الدعم النفسي الاجتماعي

الدعم النفسي الاجتماعي في الأزمات

مقدمة:

إن المرور بأزمات، مثل التعرض للعدوان والهجمات الحربية، أو العنف، أو الكوارث الطبيعية، أو فقدان أو الانفصال عن أفراد الأسرة والأصدقاء، أو تدهور الأحوال المعيشية، وانعدام الوصول إلى الخدمات، وغير ذلك من أحداث صعبة، يعرض الكثير من الأشخاص الذين يمرون بهذه الأزمات إلى عواقب سلبية فورية، ويعرض البعض إلى عواقب سلبية طويلة الأمد، وهذه العواقب تؤثر بشكل ملحوظ على التعافي العاطفي والاجتماعي لهؤلاء الأشخاص. في مثل هذه الحالات، تبرز أهمية التدخلات النفسية الاجتماعية التي تعزز التكيف والتنمية الإيجابية على الرغم من المحن الواقعة.

يقع الدعم النفسي الاجتماعي في مقدمة هذه التدخلات، وقد أصبح بمثابة حاجة نفسية واجتماعية لمن يعانون من الأزمات في الأماكن المختلفة في العالم. وفي فلسطين على وجه الخصوص، قفز هذا الدعم من جديد إلى الواجهة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة بعد 7 أكتوبر 2023، وأصبح حاجة للذين تعرضوا لهذا العدوان ويعانون من آثاره، وكذلك للبعض ممن يتتبعون هذا العدوان عن بعد. ويتم تقديمه في إطار جهود الاستجابة للطوارئ والأزمات كجزء من جهود الإغاثة الإنسانية، على أمل أن تسفر تدخلات هذا الدعم عن تأثيرات إيجابية على التعافي النفسي والاجتماعي للأشخاص المتأثرين.

مفهوم الدعم النفسي الاجتماعي:

قبل الدخول في تعريف مفهوم الدعم النفسي الاجتماعي يجب أن نتوقف قليلا عند مصطلح “النفسي الاجتماعي” الذي يشير إلى العلاقة الديناميكية بين البعدين النفسي والاجتماعي للشخص، حيث يؤثر ويتفاعل أحدهما على الآخر. وتستند هذه العلاقة إلى مجموعة من العوامل المتداخلة والمتكاملة التي ينبغي توافرها لتحقيق التعافي النفسي والاجتماعي. ويقصد بالبعد النفسي الأفكار والعواطف والمشاعر والذكريات والسلوكات والتصورات وكيفية فهم الأمور، في حين يقصد بالبعد الاجتماعي التفاعل والعلاقات بين الفرد والأسرة والأقران والمجتمع والتقاليد الثقافية (الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، 2018).

أما الدعم النفسي الاجتماعي، فيمكن تعريفه بأنه العمليات والإجراءات التي تعزز من الرفاه الكليّ للأشخاص في عالمهم الاجتماعي، وتسهل قدرتهم على التأقلم والتعافي بعد ان عطلت الأزمة حياتهم، وتساعد في تعزيز قدرتهم على العودة إلى الحالة الطبيعية بعد معايشتهم لأحداث مؤذية (الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، 2018). ويعرف كذلك بأنه إظهار الاهتمام والاكتراث بحاجات الأسر والأفراد والأطفال الذين يمرون بظروف صعبة واستثنائية، والحرص على تلبية هذه الاحتياجات وحل المشكلات التي تواجه هذه الفئة من المجتمع وتحدها عن ممارسة حياتها بشكل طبيعي، وتوفير جميع المستلزمات ووسائل الرعاية التي تصب في مصلحة استعادة أدائهم الاجتماعي، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق إكساب الأفراد المهارة والمعرفة والقدرة التي تؤهلهم لاتخاذ قراراتهم الخاصة بشكل سليم، ومنحهم مفاتيح التفكير التي تعينهم على ترتيب أولوياتهم وتجسيد الأدوار المطلوبة منهم بكفاءة عالية (النجاج نت، 2023). وهناك من يعرفه بأنه كافة أشكال المساعدة النفسية، والمشاركة العاطفية والانفعالية التي يبديها شخص ما أو مجموعة من الأشخاص تجاه فرد أو مجموعة من الأفراد، بهدف إعانته على استعادة قوته والتعافي من الأوضاع السيئة أو الأزمات التي تمر به. ويمكن أن تكون هذه المساعدة على شكل سلسلة من الرعاية التي يتلقاها الفرد من المحيطين به بهدف إكسابه عددا من المهارات التي تمكنه من إدارة ما يمر به من مشكلات، أياً كان نوعها تعينه على اتخاذ أفضل القرارات الملائمة لتلك المرحلة، وتجاوز محنة والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة (موقع نفسي، 2022).

يمكننا أن نستخلص من التعريفات السابقة أن الدعم النفسي الاجتماعي هو سلسلة مستمرة من الرعاية والدعم التي يطال تأثيرها الفرد والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، والذي من شأنه من شأنه أن يحسّن من قدرات الأفراد في التعامل مع الأحداث الحرجة والظروف الاستثنائية وغير العادية التي تكون تبعياتها على الأفراد على هيئة توتر عال وقلق مستمر. وتهدف هذه السلسلة إلى إحاطة الأفراد بجو من التفاهم والحب غير المشروط والتقبل والتسامح من أجل تشجيعهم على بناء علاقات اجتماعية مستمرة سليمة ومتجانسة.

محاور تركيز الدعم وأهدافه:

يركز الدعم النفسي الاجتماعي على محورين، هما:

  • إبداء اهتمام بمشاكل واحتياجات الأفراد والأسر، وتوفير الإمكانيات المتاحة لهم، وإظهار الاهتمام والانتباه لكل ما يحتاجون إليه حتى يستعيدوا قدراتهم وأدائهم الاجتماعي في التعامل مع الظروف غير العادية للحدث الحرج، والتي تنطوي على درجة عالية من الضغط النفسي والتوتر.
  • إكساب الأفراد المعارف والمهارات والقدرات المؤهلة لاتخاذ القرارات، واكساب الخبرات الفعالة بهدف تحديد الأولويات التي تعين على أداء الأدوار المنوط بها بكفاءة واقتدار، خاصة في ذلك حالات الطوارىء.

أما الأهداف التي يسعى هذا الدعم إلى تحقيقها، فيمكن إجمالها في شكل (1) الآتي (ستار شمس، 2021؛ موقع نفسي، 2022):

شكل (1): أهداف الدعم النفسي الاجتماعي

 

أهمية الدعم النفسي الاجتماعي:

تتمثل أهمية الدعم النفسي الاجتماعي فيما يترتب عليه من نتائج إيجابية ومؤثرة على مسار حياة الفرد على مستوى الجانب الصحي والنفسي والعملي وغيره، لذلك لهذا الدعم أهمية كبيرة في تحسين جودة حياة الأفراد وتعزيز صحتهم العامة. يلخص شكل (2) الآتي بعض الجوانب التي تعكس أهمية الدعم النفسي الاجتماعي (النجاح نت، 2023؛ ستار شمس، 2021):

شكل (2): أهمية الدعم النفسي الاجتماعي

 

المصادر البشرية التي يمكنها تقديم هذا الدعم:

يوجد العديد من المصادر المتنوعة لتقديم الدعم النفسي الاجتماعي والتي تلعب دور حيوي ومهم في حياة الفرد الذي يحتاج لهذا الدعم، حيث تعمل على إحاطته بجو من التفاهم والحب غير المشروط والتقبل والتسامح من أجل تشجيعهم على بناء علاقات اجتماعية سليمة. يجمل شكل (3) الآتي أهم هذه المصادر:

شكل (3): أهداف الدعم النفسي الاجتماعي

 

هرم التدخل في الدعم:

يتكون هذا الهرم، كما يظهر في شكل (4)، من أربعة مستويات للتدخل لدعم الافراد والأسر والمجتمعات المحلية) في حالات الأزمات في أوضاع الطوارئ وغير الطوارىء، وكلما صعدنا من مستوى إلى آخر، ازدادت الحاجة إلى التدريب الرسمي والإشراف، والمهارات والقدرات اللازمة. مع أن هذه المقالة ستركز على المستوى الآول، سيتبع شكل (4) توضيح للمستويات الأربعة للدعم النفسي الاجتماعي (جمعية الهلال الأحمر اليمني، 2021).

شكل (4): هرم التدخل في الدعم النفسي الاجتماعي

 

المستوى الأول: الدعم الأساسي

يقع في قاعدة هرم التدخل، ويكون متاحة لجميع السكان المتضررين، ويشمل أنشطة تعزيز الصحة النفسية الايجابية والراحة النفسية الاجتماعية، والقدرة على الصمود، والتفاعل الاجتماعي، والتلاحم. من الأمثلة على ذلك الأنشطة الترفيهية التي غالبا ما تدمج في قطاعات الصحة والحماية والتعليم. يمكن أن يقدم هذا المستوى من الدعم موظفون ومتطوعون مدربون، من المؤسسات أو من المجتمع المحلي.

المستوى الثاني: الدعم المركز

يشمل تعزيز الصحة النفسية الايجابية والراحة النفسية الاجتماعية وأنشطة الوقاية، مع تركيز خاص على الجماعات والأسر والأفراد المعرضين للخطر. من بين أمثلة الأنشطة المنفذة: الإسعاف النفسي الأولي، وتنظيم ورش عمل مخصصة لمجموعات من الأطفال أو أهاليهم، ودعم الأقران، وعقد جلسات جماعية للموظفين والمتطوعين. ويمكن أن يقدم هذا المستوى من الدعم موظفون ومتطوعون مدربون وخاضعون للأشراف.

المستوى الثالث: الدعم النفسي

يشمل أنشطة الوقاية والعلاج المقدمة إلى الأفراد والأسر الذين يعانون من ضائقة نفسية أشد تعقيدا، وإلى الأشخاص المعرضين للإصابة باضطرابات في الصحة النفسية. من الأمثلة على ذلك: تقديم المشورة أو الإرشاد أو العلاج النفسي .داخل مرافق الرعاية الصحية مع أنشطة التوعية المناسبة، أو داخل المرافق المجتمعية المراعية للثقافة المحلية.

المستوى الرابع: الرعاية المتخصصة في مجال الصحة النفسية

يقع هذا المستوى في أعلى هرم التدخل، ويتم تقديمه لفئة محدودة من الأشخاص الذين يصل بهم الأمر إلى المعاناة من اضطرابات شديدة خلال فترات زمنية طويلة بحيث يصعب عليهم التكيف في حياتهم، ويجدون صعوبة في أداء وظائف الحياة اليومية.  ويشمل هذ الدعم الخدمات السريرية المتخصصة ومعالجة الأفراد الذين يعانون من اضطرابات مزمنة في الصحة النفسية، كما يتم في مراكز علاج الناجين من التعذيب والنهوج البديلة لعلاج الإدمان، وتقدم الخدمات في إطار أنظمة الدولة للرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية، وفي مرافق الاحتجاز، من قبل أشخاص مؤهلين من تخصصات متعددة.

مجالات تركيز الدعم

يمكن أن يتم تقديم الدعم النفسي الاجتماعي بحيث يختلف مجال تركيزه من موقف آخر حسب احتياج الأشخاص المتأثرين، سواء تعلق هذا الاحتياج بالجانب العاطفي، أو الجانب المعرفي أو المعلوماتي، أو العلاقات الاجتماعية، أو الثقة بالنفس، وغير ذلك. وفي هذه الحالات، يلعب الدعم النفسي والاجتماعي دورًا مهمًا في تحسين جودة حياة الأفراد ومساعدتهم على التكيف مع التحديات الحياتية. يبين شكل (5) الآتي مجالات التركيز المختلفة للدعم النفسي الاجتماعي (النجاح نت، 2023؛ أشرف، 2023؛ ستار شمس، 2022):

شكل (5): مجالات تركيز الدعم النفسي الاجتماعي

 

الأنشطة التي يتضمنها الدعم النفسي الاجتماعي:

هناك مجموعة متنوعة من الأنشطة التي يمكن أن يتضمنها الدعم النفسي الاجتماعي، يجمل شكل (6) الآتي مجموعة من هذه الأنشطة:

شكل (6): أنشطة يتضمنها الدعم النفسي الاجتماعي

 

كما يبين الشكل أعلاه، تتضمن أنشطة الدعم النفسي الاجتماعي، خاصة في مستوى الدعم النفسي الاجتماعي الأساسي (المستوى الأول من هرم التدخل) الأنشطة الترفيهية، وهي مجموعـة متنوعـة مـن النشـاطات يمكن الاستعانة للتفريغ النفسي وتحسين الرفاه النفسي الاجتماعي لأولئك الذيــن يعيشــون فــي ظــروف صعبــة، والمتضررين مـن النزاعـات. من المصادر الجيدة في هذا المجال دليـل مرجعي للأنشطة الترفيهيـة للدعـم النفسـي أعدته الأونروا (وكالة الغوث الدولية) ليســاعد المعلمين والمرشدين فــي والمستشارين وأفــراد المجتمــع علــى تنظيــم التعلــم الإبداعي والممتع والأنشطة الترفيهيــة للأطفال والشــباب المستفيدين. وتم تصنيف الأنشطة الترفيهية في هذا الدليل إلى ثلاث فئات كما يظهر أدناه وفي شكل (7) الآتي، هي (الأونروا، 2017):

شكل (7): فئات الأنشطة الترفيهية في الدعم النفسي الاجتماعي

فيما يأتي مجموعة من الأمثلة على أنشطة ترفيهية:

  • أنشطة درامية لتتمكن المشاركين من التعبير عن أنفسهم من خلال لعب الأدوار والتمثيل
  • ألعاب تهدف إلــى عــرض تحدي معين أو تمرين علــى المشاركين ليقومــوا بممارسته. وتمــارس هــذه الأنشطة فــي كثيــر مــن الأحيان، ولكــن ليــس دائمــا، فــي مجموعــات أو فــرق.
  • أنشطة لممارسة الموسيقى من خلال أدوات إلى جانب الأصوات التـي يمكن أن يصدرها المشاركين بأجسـامهم.
  • أنشـطة تنطـوي علـى اسـتخدام الدمى للمسـاعدة فـي تشـجيع المشاركين علـى استكشـاف أفكارهـم ومشـاعرهم.
  • أنشـطة الاسترخاء: تهـدف إلـى تهدئـة المشاركين وتشـجيع توفيـر مسـاحة آمنـة باسـتخدام التنفـس وتمدد الجسد، والتأمـل.
  • أنشطة فنون بصرية تشمل الرسم والتصوير للتعبير عن الذات أو المجموعة.
  • أنشطة اللعب الحر التي تكون بمبادرة مــن المشاركين وبقيادتهـم.

المهارات الأساسية لمقدمي الدعم:

تعلب هذه المهارات دورًا حيويًا في تقديم الدعم الفعّال للمستفيدين، وهي تعتمد على القدرة على التواصل الفعّال وفهم الاحتياجات النفسية والاجتماعية للآخرين، ويمكن استخدامها في مجموعة واسعة من السياقات، سواء كانت في العلاقات الشخصية أو المهنية أو البيئة الاجتماعية بشكل عام، يجمل شكل (8) الآتي بعض المهارات الأساسية التي يمكن أن تساعد في توفير دعم نفسي واجتماعي فعّال:

شكل (8): المهارات الأساسية لمقدمي الدعم النفسي الاجتماعي

 

موارد تعلم مهارات الدعم:

للمهتمين بتطوير قدراتهم واكتساب مهارات تقديم الدعم النفسي الاجتماعي عن علم ومعرفة، يمكن تعلم مهارات الدعم النفسي الاجتماعي من عدة موارد، منها:

  1. الالتحاق ببرامج أو دورات وورش عمل: الانضمام إلى برامج تعليمية أو دورات تدريبية أو ورش عمل مختصة بالدعم النفسي الاجتماعي وتقدمها مؤسسات موثوقة.
  2. التعلم من الخبرة الشخصية: قد يكون الوقوع في مواقف تتطلب الدعم النفسي الاجتماعي فرصة لفهم تأثير هذا الدعم على نفسك وعلى الآخرين.
  3. القراءة والبحث: قراءة الكتب والمقالات حول مهارات التواصل الفعّال وتقديم الدعم النفسي الاجتماعي، والبحث عبر الإنترنت للوصول إلى مصادر تعليمية حول مواضيع ذات صلة، ومقاطع فيديو، ودورات عبر الإنترنت، وموارد تفاعلية حول مهارات هذا الدعم، إضافة إلى الاستفادة من منصات التعلم عبر الإنترنت التي تقدم دورات في هذا المجال.
  4. التطوع والعمل مع مجموعات: يمكن أن يوفر العمل التطوعي في مجال الدعم النفسي الاجتماعي في المجتمعات المحلية أو المراكز الاجتماعية فرصًا لتطبيق مهارات التواصل وتقديم الدعم.
  5. التفاعل مع المحترفين: عن طريق استشارة المحترفين في مجال الصحة النفسية أو الاجتماعية للحصول على إرشادات وتوجيه حول كيفية تقديم الدعم بشكل أفضل.
  6. مراقبة النماذج الإيجابية: عن طريق متابعة أو مراقبة أشخاص يعتبرون نماذج إيجابية في مجال الدعم النفسي والاجتماعي.

التحديات التي تواجه تقديم الدعم:

هناك عدة تحديات قد تواجه مجال الدعم النفسي الاجتماعي، وتختلف هذه التحديات باختلاف الثقافات والمجتمعات. تحاول المجتمعات والمؤسسات التغلب على هذه التحديات من خلال تعزيز الوعي، وتحسين الإمكانيات المتاحة، وتعزيز القدرات الفردية والجماعية لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي بشكل فعال. فيما يأتي بعض التحديات الشائعة:

  1. التحديات الثقافية والمجتمعية

هناك مجموعة من القيود والعقبات الثقافية التي تتطلب تدخلات للتعامل معها ومواجهتها والحد من تأثيرها، ومن هذه القيود:

  • العقبات الناشئة عن القيم والتقاليد الثقافية التي قد تؤثر على قدرة الأفراد على البحث عن المساعدة.
  • اعتبار الحديث عن الصحة النفسية موضوعًا حساسًا وأمرا خاصا أو شخصيا يفترض عدم مشاركته مع الآخرين.
  • الخجل أو الخوف من الاعتراف بحاجتهم إلى المساعدة، أو الاستغراب عند توافر من يمكنه تقديم هذا الدعم.
  • النظرة الدونية في بعض المجتمعات إلى عملية الإرشاد النفسي والاجتماعي بما تتضمنه من دعم نفسي اجتماعي.
  1. التحديات المؤسسية

هناك مجموعة من التحديات التي تتعلق بالمؤسسات التي تتطلب تدخلات للتعامل معها والحد من تأثيرها السلبي، ومنها:

  • عياب التنسيق والتكامل في الخدمات بين المؤسسات الصحية والاجتماعية.
  • ضعف التمويل للبرامج الاجتماعية والنفسية نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المؤسسة.
  • ضعف قدرة المؤسسة على مواجهة زيادة الطلب على الدعم النفسي الاجتماعي.
  • نقص الموارد المتاحة لتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية، سواء في المجتمعات المحلية أو على مستوى وطني.
  • عدم توفر الرعاية اللازمة للأفراد الذين يحتاجون إلى الدعم نظرا لنقص في الموارد البشرية.
  1. التحديات التكنولوجية

هناك مجموعة من التحديات ذات العلاقة بالتكنولوجيا التي تتطلب تدخلات للتعامل معها والحد من تأثيرها السلبي، ومنها:

  • تأثير التكنولوجيا على العلاقات الاجتماعية والانعزال الرقمي، مما يجعل التواصل الشخصي أكثر تعقيدًا.
  • صعوبة تقديم الدعم النفسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا في بعض المجتمعات نظرا للفجوة الرقمية أو التفاوت في القدرات والإمكانات المادية والتقنية.

العلاقة بين الدعم النفسي الاجتماعي والتعلم العاطفي الاجتماعي:

يلعب كل من الدعم النفسي الاجتماعي (PSS) والتعلم العاطفي الاجتماعي (SEL) النفسي الاجتماعي والتعلم العاطفي الاجتماعي دورا تكامليا في تعزيز النمو الشخصي والتطوير الشامل للفرد، سواء في السياق الشخصي أو الاجتماعي أو التعليمي، وكذلك في سياق تطوير الفرد وتعزيز الرفاه الشمولي له. ويمكن اعتبار التعلم العاطفي الاجتماعي جزءا من الدعم النفسي الاجتماعي أو أحد محاوره. أما فيما يتعلق بالعلاقة بينهما، فإن التعلم الاجتماعي العاطفي بمهاراته الخمس (الوعي الذاتي، وإدارة الذات، ووعي الآخرين، وبناء العلاقات، واتخاذ القرارات المسؤولة) يعد مكوناً هاماً يندرج تحت مظلة الدعم النفسي والاجتماعي ويسهم في تحسين الصحة النفسية الاجتماعية لدى الأفراد سواء كانوا أطفالا أم شبابا أم كبارا (الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، 2018). وللتذكير بالتعلم العاطفي والاجتماعي، فإنه يعرف بأنه عملية اكتساب الكفاءات الأساسية لإدراك العواطف وإدارتها وتعيين الأهداف وتحقيقها، وتقدير وجهات نظر الآخرين، وإقامة علاقات إيجابية والحفاظ عليها، واتخاذ قرارات مسؤولة، والتعامل مع الأحوال الإنسانية بشكل بنّاء.

متطلبات تقديم الدعم في الأزمات:

الأزمة هي مرحلة حاسمة أو نقطة تحول في مسار شيء ما، أو هي انقطاع عن الحالة الاعتيادية السابقة من الأداء الوظيفي ما يؤدي إلى الاضطراب وعدم الاستقرار وخلل واضح في المنظومة. أو هي انقطاع مفاجىء للنشاطات اليومية أو الاحداث الاعتيادية، وما يتبعه من فوضى وتثبيط قدرة الفرد على استخدام استراتيجيات التكيف العادية الخاصة به ليحافظ على السيطرة والتوازن العاطفي. يظهر شكل (9) الآتي بعض النتائج السلبية للأزمات التي يمكن أن تنتج لدى بعض الأفراد عند مرورهم بأزمات:

شكل (9): نتائج سلبية للأزمات

 

يتطلب توفير الدعم النفسي الاجتماعي في حالات الأزمات حساسية وتفهم للحاجات النفسية والاجتماعية للأفراد المتأثرين. ويستند تقديم الدعم النفسي الاجتماعي في الأزمات إلى بعض الأسس التي ينبغي على مقدمي الدعم أو ميسري النفسي الاجتماعي مراعاتها والأخذ بها:

  • الوجود والاستماع: التواجد عندما يحتاجه إليه المتأثرين، وأن يستمع إلى تجاربهم ومشاعرهم.
  • توفير بيئة آمنة: العمل على توفير بيئة آمنة ومستقرة للأفراد المتأثرين، وتوفير مأكل ومشرب وأماكن للراحة ومساحات آمنة.
  • تقديم المعلومات والتوجيه: تقديم معلومات دقيقة وواضحة حول الوضع الحالي والإجراءات القائمة، أو حول الموارد المتاحة للمساعدة في استعادة الحياة الطبيعية، وتوفير مساعدة في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الطعام والإسكان، أو توجيه الأفراد إلى الخدمات المتخصصة في الصحة النفسية إذا كان الأمر ضروريًا. وتوفير معلومات حول موارد الدعم النفسي المتاحة.
  • تعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي: تشجيع الأفراد على التفاعل مع بعضهم البعض وبناء الدعم الاجتماعي، وتنظيم فعاليات اجتماعية تساعد على تعزيز الروابط الاجتماعية.
  • تطوير استراتيجيات التحسين الذاتي: توجيه الأفراد نحو استخدام استراتيجيات التحسين الذاتي، مثل التأمل أو التمارين البسيطة لتخفيف التوتر.
  • تقديم الدعم المجتمعي: تشجيع المشاركة في أنشطة المجتمع والمساهمة في جهود الإغاثة، وتشجيع الأفراد على مساعدة بعضهم البعض وتكوين شبكات دعم.
  • التفاعل بروح إيجابية: تشجيع الأفراد على النظر إلى الجوانب الإيجابية وإظهار القدرة على التكيف والتعافي.

تقديم الدعم النفسي الاجتماعي في المدارس:

تكون طرق الدعم النفسي الاجتماعي أكثر نجاعة عند يتم دمجها في المجالات المختلفة في الحياة على نحو عام، وفي الحياة المدرسية على نحو خاص. ونظراً لأن البيئة التعليمية تجمع الأطفال مع أقرانهم والعاملين في المدارس، فمن شأن ذلك المساعدة في خلق بيئة داعمة تشجع على تحسين الرفاه النفسي والاجتماعي.

تعتبر المدارس الآمنة التي توفر بيئة اجتماعية صحية ورفاه نفسي واجتماعي، ومرونة نفسية من أكثر البيئات فائدة للأطفال والشباب خلال الفترات التي تتسم بالشكوك والغموض، والتي تتطلب تقديم الدعم النفسي الاجتماعي للطلبة والعاملين في المدرسة، وتتسم هذه المدارس وبيئاتها التعليمية بما يأتي (الشبكة المشركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، 2018):

  • تولي الاهتمام الملائم للأطفال الذين ُ يعانون من ظروف صعبة، ويعتبرون من المجموعات الضعيفة.
  • تشرك الأهل وقاده المجتمعات المحلية في التخفيف من الضغوط النفسية عن الطلبة والعاملين، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
  • توفير البرامج والأنشطة التي تساعد الأطفال على التعلم والتعافي من التجارب المؤلمة، وتطوير مهارات اجتماعية وعاطفية.
  • تتيح الفرص لتكوين الصداقات واللعب وتعزيز الأمل والتخفيف من الضغط والحثّ على التعبير عن الذات وتعزيز التعاون.
  • تعتبر الرفاه النفسي – الاجتماعي مقدمة هامة للتعلم وأمر ضروري للإنجاز، وتسعى على تطويره لدى الطلبة والعاملين.
  • توفر بيئة تعليمية تتضمن أفضل رعاية ومتابعة ممكنة، وهذا يشمل التواصل بين المعلمين والآباء والمرشدين في حال الضرورة وما إلى ذلك.
  • يوفر التعليم فيها روتينا وبنية مستقرين، ويدعم الشعور بوجود حياة طبيعية، ويشتمل على مجموعة من العوامل التي يمكن أن تدعم الأطفال والشباب في طور التعافي وتطوير القدرة على التكيف
  • توفر برامج للتعلم العاطفي والاجتماعي بهدف تطوير الكفاءات الاجتماعية والعاطفية التي تعزز الأداء ُ الأكاديمي ويحسن من قدرة الأطفال على التعامل مع الشدائد.

فيما يتعلق يمكن أن يسهم به المعلم في مجال الدعم النفسي الاجتماعي، فقد أصبحت الكثير من الجهات المسؤولة عن التعليم المدرسي تعد الدعم النفسي الاجتماعي للطلبة يعد جزءًا أساسيًا من دور المعلم، حيث يمكن أن يؤثر إيجابيًا على تجربة التعلم والنمو الشخصي للطلبة. في هذه الحالة، هنالك ثلاثة أهداف يسعى المعلم إلى تحقيقها بتدخله لدعم طلبته دعما نفسيا اجتماعيا:

  • مساعدة الطلبة على التعبير عن خبراتهم ومشاعرهم المرتبطة بالأزمة.
  • تمكين الطلبة من تعزيز قدرتهم على التأقلم في حياتهم اليومية.
  • مساعدة الطلبة على تطوير فهم معرفي ملائم بشأن الظرف الصعب.

لتوضيح دور المعلم في هذا المجال كمدرس وميسر وداعم نفسي واجتماعي، نسوق بعض الجوانب الهامة في هذا الدور من أجل اسهام المعلمين، إلى جانب المرشدين في المدرسة، في تقديم الدعم النفسي الاجتماعي في الصف في الظروف الطبيعية أو الأزمات.

 

إرشادات للميسرين عند تقديم الدعم للأطفال:

  • يحذو الأطفال فـي كثيـر مـن الأحيان حـذو الميسر مـن حيـث السـلوك داخـل النشـاط أو الجلسة. وبالتالـي؛ لذلك، مــن المهــم جــدا أن يبرز ســلوك الميســر الاحترام والتســامح والنزاهــة والتعاطــف والرعايــة، والتركيــز، والانفتاح، وغيرهــا مــن الخصائص التــي نأمــل أن يظهرهــا الأطفال فــي الطريقــة التــي يتفاعلــون بهــا مــع بعضهــم البعــض.
  • يجدر بالميسرين التركيــز علــى الإجراءات الإيجابية مــن الأطفال ومواطن قوتهم وتقديرهــا، بــدلا مــن ملاحظة الســلبيات والتعليــق عليهــا.
  • ينبغي على الميسرين إيلاء الاهتمام بجميـع الأطفال المشاركين، وإظهـار الاهتمام والاحترام لهم مـن خـلال دعوتهـم للحديـث، والإصغاء لهــم عندمــا يتحدثــون، والــرد بصــدق علــى أفكارهــم. وكذلك، إشــراك الأطفال فــي النقــاش ووضــع قواعــد ضمــن المجموعــة حــول كيفيــة التعامــل مــع بعضهــم البعــض.
  • يتوجب على الميسرين اتخـاذ إجـراءات لصالـح المعرضين للخطـر وحمايتهم إذا كانون يعانـون مـن مشـاكل نفسـية خطيـرة أو يتعرضـون للعنف أو للأذى مثل التنمـر أو سـوء معاملـة الأطفال داخـل المجموعة.
  • فـي الحالات الأكثر شـدة، على الميسرين طلـب المساعدة الماهرة مـن الخارج إذا لـم يكونـوا مدربـين أو مجهزين للتعامـل مـع المشاكل الفرديـة أو الاجتماعية الخطيرة التـي يواجههـا الأطفال.

 


المراجع:

  • الأونروا. “الأنشطة الترفيهية للدعم النفسي الاجتماعي- دليل مرجعي”. 2017. متاح في: https://www.unrwa.org/sites/default/files/content/resources/recreational_activities_resource_guide_arabic.pdf
  • أشرف، دعاء. “أنواع الدعم الاجتماعي وأشكال بالأمثلة”. نشر في موقع المرسال. 2023. متاح في: https://www.almrsal.com/post/1161325
  • جمعية الهلال الأحمر اليمني. “الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ّ في الرعاية الصحية الأولية” تم الاسترجاع بتاريخ 14 كانون أول 2023. متاح في: pdf (pscentre.org)
  • ستار شمش. “ما هو الدعم النفسي الاجتماعي”. منشور في موقع ستار شمس بتاريخ 3 تشرين ثاني 2021، متاح في: https://www.starshams.com/2021/11/blog-post_3.html?m=1#google_vignette
  • الشبكة المشركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ. “المذكرة التوجيهية للشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ حول الدعم النفسي الاجتماعي. تيسير الرفاه النفس والتعلم الاجتماعي والعاطفي”. 2018. متاح في: https://inee.org/sites/default/files/resources/INEE_Guidance_Note_on_Psychosocial_Support_ARA.pdf
  • الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ. “الدعم النفسي الاجتماعي (PSS) والتعلم الاجتماعي والعاطفي (SEL)”. تاريخ الاسترجاع 24/ 11/ 2023. متاح في: https://inee.org/ar/collections/psychosocial-support-and-social-and-emotional-learning
  • موقع نفسي. “الدعم النفسي الاجتماعي…ماهيته ومدى أهميته” نشر في موقع نفسي بتاريخ 1 أيلول 2022. متاح في: https://2u.pw/9dkpvSI
  • النجاح نت. “مفهوم الدعم النفسي الاجتماعي: أهمية وأنواعه”. نشر في موقع النجاح نت بتاريخ 2023. متاح في: https://2u.pw/jLBqlFT

البحث في Google:





عن د. وحيد جبران

استشاري تربوي ومدرب مستشار معتمد، دكتوراة في التطوير الإداري، والماجستير في التربية. يعمل حاليا في الاستسشارات والتدريب في مجالات التطوير التربوي والقيادة والتطوير الإداري. رئيس مجلس الإدارة في جمعية المدربين الفلسطينيين، وأحد مؤسسيها. ومدرب معتمد من جمعية المدربين الأردنيين، ومدرب مستشار معتمد من اتحاد المدربين العرب. وفاز بالجائزة الثالثة كمدرب مستشار معتمد في إطار المدرب العربي المتيز 2018 التي أعلن عنها اتحاد المدربين العرب. عمل في عدة مواقع إدارية وتعليمية في وكالة الغوث الدولية. له عدة كتب وأدلة ومواد تدريبية، منها: كتاب في التعلم النشط، ودليل مرجعي في التدريب من 15 فصل، ودليل في التربية المدنية، وكتاب جامعي في أساليب تدريس العلوم في جامعة القدس المفتوحة، ودليلين تحت عنوان مسيرتي في جامعة خضوري فرع رام الله، وغيرها.

تعليق واحد

  1. ا.م.د /سحر حنفي سيد

    بحث سردي للمشكلة بشكل متصق ، ولكن ينقصه بعض الأمثال الحياتية او الأحداث الجارية ومدي تاثرها علي مستوي البشرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *