تكنولوجيا تعليم الأطفال

الحقيقة والخيال في تكنولوجيا تعليم الأطفال

ظهرت الأزمة فظهرت معها الحقيقة العملية لمضمون كلمة (الحاجة أم الاختراع)، فمع ظهور أزمة كورونا وتأثيرها على العالم في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والعلاقات الدولية والسياحة والسفر وغيرها، تغيرت النظرة إلى كل ذلك، وبدأ الجميع يسعى إلى تنفيذ الخدمات ولكن مع مراعاة التباعد الاجتماعي من خلال التعامل الإلكتروني، مما يقلل من حجم الكارثة والعدوى.

فمهد ذلك الطريق أمام جميع الدول وبشكل سريع جداً إلى تطبيق استراتيجياتها في عمليات التحول الرقمي المؤسسي في كافة قطاعات الدول المختلفة، وكان نصيب الأسد من ذلك القطاع التعليمي، فقد تحولت العملية التعليمية بشكل شبه كامل إلى عملية إلكترونية كاملة، فبحثت المؤسسات التعليمية عن أدوات إلكترونية تلبي حاجاتها. وهناك من المؤسسات من أنشأت أدواتها بنفسها، ولكن النظرة كانت قاصرة في عدة فئات، وكأن التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد ليس الحل السحري للجميع.

ففئات مثل أطفال رياض الأطفال وتلاميذ المرحلة الإبتدائية على وجه الخصوص غير قادرة على التعلم بشكل إلكتروني بحت، ونتيجة لصغر سن أطفال هذه المراحل كان لابد من خلق العديد من الأفكار التي تتناسب معهم لأجل أن يلحقوا بالركب، فبدأت كل دولة بتطبيق ما تراه مناسباً لها مع هذه الفئات على وجه التحديد. فمنهم من أقر التعليم بشكل تقليدي، ومنهم من قلل عدد ساعات اليوم الدراسي، ومنهم من طبق التعليم المدمج بمساعدة أولياء الأمور، وغير ذلك من الأفكار، ولكن عند النظر إلى علم تكنولوجيا التعليم نجد الكثير من الأفكار التي تتلاءم مع هذه الفئات، ويمكن تناولها كالآتي:

حقيقة تكنولوجيا تعليم الأطفال :

لم يقتصر علم تكنولوجيا التعليم على فئة بعينها، فهو علم جُعل لمواجهة الكثير من المشكلات التي تعاني منها الأنظمة التعليمية على كافة الأصعدة، ومن هنا كان من باب أولى مع وجود علم فرعي يطلق عليه تكنولوجيا تعليم الفئات الخاصة، أن يوجد علم آخر فرعي يطلق عليه علم تكنولوجيا تعليم الأطفال ، ويمكن تعريف ذلك إجرائياً كالآتي:

هو علم الممارسة والتطبيق للأدوات والتقنيات التعليمية التي تتناسب مع فئة الأطفال من عُمر رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الابتدائية، ومراعاة هذه الأدوات لخصائص هذه الفئة واحتياجاتها، والتي من أمثلتها الألعاب التعليمية والألغاز التعليمية، والقصص الرقمية، والمحفزات التعليمية، وتقنيات التعلم المصغر (تامر الملاح، 2020).

وأوضح هذا التعريف العديد من الأدوات التي يجب تطبيقها واستخدامها مع الأطفال، والتي في مضمونها تتناسب معهم عمرياً ووجدانياً، وتقدم لهم المحتوى مدمجاً مع الجوانب الترفيهية وعامل التسلية متاح أثناء عملية التعلم.

تقنيات تكنولوجيا تعليم الأطفال:

تتنوع التقنيات التي يمكن تقديم المحتوى التعليمي للأطفال من خلالها، ويمكن تفصيلها كالآتي:

  • التعلم المصغر:

وهو تقنية وأسلوب جديد يقوم على تقسيم المحتوى التعليمي على شكل كبسولات تعليمية لا تتعدى الدقيقتين في شكل فيديوهات أو ألعاب أو غير ذلك من الأدوات، ويتناسب هذا الأسلوب مع الأطفال نتيجة حاجتهم إلى التعلم بسرعة، وعدم اهتمامهم في المراحل الأولى من حياتهم بالتعليم لفترات طويلة وعدم قدرتهم على ذلك. وتعتبر عملية تقديم المحتوى التعليمي في شكل وحدات صغيرة لهم أكثر متعة ومناسبة لهم، ويمكن توظيف العديد من الأدوات السابقة الذكر في ذلك وأهمها الفيديو التفاعلي، والألعاب التعليمية، والتطبيقات القائمة على المحفزات التعليمية.

  • القصص الرقمية:

ليست بالحديثة، ولكن في جوهرها تتناسب مع فئة الأطفال نتيجة كونها تعالج السلوكيات وتقدمها في شكل قصة أو مجموعة من المواقف يستمتع بها الطفل أثناء عرضها، ويمكن تقديمها في شكل رسوم متحركة أو رسوم ثابتة مدعومة ببعض النصوص، تعرض موقفاً أو عدداً من المواقف في شكل متسلسل. وأثبتت العديد من الدراسات في هذا المجال استمتاع الأطفال وحبهم للتعلم من خلال القصص الرقمية؛ لذا تعتبر من أهم التقنيات الموجهة للأطفال، ويمكن عرض المحتوى التعليمي من خلالها.

  • الألعاب التعليمية الرقمية:

من أقدم التقنيات التي استخدمت، ولكن مع تقدم التكنولوجيا تطورت الألعاب التعليمية كثيراً، وأصبحت تجمع بين جانبي الترفيه والتعليم بشكل متزن. وأثبتت الدراسات العلاقة النفسية القوية بين الأطفال وحبهم للألعاب التعليمية، ولكن عند إعدادها وتقديمها للأطفال يجب مراعاة عدم الانحياز للجانب الترفيهي على حساب الجانب التعليمي، ويعد ذلك من أخطر ما يعيب الألعاب التعليمية في عملية إعدادها، ولكنها تتميز بقدرتها الفائقة على معالجة كافة مضامين المحتويات التعليمية المختلفة من اللغة العربية والرياضة وغيرها.

  • الألغاز التعليمية الرقمية:

أحد التقنيات التي تقدم المحتوى في شكل مشكلة بسيطة، ويطلب من الطفل حلها، وتساعد على تنمية مختلف عمليات التفكير المتنوعة لديه، ويراعى فيها مناسبتها لمستوى الطفل التعليمي العمري، وتتمتع بقدرتها العالية على خلق حالة التنافس والشغف لدى الأطفال على حل المزيد منها في جو يسوده المرح والتنافس الشريف.

  • المحفزات التعليمية:

من التقنيات التي تجعل الأطفال دائماً في حالة شغف لتعلم المزيد، بتجميع أكبر قدر من النقاط والشارات التي تشبع لديهم الكثير من الحاجات والشعور. فحصول الطفل على الشارة أو المكافأة هو أمر في غاية المتعة بالنسبة له، ويجعله فرحا طوال الوقت، ويخلق حالة إيجابية بينه وبين عملية التعلم.

تعقيب:

تعتبر هذه التقنيات نوعاً من بعض الأدوات التي تتناسب مع الأطفال، ويوجد بالطبع العديد غيرها، ويمكن توظيف العديد من التقنيات وتوجيهها للأطفال مثل التقنية ثلاثية الأبعاد، فهي أمر ممتع إذا ما تعلموا من خلالها، فوجود أفاتار يعبر عن شخص الطفل هو خيال بالنسبة له وتحقق.

لذا أوصي بالآتي:

  • ضرورة تركيز انتباه القائمين على تكنولوجيا التعليم من الأساتذة والباحثين والخبراء على هذه الفئة التي تستحق منا الاهتمام خلال الفترة الحالية.
  • العمل على تهيئة العديد من الأدوات التقنية التي توجه خصيصاً للأطفال، وتعمل على خلق نظرة إيجابية لديهم نحو التعليم.
  • مخاطبة أولياء الأمور بضرورة الاهتمام بأطفالهم في التعلم بشكل إلكتروني وضبط أوقات وأماكن استخدام الأجهزة الإلكتروني في ذلك لعدم حدوث أي أضرار على الطفل.
  • تعويد الطفل من قبل أولياء الأمور على العديد من السلوكيات الإيجابية منذ الصغر أثناء التعامل مع التكنولوجيا، وأنها تستخدم لأغراض التعليم والترفيه معاً، وليس الترفيه فقط.

البحث في Google:





عن تامر الملاح

باحث و مطور في مجال تكنولوجيا التعليم و التربية، ومهتم بمشكلات التعليم، كلية التربية، جمهورية مصر العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *