التعليم في هولندا

التجربة الهولندية في تطوير المناهج وإمكانية الاستفادة منها في تطوير وتقويم المناهج

مقدمة

في ضوء التطورات السريعة والمتلاحقة التي يتعرض لها العالم في مختلف المجالات ولاسيما الميدان التربوي؛ تلجأ الأنظمة التعليمية إلى تطوير وتحسين عملياتها التعليمية بهدف مواكبة هذه التطورات، ويعد تطوير المناهج على وجه التحديد ضرورة ملحة؛ نظراً للانفجار المعرفي الذي يتسم به هذا العصر وظهور الاتجاهات التربوية الحديثة من جهة، وللدور الذي تضطلع به المناهج في إعداد جيل مبدع وقادر على التكيف مع التطورات والارتقاء بالمجتمع من خلال تحديد الخبرات التربوية اللازمة للوفاء بمتطلبات هذه التطورات من جهة أخرى.

لذا فإن تطوير المناهج يستلزم إعادة النظر في المناهج التعليمية وفلسفتها وكميتها ونوعيتها وأساليب تخطيطها وتنفيذها وتقويمها لتحقيق أهداف المجتمع المعاصرة والمستقبلية، وذلك في ضوء عدد من الدواعي منها قصور المناهج الحالية عن تلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين، أو في ضوء التغيرات التي تطرأ في علم المناهج والفلسفة التربوية، أو في ضوء الاحتياجات المستقبلية للفرد والمجتمع، أو ظهور اتجاهات حديثة في تطوير المناهج. (تمام، 2000)

ولكي تتم عملية التطوير بصورة سليمة لابد أن تكون أهدافها واضحة وشاملة لجميع جوانب عناصر المنهج والعملية التعليمية ومعتمدة على أسس علمية، وأن تكون مستمرة وتعاونية يشترك فيها جميع المختصين في التربية والتدريس، وحتى تتحقق عملية التطوير لابد أن تكون مسايرة جنبا إلى جنب مع عملية تقويم المنهج، حيث يتم تحديد الأخطاء وأوجه الضعف ونواحي القصور في المنهج ثم تجرى الدراسات والتجارب لمحاولة التخلص من هذا القصور مع الاستفادة من الاتجاهات والخبرات التربوية واختيار المناسب منها والصالح لعاداتنا ولمجتمعنا. (محمود، 2009، ص14)

المناهج الدراسية في هولندا

يشير تقرير التنافسية العالمية الصادر عن منظمة الاقتصاد العالمي (2016) إلى أن النظام التعليمي في هولندا يحتل المركز الرابع على العالم، ويعود ذلك إلى حد كبير لنظام التعليم في بلادهم الذي ارتقى من خلال سياساتهم المرنة التي تعكس إيمانهم بالعلم والتعليم، فالتعليم بالنسبة لهولندا من أول المتطلبات الضرورية لتحقيق مستوى رخاء فكري وثقافي مرتفع. وتعتبر الدراسة في هذا البلد إلزامية ومجانية حتى سن السادسة عشرة. وتتولى الحكومة تمويل جميع مراحل التعليم بدءا بالمرحلة الابتدائية وانتهاء بمدارس البحث بعد التخرج. ولا يعتمد التعليم على نظام رسمي، حيث لا تملي الحكومة أي منهج أو نصوص  تعليمية معينة، ولا تتبنى أي فلسفة تعليمية خاصة، وإنما تضع القواعد الخاصة بمدة الدراسة، ومستويات الإنجاز التي يجب تحقيقها، ونجم عن ذلك تمتع هولندا بقطاع عريض من المؤسسات التعليمية لكل منها شخصيتها الاستثنائية، بل وأحيانا خلفيتها الفلسفية الخاصة بها. (الشديفات، 2016)

تضع وزارة التربية والثقافة والعلوم الهولندية على المستوى الوطني، إطاراً عاماً للمناهج الوطنية العامة، ويحدد الإطار توزيع الوقت المقترح والنتائج المستهدفة (أي ما الذي يجب أن يعرفه الطلبة، وما الذي يجب أن يكونوا قادرين على القيام به) بالنسبة إلى المجالات المتعلقة بالمواد والموضوعات المشتركة بين المناهج الدراسية، ومع ذلك، تمتلك المدارس حرية تدريس المواد الأساسية بأي طريقة تراها مناسبة، شريطة أن تحقق النتائج المستهدفة، وتقوم الوزارة بالتشاور مع مجلس التربية والتعليم، واللجنة الاستشارية للتعليم الابتدائي والثانوي قبل تأسيس أطر المناهج الدراسية، إضافة إلى ذلك، تمول الحكومة المعهد الوطني لتطوير المناهج الدراسية (SLO)، الذي يعمل بمنزلة مجموعة استشارية مستقلة لتقديم المشورة بشأن الإصلاحات التعليمية الرئيسة.(الدخيل، 2015، ص 272)

أما على المستوى المحلي فيتم تحديد أهداف المناهج الدراسية الخاصة من قبل المدرسة، ثم تقوم كل مدرسة بتأسيس مجلس للمشاركة يمثل أعضاء الهيئة التدريسية وأولياء الأمور والطلبة، ويمكن أن يؤسس أولياء الأمور والهيئة التدريسية أيضا مجالس مستقلة تشرف بصفة استشارية على تطبيق المناهج الدراسية. وتقوم كل مدرسة، بالتعاون مع المجلس (أو المجالس)، بوضع خطة المدرسة التي تفصل فيها الأهداف التنموية، وطرائق التدريس، ونظام المدرسة وعمليات التقويم، التي يجري إرسالها إلى هيئة تفتيش التربية والتعليم (وهي هيئة مستقلة داخل الوزارة للموافقة عليها). (الدخيل، 2015، ص 272)

في عام 2015، بدأت الوزارة حوارًا على مستوى البلاد حول معرفة المهارات اللازمة للطلاب لإعدادهم لاقتصاد عالمي متغير. تضمنت التوصيات التركيز على المهارات الاجتماعية والعاطفية، وتحسين المعرفة الرقمية والتأكيد على المهارات المستعرضة مثل التعاون والتفكير النقدي، وتعلم التعلم والإبداع وحل المشكلات. ولتنفيذ هذه التوصيات، تقود الوزارة جهود تطوير وإصلاح المناهج الدراسية التعاونية (التطوير على مستوى المدرسة) والتي من خلالها ستقوم فرق المعلمين بتحديد ما يجب على الطلاب معرفته والقدرة على فعله في تسع مجالات: المواطنة، ومحو الأمية الرقمية، واللغة الإنجليزية والهولندية، والحساب والرياضيات، والرياضة والفنون والثقافة والبشر والطبيعة والتكنولوجيا، والعلوم الاجتماعية. كما حددت أربعة مواضيع هامة يجب تضمينها في المناهج وهي الصحة والعولمة والاستدامة والتكنولوجيا. (NCEE)

ويتم تطوير التعليم في هولندا في مستويات متعددة نظرا للنظام اللامركزي الذي يتبعه نظام التعليم فيها، فيتم التطوير العالي على الصعيد الدولي في ضوء المعاهدات مثل (معاهدة بولونيا) و(معاهدة لشبونة) والدراسات المقارنة مثل (TIMMS/PISA)، كما يتم على الصعيد الوطني في تطوير أطر التعلم مثل (أهداف التعليم العامة، المؤهلات، برامج الامتحانات، البرامج الدراسية)، ويتم التطوير كذلك على مستوى المدرسة مثل التطوير في (الخطة الدراسية، وبرامج التدريب)، بالإضافة الى التطوير في اعداد المعلم لعملية التعليم التربوي مثل (إعداد محتوى الدروس، وتصميم التدريس)، وأخيراً يتم التطوير على مستوى المتعلمين مثل تطوير خطة التعلم الشخصية للمتعلمين. إن التطوير في أي مستوى يؤثر في المستويات الأخرى. (slo,2019)

ويعد المعهد الوطني لتطوير المناهج في هولندا (SLO) مسؤولاً عن تطوير الأهداف التعليمية العامة والمستويات المرجعية المعيارية، وتصميم الأطر النظرية والتطبيقية التي يمكن للمدارس والمعلمين الاستفادة منها في تصميم المناهج وتطويرها وفق رؤيتهم الخاصة، كما يهتم المعهد برصد الممارسات الدولية ودراسة التطورات الاجتماعية وتجديد السياسات التعليمية وجمع البحوث التطويرية، إضافة إلى تقديمها خدمات الاستشارة للمدارس والشركاء والحكومة عند الطلب. ((SLO,2019

ويوفر المعهد الوطني لتطوير المناهج الدراسية في هولندا مجموعة من الأدوات المساندة لفريق المعلمين المصممين، والتي تساعدهم على عملية التطوير للمناهج الدراسية، ومن أهمها: نموذج عناصر المنهج الدراسي وهو نموذج يحدد جميع مكونات المنهج بطريقة متماسكة. تنعكس هذه العناصر في جميع مستويات المناهج الدراسية (المستوى الوطني أو المستوى المدرسي أو الفصل الدراسي). كما في الشكل (1).

الشكل (1): نموذج عناصر المناهج الدراسي في هولندا. (SLO,2019)

النموذج الهولندي في تطوير المناهج الدراسية

إن تطوير المناهج الدراسية في هولندا يتم على مستوى المدرسة، وذلك لعدد من الأسباب منها: الظروف البيئية، والتعددية الثقافية، ورغبات أولياء الأمور، وتوجه المدرسة الديني. وفي ضوء ذلك يتوفر للمدارس والمعلمين العديد من الخيارات لتنظيم المناهج الدراسية وتطويرها، وبذلك تكون للمدرسة حرية اختيار وتصميم المناهج الدراسية الخاصة بها أو إضافة محتوى إضافي مناسب إذا لزم الأمر، وذلك ضمن الأطر الوطنية، من خلال تكوين فرق المعلمين المصممين (TDTs) –اثنان فأكثر- الذين ينتمون لنفس المجال، حيث يضعون عدد من التصورات المقترحة لحل المشكلات التعليمية والتربوية، أو لدمج القضايا الهامة ومعالجتها من خلال المناهج الدراسية. (SLO,2019)

تنطلق عملية تطوير المناهج الدراسية في التعليم الهولندي، من سؤال رئيسي هو: ما الأهداف والمحتوى الذي له الأولوية في التعليم، ولماذا؟ وتستند الإجابة على هذا السؤال على رؤية واضحة ومحددة في التعليم؛ وبناءً على هذه الرؤية، تقوم المدرسة باختيار الأهداف والمحتويات والمكونات الأخرى للمناهج الدراسية. إن تبنى هذه الرؤية يجعل عملية تطوير المناهج الدراسية واضحًا، ويعتمد تطوير المناهج الدراسية على نموذج ADDIE –الشكل (2) – وهي عملية دورية تتكون من خمسة عمليات أساسية ذات صلة: التحليل والتصميم والتطوير والتنفيذ والتقييم. (SLO,2019)

الشكل (2): نموذج  ADDIE لتطوير المنهج الدراسي في هولندا

ومن خلال الشكل السابق تمر عملية تطوير المنهج الدراسي في ضوء نموذج ADDIE بالخطوات الآتية:

  • التحليل: حيث يتم تحليل الوضح الحالي للمناهج الدراسية من خلال ما يلي:
  • تحليل المشكلة: ما هي المشكلة (الكامنة) الفعلية؟
  • تحليل المجموعة المستهدفة: ما هي خصائص المجموعة المستهدفة؟
  • تحليل السياق: ما السياق الذي توجد فيه المشكلة وما الدور الذي تلعبه؟
  • تحليل الاحتياجات: ما هي احتياجات المجموعة المستهدفة والعميل؟
  • تحليل قاعدة المعرفة: ماذا نعرف بالفعل عن هذه المشكلة والحلول الممكنة؟ هل هناك أمثلة جيدة؟ ما الذي يمكن العثور عليه في الأدب كدليل؟
  • التصميم: في هذه الخطوة يقوم فريق التطوير بوضع المبادئ التوجيهية وإرشادات التصميم والمسودات الأولية للمنهج المطور في ضوء مخرجات الخطوة السابقة (التحليل).
  • التطوير: يتم في هذه الخطوة البدء بإنتاج المنهج المطور من حيث تأليفه وإنتاجه.
  • التنفيذ: تتضمن هذه الخطوة استخدام المنهج أو الإصدارات الأولى منه في الممارسة العملية على عينة ممثلة من المجتمع (الصف الثالث الابتدائي) من أجل الوقوف على جوانب القصور والسلبيات ومعالجتها، ودعم الجوانب الإيجابية وإثرائها.
  • التقويم: التقييم ضروري في جميع الخطوات السابقة لتطوير المناهج. يتم جمع البيانات عن جودة المنهج المطور من خلال عدد من أساليب التقييم. وغالبًا ما يكون من الضروري إجراء تعديلات على الإصدارات المؤقتة من المنهج. وتعد هذه الخطوة انطلاقا لدورة تطوير قادمة.

تساعد عملية التطوير الدوري في تعزيز جودة المناهج الدراسية، حيث يتم إجراء تقييم في كل جولة تطوير لمعرفة الجودة في نقطة واحدة أو أكثر (الأهمية والتناسق وسهولة الاستخدام والفعالية) والتوصل إلى مقترحات للتحسين، كما تركز عملية التطوير على زيادة أهمية واتساق تطوير المناهج الدراسية، وفي سياق عملية التطوير، ينتقل التركيز إلى زيادة قابلية الاستخدام والفعالية، حيث يتجه التقييم في المراحل الأولى إلى الاهتمام في المقام الأول بأهمية المنهج المطور وتناسقه، ويمكن تتبع ذلك من خلال فحص المنهج أو اللجوء إلى طريقة مجموعات التركيز، ثم ينتقل تركيز التقييم على مدى قابلية استخدامه وسهولته، وذلك من خلال الاطلاع الدقيق على المنهج المطور من قبل المطورين أو اختيار أجزاء معينة واختبارها، مما يساعد في الإدلاء ببيانات حول قابلية الاستخدام، ولتقييم مدى فعالية المناهج الدراسية المطورة بالكامل يتم اللجوء الى تجريبه ميدانياً. (SLO,2019)

نطاق عملية تطوير المناهج الدراسية في هولندا

وتتضمن عملية تطوير المناهج الدراسية في المدارس الهولندية –الشكل (2)- عمليتان مصاحبتان لتطوير المنهج، هما عملية التطوير المهني وعملية تطوير نظام المدرسة، ويشير هاندلزلتس (Handelzalts,2019) إلى أن الهدف من استخدام هذا السياق في التطوير، هو تحقيق إصلاح مستدام ومتسق على مستوى المدرسة؛ بسبب علاقات التآزر والإنتاجية على مختلف المستويات (النظام والمدرسة والفصل الدراسي) بين تطوير المناهج الدراسية والتطوير المهني للمعلمين وتطوير المدرسة. هذا التآزر في العمليات هو مفتاح الإصلاح المستدام. (p160)

الشكل (2) عملية تطوير المناهج الدراسية على مستوى المدرسة

ويتضح من الشكل السابق أن عملية تطوير المناهج مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع التطوير المهني وتطوير البيئة التعليمية ويمكن شرح هذه العمليات كما يلي:

  • تطوير المناهج الدراسية الخاصة بالمدرسة: ويشمل ذلك جميع الخطط والاتفاقيات التي تعقدها المدرسة حول تعلم التلاميذ في تلك المدرسة، كما تغطي هذه الاتفاقيات جميع الجوانب العشرة للمناهج الدراسية، وفي أثناء عملية التطوير، يقوم أعضاء الفريق بإنشاء تصور مشترك حول ما يريدون تطويره وكيفية ربط المكونات المختلفة.
  • التطوير المهني: يعتمد تطوير المناهج داخل المدرسة بشدة على كفاءة الفريق وإدارة المدرسة ومجلس المدرسة، وتهدف هذه العملية إلى تطوير مهارات المعرفة التخصصية والمهارات التربوية ومهارات تصميم وبناء المناهج مهارات البحث العلمي لدى المعلمين.
  • تطوير تنظيم المدرسة: تشمل تطوير ثقافة المدرسة من حيث شيوع ثقافة التعاون وجود علاقات احترام وثقة متبادلة بين أفراد المدرسة تطويع البيئة المدرسية، كما تشمل تطوير البنية التحتية للمدرسة مثل الميزانية أوقات الدراسة، وجود قنوات تواصل، الهيكل التنظيمي والاستشاري. (SLO,2019).

نظرة على المناهج الدراسية في رياض الأطفال في هولندا

يوجد منهج قومي موحد للتلاميذ في رياض الأطفال الهولندية، فهي تقوم على اللعب، وأنها تسهم في النمو العقلي، وتحسين التخطيط المعرفي، ومتابعة السلوك المتمحور حول تحقيق الأهداف، وزيادة مستويات الإصرار والمثابرة لدى التلاميذ، وتحسن السيطرة على المشاعر، والتعامل مع الصراعات، والضبط السلوكي الذاتي. وتتميز الأنشطة القائمة على اللعب في رياض الأطفال الهولندية بتمحورها حول تحقيق أهداف تربوية، ومن ثم تسهم هذه الأنشطة القائمة على اللعب في تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين لدي الأطفال مثل التعاون مع الآخرين ذوي الخلفيات المتباينة، وتنمية القدرات الإبداعية، ومهارات حل المشكلات، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات إدارة الذات.

وتتميز مناهج رياض الأطفال في هولندا بالخصائص التالية:

  • التركيز على تنمية الجوانب الاجتماعية والوجدانية للتلاميذ، وعلى توفير الأمان الوجداني، والعلاقات الحميمة بين التلاميذ ومعلميهم، وتعزيز استقلال التلاميذ، وتنمية كفاياتهم الاجتماعية، من خلال العم في بيئة مخطط لها وهادئة.
  • إعطاء قدر أكبر من الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والوجدانية، وعدم التركيز على تنمية القدرات العقلية فقط في خلال العام الأول من رياض الأطفال.
  • وزيادة الاهتمام بتنمية الجوانب العقلية المعرفية بصورة متدرجة في خلال العام الثاني من رياض الأطفال.
  • التركيز على التعلم من خلال اللعب الحر، وعلى تطبيق المبادئ التربوية للعالم الشهير ’فروبل‘‘ (Frobel).
  • المزج بين الأنشطة الحرة التي يطبقها الأطفال بأنفسهم، وبين الأنشطة التي يقودها المعلمون بصورة رئيسة، وبين الأنشطة التربوية في المناهج بصورة متوازنة. (عبد النبي، 2018)

جوانب الاستفادة من التجربة الهولندية في تطوير المناهج

في ضوء ما تم استعراضه، أكدت التجربة الهولندية في تطوير المناهج حرص النظام التعليمي الهولندي على التطوير المستمر للمناهج الدراسية على المستويين الوطني والمدرسي، ويمكن استخلاص جوانب الاستفادة فيما يلي:

  • وجود جهة مستقلة عن وزارة التعليم تمول من قبل الحكومة، تقوم بمسؤوليات مراجعة وتطوير السياسات التعليمية والأهداف التربوية والتعليمية بشكل مستمر في ضوء المستجدات المعاصرة، كما تضع توصياتها لتطوير المناهج في ضوء نتائج الدراسات البحثية والتقويمية، وتضع أطراً نظرية ونماذج مقترحة لعمليات تطوير المناهج، وتوفير الأدوات المساعدة لعمليات تطوير المنهج على المستوى المدرسي.
  • الاتجاه إلى جعل عمليات تطوير المناهج لا مركزية على عدد من المستويات (الوطني، المحلي، المدرسي) مع تخصيص جزء من ميزانية التعليم لعمليات تطوير المناهج تسلم للمجالس التعليمية وتتولى هي توزيعه على المدارس، جعل عمليات التطوير تتميز بالاستقلالية والمرونة.
  • تستند عملية تطوير المناهج على رؤية في التعليم على كافة المستويات، حيث تنطلق من فلسفة واضحة ومحددة وذلك بهدف تأطير عمليات تطوير المنهج.
  • المعلمين والمعلمات هم القائمين بعمليات تطوير المناهج، لأنهم أقرب إلى الواقع؛ حيث يساعدهم هذا الأمر في معرفة نقاط الضعف من واقع تدريسهم وقدرتهم على تحديد أبرز المشكلات التي تواجه تنفيذ المناهج.
  • أن نطاق عملية تطوير المناهج الهولندية يشمل تطويراً مصاحباً للمعلم، وذلك لكونه منفذ المنهج ومصممه ومطوره، كما أنها تطويراً مصاحباً للبيئة المدرسية وذلك لكونها البيئة التي تدعم تنفيذ المناهج الدراسية.
  • تتميز عمليات تطوير المناهج الدراسية في هولندا بأنها شمولية، فهي تغطي كافة عناصر المنهج الدراسي أيا كان المستوى الذي تحدث فيه عملية التطوير.
  • وضع أربع معايير للتحقق من جودة عمليات تطوير المنهج في هولندا وهي (الأهمية والتناسق وسهولة الاستخدام والفعالية)، ويتم ذلك من خلال تقويم عمليات تطوير المنهج في كل خطواتها، كما حدد المعهد الوطني الأدوات التي يتم بواسطتها التحقق من معايير الجودة.
  • حرص النظام الهولندي على تضمين المناهج الدراسية المهارات الاجتماعية والعاطفية، وتحسين المعرفة الرقمية والتأكيد على المهارات المستعرضة مثل التعاون والتفكير النقدي، وتعلم كيفية التعلم والإبداع وحل المشكلات.
  • اهتمام النظام الهولندي بتقويم وتطوير المناهج اللغوية (الهولندية والانجليزية والفرنسية) لتنمية المهارات اللغوية لدى المتعلمين وبخاصة مناهج رياض الأطفال والصفوف الأولية في المرحلة الابتدائية.

اهتمام المناهج الهولندية بالجوانب التربوية والنفسية للمتعلمين، وعلى توفير الأمان الوجداني، والعلاقات الحميمة بين التلاميذ ومعلميهم، وتعزيز استقلال التلاميذ، وتنمية كفاياتهم الاجتماعية، من خلال العمل في بيئة مخطط لها.

  • تتميز المناهج الدراسية المطورة بتمحورها حول تحقيق أهداف تربوية منها: تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين لدي الأطفال، مثل التعاون مع الآخرين ذوي الخلفيات المتباينة، وتنمية القدرات الإبداعية، ومهارات حل المشكلات، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات إدارة الذات.

المراجع:

  • تمام، تمام إسماعيل. (2000). آفاق جديدة في تطوير مناهج التعليم في ضوء تحديات القرن الحادي والعشرين. مصر: درا الهدى للنشر والتوزيع.
  • حسب النبي، أحمد محمد نبوي. (2018). دراسة حالة لمؤشرات تطوير رياض الأطفال في هولندا وإمكانية الإفادة منها في مصر. دراسات في التعليم الجامعي: جامعة عين شمس – كلية التربية – مركز تطوير التعليم الجامعي، ع41 ، 132 – 214.
  • محمود، شوقي حساني. (2009). تطوير المناهج رؤية معاصرة. القاهرة: المجموعة العربية للتدريب والنشر.
  • موقع المعهد الوطني الهولندي لتطوير المناهج الدراسية. https://slo.nl/over-slo/ . تاريخ الدخول 1/11/2019م.
  • Slo, 2019 . https://magazines.slo.nl/curriculumwaaier
  • Handelzalts A. (2019) Collaborative Curriculum Development in Teacher Design Teams. In: Pieters J., Voogt J., Pareja Roblin N. (eds) Collaborative Curriculum Design for Sustainable Innovation and Teacher Learning. Springer, Cham.

البحث في Google:





عن أمل بنت عبيد الطويرقي

باحثة دكتوراه في المناهج وطرق تدريس اللغة العربية جامعة أم القرى، مدربة معتمدة، وعضوة في الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية

3 تعليقات

  1. السلام عليكم
    أحسنت لاختيارك هذا الموضوع،فلا يمكننا النجاح الا بالاستىءناس بالتجارب الناجحة.

  2. د.+محمود+أبو+فنّه

    مقالة هامّة يمكن الاستفادة منها في إعداد
    المناهج وتطويرها في مجتمعاتنا ومدارسنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *