المنهج التكنولوجي

تكنولوجيا التعليم وانعكاسها على الواقع التعليمي والمهني

عندما يُذكر مصطلح التكنولوجيا، يتبادر في أذهاننا أنها مرتبطة بأدوات أو أجهزة إلكترونية فقط، لكن أعتقد وأرى أن التكنولوجيا مصطلح أكبر وأعمق من ذلك، حيث إنها أسلوب وطريقة غير تقليدية في وصول الفرد إلى النتائج التي يريدها من خلال استخدامه للمهارات والمعارف. كما أن العالم يشهد تطورات علمية حديثة في جميع المجالات، وخاصةً في مجال الصناعات التكنولوجية والبرامج التقنية، حيث أصبحت هذه الأخيرة أكثر ابتكارا وسهولة في التعامل والتطوير، وهذا ما جعل العديد من المنظمات والمؤسسات التعليمية تهتم بالتكنولوجيا، وتحاول مواكبة المستجدات التقنية المتطورة للاستفادة منها، وكذلك ورفع المستوى التعليمي والعملي والبشري.

وفي هذا المقال سأتناول موضوع تكنولوجيا التعليم من وجهة نظري كطالبة، وكيف كان أثرها وانعكاسها على حياتي التعليمية والمهنية. وسأتطرق إلى نقاط القوة ونقاط الضعف، والفرص، والتحديات انطلاقا من خبرتي في مجال التكنولوجيا.

نقاط القوة: الاطلاع الدائم على التقنيات الحديثة – توفر الإمكانيات في البيئة المحيطة.

نقاط الضعف: عدم وجود معرفة كافية بالتقنيات التعليمية المتخصصة.

الفرص: استحداث دورات متخصصة في تكنولوجيا التعليم، العمل مع مجموعة ترغب بالتطوير، توفر المادة.

التحديات: ظهور تقنيات جديدة قد تستوجب تعلم لغات جديدة.

أصبحت المجالات العلمية تتميز بالعديد من المفاهيم والأفكار التي أصبح استخدامها ضروريا في العمليات التعليمية والمهنية، وهذا يعود إلى التطور التكنولوجي الحديث الذي يساهم في عمليات تحسين المخرجات التعليمية، وجودة العملية التعليمية، حيث إن عملية التعليم يتدخل فيها عناصر متعددة مثل: المدخلات، والعمليات، والمخرجات، وهنا يظهر دور التكنولوجيا في العمل على ربطها، والجمع بينها في عمليات متكاملة ومنظمة. “وعليه وجب العمل على تطوير التعليم الذي يركز على ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في: توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية، تحقيق مبدأ الجودة الشاملة في التعليم، استكمال البنية الأساسية للمعرفة، وذلك من خلال وضع معاير لقياس منتج التعليم” (عامر، 2016).

وتعود أهمية التكنولوجيا في مجال التعليم إلى كونها تساهم في تحسين العملية التعليمية، فقد جاء في دراسة قاسمي، صوني (2019) أنها توسع الخبرات المكتسبة للمتعلم، وتسمح بالتطوير من خلال المكتسبات القبلية والبعدية، كما تساهم في رفع أداء المعلمين وتحسين طرق تدريسهم، وإثارة الدافعية للتعلم لدى المتعلمين، والعمل على حل المشكلات التربوية. وهذا ما لامسناه من خلال دراسة مادة تقنيات تربوية واستخدام الاستراتيجيات المختلفة التي أدت إلى رفع خبراتنا، والإدماج بين الخبرات السابقة والحالية. كما أن تجربة التعليم الإلكتروني خلال جائحة فايروس كورونا التي مررنا بها وأجبرتنا على خوض تجربة التعليم عن بعد، زادت من معرفتنا بالتكنولوجيا، حيث إننا بدأنا بالتفكير في الحلول المقدمة في وقت الأزمات، فبدأنا بالابتكار وتعلم تقنيات ساعدتنا في حل كثير من المواقف التعليمية والعملية، ما دفعني للبحث عن تقنيات تساعدني على متابعة دراستي ومتابعة موظفاتي وتنسيق المهام، وتقنيات أخرى تساعدني على التواصل الفعال، وعمل تدريب للطالبات والموظفين الذين أتعامل مهم، وتحسيسهم بأهمية التقنية في الوقت الحالي والمستقبل عن طريق استخدام قاعات التدريب الافتراضية، وعمل فيديوهات إرشادية، وبالفعل تم التأقلم مع التقنيات بعد مقاومة الوضع الجديد أول الأمر، فمع الانخراط التدريجي في مجال التقنية بدأ شغف البحث عما هو جديد، وعن التقنيات المناسبة لكل مهمة. حيث تغيرت العديد من الإجراءات، فمثلا أصبحت المعاملات والتوقيعات والتقييمات إلكترونية، والاجتماعات أيضا. كما أنني لاحظت من خلال الممارسة أن من أهم طرق الاستفادة من التكنولوجيا في التعليم، دمج الذكاء الاصطناعي في مجال التواصل والاتصالات والشبكات؛ لأن الاتصال لا يقتصر فقط على رسائل البريد الإلكتروني، أو الاتصالات الهاتفية، أو أي نوع آخر من المراسلات، بل أصبحت الاتصالات صوتية ومرئية، وكل هذه تدعم التعليم بشكل كبير من حيث إلقاء الدروس، وعقد اللقاءات، والدورات الافتراضية، ومناقشة الرسائل العلمية عن طريق الاتصال المرئي، حيث إن العالم أصبح عبارة عن قرية صغيرة. أيضا في المجال الإداري تحتاج التقنيات إلى إدارة وجهد بشري يعمل على تطويرها حسب المعطيات، ويتعامل مع البرمجيات والتطبيقات من خلال اتخاذ القرار وسرعة الأداء ودقة النتائج.

عند الحديث عن تكنولوجيا التعليم نجد أنها عبارة عن حلقات مرتبطة مع بعضها البعض، ويكمل كل جزء منها الآخر من حيث الاستراتيجيات فمثلا: التعليم التعاوني، التعليم النشط، التعليم الذاتي، الفصل المقلوب تجد أنها لا تكمل دون ربطها بالمجالات الأخرى مثل: الاتصال، والشبكات، أو المجال الإداري، أو الترفيهي وغيرها من المجالات المتنوعة ذات العلاقة.

كما أن لنظريات التعلم دورًا فعالًا في عملية التعليم، لأن لكل نظرية طرق وقواعد تحدد طريقة وضع استراتيجية التعليم التي تتكون من مجموعة أنشطة وإجراءات لتحقق أهدافًا معينة في وقت معين. وعندما أربطها بواقع دراستي الجامعية، فإنني أوظف النظرية البنائية، لأن الدراسة في هذه المرحلة تسعى إلى التطوير والارتقاء بمستوى تفكير طلابها وقيمهم واتجاهاتهم، ولا تعمل على نقل المعارف فقط. وتعرف النظرية البنائية بأنها: ” نظرية تقوم على اعتبار أن التعلم لا يتم عن طريق النقل الآلي للمعرفة من المعلم إلى المتعلم، وإنما عن طريق بناء المتعلم معنى لما يتعلمه بنفسه، بناء على خبراته ومعرفته السابقة”. (عياش والعبسي ،2013، كما ورد في الشريف ،2018). ومن أهم التقنيات التي تدعم هذه النظرية، وتساعد على تحقيق أهدافها (منتديات النقاشالمدونات – غرف المحادثة – تطبيقات الويب 2.0الفصول الافتراضية).

من خلال البحث لاحظت قلة الدراسات في مجال تكنولوجيا التعليم في وقت الأزمات، خصوصا بالمملكة العربية السعودية، وشد انتباهي لهذا الموضوع ما مررنا به خلال أزمة إغلاق المؤسسات التعليمية وقت جائحة كورونا، وكيف كانت ردة فعل المجتمع من المؤسسات والقيادات التعليمية، حيث بدأت الجهود الشخصية تعمل على إيجاد حلول وبدائل للمشاكل التعليمية، لأنه لا يوجد استعداد قبلي، أو توقع حدوث مثل هذه المواقف وغيرها من الأزمات الطارئة؛ لذلك أرى أنه من الضروري جدا الاستفادة من التجربة الواقعية، والتكثيف من إجراء الدراسات والبحوث في هذا المجال: ” تكنولوجيا التعليم في وقت الأزمات” ودور القيادات التربوية في اتخاذ القرار وقت الأزمات. هناك بعض الدراسات مثل: دراسة مرسي، ودراسة البنا، وآخرون (2020) بعنوان: “دور القيادة التربوية في إدارة الأزمات في التعليم الفني”، ودراسة الخميس، الصاخي (2019) بعنوان: “واقع تطبيق قائدات المدارس الثانوية لاتخاذ القرار في إدارة الأزمات المدرسية بمنطقة القصيم”.

ومع مرور السنين نلاحظ مواكبة تكنولوجيا التعليم لتطورات العصر، مع سعيها إلى الرفع بالمستوى التعليمي والعملي والمعيشي بجودة عالية، كما نلاحظ أن كل المؤسسات والمنظمات تحولت للعمل بدمج التكنولوجيا؛ لسهولة استخدامها، وتوفر المميزات التي ترتقي بالخدمات إلى أعلى المستويات. لذلك وجب علينا أن نعمل على أن يتجه جميع أفراد المجتمع لتعلم التقنيات، والإيمان بما تقدمه من خدمات، لتسهيل جميع العمليات التعليمية.

 


المراجع:

  • العيد، أفنان عبد الرحمن، والشايع. (2020) تكنولوجيا التعليم الأسس والتطبيقات (ط 3). مكتبة الرشد.
  • قاسمي، صونيا. (2019). مساهمة تكنولوجيا التعليم في تحسين العملية التعليمية: جامعة عبد الحميد مهري-مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية– قسنطينة، 2(25)، 398 – 410.
  • الشريف، محمد بن سعد. (2018). توظيف مبادئ النظرية البنائية في التدريس: جامعة الملك سعود -الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية، 0(62)، 133 -153.
  • عامر، عبد العزيز عبد الحميد. (2016). أهمية التكنولوجيا الرقمية في التعلم من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب جامعة الزاوية: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – المجلة العربية للمعلومات، (26)، 45-69.

البحث في Google:





عن ساره عبد الرحمن العوفي

طالبة ماجستير تخصص "قيادة تربوية" جامعة دار الحكمة. مديرة إدارة كلية علوم الإنسان والتصاميم، جامعة الملك عبد العزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *