التعليم في أمريكا

ما تملكه يد أمريكا للمساعدة في الإصلاح

هذا المقال بعنوان: ”ما تملكه يد أمريكا للمساعدة في الإصلاح” هو الثالث من سلسلة مقالات حول حتمية الإصلاح التربوي في ضوء تحليل تقرير أمة في خطر، ينشرها الدكتور إيهاب إبراهيم السيد محمد حصريا على صفحات تعليم جديد. للاطلاع على المقال الأول انقر على العنوان : التقييم الذاتي ونظرة موضوعية للواقع تحديد مواطن “الخطر””، للاطلاع على المقال الثاني انقر على العنوان: المؤشرات على الخطر في التعليم

  استقرت اللجنة بعد فحص كل ما لديها وكل ما تبين لها أن جودة التعليم في الولايات المتحدة أصبحت متدنية وهذا هو الجانب المظلم من الأمر لكن هناك جانب آخر به بعض من الضوء وكان هذا الجانب هو ما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية في يدها بالفعل من أدوات لتبدأ به التغيير الفعلي.

وأفردت اللجنة لهذا الجانب جزءا كبيار في تقريرها، وأشير في هذا المقال إلى بعض مما ذكرته اللجنة في تقريرها عما تملكه الولايات المتحدة الامريكية في يدها من أدوات كما يلي:

  • التزام الولايات المتحدة الأمريكية بالمحافظة على معدلات التسرب من التعليم بدرجة صفر على مستوى التعليم القبل الجامعي والحفاظ قدر الإمكان على تطبيق مفهوم التعليم للجميع.
  • الوعد الأمريكي القديم والمستمر وهو الحق الأصيل في التفوق الدائم لجميع أفراد المجتمع الأمريكي يمكنه أن يرفع مستوى الفرد في الحياة ويشكل مستقبله.
  • التفاني في العمل، رغم كل الصعاب، والذي جعل فئة مثل المعلمين يؤدون أعمالهم في المدارس والكليات والجامعات، حتى مع تضاؤل نسبة المكافآت التي يحصلون عليها.
  • جُل اهتمام الوالدين المنصب على تحقيق الرفاهية لأطفالهم ينصب على تطور وتحسن النمو النفسي السليم لدى الصغار وينمي القدرات الطبيعية لديهم بصورة كبيرة جدًا.
  • السعي الدائم للتفرد والتفوق في الحصول على المعرفة والتفوق في التعليم والتعلم والتدريس وآثار ذلك على الممارسة المدرسية، ولدينا أمثلة متعددة على النجاح المحلي نتيجة للجهد المتفوق والفعال.
  • براعة صناع السياسات لدينا في صياغة الحلول بمجرد ظهور المشاكل وفهمها بشكل أفضل.
  • وفرة العلماء والتربويين، في جميع مجالات التعليم والتدريب.
  • الإنفاق على التعليم هو بالفعل الاستثمار الصحيح، فالاستثمار في الموارد البشرية المتجددة باستمرارأكثر ديمومة ومرونة من الاستثمار في المصانع والمعدات الرأسمالية.
  • توفرالوسائل المالية الكافية للاستثمار في التعليم.
  • إلتزام الحكومة الفيدرالية الأمريكية الدائم بأن تكون راعية للموارد المحلية وغيرها لتعزيز الأهداف التعليمية الوطنية الرئيسية.
  • الجهود التطوعية للأفراد والشركات وأولياء الأمور والمجتمع المدني للتعاون في تعزيز البرامج العلمية.
  • مجتمع مدني متفاهم ومشارك ومهتم بإنجاز العملية التعليمية على أكمل وجه وبأقصى دقة.

هذا جزء من المواد الخام التي تملكها الولايات المتحدة الأمريكية في يدها وتلك المواد الخام جنبا إلى جنب مع مجموعة لا مثيل لها من المواد العلمية الحديثة والمطورة، توفر لنا إمكانية إنشاء مجتمع أفضل للتعليم مع مؤسسات التعليم العامة والخاصة والضيقة؛ والمدارس والكليات والجامعات، والمعاهد المهنية والتقنية والمكتبات والمؤسسات الثقافية الأخرى، مع المحافظة على مفهوم التعلم طوال الحياة. وأقوم بسرد جزء آخر مما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية في يدها في السطور التالية:

المعلمين

وجدت اللجنة أنه بقليل من عناصر التحفيز يمكن إيجاد ما يكفي من الطلاب القادرين أكاديميا على العمل في مهنة التدريس.

الحياة المهنية للمعلمين تحتاج إلى سمات شخصية محددة يجب أن يتم البحث بدقة عن الأشخاص الذين يمتلكون هذه السمات وأمريكا لا تنضب من المواهب أبدًا.

بقليل من التدريب في جميع الولايات المتحدة الأمريكية يمكن العثور على أشخاص يستطيعون ممارسة مهنة التدريس..

التكنولوجيا التى تمتلكها أمريكا تستطيع مع “طرق التدريس” و دورات في المواد المقررة الأخرى مثل الوسائل التعليمية وتوظيف تكنولوجيا التعليم داخل قاعات الدرس أن تنهض بمستويات المعلمين.

الكتب الدراسية

عدد قليل جدًا من المعلمين الماهرين والعلماء المتخصصين ذوي الخبرة يشاركون في كتابة الكتب المدرسية.

لدينا أساليب جيدة في تحرير النصوص والتي “تم كتابتها” من قبل صناع المحتوى العلمي مستوى القراءة بها جيد و يرقى بقليل من التركيز لتدريب الطلاب على إتقان القراءة الفعلي.

كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة تبادل معلومات المنتجات العلمية أن غالبية الطلاب كانوا قادرين على إتقان 80 % من المواد في بعض المناهج الموضوعة لهم.

النفقات على الكتب المدرسية والمواد العلمية الأخرى يمكن زيادتها بنسبة 50 % على مدى السنوات القادمة.

المشاركة المجتمعية

توجد داخل كل أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية شراكة مجتمعية جيدة حيث يوجد تعاون بين المجتمع المدني والمدارس وبين المجتمع المدني والجامعات والاستفادة القصوى من المشاركة المجتمعية تعد من أهم تقاط القوة التى تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية.

الوقت

  • يقضي الطلاب الأمريكيون وقتًا معقولاً لإنجاز الأعمال المدرسية.
  • إدارة الوقت داخل الفصل الدراسي ممكن الإعتماد عليها بشكل كبير في إدارة منظومة التطوير.
  • المهارات المطلوبة لإدارة الوقت تقدم بشكل مقبول داخل المدارس.
  • في إنجلترا والدول الصناعية الأخرى، طلاب المدارس الثانوية الأكاديمية يقضون 8 ساعات يوميا في المدرسة، والسنة الدراسية لديهم مدتها 220 يوماً.
  • في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم دراسي مدته 6 ساعات والسنة الدراسية 180 يوما.
  • يفضل أن يستغل الوقت المهدر داخل المدارس في تعلم الرياضيات، أو اللغة الإنجليزية أو الكيمياء أو تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية أو علم الأحياء.
  • الأسبوع الدراسي في الولايات المتحدة الأمريكية مستغل بطريقة معقولة، فبعض المدارس قدمت للطلاب 17 ساعة من التدريس الأكاديمي خلال الأسبوع وقدمت المدرسة المتوسطة حوالي 22 ساعة.
  • إدارة الوقت الصفي لبعض طلاب المرحلة الابتدائية جيد و يرقى لمستوى يؤهل لإتقان القراءة والكتابة والحساب.
  • يكمل العديد من الطلاب دراستهم الثانوية ويدخول الكلية ولديهم عادات دراسية منضبطة ومنهجية.

الجمهور

ومن بين كل الأدوات المتاحة، والتى تم ذكرها فيما سبق أود أن أشير إلى أن دعم الجمهور للتعليم هو من أكثر ما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية في يديها لإدارة عملية الإصلاح في التعليم.

وفي رسالة إلى اجتماع الأكاديمية الوطنية للعلوم والذي تم عقده في أوائل عام 1982علق رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رونالد ريجان على قوة الجمهور الأمريكي بقوله:

” لقد بنيت البلاد على الاحترام الأمريكي للتعليم. . . التحدي الذي يواجهنا الآن هو كيفية تجديد هذا التعطش للتعليم الذي يجسد تاريخ أمتنا “.

كما أجرت مؤسسة جالوب (1982) استطلاعًا للرأي تضمن جزء كبير منه بنود كثيرة أوضحت مما لا يدع مجالاً للشك أن الجمهور يعتبر التعليم هو الأساس الرئيسي للقوة الفعلية للولايات المتحدة الأمريكية.

كما أوضح بند من بنود استطلاع الرأي أن الجمهور اعتبر التعليم أهم بكثير من تطوير النظام الصناعي أو القوة العسكرية، ربما لأنهم اعتبروا التعليم حجر الزاوية في كليهما.

من ضمن آراء الجمهور إن التعليم “مهم للغاية” لنجاح الفرد في المستقبل، وأن التعليم يجب أن يكون على رأس الأولويات وأن يتم صرف الكثيرمن الناتج القومي على تطويره وتحديثه.

احتل التعليم عند الجمهور المركز الأول من بين  12 من أولويات صرف المنح التمويلية التي يتم صرفها عن طريق كل ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية.

في الوقت نفسه، ليس لدى الجمهور صبر على التساهل في انخفاض مستوى  التعليم سواء في مراحله الأولى أو المرحلة الثانوية ولا التعليم في الكليات الجامعية.

في استطلاع آخر تم تخصيصه لقياس بعض توجهات أولياء أمور الطلاب نحو رغبتهم في دخول أبنائهم الجامعات، اتضح أن أغلبية الطلاب يخططون للذهاب إلى الجامعات.

إن دراسة العديد من فروع الرياضيات واللغة الإنجليزية والتاريخ والعلوم يعد توجها رائعا نحو إكمال الدراسة في الجامعة.

وقد أوضح علماء الاقتصاد في أغلب أبحاثهم أن التعليم هو أحد محركات الرفاهية المادية للمجتمع.

إن التعليم يعد الرابطة المشتركة لمجتمع يتصف بالتعددية ويساعد التعليم على ربط جميع المواطنين بثقافات أخرى حول العالم.

كما يعرف المواطنون أن سلامة الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد بشكل أساسي على ذكاء ومهارة وروح الأشخاص الواثقين بأنفسهم، اليوم وغدًا.

إن الشعب الأمريكي على ثقة تامة من أن الحكومة الفيدرالية تعمل بكل جهدها لرعاية رأس المال الفكري للأمة.

ولعل الأهم من ذلك هو أن المواطنين يعرفون ويؤمنون بأهمية أن تكون أمريكا بالنسبة لبقية العالم أفضل مما تبدو عليه كثيرًا اليوم.

إن الأمريكيين يقومون بالتفكير في هذه الأمة باعتبارها الدولة البارزة لتوليد الأفكار العظيمة والفوائد المادية للبشرية جمعاء.

بعد كل ما ذكرته اللجنة عما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية في يدها من مواد خام بشرية وأساسيات يمكن الإعتماد على بعضها وتطوير البعض الآخر لتطوير جودة التعليم، أوضحت اللجنة وأفردت جزءا كبيرا من التقرير لكتابة التوصيات التى سيتم طرحها على الرأي العام الأمريكي والتي ستمكن الولايات المتحدة الأمريكية من البدء في طريق الإصلاح والمضي قدمًا نحو تطوير جودة التعليم في كل الولايات المتحدة الأمريكية.

جاء الدور الآن على إلقاء نظرة على توصيات اللجنة وهذا ما سيتم الإشارة إليه في المقال التالي.

 

 


قائمة المراجع

البحث في Google:





عن د. إيهاب ابراهيم السيد محمد

دكتوراه الفلسفة في التربية النوعية، كلية التربية النوعية جامعة عين شمس. تخصص تكنولوجيا التعليم زميل كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية العليا - جمهورية مصر العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *