البراعة الرياضية

البراعة الرياضية Mathematical Proficiency

توطئة:

لقد مر تعليم الرياضيات بمنعطفات تاريخية مهمة، حيث بذل المختصون في مجال تعليم وتعلم الرياضيات جهودا كبيرة في تطوير مناهج الرياضيات المدرسية وتعليمها ومحاولة إيصالها للطلبة بطريقة مرنة وسهلة وبما يتوافق مع المواكبة المجتمعية والمتغيرات المتسارعة. هذا وقد مر تطوير الرياضيات بطريقتين متوازيتين متكاملتين ومترابطتين: تكمن الأولى في اكتشاف مكوناتها وفروعها ومفاهيمها وقوانينها وتعميماتها ونظرياتها وفضائياتها المختلفة، وتحمل هذا العبء المختصون في مجالي الرياضيات التطبيقية والتحليلية، بينما تكمن الثانية في محاولة الإجابة عن السؤال: كيف يتم تعليم الرياضيات وإيصالها للطلبة بحيث تمكنهم من استيعاب مكوناتها وفروعها ومفاهيمها وقوانينها وتعميماتها ونظرياتها وفضائياتها المختلفة؟ وقد تحمل هذا العبء المختصون في مجال تعليم الرياضيات (تربويات الرياضيات).

ففي مطلع القرن العشرين تم التركيز على الجانب المعرفي الرياضي من خلال التأكيد على الإجراءات في الحساب، وفي الخمسينيات من نفس القرن تم التركيز على بنية الرياضيات، وفي السبعينيات تم التركيز على الأساسيات الرياضية. وقد صاحب هذا التطور تبني عدد من الاستراتيجيات والنماذج التعليمية الناتجة عن النظريات التعليمية حيث أكدت العديد من نظريات التعلم على أهمية استيعاب المفاهيم، فقد أكدت نظرية بياجيه على أهمية تقديم المفهوم بما يتناسب مع المراحل العمرية، وأكدت نظرية اوزبل  (التعلم ذو المعنى) على ربط المفاهيم الجديدة بالسابقة، وربط المفهوم ببيئة الطالب، واستخدام المنظمات. وأكدت النظرية البنائية على التغير المفاهيمي من خلال استبدال الأفكار والتصورات البديلة (الخطأ) لدى المتعلم بأخرى سليمة ودقيقة علميا، ونظرية برونر للتدريس التي أكدت على تقديم المفهوم بما يتناسب مع النمو المعرفي، ونظرية جانييه أكدت على تقديم المفهوم كنمط من أنماط التعلم الثمانية والتي تبدأ من القاعدة إلى القمة في أبنية هرمية للتعلم.

وفي بداية الثمانيات تحولت أهداف تعليم الرياضيات من تنمية الجانب المعرفي لدى الطلبة إلى خلق جيل قادر على توظيف واستخدام المعرفة الرياضية في الحياة اليومية، وإكساب الطلبة أساليب التفكير السليمة وتهيئتهم ليصبحوا قادرين على توظيف المعرفة الرياضية في حل المشكلات المختلفة، وبذلك أصبحت النظرة للرياضيات تؤكد على تطوير مناهجها بحيث ترتبط بالحياة وعدم الاقتصار على الجانب المعرفي فقط بحيث تمكن الطلبة من امتلاك المعرفة والمهارة العالية ما من شأنه توفير تعليم محفز وفق استراتيجيات حديثة يشعر من خلالها الطلبة بأهمية الرياضيات وفائدتها في الحياة العملية. لذلك بدأ التفكير بحل المشكلات الرياضية. وقد كان لأفكار جون ديوي وغيره من المنظرين انطلاقا من أسس وأفكار عدد من النظريات التعليمية أثر ظهور ما يسمى التعلم المبني على المشكلات والذي تمخض عنه عدد من الاستراتيجيات والنماذج التعليمية ركزت على الطالب كمحور للتعلم النشط. ويتميز التعلم المبني على جل المشكلات باستخدام مشكلات العالم الحقيقية، ويتطلب المعرفة الناقدة، والبراعة في حل المشكلات.

ومع نهاية الثمانينات من القرن العشرين بدأت حركة عالمية لتطوير تعليم وتعلم الرياضيات في ضوء معايير توضع مسبقا لترسم مسار عملية التطوير حيث كان أبرز هذه المعايير هي: معايير  NCTM والتي حددت ما يتوقع من التلميذ تعلمه من الرياضيات في جميع المراحل الدراسية المختلفة، وقدمت هذه التوقعات في خمسة معايير للمحتوى، وخمسة معايير للمعالجة، والتي بدورها شكلت منعطفا تاريخيا مهما في مجال تعليم وتعلم الرياضيات، حيث تأثرت معظم الكليات الخاصة بالعلوم التربوية في مختلف الجامعات على الصعيدين العالمي والعربي بهذه المعايير من خلال اعتمادها مادة أساسية تدرس في معظم الكليات التربوية بقسم تعليم وتعلم الرياضيات، كما أنها شكلت نقلة نوعية وإطارا هاما في إعادة نظر معظم الدول على الصعيدين العالمي والعربي في مراجعة مناهج الرياضيات وتطويرها، وفتحت مجالا واسعا وخصبا أمام الباحثين في مجال تعليم وتعلم الرياضيات من خلال التسابق الملحوظ في إجراء الدراسات البحثية حولها.

وفي مطلع القرن الحادي والعشرين أجرت لجنة الدراسات في مركز التربية التابع للمجلس القومي للبحوث في الولايات المتحدة الأمريكية (NRC, 2001) من خلال مراجعتها للأبحاث في علم النفس المعرفي وتعليم الرياضيات، وفي ضوء تحديد المعارف والمهارات الرياضية التي يحتاجها الأفراد في حياتهم اليومية، اختارت مصطلح ” البراعة الرياضية ” للتعبير عما تعتقد، كونه يعبر عن تعلم أي فرد الرياضيات بنجاح، حيث حدد المجلس القومي للبحوث مفهوم ” البراعة الرياضية ” كهدف رئيسي تسعى  الرياضيات المدرسية إلى تحقيقه، وهو ما يعني الإنجاز والنجاح في تعلم الرياضيات، والذي يعبر بأن يتعلم الطالب الرياضيات بنجاح. وبهذا تعد معايير NCTM ضمن الأساسات التي تمخض عنها ما يسمى مصطلح ” البراعة الرياضية “، وأن معايير المعالجة المتمثلة ب: (حل المشكلات، والتعليل أو البرهان، والتمثيل، والترابط، والتواصل) الصادرة عن NCTM مداخل مهمة في بلورة مكونات مصطلح “البراعة الرياضية”. وفي هذا المقال سنحاول تسليط الضوء على: مفهوم ” البراعة الرياضية ” ومكوناتها، ومدى الاهتمام بها في الأبحاث والدراسات العربية، وأهميتها، وكيف يمكن تنميتها لدى طلبتنا.

أولا: مفهوم البراعة الرياضية

لقد مر معنى النجاح في تعليم الرياضيات بعدة مراحل وتحولات حيث اختلفت النظرة حول المعرفة الرياضية في كل مرحلة بحسب الحاجة إليها، إلى أن استقر مطلع القرن الحادي والعشرين إلى تحديد الهدف من تعلم الرياضيات المدرسية وهو ما سُمي بالبراعة الرياضية Mathematical Proficiency””، وذلك بعد مراجعة العديد من البحوث والدراسات في علم النفس المعرفي؛ لتحليل الرياضيات التي يمكن تعلمها.

كثير هي التعريفات التي تناولت مصطلح “البراعة الرياضية” إلا أن التعريف الذي أطلقه عليه المجلس القومي للبحوث في الولايات المتحدة الأمريكية (NRC, 2001) يظل هو الأساس الذي تمخضت عنه بقية التعريفات من خلال محاولة توضيحه بعبارات أكثر دقة.

فقد حدد (NRC, 2001) عند تحليله للرياضيات التي يمكن تعلمها مصطلح “البراعة الرياضية” كهدف رئيسي ينبغي أن تسعى مناهج الرياضيات المدرسية إلى تحقيقه، وتعني النجاح في تعلم الرياضيات، والوصول إلى الغاية الأساسية من تعلمها، ويشمل كل جوانب الخبرة والكفاءة والمعرفة بالرياضيات. وقد أوصى بضرورة الاهتمام بها في تدريس الرياضيات.

كما قدم المجلس الوطني للبحوث (NRC, 2001) رؤيته حول مكونات البراعة الرياضية وعبر عنها بكلمات أكثر اختصارا تبعا للموقف الذي تتطلبه البراعة الرياضية من الطالب، إذ أشار إلى أن البراعة الرياضية تتطلب المواقف الخمسة التالية:

  • الفهم Understanding: يمثل المكون الأول “الاستيعاب المفاهيمي”.
  • إجراء حسابات Computing: يمثل المكون الثاني “الطلاقة الإجرائية”.
  • التطبيق Applying: يمثل المكون الثالث “الكفاءة الإستراتيجية”.
  • الاستدلال Reasoning: يمثل المكون الرابع “الاستدلال التكيفي”.
  • الانخراط أو المشاركة Engaging: يمثل المكون الخامس “الرغبة الرياضية المنتجة”.

ويمكننا توضيح رؤية (NRC, 2001) حول تعريف مصطلح “البراعة الرياضية” من خلال جمع المصطلح بالمعنى المختصر لمكوناته بأنه: استيعاب المفاهيم الرياضية والعمليات الرياضية، والمهارة في تنفيذ الإجراءات الرياضية بمرونة ودقة عالية، وممارسة عمليات التفكير والتأمل، والتبرير وتمثيل وصياغة وحل المشكلة الرياضية لمساعدة المتعلم على رؤية الرياضيات كمادة مفيدة وذات قيمة في الحياة العملية.

ثانيا: مكونات البراعة الرياضية

  • الاستيعاب ألمفاهيمي Conceptual Understanding:

تشير المعايير الصادرة عن (NCTM) المشار إليه في (السواعي، 2004، 13): بأن الاستيعاب المفاهيمي يؤكد على الفهم الذي يجعل المتعلم يبني المعلومة الجديدة من الخبرة السابقة. واتفق كل من: (قطينة والشرع، 2021، 553؛ المنوفي والمعثم، 2019، 526) بأنه: استيعاب المفاهيم والعمليات والعلاقات الرياضية. ولخصه (المصاورة، 2012، 5) بأنه: استيعاب للفكرة الرياضية من مفاهيم وتعميمات والربط بين هذه الأفكار بحيث يكون للمتعلم القدرة على معرفة محتوى الفكرة الرياضية وتطبيقها. ولخصه (الشبيبي والعابد، 2021، 370) بأنه: “فهم المفاهيم والتعميمات والارتباط بين الأفكار الرياضية”. واختصره (Macgregor, 2013, 4) بأنه: “الفهم العميق لطريقة عمل الرياضيات”. وعرفه (بروق، 2021) بأنه: ” الإدراك المتكامل للأفكار الرياضية التي تُمكن الطلبة من تعلم أفكار جديدة من خلال ربط المفاهيم السابقة بالمفاهيم الحديثة، وتتضمن كذلك الدقة والسرعة في استخدام الرموز الرياضية والتي تكسب الطالب المرونة والطلاقة في حل المشكلات الرياضية.

  • الطلاقة الإجرائية Procedural Fluency:

يعرفها (MacGregor, 2013, 5 ) بأنها: “القدرة على القيام بالعمليات والإجراءات الرياضية بدقة وكفاءة”. ويلخصها (المصاورة، 2012، 6) بأنها: القيام بالعمليات الإجرائية من خوارزميات ومهارات رياضية بمرونة ودقة وكفاءة، وبطريقة سليمة ملائمة للموقف الرياضي الذي يتعرض له الطالب. كما تلخصها (الحنفي، 2019، 175-176) بأنها: “معرفة الإجراءات، ومعرفة متى يمكن أداؤها بدقة ومرونة وكفاءة، وتعني القدرة على حل المشكلات الرياضية باستخدام مهارات رياضية مثل القواعد والخوارزميات والمعادلات”. ويختصرها (بروق، 2021) بأنها: “القدرة على أداء كل من العمليات والإجراءات الرياضية بمرونة ودقة وإتقان”. ويربطها Kim & Davigenko. 2007)) المشار إليه في (المنوفي والمعثم، 2019، 530) مع مكون الاستيعاب المفاهيمي بأنها: التمكن من امتلاك الكفاءة والدقة والقدرة على استخدام الخوارزميات في الحسابات التي تبنى على الاستيعاب المفاهيمي الجيد للخصائص والعلاقات العددية، حيث تؤدى هذه الخوارزميات عقليا بينما ينفذ بعضها الآخر كتابيا لتسهيل عملية التفكير.

  • الكفاية الإستراتيجية Strategic Competence:

عرفها أوستلير وبيب (2012) المشار إليه في (أبو سارة وآخرون، 2019، 78) بأنها: معرفة الاستراتيجيات وتوظيفها لتحليل المهام، وإنجاز الأنشطة، أو حل المشكلات بهدف تعلم محتوى الرياضيات. ولخصها (أبو سارة وآخرون، 2019، 78) بأنها: تمكن الطلبة من تطبيق استراتيجيات حل المشكلات الرياضية للوصول إلى حل تلك المشكلات، وأن الكفاءة الاستراتيجية تتعدى حل المشكلات الرياضية إلى القدرة على صياغة مشكلات رياضية جديدة وتمثيلها. ويعرفها (المعثم والمنوفي، 2014، 13) بأنها: “القدرة على تفسير المسائل الرياضية، وصياغتها، وتمثيلها، وحلها”. ويربطها (بروق، 2021) بمكوني الاستيعاب المفاهيمي والطلاقة الإجرائية: “بالقدرة على صياغة وإعادة تقويم المشكلات رياضيا ووضع استراتيجيات لحلها باستخدام المفاهيم والإجراءات بشكل مناسب”.

  • الاستدلال التكيفي Adaptive Reasoning:

على الرغم من أهمية المكونات الثلاث السابقة في نجاح تعلم الرياضيات، إلا أن الطلبة بحاجة إلى تنمية طرق تفكيرهم، حيث أن الرياضيات لغة المنطق والاستدلال، فلا يمكن تصور قدرة الطلبة على اختيار الإجراءات المناسبة (الكفاءة الإستراتيجية) وتنفيذها بأسلوب متتابع (الطلاقة الإجرائية) دون امتلاكهم لقدرات التفكير المنطقي والتأملي والاستدلالي والتي تساهم في حلهم للمشكلات التي تواجههم في حياتهم وهو ما يطلق عليه المكون الرابع للبراعة الرياضية والذي أطلق عليه الاستدلال التكيفي. ويشير مصطلح الاستدلال التكيفي حسب (NRC, 2001, 5) إلى القدرة على التفكير المنطقي والتأملي والتفسير والتبرير. ووفقا لأوستلير (2011) المشار إليه في: (أبو سارة وآخرون، 2019، 79) يُعرف الاستدلال التكييفي بأنه: القدرة على التفكير المنطقي، وتفسير سبب ملاءمة الحلول وتبريره في سياق المشكلة الرياضية. ويلخصه (بروق، 2021)  “بالقدرة على تفسير وتبرير الحلول لمشكلة رياضية معطاة” كما يلخصه (قطينة والشرع، 2021، 553-554) “بالقدرة على التفكير المنطقي والتأمل والتفسير والتبرير الملائم للموقف”. ويعرفه (المعثم والمنوفي، 2014، 13) بأنه: القدرة على التفكير المنطقي والتبرير الاستدلالي وتوظيف العلاقات المنطقية بين المفاهيم أو المواقف لشرح وتحليل الحل وتبريره. ويعرفه (البدوي، 2019، 256) بأنه: القدرة على التفكير المنطقي حول العلاقات بين المفاهيم والمواقف، والذي ينبع من الدراسة المتأنية للبدائل، كما يتضمن معرفة كيفية تبرير الاستنتاجات التي يتوصل إليها الطلبة.

  • الرغبة المنتجة Productive Disposition:

تشكل المكونات السابقة المتمثلة بالاستيعاب المفاهيمي، والطلاقة الإجرائية، والكفاءة الإستراتيجية، والاستدلال التكيفي أساس البراعة الرياضية المعرفية إلا أنها كما يرى المختصون في مجال تعليم الرياضيات لا تعد كافية لنجاح الطلبة في تعلم الرياضيات، كون الطلبة بحاجة إلى تعزيزها بمكون وجداني يجعلهم يشعرون بأهمية ما يتعلمونه في الرياضيات المدرسية، بالإضافة إلى إيمانهم بقدرتهم على تعلم الرياضيات، واستخدامها في حياتهم اليومية، وهذا ما يطلق عليه بمكون الرغبة الرياضية المنتجة. ويشير مصطلح الرغبة الرياضية المنتجة حسب (NRC, 2001, 5) إلى رؤية الرياضيات كمادة مفيدة ومجدية وواقعية إلى جانب الإيمان والاجتهاد والكفاءة الشخصية. ويعرف (البدوي، 2019، 258) الرغبة الرياضية المنتجة بأنها: نزعة الطلبة لرؤية المعنى في الرياضيات، وتصورها بأنها مفيدة ومهمة، والاعتقاد بأن الجهد المستمر بعمل الرياضيات من قبل الطلبة يجعل تعلم الرياضيات ذا معنى. ويشير (بروق، 2021) إلى الرغبة الرياضية المنتجة بأنها تتمثل “بمجموعة معتقدات المتعلمين حول قدرتهم على فهم الرياضيات، وإمكانية تعلمها واستخدامها بالجهد والإصرار وضرورة الرغبة في المثابرة عند مواجهة مشكلة رياضية ومحاولة حلها”. و من خلال التوافق بين التعريفات السابقة لمكون الرغبة الرياضية المنتجة يمكننا القول بأنها تتضمن مجالين أساسيين وهما: إدراك الطلبة لأهمية الرياضيات ومنفعتها في حياتهم اليومية، وأنه بإمكانهم تعلم الرياضيات وفهمها كلما بذلوا جهدا مستمرا نحو تعلمها.

ثالثا: تنمية البراعة الرياضية ومدى الاهتمام بها في الأبحاث والدراسات العربية

من خلال مسح عدد ليس بقليل من الدراسات العربية التي تناولت مصطلح “البراعة الرياضية” اتضح أن هذا المصطلح تأخر أكثر من عقد من الزمن منذ ظهوره بداية الألفية الثالثة، حتى تم الاهتمام به في بعض الدول العربية. وتعد الأردن والسعودية ومصر من الدول العربية السباقة في إشهار هذا المصطلح من خلال دراسة (المصاروة، 2012؛ المعثم والمنوفي، 2014؛ أبو الرايات، 2014)، وقد فتحت المجال لعدد ليس بقليل من الباحثين العرب في دراسة هذا المصطلح وإشهاره بشكل أوسع بين عامي 2016-2022. هذا وقد تباينت أهداف تلك الدراسات: فبعضها تناولت أثر عدد من المتغيرات التي من المتوقع أن يكون لها تأثير في تنمية مكونات البراعة الرياضية لدى الطلبة، ومن هذه الدراسات (المصاروة، 2012؛ أبو الرايات،2014؛ سلامة، 2014؛ عبيدة، 2017؛ الخالدي، 2018؛ أبو سارة وآخرون، 2019؛ رشا محمد، 2017؛ الحنفي، 2019؛ حناوي، 2018)، وتمثلت تلك المتغيرات وفق ترتيب الدراسات ب: (إستراتيجية الربط والتمثيل، ونموذج أبعاد التعلم لمارزانو، تطوير وحدة دراسية وفق مكونات البراعة الرياضية، والتدريس القائم على أنشطة PISA، وتصميم وحدات تعلم قائمة على التمثيلات الرياضية، والنمذجة الرياضية القائمة على تطبيق الحاسوب التفاعلي، وإستراتيجية الرحلات التعليمية عبر الويب كوست، والدعائم التعليمية، وإستراتيجية رسوم (SWOM)، وقد أظهرت النتائج التأثير الايجابي لكل تلك المتغيرات في تنمية البراعة الرياضية لدى الطلبة لمراحل تعليمية مختلفة.
والبعض الآخر من الدراسات والتي تمكنا من الحصول عليها تمثلت أهدافها بقياس تمكن الطلبة من مكونات البراعة الرياضية، ومن هذه الدراسات (قطينة والشرع، 2021؛ المنوفي والمعثم، 2018؛ الملوحي، 2018؛ المطيري، 2020)، وقد أظهرت نتائجها عدم تمكن الطلبة من مكونات البراعة الرياضية باستثناء دراسة (قطينة والشرع، 2021) فقد كانت درجة التمكن متوسطة.
وجزء من الدراسات تمثلت أهدافها بقياس مستوى الأداء التدريسي لمعلمي الرياضيات في ضوء مكونات البراعة الرياضية، ومن هذه الدراسات (القرني، 2019؛ الغامدي، 2017؛ كيحر، 2021؛ الشمري، 2019)، وقد أظهرت نتائجها بأن الممارسات التدريسية في ضوء مكونات البراعة الرياضية كانت ضعيفة، باستثناء دراستي (القرني، 2019؛ كيحر، 2021) فقد أظهرت نتائجها بأن الممارسات التدريسية كانت بدرجة متوسطة.
وقليل من الدراسات تمثلت أهدافها بقياس مستوى تمكن معلمي الرياضيات من مكونات البراعة الرياضية ومن هذه الدراسات (العمري، 2017؛ حسن، 2018) وقد أظهرت نتائج دراسة (العمري، 2017) ضعف تمكن المعلمات من مكونات البراعة الرياضية، بينما أظهرت نتائج دراسة (حسن، 2018) تمكن المعلمين من مكونات البراعة الرياضية.
وتعد دراسة (المالكي، 2019) هي الدراسة الوحيدة التي تمكنا من الحصول عليها والتي هدفت إلى تحليل محتوى مناهج الرياضيات في السعودية في ضوء مكونات البراعة الرياضية، وقد أظهرت نتائجها توافر مؤشرات مكونات البراعة الرياضية بين متوسطة ومرتفعة. كما هدفت دراسة (الشبيبي والعابد، 2021): إلى التعرف على أثر التدريس في ضوء مكونات البراعة الرياضية في التحصيل ومفهوم الذات الرياضي لدى الطلبة، وأظهرت نتائجها بأن التدريس في ضوء مكونات البراعة الرياضية كان له أثر إيجابي في متغيري التحصيل ومفهوم الذات.

إن ما تم عرضه باختصار حول الدراسات العربية التي تناولت مصطلح البراعة الرياضية كمتغير عصري وحديث يدل على أن هناك جهود لا بأس بها من قبل الباحثين المختصين في مجال تعليم الرياضيات وخاصة في المملكة العربية السعودية في متابعة المستجدات التربوية، إلا أن هذه الجهود تأخرت بالتزامن مع إشهار مصطلح “البراعة الرياضية”. وإذا كان الهدف من إشهار مصطلح “البراعة الرياضية” على الصعيد العالمي وتفصيل مكوناته والاهتمام به كعصارة لكل التطورات التي سبقته في معالجة تدريس محتوى الرياضيات يكمن في تنمية مكونات البراعة الرياضية لدى الطلبة، فإن معظم الدراسات العربية إن لم يكن كلها أشارت إلى عدم تمكن الطلبة من مكونات البراعة الرياضية، وهذه النتائج متوقعة في ظل عدم اهتمام المنظومات التربوية العربية بهذا المستجد الرياضي التربوي، فقد عمل الباحثون بمعزل عن المنظومات التربوية.

إن تنمية مكونات البراعة الرياضية لدى طلابنا يمثل منظومة متكاملة تبدأ بتطوير مناهج الرياضيات وفق مكونات البراعة الرياضية بالتزامن مع البحث عن أهم الاستراتيجيات والنماذج التعليمية التي أثبتت فاعليتها في تنمية مكونات البراعة الرياضية وتطبيقها فعليا داخل الفصول الدراسية، ومن ثم تقصي الممارسات التدريسية لدى معلمي الرياضيات في ضوء مكونات البراعة الرياضية والاعتماد على نتائج التقصي في عمل الدورات التدريبية والتأهيلية للمعلمين في ضوء مكونات المصطلح، والاهتمام بموضوع مكونات البراعة الرياضية في مختلف كليات التربية في الجامعات العربية. إن تنفيذ المنظومة المتكاملة يضمن تنمية مكونات البراعة الرياضية لدى الطلبة. وإذا رجعنا إلى نتائج الطلبة العرب في دراسة “تيمز” العالمية فمعظم الدول العربية إن لم يكن كلها في المستوى المنخفض أو دون المنخفض، ولعل عدم الاهتمام بمكونات البراعة الرياضية وتنميتها لدى طلابنا يعد أهم الأسباب، لأن مكونات البراعة الرياضية تُعد شاملة لمستويات البعد المعرفي لمتطلبات دراسة “تيمز”  كون مكوني الاستيعاب المفاهيمي والطلاقة الإجرائية في البراعة الرياضية يشمل بُعد المعرفة في متطلبات “تيمز”، ومكوني الطلاقة الإجرائية والكفاءة الإستراتيجية في البراعة الرياضية يشمل بُعد التطبيق في متطلبات “تيمز”، ومكون الاستدلال التكيفي في البراعة الرياضية يشمل بُعد الاستدلال في متطلبات “تيمز”. وبالتالي يُعد هذا المقال بمثابة دعوة للمنظومات التربوية العربية بالاهتمام وبجدية بهذا المستجد التربوي الرياضي “مكونات البراعة الرياضية” حتى يتسنى لطلابنا التمكن من مكوناته والتي سيكون لها مردود إيجابي في النهوض والتقدم والتنافس على المستوى العالمي.

رابعا: أهمية البراعة الرياضية

تكمن أهمية مكونات مصطلح “البراعة الرياضية” في كونه خلاصة التطورات في مجال تعليم الرياضيات من حيث معالجة تدريس محتوياتها، فقد مر معنى النجاح في تعليم الرياضيات بعدة مراحل وتحولات حيث اختلفت النظرة حول المعرفة الرياضية في كل مرحلة بحسب الحاجات لها، إلى أن استقر مطلع القرن الحادي والعشرين إلى تحديد الهدف من الرياضيات المدرسية وهو ما سُمي بالبراعة الرياضية Mathematical Proficiency””، وذلك بعد مراجعة العديد من البحوث والدراسات في علم النفس المعرفي لتحليل الرياضيات التي يمكن تعلمها. كما تكمن أهمية البراعة الرياضية في ترابط مكوناتها الخمسة، حيث يصف المجلس القومي للبحوث في الولايات المتحدة الأمريكية الخمس المكونات للبراعة الرياضية بأنها متداخلة ومترابطة ومتفاعلة، ولا ينبغي النظر لأي منهما منفردا أو منفصلا عن غيره من المكونات، بل يجب الاهتمام بكل منها بالتزامن مع المكونات الأخرى. كما تكمن أهميتها في سهولة تنمية مكوناتها من خلال معظم الاستراتيجيات والطرق والنماذج والأساليب التعليمية المبنية على النظريات التعليمية في المجال التربوي. وتكمن أهمية البراعة الرياضية في سهولة تطوير مناهج الرياضيات وفق مكوناتها، كون مكوناتها تهم جوانب معالجة المحتوى الرياضي من خلال عرضه وتدريسه، لذلك التطوير لا يحتاج الى وقت وجهد كبيرين فقط يحتاج الى تطعيم بعض الموضوعات بمزيد من المشكلات الرياضية الواقعية وعرضها بطريقة تتواءم مع مكونات البراعة الرياضية وترابطها. كما تكمن أهمية البراعة الرياضية بأن توافر مؤشرات مكوناتها في مناهج الرياضيات يعني توافر مؤشرات كل التطورات التي سبقتها مثل معايير NCTM ومعايير الرياضيات المشتركة CCSS ومتطلبات بُعد المعرفة في دراسة “تيمز” حيث أن مكونات البراعة الرياضية الخمسة تشمل معايير المعالجة في NCTM والمعايير الثمانية المشتركة للرياضيات CCSS، كما أن مكوناتها الخمسة تشمل متطلبات البعد المعرفي ل “تيمز” . وتتميز البراعة الرياضية لتنمية مكوناتها استخدام العديد من الاستراتيجيات والنماذج التعليمية فلكل مكون ما يناسبه من طرق واستراتيجيات تعليمية، وهذا يتوافق مع ما يراه المنظرون التربويون بأنه لا توجد طريقة فُضلى في التعليم. كما تكمن أهميتها بأن التدريس وفق مكوناتها له تأثير ايجابي في رفع مستوى التحصيل وتنمية الاتجاهات والدافعية نحو الرياضيات وعدد من المتغيرات الأخرى مثل التواصل الرياضي والتفكير الرياضي وغيرها من المتغيرات. وتكمن أهمية البراعة الرياضية في ربطها الجانب المعرفي الرياضي بالجانب الوجداني المتمثل بمكونها الخامس “الرغبة المنتجة”.

الخلاصة:

ظهر مصطلح “البراعة الرياضية” Mathematical Proficiency”” في مطلع القرن الحادي والعشرين كهدف رئيسي ينبغي أن تسعى مناهج الرياضيات المدرسية إلى تحقيقه، وتعني النجاح في تعلم الرياضيات، والوصول إلى الغاية الأساسية من تعلمها، ويشمل كل جوانب الخبرة والكفاءة والمعرفة بالرياضيات. وقد أشارت نتائج معظم الدراسات العربية إن لم يكن كلها إلى عدم تمكن الطلبة العرب من مكونات البراعة الرياضية. ولكي نتمكن من تنمية مكونات البراعة الرياضية لدى الطلبة فلابد من العمل كمنظومة متكاملة تبدأ بتطوير مناهج الرياضيات وفق مكونات البراعة الرياضية بالتزامن مع البحث عن أهم الاستراتيجيات والنماذج التعليمية التي أثبتت فاعليتها في تنمية مكوناتها، وتطبيقها فعليا داخل الفصول الدراسية، ومن ثم تقصي الممارسات التدريسية لدى معلمي الرياضيات في ضوء مكوناتها، والاعتماد على نتائج التقصي في عمل الدورات التدريبية والتأهيلية للمعلمين في ضوء تلك المكونات، والاهتمام بموضوع مكونات البراعة الرياضية في مختلف كليات التربية في الجامعات العربية.

 

 

 


المراجع العربية:

  • أبو سارة، عبد الرحمن وكافي، وفاء وصالحة، سهيل، (2019). تنمية مكونات البراعة الرياضية لتلاميذ الصف السادس الأساسي في فلسطين باستخدام النمذجة الرياضية القائمة على تطبيقات (الحاسوب التفاعلي-الواقع المعزز)، المجلة الدولية للتعليم بالانترنت، المجلد (1)، ص ص (65-128).
  • البدوي، رمضان، (2019). استراتيجيات في تعليم وتقويم تعلم الرياضيات، ط2، دار الفكر، الأردن.
  • بروق، عماد عواد، (2021). التدريس الغني بالمفاهيم ودوره في تنمية البراعة الرياضية، مقال منشور بتاريخ: 27/7/2021، مدونة تعليم جديد. 
  • حسن، أريج خضر، (2018). العلاقة الارتباطية بين البراعة الرياضية لدى مدرسي مادة الرياضيات وبين البراعة الرياضية لدى طلبتهم، مجلة جامعة الأنبار للعلوم الإنسانية، العدد (2)، ص ص (371-390).
  • حسن، شيماء محمد، (2016). فاعلية برنامج قائم على استراتجيات التدريس المتمايز في تنمية الكفاءة الرياضية لدى طلاب المرحلة الثانوية، مجلة تربويات الرياضيات، المجلد (19)، العدد، (5)، ص ص (51- 102).
  • الحنفي، أمل محمد، (2019). فاعلية الدعائم التعليمية في تنمية البراعة الرياضية لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي، مجلة كلية التربية- جامعة المنوفية، العدد (4)، ص ص(160-241).
  • الخالدي، مها راشد، (2018). تصميم وحدات تعلم رقمية قائمة على التمثيلات الرياضية وقياس فاعليتها في تنمية البراعة الرياضية لدى طالبات المرحلة الثانوية بمدينة الرياض، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
  • السواعي، عثمان، (2004). تعليم الرياضيات للقرن الحادي والعشرين، دار القلم، دبي.
  • الشبيبي، قيس والعابد، عدنان، (2021). التدريس في ضوء البراعة الرياضية وأثره في التحصيل وفي مفهوم الذات الرياضي لدى طلبة الصف الثامن بسلطنة عمان، مجلة الدراسات التربوية والنفسية- جامعة السلطان قابوس، المجلد (13)، العدد (3)، ص ص (366- 381).
  • الشمري، عفاف، (2019). واقع الممارسات التدريسية لدى معلمات الرياضيات بالمرحلة الابتدائية في ضوء البراعة الرياضية، مجلة تربويات الرياضيات، المجلد (22)، العدد (6)، ص ص (85-137).
  • العمري، كاملة عبدالله، (2017). درجة تمكن معلمات الرياضيات بالمرحلة الثانوية من البراعة الرياضية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية، الرياض ، السعودية.
  • الغامدي، مجمد بن فهم، (2017). تقويم الأداء التدريسي لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الابتدائية في ضوء ممارسات البراعة الرياضية، مؤتمر التميز في تعليم وتعلم العلوم والرياضيات الثاني (التطور المهني-آفاق مستقبلية)، 9-11 مايو، السعودية.
  • القرني، نورة محمد، (2019). واقع الأداء التدريسي لمعلمات الرياضيات بالمرحلة المتوسطة في ضوء متطلبات تنمية البراعة الرياضية، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية- جامعة بابل، العدد (43)، ص ص (909-934).
  • قطينة، غدير والشرع، إبراهيم، (2021). البراعة الرياضية لدى طلبة الصف التاسع الأساسي في الأردن وعلاقتها بمعتقداتهم عن تعلم الرياضيات، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، المجلد (29)، العدد (3)، ص ص (549- 572).
  • كيحر، وائل، (2021). تقييم أداء معلمي الرياضيات بالمرحلة الابتدائية في ضوء مهارات البراعة الرياضية، مجلة جامعة مطروح للعلوم التربوية والنفسية، العدد (1)، ص ص(41- 77).
  • المالكي، علي، (2019). تقويم محتوى منهج الرياضيات بالصفوف العليا من المرحلة الابتدائية في ضوء مكونات البراعة الرياضية، مجلة تربويات الرياضيات، المجلد (22)، العدد (8)، ص ص (253-295).
  • المصاروة، مها عبد النعيم، (2012). أثر التدريس وفق إستراتيجية قائمة على الربط والتمثيل في البراعة الرياضية لدى طلبة الصف السادس الأساسي، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الهاشمية، الزرقاء – الأردن.
  • المطيري، عائشة بنت ثربان، (2020). مستوى تمكن طالبات الصف الربع الابتدائي من أبعاد البراعة الرياضية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة القصيم، السعودية.
  • المعثم، خالد والمنوفي، سعيد، (2014). تنمية البراعة الرياضية توجه جديد للنجاح في الرياضيات المدرسية، المؤتمر الرابع في تعليم الرياضيات وتعلمها، (27-29 ذو الحجة- 1435ه)، جامعة الملك سعود، الرياض، ص ص (1-32).
  • الملوحي، أريج بنت عبدالله، (2020). مستوى البراعة الرياضية لدى طالبات الصف السادس الابتدائي بمدينة الرياض، مجلة تربويات الرياضيات، المجلد (23)، العدد (3)، ص ص (192-216).
  • المنوفي، سعيد جابر والمعثم، خالد بن عبدالله، (2014). مدى تمكن طلاب الصف الثاني المتوسط بمنطقة القصيم من مهارات البراعة الرياضية، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، المجلد (27)، العدد (6)، ص ص (524- 552).

المراجع الأجنبية:

MacGrow, D. (2013). Academy of math Developing Mathematics Proficiency. EPS Literacy and Intervention.

National Research Council (NRC)(2001). Helping Chiding Learn in Mathematics. Washington, D. C., USA: The National Academies Press. 

البحث في Google:





عن د. عبده صالح محسن بهوث

دكتوراه في تحليل وتقييم أنظمة التربية والتكوين (تعليم الرياضيات نموذج) من كلية علوم التربية -جامعة محمد الخامس - الرباط - المغرب. باحث في مجال تعليم وتعلم الرياضيات - وزارة التربية والتعليم اليمن.مهتم بتدريب وتأهيل معلمي الرياضيات. محاضر في معاهد التدريب والتأهيل بالجمهورية اليمنية.محاضر في بعض الجامعات الخاصة بالجمهورية اليمنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *