علم النفس البيئي

علم النفس البيئي : نشأته والعوامل التي أدت إلى ظهوره ونظرياته ومجالاته

يُعرف علم النفس بأنه ذلك العلم الذي يدرس نشاط المخ كوحدة متكاملة في أدائها للوظائف الأعلى والأرقى للكائن الحي كوحدة في ذاتها وفي تفاعلها مع البيئة من حولها وتأثرها بها. ويعتبر علم النفس مظلة للعديد من العلوم التي تتفرع منه منها: علم النفس التربوي ، علم النفس الإرشادي، علم النفس النمو، علم النفس البيئي الذي سوف نتناوله في سلسلة من المقالات والتي ستنشر حصريا على مدونة تعليم جديد، وهذا هو المقال الأول الذي سيتناول نشأته والعوامل التي أدت إلى ظهوره ونظرياته ومجالاته.

يعتبر علم النفس البيئي فرعا داخليا من علم النفس نشأ من المعلومات أو الحقائق والنظريات المنحدرة من العديد من مجالات العلم الأخرى مثل علم النفس الاجتماعي والعلوم السياسية والعمارة وعلم الإنسان وعلم الأخلاق.

البيئة Environment هي كل مكونات الوسط الذي يتفاعل معه الإنسان مؤثرا ومتأثرا بشكل يكون العيش فيه مريحا نفسيا وفسيولوجيا.

علم النفس البيئي

هو من أحدث العلوم المأخوذة بها منذ سنة 1970، عرّفه (بروشانسكي) عام 1990م: ” فرع من فروع العلم يهتم بالتفاعلات والعلاقات بين البشر والبيئات المحيطة بهم.

وأول من أسهم من العلماء في علم النفس البيئي روجر باركر، وهربرت رايت اللذان أنشآ أول مشروع هدفه الوحيد دراسة الكيفية التي تؤثر بها بيئات العالم الواقعي على السلوك الإنساني سنة 1945م. بدأ باركر ورايت في إجراء دراسات جماعية في المدن عن تأثير البيئة في سلوك الإنسان.

نشأة علم النفس البيئي:

بدأ علم النفس البيئي مع ظهور نظريات الجشطالت في الأربعينيات من القرن العشرين، حيث اعتقد علماء نفس الجشطالت أن البشر لديهم ميل فطري إلى تنظيم عالمهم الإدراكي في أبسط صورة ممكنة. فالبشر مفطورون على جمع الأشياء وتصنيفها على أساس التشابه، من هنا فهم علماء نفس البيئة أن البشر يقومون بدور إيجابي في بناء وصياغة إدراكاتهم للبيئة.
كما اعتمد علم نفس البيئة في نشأته على علم النفس الاجتماعي الذي يرى علاقة وثيقة بين البيئة الفيزيقية والسلوك البشري الذي يشمل الأحداث الظاهرية الخارجية ، والأحداث الضمنية الباطنية وبذلك يشمل التفكير والتخيل والتصور والإدراك و الانفعال والتعلم والإبداع والتأمل وكافة الاستجابات.

وقد كان علم النفس العمراني هو الباعث على ظهور علم النفس البيئي الذي يؤكد دور الموقف الفيزيائي في استثارة السلوك الإنساني، حيث برز علم النفس البيئي في أوائل السبعينات وحتى التسعينيات من القرن العشرين.

ومن العوامل التي أدت إلى ظهور علم النفس البيئي:

  1. تعاظم مشكلات البيئة في المجتمع النامي.
  2. زيادة الجدل حول دور كل من البيئة والوراثة في صناعة سلوك الإنسان نتيجة لتفاعل عوامل مختلفة مثل ارتفاع نسبة التخلف العقلي في المناطق الملوثة.
  3. ظهور بعض الدراسات التي حاولت الربط بين البيئة الفيزيقية وبعض المتغيرات النفسية ولم تقنن هذه الدراسات إلا في السبعينات، فالأحياء الفقيرة هي مسرح للجريمة والتخلف.
  4. فشل الرؤى الأحادية في معالجة مشكلات البيئة / السلوك مما اضطر العلماء إلى الأخذ بالرؤية المنظومية (والمنظومة هي تداخل التخصصات المختلفة فيما بينها).

نظريات علم النفس البيئي:

هناك عدد من النظريات أو المداخل التي استخدمت بنجاح في تصور علاقات محددة بين الكائنات الحية والبيئة منها:

1- مدخل الاستثارة Arousal Approach:

يرتبط مدخل الاستثارة بالأداء بعلاقة منحنية؛ فيصل الأداء إلى أقصى درجاته عندما تكون الاستثارة متوسطة ويقل إذا زادت أو نقصت عن الوسط. وظهرت نظريات استخدمت مدخل الاستثارة  كاستجابة فسيولوجية للتحفيز البيئي، وقد تبين أن التغيرات في معدل ضربات القلب وضغط الدم  ومعدل التنفس تحدث مع التغيرات البيئية؛ فزيادة درجة الحرارة تؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية، والعرق وزيادة معدل ضربات القلب،  وقد ربط أطباء الأعصاب: الاستثارة مع زيادة  نظام تنشيط الدماغ.

2- مدخل الحمل التحفيزي Stimulus Load Approach:

يعني أن البشر لديهم قدره محدودة علي معالجه المعلومات. وعندما تتجاوز المدخلات هذه القدرة، يميل الناس إلى تجاهل بعض المدخلات وتكريس المزيد من الاهتمام للمدخلات الأكثر أهمية.

3- مدخل القيد السلوكي The Behavioral Constrain:

هو الحالات التي يفقد فيها الأشخاص بالفعل درجة ما من السيطرة علي بيئتهم مثل حركة مرور ساعة الذروة تتداخل مع التنقل السريع، والضوضاء المتقطعة تحد الاتصال الفعال.

4- مدخل مستوى التكيف The Adaptation Level Approach:

العلماء في هذا المدخل يتحدثون عن عمليتا التكيف والتوافق.  فالكائنات الحية إما أن تتكيف (أي تغير استجابتها للبيئة) أو توافق (أي تغير البيئة التي تتفاعل معها).

5- المدخل البيئي The Ecological Approach:

أي أنه يتم تصميم بيئات لاستيعاب سلوكيات معينة، ويتم تقييمها من حيث مدى تناسب السمات البيئية المترابطة والسلوكيات التي تحدث فيها، فمثلا فناء المدرسة يتم تقييمه من حيث مدى ملاءمته لسلوك اللعب عند الأطفال.

المفاهيم السائدة في علم النفس البيئي:

فكرة الحتمية البيئية:

أي تأثير الشكل أو التصميم المعماري على السلوك، ويذهب الحتميون إلى القول بأن لكل معلول علة أو لكل مثير استجابة بالضرورة.  وفكرة الحتمية غير مقبولة على نطاق واسع بين العلماء بسبب زعمها أن البيئة هي سبب السلوك مع إنكار حدوث التفاعل بين البيئة والسلوك.

فكرة الإثارة أو الاستثارة:

تعرف الإثارة بأنها عبارة عن زيادة في نشاط الدماغ والاستجابات الذاتية، أو الآلية، مثل معدلات ضربات القلب أو معدلات التنفس، لأنها تترابط مع بعض الأحداث، كذلك فإن الإثارة تحدث نتيجة للمثيرات السيئة أو السعيدة.

ومن أبرز موضوعات دراسة علم النفس البيئي:

الزحام – الضوضاء – تلوث الهواء – تلوث الماء – درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة – السلوك المكاني – العمارة والسلوك – المعرفة البيئية – التربية البيئية – الضغوط البيئية – البيئة التكنولوجية – الأسرة ودورها – والجماعات المرجعية للفرد.

مجالات علم النفس البيئي:

يقسم إلى ثلاثة مجالات أساسية:

  • مجالات ذات طابع تنموي.
  • مجالات تهتم بدراسة المشكلات البيئية وتشخيصها.
  • مجالات تهتم بتعديل السلوك من أجل البيئة.

البحث في Google:





عن صفاء سعيد عبد الحميد

حاصلة على ليسانس تربية تخصص دراسات إسلامية وعربية، وعلى دبلوم مهني في الإرشاد النفسي ودبلوم خاصة في علم النفس التربوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *