدرجة كبيرة وهي في واقع الأمر لا تعرف طريق المعرفة ولا تستطيع الاقتراب منها “.

  • المدارس بمختلف مراحلها والكليات والجامعات تؤكد وبشدة على أساسيات مثل القراءة والكتابة والحساب على حساب موضوعات أهم مثل إتقان مهارات التفكير العليا مثل إتقان مهارات التفكير والتفكير الناقد والتحليل وحل المشكلات واستخلاص النتائج.
  • المبالغة في التركيز على التقنيات التكنولوجية على حساب مهارات التفكير العليا.
  • المعرفة بالعلوم الإنسانية يجب أن تُسخر للعلم والتكنولوجيا إذا أريد لهذه الأخيرة أن تظل خلاقة وإنسانية، تماما كما تحتاج العلوم الإنسانية إلى أن تكون على علم بالتكنولوجيا إذا أرادت ذلك لتظل ذات صلة بما يتعلق بالإنسانية.
  • لاح في الأفق بصيص من الحراك التربوي الكبير الذي أوجب على قادة البحث العلمي خاصة في المجال التربوي البحث الفعلي عن حلول والتي تركزت حتى الآن إلى حد كبير على الحاجة الماسة لزيادة الدعم لتدريس الرياضيات والعلوم.
  • هذا الحراك ليس سوى بداية لتحسين عملية التدريس والتعليم والتعلم في مجالات هامة مثل اللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد واللغات الأجنبية.
  • يجب توسيع هذا الحراك وتوجيه نحو الإصلاح والتميز في جميع مراحل التعليم للوصول إلى التميز في التعليم على مستوى كافة مراحل التعليم القبل الجامعي والجامعي.

أشارت اللجنة إلى أنها قد سمعت أصوات الكل سواء طلاب المدارس الثانوية والجامعات وأعضاء مجلس إدارة المدارس والمعلمين؛ وبعض من أولياء الأمور وموظفي الدولة وكل الشرائح والطبقات التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بموضوع التعليم.

استقرت اللجنة على توحيد بعض المفاهيم لتكون قاعدة وأساس للانطلاق نحو الإصلاح وانتقي من تلك المفاهيم المفهوم الأهم من وجهة نظري وأستعرضه معكم كما يلي:

مفهوم “التميز” على مستوي الفرد أنه ” العمل علي تحسين العديد من الأشياء ذات الصلة بالمتعلم ونعني هنا بالتركيز في الأداء على تطوير قدرة الفرد الشخصية لينتقل هذا بالتبعية إلي الحدود الخارجية للطالب داخل المنزل وخارج المنزل في المدرسة وفي الجامعة وفي مكان العمل”.

وعلى مستوى المؤسسات التعليمية ” التميز هو ما يجب أن يميز المدرسة أو الكلية التي تتمتع بمستويات عالية من التوقعات والأهداف لجميع المتعلمين، ثم المحاولة بكل الطرق الممكنة لتحقيق ذلك”

وعلى مستوى المجتمع ” فالمجتمع الذي يمتلك أفراد يتم تحصينهم بسلاح التعليم والتعلم وإتقان المهارات التكنولوجية في ظل عالم متحول ومتغير، ويجب أن نلتزم جميعًا وبكل قوتنا من مدارس وكليات وجامعات بتحقيق ذلك في جميع تلك المجالات”.

إن الالتزام بمجموعة من القيم وبنظام تعليمي يوفر للجميع الفرصة لتوسيع عقولهم إلى كامل طاقتها، منذ وقت مبكر من بداية مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ.

إن تطوير التعليم مهم ليس فقط بسبب ما يساهم به في تحقيق الأهداف المهنية، ولكن أيضًا لما له من قيمة يضيفها إلى الجودة العامة لحياة الفرد.

التطوير يجب أن يمتد إلى المنازل وأماكن العمل؛ في المكتبات والمعارض الفنية والمتاحف، والمراكز العلمية، في كل مكان حيث يمكن للفرد التطور والنضج في العمل والحياة.

إن الاستثمار في صغار الشباب هو الأساس الفعلي لتحقيق مفهوم هام وهو التعلم طوال حياة الفرد، وبدون التعلم مدى الحياة، سوف تصبح مهارات الفرد قديمة تقف عن حد معين.

أشارت اللجنة إلى أنه يجب الاستفادة مما نملكه في أيدينا للبدء في التخطيط للإصلاح وهذا ما سيتم التركيز عليه في المقال التالي.

 


المراجع:

Ansari,Tamim.(2018) Education at Risk, Fallout from a Flawed Report

Bracey, Gerald(2018) Righting Wrongs. Journal of Educational Research

Fiske, Edward (1983) Top Objectives Elude Reagan As Education Policy Evolves, New York Times.

Fiske, Edward (2017) Strong American Schools Making Education a Priority,Issues

 

البحث في Google:





عن د. إيهاب ابراهيم السيد محمد

دكتوراه الفلسفة في التربية النوعية، كلية التربية النوعية جامعة عين شمس. تخصص تكنولوجيا التعليم زميل كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية العليا - جمهورية مصر العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *