مهارات تكنولوجيا التعليم

تكنولوجيا التعليم وتطوير أداء ذوي الاحتياجات الخاصة

هذا المقال من المشاركات المتأهلة للدور الأول من جائزة تعليم جديد التربوية، في نسختها الأولى.

مقدمة

يتميز عصرنا الحالي بالتطور السريع الهائل في شتى نواحي الحياة. حيث شهدت البشرية تقدماً سريعاً في مجالات مختلفة من حياة الإنسان بصفة عامة، وفي الجانب التربوي بصفة خاصة .مما دفع التربويين إلى إعادة النظر في طبيعة الوضع التربوي والسياسات التربوية كي تتفق مع هذه التحولات السريعة وتواكب عصر الانفتاح المعلوماتي والعولمة والثروة التقنية.

إن استخدام تكنولوجيا التعليم وتوظيفها بشكل يجعلها جزءاً أساسياً من التعليم بناءً على إمكانيات التلميذ وقدراته يتطلب توافر عناصر مهمة كالمعلم الكفؤ والوسائل التقنية الهادفة والدعم المادي والفني وإزالة جميع العقبات التي تحولُ دون استخدام تكنولوجيا التعليم في التدريس.

هل تتذكرالنماذج التعلمية؟ و المرئيات الثابتة؟ وهل تتذكر الرسوم والتكوينات الخطية؟ وكيف كان يتم التصوير التعليمي الفوتوغرافي؟ والشفافيات التعليمية والشرائح الفيلمية التعليمية واللوحات التعليمية؟ كل ذلك كان يمكن للمعلم إنتاجه واستخدامه وعرضه داخل قاعة الدرس قديما، و هو ما سُمي “مرحلة الوسائل التعليمة“.

لكن بعد ذلك، تطور المفهوم مع التقنيات الحديثة وأجهزة الحاسوب، واستطاع المعلم باستخدام تكنولوجيا الوسائط المتعددة والوسائط الفائقة إنتاج دروس نموذجية لعرضها بطريقة شيقة وتفاعلية داخل قاعة الدرس وهي “مرحلة  تكنولوجيا الوسائط”.

ومع ظهور الإنترنت تم تطوير الآداء الإلكتروني، وأصبح من الممكن إعداد المحتوى الإلكتروني والاختبارات الإلكترونية والتصحيح الإلكتروني داخل قاعة الدرس وهي “مرحلة التعليم الإلكتروني“.

وحديثاً ومع ظهور الأجيال المتعاقبة من الإنترنت وتطور مفهوم التفاعلية أصبح استخدام الهواتف النقالة في التعليم ممكناً، ومنه تم توظيف واستخدام التطبيقات التعليمية وخاصة التطبيقات التفاعلية في المواد الدراسية،  وهي مرحلة “التعلم باستخدام الهواتف النقالة”.

 ولكن ماذا عن معلم وفصل التربية الخاصة؟   

و في هذا الصدد تؤكد جمعية الأطفال غير العاديين على أن معلمي التربية الخاصة يجب أن تتوافر لديهم مهارات استخدام تكنولوجيا التعليم، والقدرة على توفير بيئة تعليمية هادفة تهتم ببناء اتجاهات إيجابية نحو استخدام تكنولوجيا التعليم للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تؤكد على أن يقوم المعلمون بمساعدة التلاميذ على استخدام وسائل التواصل المختلفة التي تسهم في دمج تلك الفئة في المجتمع الخارجي(www.shif:ce ) *([1])

وعموما، يوجد ضعف في واقع استخدام تكنولوجيا التعليم لدى هذه الفئة من التلاميذ، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على هذه العملية. نظرا لكونهم (أي تلاميذ التربية الخاصة) في أشد الحاجة إلى أنواع خاصة من التقنيات التربوية لتأهيلهم وإعادة تدريبهم وتنمية قدراتهم رغم قصورها، واعتماد تقنيات مناسبة لكل فئة لتحقيق أهداف وبرامج التربية الخاصة الخاصة بالمكفوفين والمعاقين عقلياً وسمعياً  ) عبيد، 2009: 21)

إن توظيف التقنيات ينبغي أن يتناسب مع طبيعة كل إعاقة، فالإعاقة البصرية تتطلب أدوات قراءة خاصة مصممة بطريقة برايل ومطبوعة بأحرف كبيرة، والإعاقة السمعية تتطلب توظيف مُعينات سمعية واستخدام لغة الإشارة ، بينما الإعاقة الجسمية تتطلب استخدام معدات خاصة، في حين فئة الاضطرابات الانفعالية تتطلب صفوفا صغيرة ذات تنظيم عالٍ  )جيروان وآخرون،2013: 41  (

وتساعد تكنولوجيا التعليم على توضيح المعنى أو المفهوم في المناهج الدراسية، وتفسير الخبرات التعليمية وتحقيق أبعاد ومعانٍ ضرورية  قد يكون من الصعب إدراكها من دون هذه التقنيات، كما تعطي للدارسين حرية للعمل، مما يجعلهم أكثر إنتاجية في الموقف الصفي التعليمي، و تعمل على تركيز انتباههم وإزاحة الملل عنهم، إضافة إلى مساعدة  المتعلمين على فهم المعاني المجردة  و تنمية قدراتهم، و بث الثقة فيهم على اختلاف مستوياتهم العقلية ونضجهم (وفق معايير محددة لهذه الفئة) (علوان وآخرون،2011 : 70)

إن عملية اختيار الوسيلة التقنية المساندة ما هي إلا مرحلة ضمن عدة مراحل في دائرة تبني التقنيات المساندة لتلاميذ التربية الخاصة كما هو موضح بالشكل رقم (1). وتعرض دائرة تبني التقنيات المساندة لتلاميذ التربية الخاصة” والتي هي في الأساس مأخوذة من دائرة تبني التقنيات المساعدة لتلاميذ التربية الخاصة في دراسة كتش ودي باولا

(  (Kintsh and De Paula,2002

إن المراحل الأربع التى يمر بها تبني أي تقنية مساندة تتطلب مراعاة احتياجات جميع الفئات المعنية وخصوصاً المستخدم، ويقصد بالفئات المعنية أولاً الفرد أو المستخدم المستفيد من الوسيلة التقنية، وثانياً الأشخاص المعنيين من أخصائيين ومعلمين وأولياء أمور، والذين يوفرون الدعم اللازم لمن يعانون من الإعاقة، وثالثاً المختصين في مجال تكنولوجيا التعليم الذين يجب أن تكون لديهم دراية كافية وإلمام بالوسائل التقنية المساندة المتوفرة  وخصائصها، ورابعاً  المصممون للوسائل التقنية المساندة الذين يجب أن يكون لديهم فهم كامل للصعوبات التى يعاني منها ذوى الإعاقة ويمكن تلخيص المراحل التى تمر بها هذه العملية في الآتي:

مرحلة التصميم والإنتاج

يقوم المصممون في هذه المرحلة بتقييم احتياجات فئتي المستخدم والأخصائيين الذين يوفرون الدعم لهم، بالإضافة إلى مراعاة العوامل المختلفة مثل بيئة الاستخدام واختلاف القدرات، وذلك لإنتاج وسائل تقنية قابلة للتعديل والتجهيز متوافقة مع احتياجات الأفراد.

مرحلة الاختيار

يقوم المختصون في مجال الوسائل التقنية في هذه المرحلة بمحاولة التوفيق بين احتياجات المستخدمين والخصائص المتوفرة في الوسائل التقنية المساندة، وهذا يتطلب إلماما كاملا بالوسائل التقنية المساندة المتوفرة بالأسواق وخصائصها.

مرحلة التعلم والتدريب

في بداية هذه المرحلة يقوم المختصون الذين يوفرون الدعم فى مجال الوسائل التقنية بتعريف الأشخاص من ذوي الإعاقة وذويهم بخصائص الوسيلة وتدريبهم على استخدامها وإعدادها وتجهيزها للمستخدم، ومن ثم يتم تدريب المستخدم وبمراعاة أسلوب التعلم المناسب له.

مرحلة التكامل والدمج

يقوم الشخص في هذه المرحلة باستخدام الوسيلة التقنية المساندة في إنجاز الوظائف والأعمال، ويفضل استخدام الوسيلة في أعمال مختلفة وفي بيئات مختلفة، ليزيد تمكن الفرد من استخدام الوسيلة التقنية المساندة.

وبعد المرور على المراحل الأربعة المذكورة سابقاً وتمكن الشخص من ذوي الإعاقة من استخدام تقنية معينة، يكون بإمكانه الآن -بما لديه من خبرة في استخدام التقنية- أن يقدم للمنتجين الاقتراحات اللازمة لتطوير خصائص الوسائل التقنية المساندة أو اقتراح وسائل جديدة تخدم احتياجاته، وهكذا تدور عجلة دائرة التبني من جديد.

شكل (1) دائرة تبني التقنيات المساندة لذوي الاحتياجات الخاصة

 

* (1) تم اتباع اسلوب توثيق جمعية علم النفس الأمريكية (APA ) American Psychological Association الإصدار السادس وفقا للنسق التالى : ( اسم المؤلف ، سنة النشر ، رقم الصفحة ).


 المراجع

أولاً: المراجع العربية:

• جيروان، فتحي وآخرون 2013) م( الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، عمان، دار الفكر للنشر والتوزيع.
• عبيد، إبراهيم ) 2009 م( الوسائل التعليمية وتقنيات التعلم، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع.
• علوان، عامر إبراهيم منير فخرى وآخرون( 2011م)، الكفايات التدريسية وتقنيات التدريس،عمان، دار اليازورى العلمية.

ثانياً: المراجع الأجنبية:

 Kintsh, A., DePaula, R. (2002). A Framework for the Adoption of Assistive Technology. Paperpresented at the SWAAC 2002: Supporting Learning through Assistive Technology, Winter Park, Colorado, USA. Available online:
http://l3d.cs.colorado.edu/clever/assets/pdf/ak- SWAAAC02.pdf

البحث في Google:





عن د. إيهاب ابراهيم السيد محمد

دكتوراه الفلسفة في التربية النوعية، كلية التربية النوعية جامعة عين شمس. تخصص تكنولوجيا التعليم زميل كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية العليا - جمهورية مصر العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *