التقييم السنوي للمعلم

التقييم السنوي للمعلم حافز للعمل أم مدعاة للكسل؟

أخذ الإشراف اليوم أبعاداً جديدة واستحدثت وسائله وأساليبه كي يواكب التطور في العملية التعليمية، فقد فُتحت للإشراف آفاق رحبة وأدخلت عليه وسائل ومستحدثات تتلاءم وأهدافه التي يسعى لتحقيقها. ونظراً لسعة وشمولية هذه الأهداف، فقد اقتضى ذلك اعتماد بعض مبادئ النظام اللامركزي في الإشراف، بحيث تعطى المسؤوليات الإشرافية إلى مديري المدارس الذين يمتلكون من القدرات والكفاءات ما يؤهلهم للقيام بمتطلبات هذا العمل الإشرافي ومن هنا انبثقت فكرة المشرف المقيم.

يُعطى المدير مسؤولية الإشراف في المجالات التالية:

  • وضع أهداف جديدة للمدرسة وتطوير العمل فيها وربط هذه الأهداف بخطط المدرسة وخطط المعلمين لكي يعملوا كفريق من أجل تحقيقها.
  • ربط المدرسة بالبيئة المحلية وفتح أبواب البيئة المحلية أمام المدرسة لتكون مختبراً للأفكار والنظريات التي تتبناها المدرسة.
  • تطوير الخدمات الإرشادية والتوجيهية التي يتلاقاها المتعلمون في المدرسة.
  • إثارة اهتمام البيئة المحلية بالمناهج الدراسية وغيرها من العوامل المؤثرة على عملية التعليم.

وباعتبار مدير المدرسة مشرفا مقيما، تقع على عاتقه مسؤولية تقييم المعلمين والتي تستوجب مهارة وحنكة لتحقيق أهداف معينة وتطوير الأداء المهني للمعلمين، وبالتالي تدفع المعلمين للعمل بنشاط ودقة، إن نفذت بطريقة عادلة.

وهنا يكمن التساؤل، ما هو التقييم؟ وهل يكفي تقييم المعلم مرة في العام؟ هل أسلوب التقييم الذي يتبعه المشرف والمدير مناسب لتقييم المعلمين في مدارسنا؟

لقد حث الإسلام على أهمية التقييم حيث قال تعالى: ” أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ◌ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ◌ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ◌ ثُمَّ يُجْزَىٰهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ”.

فالتقييم هو إصدار حكم على سلوك وشخصية ومعرفة وأداء وكفاءة المعلمين من خلال جمع وتحليل المعلومات من أجل التحسين والتطوير، ويستخدم للإشارة إلى العملية التي تسمح باتخاذ حكم حول قيمة الظاهرة المراد تقييمها.

من الذي يقوم بعملية التقييم؟

يمكن القيام بعملية تقييم المعلمين من خلال ما يلي:

التقييم الذاتي للمعلم: يشير إلى مدى تقدير المعلم لنفسه وما يصدره من أحكام على أدائه وسلوكه وإدارته للصف وتخطيطه للدروس وقدرته على طرح الأسئلة والمناقشة وتقويم الطلبة، وبهذا يقع على عاتق المعلم مسؤولية التقييم الذاتي، ويجعله مشاركاً في عملية التقييم ويعمل على إنجاحها من أجل تحسين وضعه في المدرسة، وأخذ عملية التقييم على محمل الجد مما يجعله أكثر نشاطاً.

تقييم الزملاء: وذلك من خلال استخدام خبراتهم في فحص أداء المعلم والحكم عليه من خلال ما يستخدمه من طرائق وأوراق عمل وممارسات مهنية على ألا تربطهم علاقة خاصة بالمعلم. ومن الممكن الاعتماد على الزملاء الأكثر خبرة من أجل الحصول على تقييم لأداء المعلم.

تقييم المدير والمشرف: وذلك من خلال معايير دقيقة في عملية التقييم، وتؤخذ معايير تقييم المعلم من خلال الكفايات المهنية الخاصة بالتدريس إذ يجب أن يجتمع المشرف المقيم والمتفرغ مع المعلمين لإطلاعهم على المعايير المعتمدة لوضع علامات التقييم.

أهداف عملية التقييم:

  • المساعدة في تخطيط برامج تدريب وتنمية كفاءة المعلمين.
  • تحديد درجة إسهام المعلمين في الإنتاج.
  • تحديد الاستخدام الأمثل للموارد البشرية.
  • الحكم على الأفراد.
  • تحديد سبل تحفيز المعلمين من خلالها.
  • الكشف عن المشكلات ونواحي القصور.
  • دفع العاملين للاجتهاد في العمل.

المبادئ الأساسية لاستخدام معايير التقييم:

الصدق، الثبات، الموضوعية، التمييز، قابلية القياس، القبول وهو يشير إلى العدالة.

خطوات عملية تقييم الأداء:

  • تحديد العمل المطلوب من حيث الواجبات والمسؤوليات.
  • نقل توقعات الأداء للعاملين.
  • تحديد طرق للتقييم.
  • تنفيذ التقييم.
  • مناقشة نتائج التقييم مع المعنيين به.
  • تقديم تغذية راجعة.
  • إجراء التظلم.

ختاماً:

إن عملية الوقوف على المشكلات الموجودة عند المعلم وتشخيصها وعلاجها بشكل موضوعي يعود بالأثر الواضح على تحسين أداء المعلمين وبالتالي تحسين أداء المتعلمين على حد سواء. والمعايير غير الفعالة في تقييم المعلمين قد تكون سبباً في تراجع قدرات المعلم وعدم تطوير مهاراته. وتعتبر أفضل التقييمات ما يجمع بين الكم والنوع عن طريق جمع المعلومات وتنظيمها، لذا كان من الأولى اتباع القيمة المضافة في تقييم المعلمين، وهي تلك العملية التي تعني تحديد ما أُضيف و تحسن من إمكانات المتعلمين أو معارفهم نتيجة لتعلمهم في مؤسسة تعليمية معينة من خلال قياس مستوى نمو المتعلمين بين نقطتين زمنيتين، أو هي التحسن الكمي المسجل لدى كل طالب ولدى جميع الطلاب أكاديمياً ومهارياً وسلوكياً، والذي حققته المدرسة خلال الانتقال من فصل دراسي إلى آخر أو من سنة دراسية إلى أخرى تحت تأثير عوامل متعددة قد تعود للمدرسة، أو الطالب، أو الأسرة والمجتمع.

وعند النظر إلى دولة كفنلندا، فلا يتم إعطاء الطلاب في برامج إعداد المعلمين درجات بل يتم تركيز انتباه الطلاب المعلمين على السعي وراء المعرفة. والتقييم يقدم كتغذية راجعة بناءة مكتوبة أو لفظية للطالب المعلم، فالمعلم مؤهل على أكمل وجه. ونجاح النظام الفنلندي يعود إلى نوعية مدرسيه والثقة التي أولاها الشعب لهم، فاختيار المعلمين وتدريبهم والإشراف عليهم والتركيز على نوعيتهم والذي يتلاءم مع النهج الفنلندي في المسؤولية والمنهج والتعليم وإدارة المدارس ليس نتيجة لثقافة لا يمكن منافستها وإنما نتيجة نظام خاص متكامل من السياسات والبنى التي تقوم على ثقافة دعم ومؤازرة المعلمين. ولا يتواجد في الدولة نظام التفتيش والمساءلة تجاه المعلمين، وإنما جل الاهتمام منصب على تطوير المعلمين وتشجيعهم على التدريب والابتكار.

إن عملية التقييم قد تكون أداة فعالة في النمو المهني للمعلم، وفي نفس الوقت قد تكون أداة لإحباط المعلم إن لم تستخدم بالأسلوب الأمثل. ومن هنا كان لابد أن يقوم تقييم المعلم على أسس علمية عادلة قد تكون إحدى هذه الأسس القيمة المضافة، مما يسبب الرضا الوظيفي عند المعلمين.

كما يجب أن يؤخذ رأي المعلمين في عملية تقييمه مما يساعد في بذل الجهد والطاقة في التطوير المهني.

 

 

المراجع:

  • الدهشان، جمال علي والسبوق، محمد سعد (2015): تقييم القيمة المضافة مدخلاً لتقييم أداء المؤسسات التعليمية – المدرسة نموذجاً، مجلة الثقافة والتنمية، العدد الرابع والتسعون، مصر.
  • عطوي، جودت عزت (2008): الإدارة المدرسية الحديثة مفاهيمها النظرية وتطبيقاتها العملية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن.
  • العيسى، إيناس عبد الرحمن (2012): معايير التقييم المستخدمة من قبل مديري المدارس الحكومية في القدس لتقييم المعلمين من وجهة نظر المعلمين والمديرين، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بيرزيت، فلسطين.
  • مرتجى، نسرين فرحات (2013): فعالية نظام تقييم الأداء السنوي لمعلمي المرحلة الثانوية وعلاقته بأدائهم الوظيفي من وجهة نظرهم بمحافظة غزة، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، فلسطين.

البحث في Google:





عن فداء محمود الشوبكي

معلمة في وزارة التربية والتعليم - حاصلة على ماجستير في المناهج وطرق التدريس - شاركت في عدد من المؤتمرات والأيام الدراسية - نشرت لها بعض الأبحاث - غزة، فلسطين

2 تعليقات

  1. Abououssamayacer

    العيب الذي نعاني. منه في. الدول العربية هو مشكل النظااام
    فبدلا من ان تتبنى نظاما تعليمياا ناجحا كالنظام الفنلندي يذهبون الى دول لها سلطة تاريخية معهم كفرنساااا
    التعليم الفرنسي غير ناجح وكثير مم الدول تتبناه كالجزائر مثلا
    الاشراااف يجب ان يتحول من الممساءلة الى النحفيز والتكوين
    شكرااا على هذا الموضوع الشيق

  2. Fatma Ibrahim Ahmed

    المقالة ممتازة وتتحدث عن مشكلة الإشراف الذى يجب أن يكون تحفيزى ولا يكون مجرد أظهار للعيوب ،ففى دولة اليابان الإشراف يشيد بالإيجابيات ثم يضع حلول مع المعلم لتحسين السلبيات، وللأسف فى الدول العربية المعلم لا يطور نفسه لأنه لا يوجد دعم نفسي من جهات الأشراف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *