التعلم الرقمي بقيادة الأقران

التربيّة التّكنولوجيّة : الموارد والأهداف

تحتل التّكنولوجيا حيزاً مركزياً في مجتمعات اليوم، بل وتشكل مفاهيمها التقنية ومصطلحاتها جـزءا مكملاً لثقافتنا ولغتنا اليومية. كما أن تعليم التّكنولوجيا وتطبيقها في مراحل التعليم العام يتيح فرصة دراسة المنتجات التقنية، وفهمها، واستخدامها، واختيار أهم وأبرز مجالات تطبيقها، والتعامل معها في علاقة متحركة باستمرار، وفق القيم التي يفرضها المجتمع واعتماداً على حاجاته، كما لا بد من العمل على إدراجها كموضوع رئيس في المناهج الدراسية المتنوعة.

ولعل هذا التوجه يتفق مع ما توصل إليه مؤتمر اليونسكو عام 1984م باعتبار التـدريب التكنولوجي من المقررات الأساسية في التعليم، وبدونه لا يمكن للتعليم فهم الجوانـب التّكنولوجيّة للحضارة الحديثة بشتى تخصصاتها. لذلك كان لا بد من إيلاء موضوع التّكنولوجيا عناية خاصة لدوره فـي تنميـة الثقافـة التّكنولوجيّة، والابتكار والتفكير العلمي للطلاب، والانتقال مـن التعلم النظري إلى التطبيقي. لذا عملت الكثير من وزارات التّربية والتعليم حول العالم، وفي العالم العربي على رعاية المنهاج الجديد من خلال إعداد المواد التدريبية الداعمة له، وتدريب المعلمين، مع المتابعة الحثيثة لتنفيذه بالشكل الذي يضمن تفعيل المنهاج في أفضل صورة، وضماناً لتنفيذ الأسس التي بني المنهـاج عليها.

1- التّكنولوجيا والموارد

مع جائحة كورونا تزايد الدور الذي يلعبه منهاج التّكنولوجيا وصارت أهميته عالمية، وبدأت ملاحظة الصعوبات المرافقة لتطبيقه بصورة جلية، أهمها عدم توافر معلمين متخصصين بالموضوع، ناهيك عن الصعوبات الإدارية، والتي أهمها عدم تمكين المعلمين من تدريس المقرر، أو عدم إلمام المعلمين بعدد من محاور المنهاج المختلفة.

إن دخول البشرية عصر التّكنولوجيا خلال الجائحة لم يعد نوعاً من الرفاهية، بل أصبحت البعد الجوهري في التفكير الانساني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. فقد أضحت تكنولوجيا المعلومات من أهم أدوات النظام العالمي المعاصر الذي تأسس على المعرفة، ولم يعد التحول مقتصراً على استغلال الموارد الطبيعية والمادية فحسب، بل تعداها الى الاهتمام بنشر المعلومات؛ وما يتعلق بها من مهارات تحليلها ومعالجتها.

ولا نغفل أن التّكنولوجيا تعد مجموعة الأدوات التي توفر تخزين المعلومات، ومعالجتها واسترجاعها، ثم توصيلها عبر أجهزة الاتصال المختلفة إلى أماكن مختلفة حول العالم، بالإضافة لاستقبالها من أي مكان فيه. فهي ليست مجرد ألآت حديثة كما يعتقد البعض، بل منظومة العمليات التي تسير وفقاً لمعايير مدروسة ومحددة، تستخدم كافة الإمكانات المتاحة، المادية والبشرية، ضمن منهجية المنظمة التي يتم من خلالها تطبيق المعرفة العلميّة لحل مشكلات عملية، مع الاستخدام العلمي للموارد المتاحة أو الطاقات والإمكانيات المتوفرة بطريقة فعالة، وبدرجة عالية من الجودة والكفاءة بهدف الرقي والتقدم وتحقيق الأهداف.

أما عن تعليم التّكنولوجيا في فلسطين فقد بدأ في التسعينيات من القرن الماضي، عندما أُدخل الحاسوب للنظام التعليمي، وتعليم الطلبة عدداً من لغات البرمجة مثل فيجوال بيسك، أعقبها استحداث منهاج التّكنولوجيا والعلوم التطبيقيّة، الذي تطور خلال العام 2005 حيث استحدث منهاج تكنولوجيا المعلومات للمرحلتين الأساسية والثانوية.

2- أهداف تدريس التّكنولوجيا

إن منهاج التّكنولوجيا لا بد وأن يهدف إلى تعزيز اكتساب المعرفة العلميّة، واستيعابها لدى الطلبة، وتنمية الأسس والركائز الأساسية العلميّة والتقنية، التي تهدف لتوسيع الخيال العلمي، وتشجيع التفكير الإبداعي لدى الطلبة، كذلك تمكينهم من الربط بين العلم والتّكنولوجيا والمجتمع، ناهيك عن العمل على تنمية قدراتهم ومهاراتهم في التعبير والحوار، واستخدام الرموز والإشارات المتعلقة بجوانب العلم والتّكنولوجيا، كتفسير الرسومات البيانية والجداول. مع كسر حاجز الخوف من المواد العلميّة والعمليّة لديهم، وإنما إكسابهم مهارات عملية تطبيقيّة. ولا يمن إغفال مساهمتها في تعزيز التفاعل الصفي، وزيادة المشاركة الفعالة للطلاب.

3- محاور المقررات التّكنولوجيّة

الحاسوب: ويقصد به الوحدات التي تتضمن مواضيع مختلفة، وبرامج حاسوبية منوعة مثل برنامج معالج النصوص والجداول الإلكترونية.

تفكيك وتركيب المواد: وهي الوحدات التي تتضمن مواضيع منوعة في مواد الأخشاب، والمعادن، والزجاج، والبلاستيك.

الرسم الهندسي: وحدات تتضمن موضوعات مختلفة في الرسم الهندسي والمساقط وغيرها.

محور الطاقة الكهربائية: وحدات تتضمن مواضيع متنوعة في الكهرباء والتمديدات الكهربائية والمكثفات.

4- معلم التّربية التّكنولوجيّة

يعتبر معلم التّربية التّكنولوجيّة الركيزة الأساسية في المدرسة، والمسؤول عن تحقيق أهداف المنهاج لموضوع التّكنولوجيا، والظروف التي فرضتها الجائحة، جعلت الحاجة ماسة لوجود معلمين مبدعين في هذا المجال، ينقلون المعرفة لطلابهم ويعلمونهم مستخدمين استراتيجيات وطرائق حديثة تتلاءم مع الحالة الراهنة والمتسارعة، بالإضافة لمساعدتهم على التمكن من حل المشاكل التّكنولوجيّة، فالمعلمون هم الحجر الأساس في تدريس التّكنولوجيا، ويتحملون مسؤولية تنفيذ المنهاج، كما يعول عليهم في تحقيق الأهداف. وقد قامت اليونسكو (2002) باستنباط عدد من المعايير والكفايات الضرورية لمعلمي التّكنولوجيا، بالإضافة للشروط الواجب توفرها فيهم ليكونوا معلمين فاعلين.

5- شروط معلمالتكنولوجيا

لا بد وأن تتوفر لديه الرغبة والاستعداد المعرفي والشخصي للعمل كمعلمي تكنولوجيا، بالإضافة إلى الإلمام بتنظيم التّكنولوجيا في السوق، مع توافر عدد من المهارات الحياتية العامة كالتفكير الناقد والابتكار، وأن يكون لديه القدرة على التعامل مع المشكلات بمهارة، وأن يعمل على أن يتبع المنهجية العلمية في حلها مع طلابه، كما لا بد من أن يقدر على أن يصل إلى مراحل عليا في التفكير بحيث تتيح لطلابه أن يكونوا طلاباً مبدعين في المستقبل، وأن يخلق لدى طلابه احترام آراء الآخرين، والثقة بإنجازات طلابه والبناء عليها.  وتماشياً مع تلك الرؤية، وبهدف الارتقاء بمستوى فاعلية الأداء في تدريس مقرر التكنولوجيا، فقد عمدت وزارات التّربية والتّعليم العالي الفلسطينية إلى استحداث تخصص بكالوريوس في  التّربية التّكنولوجيّة في عدد  من الكليات والجامعات، إسوة بكثير من الجامعات في الوطن العربي والعالم، والذى يهدف الى تنشئة أجيال قادرة على تدريس هذا المقرر بكفاءة وفاعلية، مع الإلمام بكافة محاوره.

المراجع

ابن عامر وصباح (2018)، صعوبات توظيف التعليم الالكتروني من وجهة نظر أساتذة التعليم العالي، المجلة العربية للتربية النوعية، جامعة بسكرة، الجزائر.
الجريري (2018) درجة دمج التّكنولوجيا في الإدارة المدرسية في المدارس الحكومية في محافظة عمان وسبل تطويرها، المركز القومي للبحوث، غزة.
العالم والمجالي (2017)، التحديات التي تواجه معلمي الحاسوب في المدارس الحكومية والخاصة في الأردن، مجلة كلية التّربية، جامعة بورسعيد.
العيسى، إيناس (2020)، إدارة الإدارة: إدارة التغيير وإدارة الجودة الشاملة والإدارة الإلكترونية، عمان، الأردن، دار الشروق.                    https://dergipark.org.tr/en/pub/ortadoguvegoc

نادي (2016)، تقويم برنامج اعداد معلم التّكنولوجيا في الجامعات الفلسطينية في ضوء معايير الانكيت، جامعتي النجاح وفلسطين التقنية، نابلس.

Abdelrahman, I , Salhi̇, A . (2020). UNDERSTANDING THE FACTORS AFFECTING THE ADOPTION OF E- LEARNING BY TEACHERS FROM EAST JERUSALEM SCHOOLS . Ortadoğu ve Göç , 10 (20) , 344-367 . Retrieved from https://dergipark.org.tr/en/pub/ortadoguvegoc/issue/59713/850752

البحث في Google:





عن د. إيناس عبّاد العيسى

بكالوريوس في الكيمياء والرياضيات والفيزياء، دبلوم عال في أساليب تدريس الرياضيات والعلوم. ماجستير في الإدارة من جامعة ليڤريول- بريطانيا، دبلوم عال في الإرشاد التربوي من الجامعة العبرية. ماجستير ثان في التربية من جامعة بيرزيت. دكتوراه في فلسفة التربية وقيادة المؤسسات التربوية. تعمل محاضرة في عدد من الجامعات والكليات والمؤسسات التربوية منها جامعة القدس المفتوحة، كلية المقاصد الجامعية، جامعة النجاح الوطنية، جامعة القدس، مركز إرشاد المعلمين، مركز إبداع المعلم وغيرها .. ناشطة مجتمعية، عضو مجلس أمناء وعضو هيئة إدارية في عدد من المؤسسات المحلية والدولية، سفيرة للعمل التطوعي في المنظمة الدولية للعمل التطوعي. لها عدد من المؤلفات في التربية وعلم الاجتماع والإدارة والقيادة. بالاضافة إلى عشرات الأبحاث والمقالات المنشورة بالعربية والإنجليزية ومنها مترجمة للفرنسية والعبرية في عدد من المجلات المحلية والعالمية. القدس. فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *